رياضة

ليس بالمال وحده تبنى كرة السلة

 مهند الحسني : 

إذا كانت مشكلة أغلبية فرق الدوري لدينا مالية، فإن الأندية الثلاثة الوحدة والجيش والاتحاد مضافاً إليها نادي الجلاء الذي تراجع قبل عدة مواسم، لا تعاني في حقيقة الأمر هذه المشكلة، وإنما أزمة مختلفة، وهي انعدام إستراتيجية الأمد الطويل، والبحث عن الألقاب المسلوقة، ولو كان الثمن بنيان النادي الذي سينهار مع التفريط بالمواهب الصاعدة وإهمال القواعد، ولعل أكبر مثال على ذلك ما حصل لسلة الجلاء من انهيار كبير، وتراجع مخيف، حيث بات حلم القائمين عليها وتطلعاتهم التأهل للدور الثاني من عمر الدوري بعدما كان الفريق رقماً صعباً وفريقاً يحسب له ألف حساب، وما حصل في سلة الجلاء لم يكن طفرة وإنما جاء نتيجة إهمال كبير ببناء قواعد اللعبة، وكان جل اهتمام الإدارات المتعاقبة منصباً على النادي بالفريق الأول الذي تلاشى بعدما غادره كوكبة من اللاعبين النجوم ساهمت في إيصال سلة الجلاء إلى حد الهاوية، ولولا التدخل الايجابي للقيادة الرياضية لكان حصل ما لم يكن بالحسبان.

الوحدة والجيش
تحدثت عن هذين الفريقين بأسطر واحدة لأنهما في حقيقة الأمر مرا بنفس المراحل التي مرت فيها سلة الجلاء، فالفريقان اعتمدا منذ فترة طويلة وتحت اسم الاحتراف على مجموعة من اللاعبين النجوم الاستثنائيين دون أن يكون هناك البديل المناسب، ما أوقع الناديين بحالة من الخلل الفني، فتراكمت الأخطاء، ولم تستطع الإدارات المعاقبة إصلاح ما أفسده الدهر بنجوم هذين الناديين الذين كانت لهم بصمات مشرقة سواء بأنديتهم أو بالمنتخبات الوطنية، وما زال انعدام الوزن يعصف بهذين الناديين بعد عجز فرق القواعد عن إفراز مواهب استثنائية بديلة على مر السنوات العشر الأخيرة، فكانت النتائج المتواضعة عناوين بارزة لهذين الناديين، وإن غمز البعض بأن نادي الوحدة حقق بطولة الدوري موسمين متتاليين، فإننا نذكر أن ما تحقق لم يكن نتاجه، وإنما كان بفضل التعاقدات الكثيرة التي جاءت تحت اسم الاحتراف، رغم أن الناديين يعيشان أجواء مثالية، وأن الميزانيات المالية التي تدخل خزائنهما تحلم بها باقي الأندية، ومع ذلك لم ينجحا في بناء جيل سلوي قادر على تعويض الجيل الذهبي الذي أضاء سلة الناديين فترة طويلة، ويعود ذلك لغياب التخطيط السليم والرؤية الصائبة.

تجربة مفيدة
لعل تجربة فريق الاتحاد أثبتت نجاحها بعدما قررت الإدارة الاتحادية، منذ أكثر من أربع سنوات الاعتماد على أبناء النادي، وأكدت هذه التجربة بالدليل القاطع نجاحها، وأن الحصاد كان مثمراً، بعدما اعتمدت على جيل جديد من اللاعبين الشباب أثبتوا بأنهم مشاريع لنجوم كبيرة في كرة السلة السورية لا محالة، فظهر جيل جديد يبشر بالخير، وبأن السلة الاتحادية غنية بتلاميذها النجباء، أمثال بلال أطلي ونديم عيسى وإياد حيلاني ومحمد الشامي وغيرهم، فخطوات النادي الفنية أثبتت صحتها وسلامتها بعد أولت مهمة بناء فرق القواعد لأفضل خبراتها الفنية التي يشهد لها بالخبرة أمثال لاعبنا الدولي محمد أبو سعدة، ومحمد الإمام، وعمار قصاص، وريم صباغ، الذين نجحوا في قطف ثمار جهودهم على أرض الواقع.

خلاصة
أيها السادة، كرة السلة بات شأنها شأن عملية البناء كلما قويت الأساسات ارتفع وارتقى البناء إلا إن أموال رياضتنا تنفق على طوابقها الأخيرة القائمة على أساسات مهترئة بسبب الآفاق الضيقة للقائمين عليها، ولهاث البعض خلف الوجبات السريعة المسبقة التحضير وعديمة الفائدة والقيمة الغذائية، ورغم وجود من كنّا نظنهم خبراء من أبناء اللعبة في بعض الأندية، إلا أن واقع التجربة أثبت أن تجارب بعض النجوم السابقين فاشلة، وغير منتجة إن لم تكن ضارة لأنديتهم التي كانت معقلاً لانتقاء وصقل المواهب، لتتحول اليوم إلى عالة على باقي الأندية، بفضل اختلال الموازين المالية بينها على وقع الظروف الراهنة، فهل ستعود أنديتنا لرشدها وصوابها وتنسى الألقاب المسلوقة قليلاً عسى أن تثمر جهودها عن نتائج ستسجل لهم بأحرف من ذهب لا يمكن أن تنسى؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن