شؤون محلية

رائحة البخور طغت على رائحة كعك العيد

| اللاذقية – عبير سمير محمود

لم تتغير عاداتنا بل انتقل مكانها لا أكثر.. «هكذا قالت أم إبراهيم في حديثها لـ«الوطن» عما تغير في طقوس العيد بين «حرب وضحاها»، وتقول السيدة السبعينية: كان أولادي وأحفادي يجتمعون في بيتي صباح كل عيد، إلا أنني منذ خمس سنوات – ذكرى أول شهيد في عائلتها- صرت أنا من أذهب إلى بيت واحد يجمع معظمهم وهو «مقبرة الشهداء» لأتمنى لهم عيداً سعيداً في جنان الخالق.
ولا يختلف حال أم إبراهيم عن كثير من سيدات وعوائل اللاذقية، فالجميع بات يحيي أول طقس في العيد بين أضرحة أبنائهم، ثم يذهب بعضهم إلى ممارسات باقي الطقوس بشكل عادي وكأن الموت بات أمراً معتاداً لتفوح رائحة البخور بدل رائحة كعك العيد.
ويكمل أبو عماد طريقه من المقبرة نحو بائع الحلويات ليشتري «ضيافة العيد» كرمى أولاده الباقين موضحاً: أزور ولدي الشهيد حيث رقد بعيداً عن إخوته أشتري له الريحان أزين به ضريحه، في حين ما أزال أشتري لأشقائه الملابس الجديدة حتى لا يفتقدوا مظاهر العيد وهم في مقتبل العمر، فلا ذنب لهم أنهم خلقوا بزمن الحرب التي أبعدت عنا زمن الفرح عسى أن يعيدوه بسنواتهم القادمة.
ربما لم تغلق أبواب «مدينة الملاهي» طوال سني الأزمة إلا أنها أيضاً لم تكن كما قبلها، فعدد الأطفال الذين يصحبهم أهلوهم إليها قليل، رغم أنها وسط المدينة وبعيدة عن مناطق كانت تشهد توتراً أمنياً في محيطها وعند أعالي الجبال، والسبب أن «النفوس لم تكن مستعدة للفرح بعد» كما يقول مُشرف أحد الألعاب، مضيفاً طوال سنوات الحرب لم يدخل إلى المدينة ربع من دخلها في عطلة عيد واحدة من أيام السلم!.
في المقابل ربما لم تمر الحرب على بعض سكان اللاذقية الذين لا يزالون بعيدين عن أي مظهر من مظاهر بؤسها فتراهم يملؤؤن المطاعم والمنتجعات بكل وقت ولا تقتصر على الأعياد فقط، ليرى زائر عروس الساحل تناقضاً جلياً بين أهلها، اتشاح بالسواد يغطي بعضها في حين أن زهو الألوان لم يغب عن بعضها الآخر.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن