ثقافة وفن

دليل تلو دليل

| د. اسكندر لوقــا

لم يكن المشهد مشهداً عابراً في السابع عشر من شهر شباط عام 1953. كان مشهد تسجيل موقف إن صح التعبير. في اليوم المذكور كان الجنرال «رايلي»، رئيس لجنة المراقبة التابعة للأمم المتحدة حريصاً على إدانة ما عرف بـ«منظمة الشباب العبرانيين» وذلك رداً على التهديد الذي وجهوه لمساعده للجنرال «بنيت دى ريدر» بقوله: «إن هذا العمل يعتبر تهديداً فجّاً. إنه يشكل إدانة جديدة للتطرف الصهيوني». وكان فحوى التهديد الذي تلقاه الجنرال بينت «سوف نقتلك في حال تحيّزك ثانية للعرب».
قبل هذا التهديد، كان الجنرال «بنيت» قد حقق في عملية إرهابية قام بها العديد من أفراد إحدى المنظمات الصهيونية ضد سكان القسم العربي من مدينة القدس وأصدر بياناً جاء فيه «إنها عملية لا إنسانية لأنها استهدفت بيوتاً آمنة وروّعت النساء والأطفال والشيوخ».
ومن العودة إلى قول الجنرال «رايلي»، وتحديداً إلى قوله بأن هذا التهديد يشكل إدانة جديدة للتطرف الصهيوني، نفهم أنه كان لمثل هذا التطرف أكثر من سابقة، ولعلنا نذكر هنا حادثة إقدام إحدى المنظمات الصهيونية على ارتكاب جريمة اغتيال الوسيط الدولي لمنظمة الأمم المتحدة الكونت «فولك برنادوت» في أيلول عام 1948 وقد تبين من التحقيقات التي أجريت لمعرفة الجاني، أن عصابة «شتيرن» الصهيونية كانت وراء ارتكاب هذا العمل الإرهابي.
وفي السياق ذاته، تعرض كثيرون ممن أدانوا هذه الجريمة إلى مضايقات من أفراد هذه العصابة ومثيلاتها، تراوحت بين التهديد بالقتل والقتل فعلاً. وقول الجنرال «رايلي» بأن جريمة اغتيال الوسيط الدولي ليست الدليل الأوحد في هذا المجال، فيه الكثير من المصداقية، لأن تاريخ الحركة الصهيونية حافل بسلسلة من الجرائم التي تؤكد ما ذهب إليه، وأن ليس بينها ما يشير إلى دليل واحد فقط.
إن الصراع العربي الصهيوني فيه من الدلائل التي لا تعد ولا تحصى على جرائم ارتكبتها المنظمات الصهيونية على اختلاف أسمائها وأنواعها ضد أهلنا في فلسطين المحتلة منذ قيام الكيان الصهيوني فوق أرضها العربية ضد النساء والأطفال والشيوخ، وستبقى الذاكرة العربية تتذكرها وتدينها في كل وقت.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن