اقتصادالأخبار البارزة

قرارات المركزي بخصوص الحوالات تخلق جدلاً في السوق … درغام لـ«الوطن»: إجراءاتنا تقطع الطريق على المضاربين للتلاعب بسوق الصرف

| محمد راكان مصطفى

أكد حاكم مصرف سورية المركزي دريد درغام أن استقرار سعر صرف الليرة السورية الرسمي وهبوط سعر صرف الدولار أمام الليرة في السوق الموازي شجع المواطنين على تصريف الدولار خوفاً من انخفاض أكبر على سعر الصرف، موضحاً في تصريح لـ«الوطن» أن إجراءات المركزي جاءت لتقطع الطريق على المضاربين للتلاعب بسوق الصرف.
وعن السماح للمواطن بحوالة واحدة شهرياً أكد درغام أن قرار المركزي جاء نتيجة لمراقبة حجم الحوالات في السنوات الماضية، لافتاً إلى أنه ستتم مراقبة النتائج وإذا تطلب تتغير تطبيق المعايير الموضوعة فسوف يتم التغيير، وممكن لزيادة الكمية أو المدة، حتى يتم إيقاف المضاربين عن التلاعب بالسوق، مضيفاً: «حتى الآن يوجد مجال كبير للمضاربة».
وعن تحديد سقف الصرف المباشر للحولات عند 500 دولار وأن البعض يؤكد على أن كسر الوديعة وتسليم الحولات للمتعامل بسعر 457.2 سيحمله خسارة واضحة، قال درغام: «المضطر والمستعجل على استلام الحولات التي تزيد على 500 دولار ليدفع 10 بالمئة ويستلم المبلغ فوراً».
ونفى حاكم مصرف سورية المركزي دريد درغام أن يكون للقرار أي دور في توجيه المواطنين إلى التعامل مع السوق الموازية غير النظامية، منوهاً بأن الدليل على ذلك ازدياد الحوالات وطمأنينة المواطنين.
وفي السياق نفسه كتب حاكم المركزي على صفحته الشخصية على «فيسبوك»: «يبدو أن بعض الشركات والجهات المتعاملة معها في الخارج تروج بشكل خاطئ لتعليمات مصرف سورية المركزي حول عمليات التصريف الخاصة بحوالة واحدة شهرياً لكل مواطن. فهي تروج أن قيمتها أقل من السقف المحدد رسمياً وهو خمسمائة دولار يمكن تصريفها مباشرة وليس 200 دولار كما يدعي البعض.
وهنا نوضح أن تحديد السقوف بعتبة 500 دولار تمت بناءً على تحليل للحجم الوسطي للحوالات الواردة حيث تبين أن معظمها من مرتبة 500 دولار. وبالتالي يتم وضع التعليمات على أساس الأغلبية.
وكلنا يعلم أن جزءاً مهماً من الحوالات كان يجري في السوق الموازية طالما كان سعرها أكبر من السعر الرسمي. أما التهافت الحالي فمفهوم لأنه رغبة مبررة من قبل جميع المغتربين للحصول على السعر الأعلى. وتستمر الإشاعات وتجييش السوق لإرباك السوق لغايات المضاربة على الليرة واستقرار نشاط الصناعة والتجارة الذي تم من خلال تناغم السياسة النقدية مع سياسات الاستيراد والتصدير والإنتاج والتوظيف ؛ فنجم عن ذلك التناغم استقرار نسبي بأسعار السلع والخدمات واستقرار فرص العمل وزيادتها مع نمو حركة التصدير وكل ذلك لمصلحة مختلف فئات الشعب السوري.
ومنذ سنوات يتم تضخيم مصاعب السحوبات المصرفية رغم عدم التأخر يوماً عن صرف الرواتب أو الاحتياجات التي لا يمكن أن تتم إلا نقداً. ولكن البعض يصرون على التعامل النقدي رغم وجود قنوات مصرفية (تسمح لهم بإجراء الحوالات أو التعامل بالشيكات). ويصر هؤلاء على الترويج لمزاعم خاطئة حول السحوبات النقدية مما يزيد من الضغط على التعامل أكثر بالأوراق النقدية وهو أمر لم ينفع يوماً إلا كبار التجار والمضاربين لأن ذوي الدخل المحدود ليسوا من يهتم باكتناز الأموال.
لذلك بعيداً عن أجواء المزايدات، سيستمر السعي التدريجي نحو بنية مصرفية سليمة يمكن الترويج لها بالتدريج عبر الإصرار على تنفيذ كل مكون من مكوناتها التي تم إعلانها في مجلس الوزراء قبل أشهر، وذلك بما يضمن مصلحة الجميع لأن الهدف الأساسي من كل السياسة النقدية الحالية هو الوصول إلى مستويات تكون بها القدرة الشرائية للمواطن السوري مقبولة ولديه القدرة على الاقتراض في شروط مناسبة.
ولا يمكن للحل أن يتم بتكثيف طباعة الأوراق النقدية التي يجب أن تكون الأولوية في استعمالها لذوي الاحتياجات الصغيرة؛ أما باقي كبار المتعاملين فلا بد من توفير البنية الملائمة لتوجيههم إلى القنوات المصرفية الملائمة في الوقت المناسب.
وأضاف درغام: ضمن الحرب الاقتصادية على السوريين يستمر البعض بمحاولات فاشلة لتزوير الأوراق النقدية السورية.
وأمل درغام من جميع المتعاملين قراءة قرارات المصرف المركزي بتأن وهدوء قبل الاستماع لإشاعات البعض التي تسعى دوماً لإثارة أجواء من الهلع غير المبرر والذي إن استمر لن يفيد إلا في خلق المزيد من الأجواء المناسبة للمضاربين فقط».
من جانبه استغرب أستاذ النقود والمصارف في جامعة دمشق الدكتور علي كنعان حجز المبالغ القادمة من الخارج التي تزيد على 500 دولار في وديعة لثلاثة أشهر، معتبراً أن هذا الإجراء يعد تنشيطاً لتوجه حوالات المغتربين إلى لبنان والأردن بالدولار وإدخال المبالغ إلى سورية بطريقة غير نظامية بحيث يتم بيعها في السوق السوداء.
وتوقع كنعان أن يؤدي إجراء المصرف المركزي إلى تخفيض سعر الدولار بشكل مؤقت بما يتيح للمضاربين شراء كميات كبيرة بسعر منخفض، ونتيجة ذلك سوف يقل عرض الدولار في السوق ما سوف يؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف من جديد ليتجاوز السعر الحالي.
مصادر في سوق الصرف وصفت قرار المركزي بغير الصحيح وأن من شأنه تنشيط السوق السوداء، خاصة وأن القرار لم يستثن الزوار الأجانب الذين سوف يضطرون إلى التوجه للتصريف في السوق غير النظامية، ما يؤدي إلى حرمان الخزينة من كميات من القطع.
مؤكدين على أن القرار لن يجدي نفعاً في الحد من تلاعب المضاربين في الاستفادة من فرق السعر بين المركزي والسوق السوداء وذلك من خلال تجزئة المبالغ.
وأسقطت المصادر الأمر نفسه على الحوالات بأن يتم تجزئة الحوالات الكبيرة وإرسالها باسم أكثر من شخص، بما يتيح استلامها وفق سعر المركزي، والتسبب بالازدحام على مكاتب وشركات الحوالات.
كما رأى مراقبون أن للموضوع مخاطر كبيرة مشيرين إلى أن كثيراً من العائلات على مدار السنوات الماضية اعتمدوا على مبالغ الحوالات المرسلة من ذويهم في المغترب في التغلب على غلاء المعيشة وتدني الرواتب، معتبرين أن تطبيق القرار من شأنه التأثير على معيشة المواطنين الذين طحنتهم الحرب الظالمة التي تمر بالبلاد، وستؤدي إلى إثارة مشاعر الاستياء تجاه الحكومة من جراء مثل هكذا سياسات.
وتراوحت أسعار الصرف أمس بين 479 و485 ليرة سورية للدولار في السوق الموازية، وبين 508 و510 ليرات وفق نشرات مصرف سورية المركزي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن