سورية

زيارة سلمان إلى موسكو تطبخ على نار هادئة

| أنس وهيب الكردي- وكالات

انتقل التخطيط لزيارة الملك السعودي سلمان ابن عبد العزيز إلى روسيا لمرحلة جديدة، وذلك في وقت تراجع المشروع الأميركي السعودي لـ«إعادة إيران إلى حدودها»، وتفرغت كل من واشنطن والرياض لأولويات مختلفة في سورية خصوصاً، والمنطقة عموماً.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقد خلال زيارته إلى الرياض، اتفاقاً مع القيادة السعودية يتضمن إعادة الإيرانيين إلى حدودهم (Roll Back)، ومنعهم من تشكيل محور بري يبدأ من طهران وينتهي في البحر الأبيض المتوسط، إلا أن الأميركيين تراجعوا إلى موقف أكثر واقعية يتمثل في تحجيم النفوذ الإيراني عبر المنطقة.
في المقابل، بدا أن السعوديين في طور مراجعة موقفهم تجاه إيران، خصوصاً في ضوء التوتر الذي أحاط بعلاقاتهم مع المحور التركي القطري على خلفية الأزمة الخليجية ما بين الرياض وأبو ظبي من طرف، والدوحة من طرف آخر. من هنا، انطلقت محادثات ما بين السعودية وإيران تمحورت بشكل أساسي حول موضوع «الحجاج الإيرانيين»، الذين استقبلت منهم المشاعر المقدسة هذا العام 86 ألف حاج.
وتحت وطأة تحول السياسات الأميركية والتركية والأوروبية من الأزمة السورية، أجرت الرياض مراجعة لسياستها السورية، أدت بها إلى مزيد من التقارب مع موسكو. وتراجعت كل من الرياض، واشنطن، باريس، أنقرة عن مطالبها بتنحي الرئيس بشار الأسد عن السلطة سواء بشكل مباشر أو موارب. عبد الطريق للتقارب الروسي السعودي الاتفاق النفطي ما بين الدولتين الذي توصل إليه الجانبان قبل أشهر. وتولت الدبلوماسية المصرية العمل على بلورة اتفاق تخفيف التصعيد في غوطة دمشق الشرقية، والذي عكس حجم التوافق الروسي السعودي حول الأزمة السورية. وبدعم روسي، أطلقت الرياض مساعيها لتشكيل وفد معارض جديد إلى محادثات جنيف، وذلك عبر إعادة هيكلة «الهيئة العليا للمفاوضات».
ولا تخفي روسيا غبطتها من قدرتها على التحادث مع جميع القوى الشرق أوسطية الكبرى والصغرى من دون استثناء (سورية، إيران، السعودية، تركيا، مصر، قطر، الكويت، ليبيا، الإمارات، فلسطين، حركة حماس، حزب اللـه اللبناني، إسرائيل)، على الرغم مما بين هذه القوى من خلافات عميقة للغاية. وجاءت مرونة حركة الدبلوماسية الروسية في المنطقة وقدرتها على الاتصال بجميع اللاعبين على الساحة الشرق أوسطية، على الرغم من تحذيرات أطلقتها قوى دولية وإقليمية غداة إعلان روسيا عمليتها العسكرية في سورية قبل عامين تقريباً، من مخاطر وقوع موسكو في عزلة لا طب لها نتيجة دعمها للرئيس الأسد.
وبالفعل أدى إطلاق العملية الروسية في سورية، بالسعودية إلى إلغاء زيارة كانت مخططة للملك سلمان إلى موسكو. ومن ثمة باتت هذه الزيارة بحد ذاتها، ورقة لعب سعودية في مواجهة الروس، الذين يستعدون أخيراً لقطفها، بعد التحولات التي طرأت على المواقف السعودية من الأزمة السورية.
ورجحت صحيفة «إزفيستيا» أن يزور سلمان موسكو في تشرين الأول المقبل، وفقاً لما أفاد به مصدران دبلوماسيان روسيان ومصدر في الرياض، ذكروا أن «العمل على تحضير الزيارة يجري على قدم وساق»، وهو ما أكده المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف لوكالة «نوفوستي» الروسية أمس، من دون أن يذكر موعداً محدداً للزيارة.
وكشفت مصادر التي تحدثت إلى إزفيستيا»، أنه في إطار الاستعدادات لزيارة سلمان تم التوصل ما بين روسيا والسعودية إلى توافقات المبدئية، وتجري مناقشة التفاصيل. وعلى الأرجح أن القضية السورية باتت محط توافق روسي سعودي. وتقر موسكو بوجود «علاقات خاصة» ما بين الرياض وقوى في المعارضة السورية، وهي تطرح تسوية للأزمة السورية تقوم على إنهاء الحرب، واستخدام إمكانيات مناطق خفض التصعيد، وإقامة حوار مباشر بين الأطراف السورية، وضمان علمانية الدولة السورية، بما يراعي مصالح وحقوق جميع مكونات المجتمع السوري.
ويبدو أن الروس وبعد أن ضمنوا تحول السعوديين بعيداً عن مواقفهم المتشددة حيال سورية، بصدد طرح رؤيتهم على سلمان سواء لتهدئة التوتر الخليجي الخليجي أو الخليجي الإيراني. واستنتج أحد المصادر، أن «التباحث في الملفات، وغيرها من القضايا الشائكة مع الرياض على أعلى مستوى، (أصبح) أمراً ملحاً».

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن