من دفتر الوطن

حديث حشاش!

| عصام داري 

تقمصت لسنوات طويلة خلت شخصية الكاتب السوري الساخر حبيب كحالة صاحب مجلة (المضحك المبكي)، وهي أهم مجلة ساخرة عرفتها سورية واستمرت في الصدور أكثر من سبعة وثلاثين عاماً(من 1929 إلى 1966).
أعترف أنني «لطشت» من حبيب كحالة زاوية كان يكتبها تحت عنوان «حديث حشاش»، وزاوية أخرى تحت تسمية «حكمة حمار» وكتبت في مجلة الشهر عشرات الزوايا تحت هذين الاسمين!.
و«حديث حشاش» زاوية ساخرة بمنزلة ثقب صغير في جدار الممنوع، وبما أن الحشاش خارج الممنوع يمكنه تجاوز الخطوط الحمراء والصفراء والزرقاء والملونة من دون حرج، اليوم أعود لأتقمص شخصية الحشاش، ليس لانتقاد الفساد لا سمح الله، فهذا الفساد أكبر كثيراً من كل الانتقادات، بل لأنتقد بعض المظاهر والظواهر الغريبة وغير المستحبة في مجتمعنا. لكنني أفضل استخدام أسلوب ساخر عوضاً عن تنصيب نفسي واعظاً، أو عالماً أو طبيباً نفسياً!.
في أحاديثنا اليومية ننتقل من موضوع لآخر من دون وجود أي رابط أو علاقة، فلا نوصل أي فكرة، وهذا النوع من الأحاديث يروق لي أحياناً، وسألجأ إليه، فهو أقرب طريق لرسم الابتسامة على الشفاه.
سأطرح سؤالاً: ما الخط الفاصل بين الصراحة والوقاحة؟ وكي لا أجيب أذكر أن نائباً في البرلمان السوري في خمسينيات القرن العشرين الماضي، كان يضع نظارة سوداء، الأمر الذي جعل أحد الصحفيين يسأله: سعادة النائب، لماذا تصرٌّ دائماً على وضع نظارة على عينيك؟
أجاب النائب: أنا أضع النظارة السوداء كي لا أخجل عندما أجيب عن سؤال وقح كسؤالك!. ترى: من كان الوقح، أو من كان أكثر وقاحة من الآخر؟
لكن السؤال: هل تستخدم النظارة السوداء لإعطاء صاحبها جرأة أكثر لمواجهة المواقف المحرجة، لأن العين تخجل والنظارة تحجب الخجل؟
الجواب عند الكاتب المصري الذي ألف رواية تحولت إلى السينما في فيلم يحمل اسم (النظارة السوداء) بطولة ناديا لطفي وأحمد مظهر.
لكن ناديا لطفي لم تخجل – كممثلة طبعاً- عندما لعبت دوراً فاضحاً أمام عبد الحليم حافظ في فيلم (أبي فوق الشجرة) وكان عماد حمدي هو ذلك الأب الذي جاء لينقذ ابنه من براثن بنت الليل فإذا به يقع في الفخ نفسه، فقد أراد أن ينزل ابنه من فوق الشجرة، فنزل الابن وتربع الأب فوق الشجرة!.
وعلى سيرة عماد حمدي اكتشفت أن هناك لاعب كرة قدم مصرياً اسمه عماد حمدي، وأيضاً فريد شوقي وعمرو موسى.
لكن عمرو موسى الرياضي يلعب كرة القدم، أما عمرو موسى السياسي فلعب دوراً تخريبياً عندما كان أميناً عاماً لجامعة الدول العربية، وشرّع التدخل الأجنبي في ليبيا، وأسهم في تدمير هذا البلد العربي، ومارس الدور نفسه تجاه سورية.
أما فريد شوقي الممثل فقد كان وحش الشاشة في التمثيل وحسب، لكن الوحوش البشريين عرفناهم مارسوا الإرهاب أو المتاجرة بلقمة عيش السوريين في أسوأ أزمة عرفتها سورية.
هكذا أمضيت رحلتي على الورق من دون أن أسبّب الإزعاج لأحد، لأن حديثي ليس سوى (حديث حشاش) وليس على الحشاش حرج!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن