من دفتر الوطن

مدرب الفرح!!

| عبد الفتاح العوض 

أول مرة قرأت كتاباً من كتب ما بات يعرف بكتب التنمية البشرية كنت ما أزال يافعاً وهو الكتاب الأكثر شهرة في ذاك الوقت «دع القلق وابدأ الحياة»..
نفذت الشق الثاني من عنوان الكتاب وفعلاً بدأت الحياة لكن القلق لم يدعني مذاك الوقت. لأني تصالحت معه.
أول دورة تابعتها في هذا الباب كانت من البرمجة العصبية اللغوية.. وهي من الدورات التي دخلتها وبظني أنها تفيدني في العمل الإعلامي أكثر مما تساعدني في تنمية ذاتي.
وأصابني مما أصابني من هذه الدورة أني تعلقت بكتب البرمجة العصبية، وهي الآن تشكل لي «ذكرى» وليس أكثر..
الشيء الذي ما زلت أشعر بالضعف أمامه هو قراءة تلك الكتب التي تعلمك الحياة.
«مش طالع من حلقي» أقول «هرمنا» وما زالت كتب معرفة الذات ومعرفة الآخرين وقراءة لغة الجسد من المواد المفضلة لي.
كل هذه المقدمة الطويلة لأبدأ الحديث عن مجموعة من «غزاة» الشاشات يطلقون على أنفسهم مدربي تنمية بشرية.
ومعظمهم من العمر الذي لم يسمح لهم بأن يتدربوا بعد على التنمية البشرية وليس في تدريبها.
قناعتي الشخصية في هذا الموضوع راسخة بأنه يمكن تعلم كثير من المهارات والوسائل التي تمكن الإنسان من تحسين قدراته، والتنمية البشرية هي البوابة الأكثر اتساعاً لهذا المجال.
لكن هؤلاء «المدربين» لم يصلوا بعد إلى هذه المرحلة التي ينظّرون فيها على الناس في قضايا مهمة لا تحتمل الكذب!!
الشباب يرغب في سماع هؤلاء الأشخاص لأنهم يقدمون لهم الدعم النفسي، ويحاولون تبرير مشاكلهم.. فأنت غاضب لأن حولك ألواناً لا تناسبك، وأنت عاطل من العمل لأنك لا تكتب السيرة الذاتية بطريقة صحيحة ولا تذهب للمقابلة باللباس المناسب، ولا تتقن لعبة الإجابات.. أنت الآن محبط.. ليس عليك إلا أن تقف أمام المرآة وتصرخ أنا سعيد.. فالكون يستجيب لك.
أيضاً أنت فقير.. لا بأس قبل الطعام وبعد الطعام سأصبح غنياً وأنتظر تصبح غنياً وغبياً.
أفضل طريقة لتعلم التنمية البشرية كانت من أولئك الذين عاشوا قصصاً ملهمة وتعلموا منها وأصبح بإمكانهم نقلها للآخرين.
إضافة إلى قضايا لها علاقة بكيفية تجاوز الأوقات الصعبة كموت أحد المقربين أو الطلاق وغير ذلك.
لا أريد هنا أن أبدو كما لو كان يهاجم «مدربي التنمية البشرية» بل أريد أن أنبه إلى أنه يجب أن تكون هناك جهة محددة تستطيع أن تقدم وتسمح لهؤلاء بتقديم هذه الدورات أو إطلاق صفة مدرب أو مدربة على أشخاص ما زالوا في بدايات الطريق.
والنقطة الأهم التي أود أن أناقشها هنا أن حاجة السوريين ليس على من يقول لهم قانون الجذب.. والطاقة السلبية وغير ذلك بل ما نحتاج إليه معالجة نفسية لمجتمع بكامله.
نحن بحاجة إلى مدربي فرح، وأطباء الحزن..!!

أقوال:
يجب علينا ألا نؤمن فقط بأن على الأمور أن تتغير بل نؤمن بأن علينا نحن أن نغيرها.
إذا كنت ترغب في استكشاف بحار جديدة، يجب عليك أولاً أن تتحلى بالشجاعة اللازمة لمغادرة الشاطئ.
قد يتقبل الكثيرون النصح، لكن الحكماء فقط هم الذين يستفيدون منه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن