قضايا وآراء

سورية وحماية الانتصار

| تحسين الحلبي

لاحظ الكثيرون منذ الأشهر الأولى للحرب على سورية أن الحملات الإعلامية المعادية للقيادة والجيش السوري، كثفت هجومها التحريضي الإعلامي بشكل لم تعهده أي حرب إعلامية كهذه، وكأن الحرب على سورية بدأت بفتح نيران جبهة إعلامية واسعة زادت على نيران وتفجيرات المجموعات الإرهابية في ذلك الوقت.
واليوم بعد كل الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري وحلفاؤه في الميدان القتالي العسكري ضد مواقع المجموعات الإرهابية في أرجاء سورية، يلاحظ الكثيرون أيضاً أن الدوائر السياسية المعادية لسورية، ما تزال توجه مواقعها الإعلامية ضد سورية بالأشكال النمطية نفسها التي اعتادت استخدامها خلال السنوات السبع الماضية لتحقيق الأهداف السياسية للحرب الإرهابية على سورية.
وكما قال الجنرال الألماني الشهير في علم الحرب في بداية القرن التاسع عشر كارل كلاوزفيتش: «الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى»، فإنه وبعد الهزائم العسكرية الميدانية التي لحقت بكل المجموعات الإرهابية على الأرض، أدركت الأطراف والدول التي تقود الحرب على سورية من الخارج، أنها ستستمر في الحرب لكن «بوسائل أخرى» وفي مقدمها في هذه الظروف زيادة التحريض في الحرب الإعلامية على القيادة السورية والجيش العربي السوري وحلفائه.
فخلال أيام ثلاثة ماضية قامت جميع وسائل الإعلام وقنواتها ومواقعها الإلكترونية بشن حملة تحريضية عنوانها: التداول المكثف لمزاعم استخدام الجيش السوري للسلاح الكيميائي في مقدمة نشرات الأنباء والبرامج بنمطية متكررة، ولوحظ أن القنوات الفضائية المخصصة للعرب في فرنسا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة وفي إسرائيل وضعته في مقدمة أنبائها رغم أنه يتحدث عن السنوات السبع ضد سورية متجاوزة أهم الأنباء التي تشغل معظم قادة هذه الدول في العالم.
كان من الطبيعي أن تنسخ قنوات الدول العربية التي تتصدر دعم المسلحين ومجموعات جبهة النصرة وداعش مثل السعودية وقطر، هذا النبأ، وتعرض المقابلات التلفزيونية والتحليلات عنه لزيادة التحريض على سورية، وكان من اللافت أن تركز قناة «الجزيرة» على العداء والتحريض تجاه حكام البحرين الآن بعد أن كانت أهم قناة للدفاع عن كل ما كانوا يفعلونه بحق الشعب البحريني، كما أصبحت تركز على زيادة التحريض على مصر وكأنها تعتقد أن هذه التناقضات التي تعبر عنها في رسائلها الإعلامية ستخدم الشعب في قطر، كما كان من بين هذه التناقضات أن قناة «الجزيرة» بدأت تتحدث عن تطبيع يجري بين إسرائيل ودول عربية، مستخدمة لغة التنديد بالتطبيع، وتناست أنها كانت أول قناة فضائية تطبع علاقاتها مع إسرائيل حين اعتادت استضافة مسؤولين ومحللين إسرائيليين لإبلاغ رسالتهم التضليلية للجمهور العربي منذ سنوات كثيرة! بل استضافت بالبرنامج نفسه الذي عرضته حول هذا الموضوع، المحلل العسكري الأمني والسياسي في صحيفة «هآرتس» أمير أورين على شاشتها، للدفاع عما تقوم به إسرائيل!
وتدرك هذه الوسائل الإعلامية أنها تتناقض بين فترة وأخرى مع ما تدعو إليه، لكنها تستمر في انتهاج هذه السياسة الإعلامية التي تربك عقل المشاهد العربي حتى حين لا يقتنع بمصداقية هذه القناة.
إن إرباك العقل وتشويه صورة الواقع، يعدان من النتائج التي تخدم في النهاية الأهداف السياسية التي عجز أعداء سورية عن تحقيقها في ميدان الحرب القتالية، ولذلك يبدو أن كل انتصار حربي للجيش العربي السوري في الميدان سيتطلب زيادة في العمل على جبهة الإعلام السورية في مجابهة جبهة الإعلام المعادية التي تسعى الآن إلى التشويش على انتصار سورية وحلفائها في الحرب على الإرهاب ومن كان يدعمها ويمولها.
ربما يصح القول: إن دور الإعلام المتصدي للأعداء يزداد في أعقاب هذه الانتصارات لأنه يقوم بمهمة المساهمة بحماية الانتصار وإنجازاته التي يريد الأعداء طمسها والتعتيم عليها لكي يستمروا في حملاتهم التحريضية والتضليلية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن