ثقافة وفن

التزاوج بين الثقافة في منطقتنا مع لوحات لفنانين كوبيين … السفير الكوبي: نحتفل من خلال هذا المعرض بانتصار الشعب السوري على العدوان الإمبريالي الذي فُرض عليه

| سارة سلامة

لا شك أن الثقافة والفن من أهم الجسور التي من شأنها توحيد النوع الإنساني، كما أن التزاوج والانفتاح بين الثقافات المتنوعة أمر مهم لأي شعب، وعند النظر إلى الفن الكوبي سنجد هؤلاء الثائرين مع جيفارا يتحدون اليوم في لوحة تحمل الكثير من المعاني، حيث استضافت صالة «ألف نون» للفنون والروحانيات مجموعة متنوعة من اللوحات لفنانين كوبيين، وذلك بمناسبة العيد الوطني للثقافة في جمهورية كوبا ومرور الذكرى الخمسين لرحيل جيفارا، وانتصارات الشعب السوري.
وتناول المعرض أوجه الثقافة في المجتمع الكوبي المتنوع من خلال لوحات لنحو 19 فناناً كوبياً من أجيال مختلفة البعض منهم رحل كالفنان التشكيلي أرنستو غوانزاليس بويغ وابرتو أسكوبيدو ويفريدو لام ورينيه بورتوكاريرو وأغويدو هيسوس الونسو لابرادور وأميليا بيلايز وسيرفاندو كابريرا مورينو، والبعض الآخر على قيد الحياة ومعظمهم حاصل على العديد من الجوائز الدولية ولديهم شهرة على المستوى العالمي.
المعرض أتاح لنا التعرف عن قرب إلى جانب من الثقافة الكوبية من خلال مواضيع تتطرق للثقافة والتقاليد والتراث الإفريقي والهنود الأصليين، وأيضاً للمناظر الطبيعية وحكايات الأساطير الريفية والأديان.

التضامن مع القضية السورية
وفي تصريح للصحفيين أكد سفير جمهورية كوبا في دمشق روهيريو سانتانا: «نشكر صالة «ألف نون» لاستضافتنا الكريمة ولمنحنا هذه المساحة لكي نعرض لأصدقاء سورية عينة صغيرة من الفن والرسم الكوبي الغني ولكي نحتفل معكم اليوم بعيد الثقافة الكوبية».
وأضاف سانتانا: إننا «في كوبا وفي كل أنحاء العالم، نحتفل كل يوم 20 تشرين الأول باليوم الوطني للثقافة الكوبية، وهو التاريخ الذي يمثل ولادة الأمة الكوبية وهويتها الثقافية، وقد تم تحديد هذا التاريخ للاحتفال بذكرى واحدة من أكثر الأحداث صلة بتاريخ كوبا ألا وهو ترديد ولأول مرة النشيد الوطني الكوبي في بأيامو، المدينة الكوبية الأولى التي تم تحريرها من الاستعمار الإسباني من قوات الاستقلال التي كان يقودها كالوس مانويل دي سيسبيدس «آب الأمة الكوبية»، ولهذا في البداية أطلق الشعب الكوبي اسم «بأياميسا» للنشيد الوطني الكوبي».
وبين سانتانا أنه: «ومنذ 20 تشرين الأول 1868 كان نشيد بأيامو يردد في جميع نشاطات ومعارك حركة الاستقلال الكوبية، ومع ذلك فإن الاحتفال بهذا التاريخ كمناسبة وطنية أتى بعد انتصار الثورة، وبالتحديد في 22 آب 1980، خلال اجتماع لمجلس الوزراء، حيث تم الاتفاق على صياغة المرسوم الذي حدد النشيد الوطني لكوبا، هذا النشيد الذي بات رمزاً تمتزج به مشاعر الحب للوطن وعزيمة النضال من أجل الدفاع عن حريته واستقلاله، وأصبح هذا النشيد التعبير الفني الذي وضع الموسيقا والشعر في خدمة النضال من أجل تحقيق الاستقلال والحرية لكوبا، وهذا هو السبب الذي يجعل نشيدنا الوطني أعظم تعبير عن ثقافتنا الوطنية».
وأفاد سانتانا أنه: «لشرف كبير لنا نحن الكوبيين الموجودين هنا الاحتفال على أرض سورية البلد الذي يناضل ببسالة من أجل الدفاع عن سيادته واستقلاله، ونحتفل بهذه المناسبة اليوم من خلال هذا المعرض للفن الكوبي، لنحتفل معاً أيضاً بانتصار الشعب السوري وجيشه وحكومته على العدوان الإمبريالي الذي فرض عليهم، مؤكداً أن كوبا ستبقى دائماً متضامنة مع القضية العادلة للشعب السوري».
الفن لغة عالمية

وبدوره قال الفنان التشكيلي بديع جحجاح في تصريح خاص لـ«الوطن»: إنه «وكما تعودنا في صالة «ألف نون» أن نكون سباقين ونقوم بعمل قفزات مميزة واليوم القفزة باتجاه العالمية أكثر، وهي نوع من التزاوج بين الثقافة في منطقتنا الشرقية مع لوحات لمجموعة من الفنانين الكوبيين وذلك بمناسبة عيد الثقافة الكوبي ومرور 50 عاماً على رحيل «جيفارا» والانتصارات التي يحققها جيشنا السوري»٠
وأضاف جحجاح: إن «هذا المعرض اليوم هو بمنزلة التكريم وخصوصاً أن السفارة الكوبية بقيت موجودة معنا رغم الحرب والأزمات، وأيضاً هو عربون مودة لنقول إن الفن لغة عالمية والإنسان واحد فهو أينما كان يستنشق الهواء نفسه ويعيش على الأرض نفسها، ونبرهن من خلال هذا المعرض أنه مهما اختلفت الأديان والطوائف والألوان والأعراق يبقى الإنسان العارف والمنفتح الذي يبني وطناً هو الأقدر على أن يدوم على هذه الأرض».
وبين جحجاح بأنه: «لا يوجد اختلاف كبير بين اللوحة السورية واللوحة الكوبية لأن الفنانين السوريون لديهم لغة عالمية واضحة، ولكن ما يميز المعرض الكوبي هو الأعراق المختلفة بين الهندي والإفريقي والكوبي، وطبيعة الأشكال والوجوه والأشياء تجسد لهم هوية مختلفة، ونحن كفنانين سوريين لنا هويتنا الخاصة، كما أننا اليوم نشكل جسراً مهماً من كوبا إلى سورية وهذا مؤشر صحي يدل على أن سورية بدأت تستعيد نشاطها وألقها عبر مدرج الفن والروحانيات».

الثورة واحدة
وعن المعرض تحدث رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين عبد المعطي أبو زيد قائلاً: إن «المعرض شكل مفاجأة بالنسبة لنا حيث مرت مدة طويلة لم نرَ فيها معارض من أميركا الجنوبية والمكسيك، وغالباً ما نلمس التلاحم بين الفن الفلسطيني وفن الثورات في أميركا الجنوبية، وبعد هذا الانقطاع نرى هذا المعرض المتميز وأشعر أنني موجود كلوحة فلسطينية في هذه الأعمال، وكأن من رسمها فناناً فلسطينياً من حيث التكوين والألوان».
وأوضح أبو زيد أن: «الألوان المستخدمة في اللوحات قريبة من الألوان التي نستخدمها في فلسطين حتى الرموز، وهذا أن دل على شيء فإنه يدل على أن الثورة واحدة لا تتجزأ سواء أكانت في فلسطين أم في كوبا أو أميركا الجنوبية، ولذلك دائماً ما نرى أن الأفكار والرؤى واحدة، ومن هنا نستخلص أهمية المعرض في دمشق وخاصة في هذه المرحلة مرحلة المقاومة ومرحلة الصمود والانتصار، وهو بمنزلة تضامن من كوبا لتكون بجانبنا في الفن التشكيلي وليس فقط في الطرح السياسي والثقافي».

نوع من البساطة
ومن جانبها قالت الفنانة التشكيلية دينا رزق: إن «المعرض غريب من نوعه وسط الأجواء التي نعيشها ونلاحظ أن إحساسهم يختلف عن إحساسنا كشرقيين، وقد نرسم ونعمل بأسلوب مختلف تماماً عن أسلوبهم، لكن مع ذلك نلحظ تميزهم ونجد نوعاً من البساطة والتجريد ويذكروننا بـ«بيكاسو» في بعض الأحيان ولهم نكهة ولمسة خاصة بهم غريبة».
وحضر الافتتاح أعضاء البعثات الدبلوماسية الأجنبية العاملة في دمشق وحشد من الفنانين التشكيليين وإعلاميون ومهتمون.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن