ثقافة وفن

لدار الأمان فروع أخرى في جميع المحافظات مستقبلاً السيد لـ«الوطن»: تجربة رائدة ولا نقبل إلا أن تكون صرحاً مميزاً بكل المعايير

| طرطوس- سناء أسعد

أقل واجب يمكن القيام به تجاه من ضحوا بأرواحهم في سبيل بقاء الوطن هو توفير التعليم والاهتمام والرعاية لأبنائهم. هذا ما قالته السيدة الأولى أثناء زيارتها لدار الأمان الخاصة بأبناء الشهداء التي تم افتتاحها بداية هذا العام الدراسي في محافظة طرطوس. وهذا ما يقوله ويفعله كل سوري يؤمن بأنه اليوم يعيش في وطن كل شبر من ترابه معجون بدماء أنبل البشر. ويؤمن أنهم يستحقون منا أن نصنع من قلب المستحيل أفضل مستقبل لأبنائهم، فبالتعاون والتشارك لا يوجد هناك مستحيل.

عندما تدخل إلى دار الأمان وتتجول بين صفوفها تشعر بجو من الإلفة والمحبة وترى بسمة لا تفارق وجوه الأطفال، هناك قدر كبير من الراحة في التعامل بين الطلاب والمعلمات لدرجة تشعر أنهم إخوة وأصدقاء وليسوا طلاباً وأساتذة وهذا الأسلوب في التعامل أحد أهم الأساليب التي يجب اتباعها للارتقاء بأجيالنا تعليمياً وتربوياً.
دار الأمان ليست مشروعاً مادياً وليست مجرد مدرسة بل خطوة قامت بها وزارة الأوقاف لتقدم رعاية خاصة لأسر الشهداء عربون وفاء وتقديراً منها لتضحيات شهدائنا العظيمة.
خطوة مهمة ولفتة نبيلة كان لابد لنا من الوقوف عند تفاصيلها فلم تكن المدرسة مقصدنا الوحيد بل قمنا بزيارة إلى مديرية الأوقاف والتقينا الشيخ عبدالله السيد مدير الفريق الديني الشبابي في سورية والمشرف الديني في مديرية الأوقاف في محافظة طرطوس.
السيد في حديثه لنا أكد أن أهم ما يجب القيام به بعد نصر نحن على أبوابه هو الالتفات إلى أصحاب الفضل في تحقيق النصر، وأن ما قامت به وزارة الأوقاف خطوة إلى الأمام يجب أن تعمم وتحفز جهات أخرى.

في البداية حدثنا عن فكرة المدرسة كيف بدأت؟ وهل هي فكرة وزارة الأوقاف أم إنها فكرة جهة أخرى؟
تنفيذاً لتوجيهات سيد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد ورعايته واهتمامه والسيدة الأولى بأسر الشهداء والجرحى، وانطلاقاً من قول السيد الرئيس:
«إن نبل هذه الرسالة لا يشمل فقط الشهيد الذي حملها وإنما يمتد ليشمل كل من حمل الرسالة نفسها بعد استشهاد الشهيد، وبكل تأكيد أكثر إنسان قادر على حمل هذه الرسالة هو أي فرد من أفراد هذا الشهيد».
كان هذا هو المنطلق الأساس والحافز لفكرة إحداث دار الأمان لأبناء الشهداء في محافظة طرطوس، إضافة إلى كون وزارة الأوقاف تعمل ضمن توجهات الحكومة بتقديم كل ما تستطيع وفاء لتضحيات شهدائنا الأبرار.
منذ نحو سنة كان هناك عقار تابع للأوقاف بمساحة 1500م2 بقيمة مليار ونصف المليار ليرة سورية فكانت الفكرة بإقامة مدرسة دار الأمان لأبناء الشهداء على هذا العقار على ألا تكون مدرسة فقط بل هي عبارة عن رعاية تامة لأسر الشهداء، فهذه المدرسة تقدم كفالة مالية شهرية لكل أسرة شهيد، إضافة إلى توفير جميع ما يحتاجه ابن الشهيد من ناحية المواصلات، القرطاسية، اللباس، الكادر التعليمي الجيد، إرشاد نفسي واجتماعي ليكون صرحاً حضارياً مميزاً ورعاية مهمة لأبناء الشهداء هذه الفكرة التي انطلقت فيها وزارة الأوقاف.
وتكاملاً مع جهود الحكومة والجهات كافة التي تعمل على تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بشار الأسد في رعاية أبناء وأسر الشهداء والجرحى، كان البدء بالعمل.
وكان العمل لإتمام هذا المشروع ليل نهار بأسرع وقت وأفضل النتائج، حيث كان الوقت المقدر لإتمامه سنتين، ولكن تم إنجازه وتجهيزه بالكامل خلال ثمانية أشهر كما هو مرفق بالصور عندكم.

هل كان عدد المسجلين أكبر من الطاقة الاستيعابية للمدرسة؟ وما معايير القبول؟
الطاقة الاستيعابية للمدرسة هي 200 طالب وعدد المسجلين كان قريباً من هذا العدد والمدرسة حددت معيارين للقبول:
المعيار الأول: أن يكون ابن شهيد ولديه وثيقة استشهاد وقد تم قبول أبناء شهداء الجيش العربي السوري، وكذلك شهداء الدفاع الوطني.
المعيار الثاني: قدمنا اختباراً شفهياً للطلاب وآخر كتابياً وبناء على نتيجة الاختبار تم القبول ولكن على الأغلب تم قبولهم جميعاً.

ما المنهاج الذي يدرس في المدرسة وهل هناك مواد خاصة بدار الأمان؟
المنهاج منهاج وزارة التربية. هناك فكرة سائدة بخصوص المدرسة حيث اعتقد البعض كون المدرسة تابعة لوزارة الأوقاف أن المواد ستكون شرعية أو أي شيء خاص.
وأنا أؤكد هنا أن المنهاج هو منهاج وزارة التربية فقط وأن الكادر كادر متخصص من المدرسين الذين لهم خبرة سابقة بالعمل التربوي ودرّسوا في مدارس التربية سابقاً.
وقد تم توقيع مذكرة تفاهم بين وزيري الأوقاف والتربية حول الالتزام بمناهج التربية ورقابتها من وزارة التربية والتعاون المشترك بين الوزارتين في الجانب التربوي والتعليمي.

ما الأسس التي تم اعتمادها في اختيار الكادر التدريسي؟
لقد اشترطنا عدداً من سنوات الخبرة وكان هناك نوع من الاختبار للأساتذة ليس هذا فحسب بل أخبرناهم أنهم جميعاً الآن ضمن فترة تجريبية وأثناء هذه الفترة سيكون هناك متابعة وسنقوم بتبديل كل من لم يثبت حسن أدائه.
لقد كان لدينا لجنة متخصصة موجودة من وزارة الأوقاف تشكلت بتوجيه من الوزير هي التي كانت مسؤولة عن موضوع اختيار الكادر.

هل هناك خطة أو برنامج خاص بدار الأمان من حيث توزيع الحصص؟
تقريباً الطريقة نفسها المتبعة في المدارس الحكومية فيما يخص توزيع الحصص، يمكن أن يكون هناك زيادة في بعض الحصص للحاسوب، للألعاب، وكل ما يتعلق بالنشاطات، فالمدرسة فيها قاعة ترفيه وملعب كرة قدم صغير وقاعة حاسوب وغرفة للإرشاد النفسي والاجتماعي، كما أن هناك وقتاً مخصصاً لتقديم وجبات الطعام للطلاب. الأهل غير مسؤولين مادياً عن أطفالهم والمدرسة تقدم خدماتها لهم على أكمل وجه حتى المواصلات للقرى البعيدة.

هل هناك مقترحات بخصوص تحويل المدرسة إلى مدرسة داخلية؟
فكرنا بالموضوع كثيراً من جهة أن يكون هناك منامة أم لا، لكن وجدنا أن الفكرة في محافظة طرطوس غير مفضلة عند الناس، وهم لا يرغبون في ترك أولادهم يبيتون خارج بيوتهم.

أيهما أفضل برأيك المدرسة الداخلية أم المدرسة بنظامها العادي؟
أفضل المدرسة بنظامها العادي وليس الداخلية حتى لا يتم عزل الطفل بشكل كامل عن بيئته الاجتماعية.

هل تنصح بتعميم التجربة؟ وهل يقع على عاتق الجهات الأخرى أي مسؤولية في هذا الخصوص؟
طبعا من المؤكد ودون أدنى شك هناك تفكير بتعميم هذه التجربة ليكون هناك سلسلة من دور الأمان لأبناء الشهداء في باقي المحافظات.
على الجميع أن يقدم ويفكر ماذا باستطاعته أن يفعل ليقدم الأفضل دائماً لأسر الشهداء.
هناك توجيهات واضحة من قائد الوطن السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد لجميع جهات الدولة فيما يتعلق بموضوع أسر الشهداء ليكون له أعلى درجات الأهمية والأولوية بالتالي كل جهة مفروض عليها أن تبذل أقصى ما لديها وضمن حدود إمكانيتها.
وهل أنصفنا الشهداء برأيك وقدمنا لأسرهم ما يليق بتضحياتهم؟
الشهيد قدم دماً والذي يقدم دماً فلا شيء في الدنيا يساوي ما قدمه، يجب أن نكون واضحين فأي شيء يقدم أو يعمل به ليس له مقابل. عندما نقدم لأسر الشهداء نحن نقدم لأنفسنا ويمكن أن نقول إنه من باب الوفاء لتضحيات الشهداء العظيمة، لأنه بفضل تلك التضحيات الناس اليوم تعيش بأمن وأمان وبفضل تلك التضحيات النصر يتم ويتحقق.
لابد من التفاتة وفاء للشهداء وأي شيء يقدم بالتأكيد هو أقل بكثير من تضحياتهم ومن أي نقطة دم.

حدثنا عن زيارة السيدة الأولى لدار الأمان ماذا كان انطباعها وما توجيهاتها للكادر الإداري والتدريسي؟
طبعاً زيارة السيدة الأولى أعطت كل الكادر الموجود وجميع القائمين دفعاً معنوياً كبيراً جداً وسيادتها قالت: أقل واجب يمكن القيام به تجاه من ضحوا بأرواحهم في سبيل بقاء الوطن هو توفير التعليم والاهتمام والرعاية لأبنائهم وهذه التجربة يجب أن تعمم. هذا الكلام أصبح بالنسبة لنا منهج عمل.
دخلت سيادتها والتقت الطلاب جميعاً، تحدثت واستمعت إليهم وجالت في أقسام المدرسة.
أصبح كل إنسان ضمن هذه المدرسة سواء كان من الكادر الإداري أو التدريسي يشعر أن هناك أمانة ومسؤولية كبيرة في عنقه بعد زيارة السيدة الأولى وأصبح يشعر أيضاً أن هذه التجربة لا يمكن إلا أن تكون رائدة ومميزة على مستوى سورية.
أما بالنسبة لتوجيهات السيدة الأولى فقد كانت بتوفير أفضل رعاية واهتمام لأبناء الشهداء والحرص على الناحية التعليمية والتفوق.

ماذا يقول الشيخ عبدالله من موقع المسؤول عن دار الأمان؟
مسؤوليتنا هذه الفترة أن يكون هذا الصرح مميزاً على مستوى سورية، والكادر منبه بشكل حازم من أجل أن يكون تعامله مع أبناء الشهداء أفضل تعامل وألا يكون هناك أي نوع من القسوة أو الشدة في التعامل مع الطلاب وهذه مسؤولية كبيرة.
وفي النهاية أريد التأكيد أن أي شيء يقدم لأبناء الشهداء لا يساوي أي نقطة دم من دمائهم الطاهرة، فهم أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن