ثقافة وفن

تسميات مدينة دمشق وتجذر التاريخ .. لم تتحمل مدينة أخرى هذا الكم من الأسماء الدالة من الزركشة إلى النحت والعبادة

| منير كيال

أُطلق على مدينة دمشق تسميات أو أسماء، كان منها: هَدّة المدن، والمدينة الخالدة، وأقدم مدينة بالتاريخ، ولؤلؤة الشرق، وعقدة الجمال، كما أطلق عليها اسم زهرة النّعيم، وعين العادية، وروضة الطواويس السماوية شامة على خَدّ الزمان، وكذلك: عين الشرق وعتبة الصحراء، إضافة إلى اسم: ينبوع الجنّة.

من بين الأسماء
ومن الأسماء التي أطلقت على هذه المدينة تسمية: جِلّق ودمشق والشام.
وكلمة جلّق أعجمية مشتقة من كلمة: جَلَق، أي حلق رأسه أو أن هذه التسمية إنّما هي نسبة إلى موضع لقرية من قرى دمشق، أو أنها صورة لامرأة ينبثق الماء فيها (فمها).
وهناك من يذهب إلى القول بأن اسم جِلّق كان يطلق على صنم بقرية شرقي دمشق هي قرية الذنوبه، وهذا الصّنم على شكل صورة لامرأة رتقاء يخرج الماء من فمه.
كما أن هنالك من يقول بأن كلمة جلّق كلمة فارسية وهي من مقطعين، الأول منها هو عبارة: جِلّ، أي وردة أو زهرة والمقطع الثاني هو: لِقٌ، أي مئة ألف أي إن معنى جِلّق: مئة ألف زهرة.
وفي جميع الأحوال، يمكن القول: إن الأصوب من هذا كله، هو أن تسمية جِلّق من التسميات الآرامية لمدينة دمشق بالألف الأول قبل الميلاد.
وقد وصفت مدينة دمشق بأنها جنّة من الماء، وبحر من الزمرّد، أو زورق في بحر من الخضرة، وحورية مستلقية بين الأنهار.

أهل دمشق
ولعل اسم دمشق مشتقّ من نوع قماش مزركش مطرز بخيوط ذهبيّة وفضية على الحرير، وذلك ممّا يُستعمل في الأغطية والمفارش الثمينة، ولعلّه نسيج البروكار.
كما أطلقت تسمية دمشق على كل ما هو مصنوع من الفولاذ الدمشقي المعروف بالجوهر (دامسكيتاج) أما تسمية دمشق باسم الشام فهي مصطلح جغرافي يشمل البلاد الممتدة من جنوبي سورية الجنوبية إلى نهر الفرات شمال شرقي سورية الطبيعية، بما يعرف باسم بلاد الشام التي تضم سورية ولبنان وفلسطين والأردن.
ولعل تسمية دمشق بالشام، لأن الناظر إليها من علوّ يلحظ شامات حمراً وسوداً وبيضاً، أي لتنوع أرضها وكثرة قراها وتداني بعض من بعض فشُبّهت بالشامات. كما أن من يذهب إلى القول بأن اشتقاق اسم الشام إنما هو نسبة إلى سام بن نوح عليه السلام، لأنه نزل بها ومن ثمّ قلبت السين شيناً.
وكان لا بُدّ من الإشارة إلى ما قام به اليونان بدمشق. ومن ذلك سور هذه المدينة وقد جعلوا له سبعة أبواب على غرار ما كان لبلدانهم، ونسبوا هذه الأبواب إلى النجوم والكواكب والأقمار. فنسبوا الباب الشرقي للشمس، وباب كيسان لزحل، والباب الصغير للمريخ، وباب الجابية للمشتري، وباب الجنيق للقمر والباب السابع لعطارد.

داخل السور وخارجه
ومع ازدياد عدد سكان مدينة دمشق فقد تشكلت أحياء داخل سور هذه المدينة وخارجه، وكان من هذه الأحياء ما كان قسم منه داخل السور وقسم آخر خارج السور، ومن ذلك حي الشاغور الذي يسمى القسم الذي داخل السور من هذا الحي باسم الشاغور الجواني أما القسم الذي خارج السور فهو الشاغور البراني، والأمر نفسه بحي العمارة، فما كان داخل السور من هذا الحي يعرف بالعمارة الجوانية وما كان خارج هذا السور فيعرف بالعمارة البرانية.
ومن أحياء مدينة دمشق التي بداخل سور هذه المدينة يمكن أن نذكر حي الجورة وحي القيمرية.
كما نذكر من أحياء مدينة دمشق التي خارج السور حياً كبيراً هو حي الميدان الفوقاني والوسطاني والتحتاني، وحي باب السريجة والقنوات والحلبوني والشعلان وحي سوق ساروجة فضلاً عن حي قبر عاتكة، وحي البْريدي. والتيروزي وحي السويقة وبالطبع فإن ذلك لا يخرج الأحياء السكنية التي بالمناطق العمرانية الجديدة كالمالكي وأبو رمانة، عن إطار مدينة دمشق.

شوارع وأزقة
وبطبيعة الحال تربط شوارع وأزقة بين هذه الأحياء أما ما كان في إطار الحي الواحد فتربط بين دوره أزقة وحارات. ولو توقفنا عند حارة من هذه الحارات لوجدناها تضم عدداً من الدور المتلاصقة المتراكبة المتداخلة، حيث يمكن أن تكون إحدى غرف هذه الدار داخلة بدار مجاورة، وقد تركب إحدى الغرف الطريق فتغطيه بما يعرف باسم: الصيبات، ومن جهة أخرى فإن الحارة تتشكل من تجاور عدد من الدور، وقد تكون هذه الحارة مسدودة أو مفتوحة على دور حارة أخرى، فعندما تكون هذه الحارة مسدودة أي لا منفذ لها يطلق عليها اسم دَخْلِة، ومن الممكن أن تنسب إلى إحدى الأسر، كقولهم دخلة بيت الطرشة بمحلة الفراونة من حي الشاغور، كما قد تنسب الدخلة إلى شخصية معروفة كقولهم: دخلة أم نعيم الداية، وهم يطلقون على عدد من الحارات اسم الزقاق ومن ذلك: زقاق الحكر بحي الشاغور أيضاً وكان من ثلاث حارات هي الحارة الجنوبية التي كان بها بيت الصباغ وبيت مريش وكذلك بيت خنفسي، ثم الحارة الوسطى التي بها دار أو بيت الجليلاني وأخيراً الحارة الأولى الشمالية، التي بها دار النابلسي، ونجد أن هذه الحارات كانت تلتقي عند بيت سكر بمدخل زقاق الحكر لتنتهي يما يُعرف باسم محلّة تحت مئذنة جامع القربي، وهذا الزقاق بدوره يتفرع إلى أزقّة، منها ما كان باتجاه الغرب ويعرف بزقاق الشيخ، ومن أشهر دور هذا الزقاق دار دمشقية ودار مريش ودار أبو أحمد عرفة وهو والد الفنان المبدع المرحوم سهيل عرفة والد الفنانة أمل عرفة، ومن دور زقاق الشيخ دار سعد الدين ودار أبو شعر وكذلك دار مجرفة.
أما التفرع الثاني لزقاق المزار بمحلة تحت المئذنة فهي إلى محلّة المزار حيث يتفرع عند ساحة (مصلبة) المزار إلى الغرب حيث دار المجاهد حسن الخراط وإلى الجنوب وصولاً إلى شارع ابن عساكر، وكذلك إلى الشرق وصولاً إلى شارع ابن عساكر، أما التفرع الثالث لزقاق الحكر عند تحت المئذنة فإنه يتجه نحو جهة الشمال وصولاً إلى تحت الحمام (حمام السروجي) ثم إلى مصلبة حي الشاغور.
ولو تتبعنا أحياء هذه المدينة كما أوردنا بحي الشاغور لطال بنا البحث، ولذلك آثرنا الاكتفاء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن