من دفتر الوطن

أبواب و.. شبابيك!

| عصام داري 

أغنية «شبابيك» للفنان محمد منير تدعونا إلى التفكير في حيرة مؤلفي الأغاني وهم يبحثون في قواميس اللغة والأبجدية عن كلمات جديدة وغير مألوفة، وربما صادمة للخروج من نمطية الأغاني وسهر الليالي والحب والهجران وانتظار المحبوب وغير ذلك من أجواء عاشها جيلنا والأجيال الحالية.
أغنية «شبابيك» هي خروج على القوالب، وللحقيقة تحفل بصور جميلة ومريحة على وجه العموم، لكن الأغنية ليست الأولى التي تتخذ من الشبابيك موضوعاً لها، فقد سبق لفيروز أن غنت للأبواب من كلمات الشاعر الراحل جوزيف حرب، كما أن عاصي الحلاني غنى للباب الذي يبكي! ولا أدري كيف ينطق الباب؟
ونسأل: هل أضحت لغتنا فقيرة إلى حد نجعل الأبواب تتكلم أو تبكي، أو نشاهد أفلام كارتون بطلتها السيدة ملعقة والسيد شوكة وبقية أدوات المطبخ؟ ونتابع الحوارات بين الحيوانات والنباتات، ونخترع مخلوقات فائقة القوة، وغراندايزر ذلك «الاختراع» الياباني الذي يحاول أطفالنا تقليده!.
هذا التفرد والتميز عن الآخرين، هو محاولة لإثبات تفوق أشخاص أو دول أو شعوب على الآخرين، ، ليس في الغناء فقط، بل في الفن وحتى في تباهي بعض الدول بتميزها وتفردها، وحتى في عنصريتها كحال الولايات المتحدة الأميركية على سبيل المثال لا الحصر.
وإذا كانت اليابان اخترعت غراندايزر وساسوكي الذي يتمتع بقوة خارقة ويتسلح بالنار والعواصف في معاركه، فإن الولايات المتحدة «اخترعت» سوبر مان ورامبو وغيرهما مع فارق كبير، فاليابان قصدت إظهار هذه القوة الخارقة لمناصرة الخير والعدل على الشر والباطل، على حين كانت الولايات المتحدة والقائمون على مثل هذه الاختراعات يبغون إظهار تفوق الأميركي على بقية البشر، وجعلت المشاهد في كل أنحاء العالم يتعاطف مع القاتل والمجرم، ويشعر بالحماسة، بل الفرح وهو يرى الضحايا تتساقط بالعشرات والمئات.
فرامبو يتمتع بقوة خارقة للعادة تمكنه من اقتحام قاعدة عسكرية فيها مئات المقاتلين والقضاء عليهم جميعاً بمفرده، والمشاهد يبدي إعجابه بمشاهد القتل الجماعي، وهذا سيجعل القتل الجماعي الذي تمارسه الولايات المتحدة على الساحة الدولية بحق الشعوب أمراً عادياً، بل مرحباً به مادام هناك ماكينة إعلامية هائلة قادرة على قلب وتشويه الحقائق وتصوير الآخرين بالإرهابيين ومنتهكي حقوق الإنسان.
في فيلم «الكوماندوس» بطولة الممثل نفسه الذي قام ببطولة فيلم «رامبو» أي الممثل أرنولد شوارزينغر، يعيش البطل في منطقة منعزلة بعيداً عن المشكلات، لكن القوات الخاصة الأميركية تحاول إعادته إلى الخدمة لإنقاذ أحد رؤساء أميركا اللاتينية من محاولة اغتياله، لكنه يرفض المهمة، إلا أن «الإرهابيين!» يختطفون ابنته الوحيدة الأمر الذي يجبره على قبول المهمة، وعندما يسأل عن الإرهابيين يقول له الجنرال: إنهم من الشرق الأوسط أو سوريون! ولا ننسى فيلم أكاذيب حقيقية الذي يصور مجموعة من المقاومة الفلسطينية حمقى، وقد حصلوا على القنبلة النووية استعداداً لتفجير مدينة لوس أنجلوس وقتل النساء والأطفال.
أليس عجيباً أن تفصل سورية عن الشرق الأوسط وأنها تصدر الإرهاب إلى أميركا اللاتينية؟ وهل نستغرب أن يصبح الممثل حاكماً لولاية كاليفورنيا؟
بدأت بالأبواب والشبابيك وانتهيت إلى فتح بوابة تفضي إلى عالم الإرهاب الأميركي العجيب، والقصة لم تنته بعد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن