ثقافة وفن

ما علاقة المثقف بالماضي والحاضر والمستقبل؟

| حسين مهدي أبو الوفا

الزمن ليس مجرد خط وهمي معلق في الفضاء بل هو امتداد حركة الحياة في الوجود.
الماضي والحاضر والمستقبل لحظات زمنية لا معنى لها. إلا في الإنسان فالماضي هو الزمن الذي عشناه والحاضر هو الزمن الذي نعيشه والمستقبل هو امتداد حركة الحياة في الوجود. ولما كان الإنسان هو المخلوق الواعي الوحيد في هذا المعنى من الوعي المنفتح على الكون كله، وعلى المسؤولية كلها. فإن الزمن يمثل امتداد حركته.. فالزمن هو الذي يحتضن أحلامنا ويحتضن نشاطاتنا وثقافتنا وإنتاجاتنا الفكرية ولذاتنا وكل شيء… لذلك نحن لا نستطيع أن نفصل بين الزمن والإنسان. هو الذي مات في لحظةٍ من اللحظات، عندما ماتت اللحظة فيه، وبعث من جديد. والحاضر هو أن أحيا وأعيش هذه الحياة في عملية انسحاب منها والمستقبل هو حركة البعث الإنساني بعد أن يموت الإنسان الماضي، والإنسان الحاضر. لذلك إني أرى الماضي والحاضر والمستقبل للمثقف أراه معنى للامتداد الإنساني التي تعطي فيه كل مرحلة. الماضي هو الذي ينجب الحاضر وينتجه والحاضر هو الذي ينجب المستقبل وعملية هذا فلا إضرار بلا جذور.
هذا التوالد الزمني هي التي تمثل عملية ولادة الإنسان المثقف في معناها الشامل على كل عناصر ذاته وعلى كل عناصر حياته، كثيراً ما يعيش المثقف تمزقاً نفسياً وفقداناً للروحانية. أنني أعتقد أن كثيراً من حالات العقد النفسية، والحالات العصبية التي يضعف الإنسان المثقف أمامها، لا يعمل الإنسان فيها على أن يواجه هذه الحالات بطريقة عقلانية. من هنا فإنني أقول لكل إنسان يعيش الأزمة النفسية: اقتحم أزمتك. ادخل في داخلها، ادرس خلفياتها، اطرح على نفسها سؤالاً. لماذا، ولماذا؟ ولماذا؟ وعندئذٍ ستجد الجواب. لا تخف من اقتحام نفسك، فالمثقفون يهربون من مشاكلهم. سوف تسحقهم المشاكل. وعلى الإنسان المثقف أن يكون أكبر من المشكلة.. أقولها للمثقفين الذين يعيشون تجارب محددة تجعلهم يضيقون بأي مشكلة حتى تكاد تخنقهم. أقول واجهوها بهدوء لن تخنقكم المشكلة. واجهوها واقتحموها. وادرسوا أسبابها لأن هذا الضياع يأتي من خلال عدم معرفة السبب فتغركم الهواجس والوسواس وكما ورد إلينا من تجارب القدماء إذا هبت أمراً فقع فيه.
فإن شدة تقويته أعظم مما تخاف منه لذلك على الإنسان المثقف أن يستنفر قوته العقلية والإدارية وسيعرف أنه لا يحتاج إلى طبيب نفسي بل يمكن إذا وعى نفسه أن يكون طبيب نفسه، هنالك فرق بين الإنسان المثقف الذي يشعر أنه مقصر في النهوض بمستوى مجتمعه. وبين الإنسان المثقف إلى حالةٍ نفسية معقدة متأزمة فهذا في ميدان الثقافة غير مقبول! والإنسان المثقف عندما يرى أن واقع مجتمعه يريد منه جهداً بحسب الوضع الطبيعي. فإنه يعمل على تطوير هذا الجهد وتطوير قدراته الثقافية حسب الإمكانات المتاحة بين يديه من أجل أن يستطيع النهوض بمستوى إنسانيته وإنسانية الآخر ثانياً وبذلك يكون إنسان الماضي. وفارس الحاضر. ورجل المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن