قضايا وآراء

نتنياهو.. تغيير حكومي أم انتخابات مبكرة؟

| تحسين الحلبي 

لم يلحق أي رئيس وزراء إسرائيلي سابق أضراراً مالية وسياسية وحزبية للأحزاب الإسرائيلية التي بقيت خارج ائتلافه الحكومي مثل بنيامين نتنياهو رئيس الليكود والحكومة منذ آذار 2009، ففي حكومته لم يستطع قادة حزب العمل من أيهود باراك سابقاً إلى بوجي هيرتسوغ، المحافظة على وجودهم في حكومته الائتلافية، وتمكن من إبعاد خصوم كثيرين من حزب «كاديما» الذي أسسه رئيس الوزراء الأسبق آرئيل شارون ثم رئيس الوزراء السابق أيهود أولمرت ثم وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني، وأنهى وجود هذا الحزب الذي تأسس من قادة الليكود سابقاً.
من بدايتها إلى نهايتها، ستظل إسرائيل بقادة أحزابها وحكوماتها، مجمع مصالح داخلية وخارجية لكبار الصهيونيين في الولايات المتحدة وبريطانيا بشكل خاص، فالمؤسسون لهذا المشروع الصهيوني وأولهم اللورد روتشيلد الذي وجه بلفور وعده برسالة له، لم يهاجر أحد من أسرته إلى إسرائيل، وتيودور هيرتزل بقيت بناته في أوروبا وابنه هانس تحول إلى المسيحية المعمدانية بعد عشرين سنة من وفاة والده، كما لم يقبل حفيده الوحيد من ابنته ترود واسمه ستيفان تيودور أن يهاجر إلى إسرائيل وبقي في لندن وتوفي فيها.
أما حاييم وايزمان فقد قتل له ابن في الحرب العالمية الثانية وبقي ابنه الآخر بنجامين في إيرلندا يدير مزرعة أبقار ولا يفضل الهجرة إلى إسرائيل، وكان ابن أول رئيس لدولة إسرائيل عاموس بن ديفيد بن غوريون قد تزوج من غير يهودية ولذلك لا يقبل الحاخامات الرسميون في إسرائيل تسجيل أبنائه يهوداً لأنه أمهم غير يهودية.
كان أبراهام بورغ ابن وزير الأديان في أول حكومة إسرائيلية الحاخام يوسف بورغ قد استعاد جنسيته الفرنسية وطلب من اليهود في إسرائيل استعادة جنسياتهم، وهو الذي كان رئيساً لحزب العمل ورئيساً للكنيست ووزيراً سابقاً.
فالمشروع الصهيوني الذي أسسته بريطانيا، وجد فيه الأثرياء اليهود في بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية مصالح اقتصادية استيطانية على غرار مشاريع الاستعمار البريطاني في إفريقيا وخصوصاً ردويسيا زيمبابوي وجنوب إفريقيا، للحصول على المكاسب، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يعرف ذلك هو والكثيرون من قادة حزبه الليكود وبقية الأحزاب، ولذلك لا يتوقف عن البحث عن مصادر المال من خلال منصبه الحكومي، فكان أكثر رئيس حكومة يتعرض للاتهامات بالاختلاس وسوء الائتمان والحصول على الرشاوى وكان من قبله أيهود أولمرت الذي يقضي بقية فترة السجن بعد إدانته بالاختلاس في أعقاب خسارته للانتخابات عام 2009، وكان من قبلهما عدد من الوزراء قد أدينوا بنفس التهم، ومنذ آب الماضي تشتد الحملة الداخلية على نتنياهو من مختلف الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية لتقديمه للاستجواب والمحاكمة بتهمة الحصول على أموال بطريقة غير شرعية بعد أن تراكمت معلومات جديدة ضده.
يشير بعض المحللين إلى أن أحزاباً معارضة وأخرى متضررة من داخل ائتلافه هي التي تحرك مثل هذه الحملة لكي تغير الحكومة وليس بسبب اختلاسه وسوء ائتمانه، فالكثيرون من قادة الأحزاب وأولهم وزير الدفاع أفيغدرو ليبرمان تعرض لاتهامات كثيرة مماثلة ولكن المستشار القضائي للحكومة، وهو أهم وأعلى سلطة قضائية في مؤسسات الحكم، كان يزعم أنه لم يجد ما يستلزم المحاكمة حتى بعد الاستجواب الذي كان يقره.
ولذلك تشدد الحملة على نتنياهو الآن باتهام المستشار القضائي الذي عينه نتنياهو قبل فترة بالتواطؤ معه، لكن استبدال نتنياهو قبل موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة عام 1919 ربما أصبح صعباً وغير محتمل بنظر معظم الآراء في الدوائر السياسية الحزبية، إلا إذا حصل تغيير داخلي في الحكومة دونما حاجة لانتخابات مبكرة، فثمة من يرى أن الوضع السياسي الذي تواجهه إسرائيل الآن في أعقاب تطورات انتصار سورية وحلفائها على الحرب الإرهابية الكونية، أصبح من أكبر الأخطاء بسبب تزايد القدرة العسكرية في جبهة الشمال الممتدة من جنوب لبنان إلى حدود الجولان المحتلة ونتيجة للدعم الإيراني والروسي العسكري.
كما أن اعتراف وزير الدفاع ليبرمان بانتصار الرئيس بشار الأسد قبل أيام قد يحمل معه أحد معنيين: «إما أن نتنياهو وليبرمان سينشغلان في الملف المعد الآن للفلسطينيين في المصالحة وما بعد المصالحة بين فتح وحماس، وإما أن إسرائيل تعد نفسها لجدول عمل تركز في مواضيعه على جبهتها الشمالية ضمن قواعد لعبة التهديد الإعلامي والتلويح بالردع» بانتظار ما سوف يحمله الرئيس الأميركي دونالد ترامب من تصور مع القوى الكبرى تجاه المنطقة، ولذلك يشير رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي الأسبق «الشاباك» يوفال ديكسين إلى أن غموض السياسة الأميركية لا يبشر بخير لإسرائيل؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن