الأخبار البارزة

فوضى وسرقة وقتل ونظام الغاب في مناطق العصابات المسلحة…رجال يقتلون أزواجهم في ريف إدلب ومحاكم المسلحين الشرعية تجيز ذلك

محمد منار حميجو : 

في غياب القانون في بعض المناطق التي تسيطر عليها العصابات الإرهابية المسلحة عادت هذه المناطق إلى ما قبل العشيرة ولا سيما في محافظة إدلب ومناطق في ريف حلب ومحافظة الرقة، فالأحكام التي تصدر عن تلك العصابات تحت مسمى المحاكم الشرعية غريبة وعجيبة لدرجة أنهم يفتون بجواز قتل الزوج لزوجته دون أي سبب يذكر يجيز من خلاله للزوج بمحاسبة زوجته.
«الوطن» تواصلت مع بعض الأهالي في محافظة إدلب وبعض المناطق في ريف حلب ليحدثونا عن الفوضى التي تحل بذلك المجتمع الذي أصبح فيه القوي يحكم الضعيف والعصبية الجاهلية هي سيدة الموقف حتى في جرائم القتل، ولعل من أهم القصص التي حدثت في تلك المناطق وخاصة في مدينة أريحا بريف إدلب أن أحد الأزواج قتل زوجته بسبب مخالفتها رأيه حينما طلب منها عدم زيارة أهلها لخلاف دائر بينه وبين والدها.
وبينت المصادر أن الزوج لم يتعرض لأي محاسبة نتيجة أنه من طرف أحد زعماء العصابات المسلحة، بل على العكس أصدرت المحكمة الشرعية في تلك المنطقة حكماً يقضي بجواز محاسبة الزوج لزوجته لدرجة أنه يحق له قتلها باعتبار أن الزوجة هي ملك له، مشيرين إلى أن أهل الزوجة لم يجرؤوا على المطالبة بحق ابنتهم لأنهم ضعفاء ولا أحد يساندهم.
ولفت الأهالي إلى أن هذه الحالة ليست الوحيدة التي حدثت في ريف محافظة إدلب، فمنذ شهرين أقدم رجل على قتل زوجته ولديهم عشرة أولاد وذنب الزوجة بحسب قولهم إنها لم تصنع له طعاماً، موضحين أنه لم يتعرض لأي محاكمة ودفنت الزوجة وكأن شيئاً لم يكن.

فوضى وسرقة علنية وأحكام مزاجية
وأوضح الأهالي أن المحاكم الشرعية تخضع لزعماء العصابات ولذلك فإن الأحكام التي تصدر عنها مزاجية مبنية على حكم القوي على الضعيف، كاشفين أنه يومياً تحدث جريمة قتل في ريف محافظة إدلب فإذا كان القاتل من أسرة ضعيفة فإن المحكمة تصدر بحقه حكماً صارماً وإذا كان من أسرة قوية فإن المحكمة الشرعية لا تحاسبه وحتى أنها تمنع كل من يفكر بمحاسبته ويمارس حياته الطبيعية وكأنه لم يفعل شيئاً.
وأشار بعض الأهالي في ريف حلب إلى أن هناك الكثير من حالات السرقة التي تحدث يومياً واستباحة واضحة لبيوت الناس دون رقيب أو حسيب على من يستبيح هذه البيوت، مؤكدين أن هناك استياء كبيراً لما تقوم به هذه العصابات المسلحة.
وأضاف الأهالي: إن هناك فوضى كبيرة في هذه المناطق وإن المجتمع تفكك بشكل واضح لدرجة أن اغتصاب الحقوق أصبح علنياً وأن كل شخص يحمل السلاح يسطو على العقار الذي يريده أو يسرق الأموال من الناس علناً دون أن تكون هناك جهة تحاسبه.

خطة منهجية لدى المسلحين
لتدمير القضاء
وأكد المحامي العام بريف دمشق ماهر العلبي أنه من الشيء الطبيعي أن تحل الفوضى في المجتمعات التي تغيب عنها سلطة القضاء باعتبارها الضامن لأمن ووحدة المجتمع من انتشار الجريمة، لافتاً إلى أن هناك خطة منهجية لدى العصابات المسلحة لتدمير المؤسسة القضائية بشكل كامل.
وفي تصريح لـ«الوطن» قال العلبي: إن المؤسسة القضائية في سورية ما زالت قوية وإنها بكل تأكيد ستحاسب الأشخاص الذين عبثوا بأمن المجتمع السوري، معتبراً أن ما يحدث في المناطق التي تخضع لسيطرة العصابات الإرهابية من قتل وسرقة وفوضى لدرجة أن الزوج يقتل زوجته دون محاسبة أمر فظيع لا يمكن قبوله، مشدداً على ضرورة تطبيق أشد العقوبات بحق هؤلاء الأشخاص في حال تم القبض عليهم وقدموا إلى القضاء.
ودعا العلبي كل مواطن سوري تعرض للظلم حتى ولو كان في مناطق ساخنة أن يلجأ إلى القضاء ويقدم شكوى أو يحرك الدعوى في حقه، باعتبار أن القضاء هو الضامن لحقوق المواطنين.

ستفرز الكثير من الحالات غير المتوقعة
بدوره اعتبر القاضي الشرعي الأول بدمشق محمود المعراوي أن الأزمة ستفرز الكثير من الحالات غير المتوقعة على المجتمع السوري، كاشفاً عن بعض الحالات التي ظهرت مؤخراً في بعض المناطق ومنها أن رجل يقتل مورثه ليعجل في ميراثه ثم يدعي أن عصابة معينة قتلته، لافتاً إلى أنه في ظل غياب القانون عن هذه المناطق ستظهر هذه الفوضى التي تساهم في نشر الجريمة والسرقة وغير ذلك من الجرائم المخلة في المجتمع كحالات الاغتصاب والدعارة.
وحذر المعراوي في تصريح لـ«الوطن» من انهيار المجتمع نتيجة هذه الممارسات التي لم تكن موجودة في مجتمعنا، مشيراً إلى أن ظهور حالات قتل الزوج لزوجته وعدم محاسبته يدل بشكل واضح على هذه الفوضى، ولا سيما أن الزوجة هي إنسان بالدرجة الأولى ولها كامل حقوقها وأن قتلها يعتبر جريمة وأنه لا يمكن تخفيف العقوبة عن الزوج إلا بعدما يسقط أهل الزوجة حقهم ومن ثم فإنه يحاكم وفق الحق العام.
وأضاف المعراوي: الشريعة الإسلامية اعتبرت أن قتل الزوجة جريمة وأنه لا يمكن أن تسقط عقوبته إلا بعد أن يسقط أهل الزوجة حقهم، متسائلاً: كيف لهذه المحاكم أن تحكم بالشريعة وهي تخالفها حينما تعتبر أن الزوجة هي ملك للزوج ويحق له أن يفعل بها ما يشاء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن