ثقافة وفن

المبدعون في بلادنا ثروة وطنية نحبهم.. نحافظ عليهم.. ونعتز بهم … أصدقائي.. اخترتهم عبر صفحة محميّة باسم مستعار لنبات يعيش في الظّل

سارة سلامة

«إلا قليلاً» كتاب من تأليف جمانة نعمان يقع في 246 صفحة من القطع المتوسط صادر حديثاً عن وزارة الثقافة والهيئة السورية للكتاب، الكاتبة التي تحمل إجازة في الفلسفة وعلم النفس وحاصلة على دبلوم دراسات عليا، تناولت في عرض غير مسبوق أصدقاءها وأعمالهم أكانوا كتاباً أم شعراء أو فنانين تجريدين وتشكيليين أو مغنين ولم تنسَ أحداً، واعتبرت صفحتها على «الفيسبوك» الوسيلة للتواصل المباشر معهم ورؤية أعمال كل منهم ولكنها الآن عبر مجموعتها الجديدة اختارت الإضاءة عليهم متحدثة عن أعمالهم وإنجازاتهم الجميلة وعلاقتها بهم.

كفراشة تبعت عشق الضوء
وتحدثت نعمان في مستهل كتابها عن العلاقة والمعرفة التي تربطها بهؤلاء المبدعين قائلةً: «أعترف بأنها تجربة جديدة بكل ما فيها: بدءاً من الكتابة عبر وسيلة لا أكاد أعرف حروف هجائها إلا قليلاً.. إلى الكتابة عن مواهب متعددة وإبداعات وأسماء لا أعرفها.. إلا قليلاً.. وصولاً إلى فنّ لا أحسن التعامل معه، بمعنى أنني إذ أكتب على ورقة أحسّ نعومة ملمسها.. دفئها.. أشمّ عطرها.. أكوّرها بين يديّ، وأرميها إن لم تعجبني، وأتناول واحدة جديدة.. وأبدأ من جديد، على حين هنا أرى الأمر بشكلٍ مختلف. لكنّني.. كفراشة تبعت عشق الضوء ورجوت.. ألا أحترق.. وأظنّني نجوت.. شفيعي في ذلك كائن رقيق شفّاف ملهم اسمه «الحبّ».
رافق حياتي كلها.. محتضناً الإنسان والطير، والطبيعة وما وراء الطبيعة من حجب غيب وغيبيات و.. و.. وأظنّ أن هذا- أيضاً- لم يخذلني».

المبدعون ثروة وطنية
وعن طريقة اختيارها للأصدقاء قالت نعمان: أصدقائي اخترتهم عبر صفحة محميّة على «الفيسبوك».. باسم مستعار لنبات يعيش في الظّل وكنت أحسبه سيظل في الظلّ، وكان سيبقى كذلك.. لولا أن ما رأيته، وما قرأته وتذوّقته أبهجني ودفعني لأن أكتب… إلا قليلاً.
اليوم أعود لاسمي الحقيقي الذي «أخفيته» بين أوراق «نعناعة» أشكرها لأنها لم تخذله.. وتحية لأصدقائي وإبداعاتهم التي سوف أتابعها في كتاب قادم إن شاء الله.
وفي مقدمة الكتاب وجهت التحية على طريقتها إلى هؤلاء المبدعين حيث: «المبدعون في بلادنا ثروة وطنية
نحبهم.. نحافظ عليهم.. ونعتز بهم
يسعدني أن أحتفي بمجموعتي منهم
تحت عنوان.. «الكرّامون»
الذين نعتق من كرومهم أجود أنواع «النبيذ»..
نشرب كأس إبداعهم صافياً
وبهم.. ننتشي»

فنان تجريدي
أحمد أبو زينة- فنان تجريدي، فنان أنيق في اختيار الألوان.. مترف يسكب ألوانه كمن يصب سبيكة يحرص على ألقها من العيون.. مرهف كأنه يسكب معها ذوب قلبه.. كتب مرة ببراءة عذبة: «بفرح بتعليقاتك».. وعلى قدر فرحه.. فرحت أنا: بل أحسست أنني.. «تدللت».
مرّة «تصبحت» بلوحتين له… وكعادة فرحي بلوحاته.
صببت تعليقين وذهبت إلى عملي.. تناولت القهوة مع بعض الأصدقاء في مكتبة «نوبل» وغادرت.. كان عليّ أن اختار بين طريق الصالحية أو 29 أيار.. ففضلت الثاني لأن الصالحية طريقي الصباحي.
تابعت طريقي تحت شمس الخريف الدافئة.. اجتزت «السبع بحرات».. أخذت الطريق الصاعد باتجاه «ساحة الشهبندر».. هناك وعند إشارة المرور تذكرت ما كنت كتبته للصديق أحمد: «إن ضاقت بك السبل.. فدونك الحب، فهو خلاصك لأنه معجزتك الشخصية.. فاجترح معجزتك.. هي الرسالة إذاً ولكل العمر: الحب معجزتك الشخصية فاجترحها.. في زمن صار الحب أندر معجزاته».

فنان تشكيلي
في أول أيام الخريف الندية.. وتحت أشعة شمس صباحاته الدافئة كنت أجلس خلف نافذة كبيرة، وطاولة كبيرة..
وأوراق كثيرة مبعثرة أتركها هكذا: لأنصرف للدردشة بسعادة مع صديق بعيد.. ومع كل هذا ألهو بأوراقي المبعثرة لأصل منها إلى ما أريد:
الحرف العربي.. ميزاته.. مدلولاته.. وجرسه الموسيقي.. مكانته في الكلمة.. والجملة، ثم جمالياته، وما يستتبع ذلك من تنقيط للحروف، ووصلها بعضها ببعض.
والأخطاء والأخطار التي قد تنجم عن ذلك، وصعوبات توصيله لفظاً وكتابة للناطقين بغير العربية.. كل ذلك ضمن برنامج لمصلحة.. تمكين اللغة العربية.
في هذه المعمعة دخل صفحتي الصديق: وجيه قضماني- فنان: عبر لوحة فنية بنقطتين ضمن التشكيل الفني البسيط والخالي من الزخرفة.. قرأت اسم «وجيه قضماني» ووقفت عند لوحاته.. ونقطتيه المتكررتين بأناقة شديدة، والمتموضعتين بأماكن مختلفة.. قلت في نفسي: هذه الأناقة تناسب «تاء التأنيث».. فلنر:
لتلفظ حرف التاء يعطيك أول انفراج الشفتين ودفع باللسان إلى تجويف الأسنان في مقدمة الفم.. إحساس من يرفع قدماً عن أرض باردة صلبة «ت» ليرميها باكتمال لفظ الـ«ت» بسرعة داخل مخمل سجادة فاخرة، أو حرير عشب حديقة أول الربيع وبين تاء التأنيث في الاسم «فاطمة» مثلاً، وبين فعل «ذهبت».. ما بين دفء مخمل السجادة، وطراوة حرير عشب الحديقة.. ما بين فخامة المخمل.. ورقة الحرير.

روائية من بادية الشام
هل توجد امرأة ترفض أن تزف إلى زوج على هودج مترف حتى لو كان الزوج.. عبد الملك بن مروان وكان القائد الممسك بزمام جمل الهودج الحجاج بن يوسف الثقفي؟..
هل من امرأة ترفض ذلك؟
وإن وجدت فمن هي؟
إنها لينا هويان الحسن- روائية سورية
روائية سورية من بادية الشام تفضل- كأي بدوية من بطلاتها- أن تجعل مرود كحلتها خنجراً ينقط بدل الكحل دماً يخط طريقها إلى من تحب على أن تذهب إليه خانعة خاضعة لصفقة تضمن أمن البادية كلها.. ترفض ولسان حالها يقول:
فلتذهب البوداي برملها وسرابها، وعيون شبابها وفرسانها.. إلى حيث يشاء الأخذ بالثأر.. فالنوم تحت عباءة كهذه تشعل جذوة العشق لديها، وتزيد النار اتقاداً.

فنانة- مطربة
ذات عيد ميلاد مجيد.. رن جرس هاتفي المنزلي باكراً.. خفت.. رفعت السماعة شبه مترددة.. سمعت صوت صديقتي الملهوف يقول بفرح: اللاذقية كلها تسمع أغنية «اقرع فالصوت طريق للرب».. تعرفين لمن الأغنية؟.. هدأت قليلاً، وقلت: للفنانة: «ميادة بسيليس».. ألحان سمير.. قاطعتني لتسأل من كتب الأغنية؟ قلت غاضبة: ولهذا أيقظتني من نومي؟ وهل عليّ أن أحفظ أسماء كتاب الأغاني؟
وهدأت وقالت: أمي تقول لك: غداء الميلاد يتحضر.. ننتظرك.. أجبتها: شكراً.. لا أقدر.
أقفلت الخط، واستدرت لأكمل نومي، لكنني تذكرت ما فعلت، فاستدرت ثانية وعلى الكعب نفسه لأتصل وأقول فرحة أنا قادمة.. انتظريني.. وذهبت..
كان أحلى عيد ميلاد أحضره، على وقع أغنية للميلاد للفنانة: ميادة بسيليس: فنانة- مطربة: لن أسأل السيدة ميادة، لمن كلمات الأغنية؟ فأنا أعرف.. لكنني سأحييها لأنها من خلال أغنية للأطفال حركت اللاذقية كلها.. يوم الميلاد.. فكيف بباقي الأغنيات؟
وماذا كانت.. وما زالت بأغانيها المنوعة في باقي المحافظات السورية؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن