قضايا وآراء

وحدة سورية.. من المنتخب إلى تخفيف التصعيد

| سامر ضاحي 

نقتبس اليوم من كرة القدم شغفها وتشويقها كي نتخذها نموذجاً للتعبير عن الحس الوطني الجامع الذي لطالما كانت هذه اللعبة الشعبية متنفساً له، وليعذرنا خبراء الرياضة لأن هذه اللعبة لم يعد بالإمكان فصلها تماماً عن السياسة.
ففي مشهد لم يخل من ذرف الدموع كان النشيد الوطني للجمهورية العربية السورية يصدح في ملعب هانغ جيبات في ماليزيا قبل مباراة منتخبا الوطني لكرة القدم مع نظيره القطري يوم الخميس الماضي، ولعل المشهد الأبرز كان ظهور اللاعبين الـ11 وهم ينشدون بحرارة هذا النشيد ليختموا لاحقاً المباراة لمصلحتهم ولتنطلق الأفراح في كل شبر من سورية حتى تلك الأجزاء المتبقية تحت سيطرة الإرهابيين.
وبغض النظر عن نتيجة مباراتنا الفاصلة يوم أمس مع منتخب إيران، فإن ما رافق رحلة هذا المنتخب يدعو إلى الفخر ويؤشر بوضوح إلى أن السوريين لا يرغبون في تقسيم بلادهم وسنستعير للدلالة مثالاً صارخاً من كرة القدم نفسها.
في 16 حزيران من عام 2006 خسر منتخب صربيا ومونتنيغرو أمام الأرجنتين بسداسية نظيفة، ويومها لم ينجر المحللون الرياضيون إلى ضعف الفريق الصربي أو قوة الأرجنتين بل توحدوا حول تعليل سبب الخسارة كالتالي: «كيف تريدون لمنتخب أن يفوز ولاعبوه ينشدون نشيدين وطنيين»، حيث كانت المباراة بعد أيام من إعلان مونتنيغرو (الجبل الأسود) انفصاله عن صربيا في 21 أيار من ذلك العام وكان لاعبو المنتخب منقسمين بين البلدين الجديدين.
ما يذكرنا بهذه الحالة هو عودة بعض لاعبينا عن قرارهم بعدم اللعب لمنتخب بلادهم ولأسباب سياسية طبعاً، ليعودوا لاحقاً ويقدموا الإضافة المطلوبة، وسط حملات على وسائل التواصل الاجتماعي تؤكد أن المنتخب للجميع وأن السوريين موحدون، بموازاة استمرار قطار المصالحات في البلاد وعودة أهالي بلدة سبينة جنوبي العاصمة إلى منازلهم التي ترافقت مع حلول عيد الأضحى المبارك.
اللافت هو الترحيب الذي لاقاه عودة اللاعبين إلى صفوف المنتخب، رغم تصريحات سابقة لهم تدعم ما يسمى «الثورة»، في صورة مشابهة للابتسامة التي اعتلت وجوه العائدين إلى سبينة والزبداني ومضايا والمعضمية والتل ودرعا وغيرها من مناطق المصالحات، وما قابلها من احتضان اتحاد كرة القدم والمسؤولين السوريين لعودة أولئك بعد تسوية وضع من لزم تسوية وضعه، ما يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن وحدة السوريين أولوية الشعب السوري برمته، وهو مستعد للدفاع عنها بكل ما يملك.
وإذا سحبنا هذه الحالة إلى اتفاقيات تخفيف التصعيد التي يروج البعض إلى أن هدفها تقسيم سورية، فإن الحكومة أكدت مراراً زيف ادعاءات كهذه وهي تستمد قوتها من أهالي تلك المناطق ورغبتهم الأكيدة في وحدة أرض بلادهم قبل أي شيء آخر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن