عربي ودولي

تيلرسون.. إخفاق حول قطر وإعداد لما بعد داعش

| أنس وهيب الكردي

بالرغم من السعادة التي تلقت بها السعودية إستراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول إيران، وانخراطها العملي في خطط واشنطن للعراق وسورية ما بعد تنظيم داعش، إلا أن المسؤولين السعوديين لم يستقبلوا وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بالحفاوة الاعتيادية.
ووصل تيلرسون إلى المنطقة في جولة هدفها الإعداد لمرحلة ما بعد داعش في المنطقة والترويج لإستراتيجية مكافحة إيران التي أعلنها مؤخراً ترامب، وإطلاع الحلفاء على أدوارهم فيها.
وكان على رأس أجندته رعاية التفاهمات ما بين المسؤولين السعوديين ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ضمن ما بات يعرف بالمجلس التنسيقي السعودي العراقي.
هدف آخر لزيارة تيلرسون تمثل في دفع المصالحة ما بين السعودية وقطر، إلا أنه أخفق في تحريك هذا الملف وإخراجه من حالة الجمود التي يعيشها منذ آخر جولة له في المنطقة أواسط تموز الماضي.
شروط الوساطة التي جاء بها تيلرسون لم تكن محط ترحيب السعوديين الذين عبروا عن انزعاجهم بتخفيض مستوى استقبال الضيف الأميركي في المطار.
وغادر تيلرسون السعودية وقطر ليصل إلى الهند، ومنها باكستان، لينهي جولته في سويسرا.
في الرياض، جاءت أولى بشائر الإستراتيجية الأميركية ضد إيران، عندما دعا تيلرسون إلى ضرورة أن تعود «الميليشيات الإيرانية والمقاتلون الأجانب إلى ديارهم»، بعد أن ساعدوا في هزيمة تنظيم داعش، مطلقاً بذلك المعركة الإقليمية من أجل العراق.
وتريد واشنطن احتواء النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة ومنع التواصل ما بين إيران والعراق تحت شعار أن يكون الأخير «مستقراً ومن دون أن يدور في محور طهران»، وذلك من خلال إقناع السعودية بتوفير الدعم الاقتصادي والسياسي للعراق من أجل تعزيز حظوظ المشروع المعتدل الذي يقوده رئيس الوزراء حيدر العبادي».
هذا الدعم سيسمح للعبادي بالصمود أمام مناوئيه الأقوياء في الانتخابات النيابية المهمة في 2018، والتي من شأنها أن تظهر أحجام القوى المحلية المدعومة من كل من طهران، وواشنطن.
والعمل مع الحلفاء هو جزء من إستراتيجية ترامب في المنطقة لمواجهة إيران، أكثر من يعنيهم المسؤولون الأميركيون بالحلفاء في المنطقة، هم: السعودية، الأردن، إسرائيل، والعراق، الإمارات ومصر.
وفي غضون ذلك، تسربت أنباء عن زيارة سرية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى «إسرائيل».
هذه التسريبات التي جاءت من «إسرائيل»، وبغض النظر عن نفيها من قبل السعوديين، تحمل دلالة إلى ارتفاع مستوى التنسيق السعودي الإسرائيلي حول القضايا الإقليمية واضطرار الجانبين إلى اتخاذ قرارات جوهرية للمرحلة المقبلة.
وتشترك الرياض وتل أبيب في الخروج خاسرتين من الحرب السورية، بعد التقدم الكبير الذي حققته القوات السورية مدعومة بحلفائها الإيرانيين والروس، فضلاً عن إقصائهما من طاولة التفاهمات الكبرى حول سورية، سواء بسبب عملية أستانا، المستندة إلى روسيا، إيران، وتركيا، والتي أنشأت مناطق «تخفيف التوتر» في سورية، أو جراء الاتفاق الروسي الأميركي عبر الأردن.
ومن هنا اشتركت الرياض وتل أبيب في دعم «وحدات حماية الشعب» الكردية في سورية، وإقليم كردستان في العراق، كإستراتيجية توازن مع التفاهم التركي الإيراني الروسي في سورية، وتنامي القوة الإيرانية في العراق.
وفي هذا السياق، طار العبادي من الرياض، إلى العاصمة الأردنية في مسعى لإحياء التعاون الاقتصادي التقليدي ما بين العراق والأردن، والعمل على احتواء تداعيات الوضع في كركوك وانعكاساته الإقليمية.
ويبدو أن الأردنيين قلقون من انعكاسات أي تحسن في العلاقات التركية العراقية على طموحاتهم لنقل النفط العراقي من البصرة إلى الأسواق الأوروبية والعالمية عبر أنبوب يخترق البلدين ليصب في ميناء العقبة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن