قضايا وآراء

نتنياهو بين الاعتراف بالهزيمة والاستحقاق المقبل

| تحسين الحلبي 

يبدو أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لم يتعلم من دروس الماضي، وهو الذي بقي رئيساً للحكومة لفترة زادت على ثماني سنوات 2009-2017، فلم يستطع تحقيق أهدافه ضد سورية والمقاومة اللبنانية وإيران رغم أنه استغل كل يوم كانت تجابه فيه سورية مئات الآلاف من المسلحين الإرهابيين، وهو الذي راهن مع وزير دفاعه إيهود باراك ثم موشيه يعالون ثم أفيغدور ليبرمان على تدمير سورية وتغيير «نظام الحكم فيها» كما كان يقول.
الكل شاهد علناً أكثر من 2000 من الإرهابيين الذين صرح أن إسرائيل قدمت لهم العلاج والدعم داخل مواقعها العسكرية في الجولان المحتل وفي داخل فلسطين المحتلة لكي يستمروا في إرهابهم ضد سورية.
بل إن عدداً مما يسمى قادة مجموعات المعارضة، اجتمع في تل أبيب مع المسؤولين الإسرائيليين، وظهرت صور هؤلاء في وسائل الإعلام بشكل علني، ونقلت القنوات الفضائية المعادية لسورية تصريحاتهم عن تحالفهم مع إسرائيل ضد سورية.
في النهاية وجدت الحكومة الإسرائيلية أن سورية وحلفاءها في المنطقة ومعها روسيا هي التي تفرض جدول عمل يمتد من العراق إلى سورية إلى لبنان مدعوماً من إيران كقوة إقليمية لم تستطع واشنطن وتل أبيب إيقاف تطورها العسكري والصاروخي والتكنولوجي.
ولأن نتنياهو توهم أن سورية قيادة وجيشاً وشعباً لن يكون بمقدورها الانتصار على أعداء زاد عددهم على 100 دولة، فقد اتخذ في الحكومة وفي الكنيست، أي البرلمان، قرارات تتعلق بالجولان المحتل، زادت بتفاصيلها على قرار ضم الجولان الذي اتخذ قبل عشرات السنين، وسلم له عدد من قادة المعارضة في اسطنبول بضم الجولان السوري المحتل، أما الآن بعد اتساع طريق النصر على المجموعات الإرهابية وتدعيم حدود سورية مع لبنان ومع العراق واستعداد المملكة الأردنية للمحافظة على حدودها المشتركة مع سورية، لم يبق سوى جبهة حدود الجولان والجبهة الشمالية مع أنقرة على جدول عمل سورية، وهذا ما يخشاه نتنياهو وحكومته لأن سورية عام 2017 وما بعد ذلك، أصبحت أهم طرف في قوة إقليمية تتشكل بدعم من إيران والمقاومة اللبنانية، ولذلك لاحظ جميع المتابعين لشؤون الشرق الأوسط أن وسائل الإعلام الإسرائيلية وتصريحات نتنياهو ووزير دفاعه ليبرمان، بدأت تركز على أن إسرائيل لن تتحمل وجود هذا التحالف الذي سيقف مع سورية لاستعادة أراضيها المحتلة في الجولان بكل الوسائل الشرعية الممكنة، وخصوصاً أن الأمم المتحدة وجميع الدول، لا تزال تعترف بأن الجولان أراض سورية محتلة.
يبدو أن القيادة العسكرية الإسرائيلية قد أعدت لنتنياهو ومجلس وزرائه المصغر لشؤون الأمن والحرب، تقريراً ذكرت فيه منذ أيار 2017 أن إسرائيل لا تزال غير قادرة على إيجاد ملاجئ لجميع المستوطنين، ولا تزال غير قادرة على توزيع الأقنعة الواقية من الحروب غير التقليدية على جميع المستوطنين، وغير قادرة على ضمان ومنع سقوط صواريخ من أنواع مختلفة على الجبهة الداخلية، لأن المستوطنين شاهدوا أن صواريخ من صنع محلي في غزة لم تستطع المنظومة الصاروخية المضادة من نوع «القبة الحديدية» منع سقوطها على مستوطناتهم في جنوب فلسطين المحتلة، فما بالك بصواريخ حزب الله والصواريخ السورية التي تقول إسرائيل إن الجيش السوري ينتجها من داخل سورية بتكنولوجيا عسكرية تزود بها من الحلفاء؟!
أما من الناحية المعنوية للجيش الإسرائيلي فقد اعترفت وسائل الإعلام في تل أبيب ومنها «يديعوت أحرونوت» أن أكثر من 37 بالمئة من المجندين في الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي، أعربوا عن عدم رغبتهم بالخدمة في الميدان القتالي، وفضلوا الخدمة في ميادين أخرى لا تفرض عليهم الانتقال إلى جبهات الحرب.
فإذا كان قد مضى على حرب تموز 2006 عشر سنوات أو أكثر، فإن جيل المجندين الجدد شهد معظمهم تساقط الصواريخ في تموز 2006 على مستوطناتهم ومدنهم في الشمال وفي الجنوب، وهذا ما لا يمكن أن تتجاهله قيادة الجيش الإسرائيلي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن