اقتصاد

دور أنظمة الجودة في عملية الإصلاح المؤسساتي

| هشام كحيل

الجمعية العلمية السورية للجودة هي إحدى منظمات المجتمع الأهلي التنموية اللاربحية، تهدف لنشر ثقافة الجودة وتوطينها وجعلها جوهر الحياة في مجتمعنا من خلال دورها ببناء الإنسان (الذي يشكل قوة العمل، القوة الفاعلة والمحركة والمخططة والمنفذة) وتنمية قدراته وأدائه وصقل مهاراته، فالأداء هو مجموع القدرة والرغبة، فالقدرة هي ما يستطيع الإنسان أن يفعله والرغبة هي ما الذي يريد الإنسان أن يفعله، وهما معاً «قوة العمل».
والنهضة هي مجموع قوة العمل مع العلم والأخلاق وهذه النهضة بثلاثيتها تحتاج إلى تطوير مستدام ومستمر. وهنا يتأتى دور أنظمة الجودة ومعاييرها، فمن كان يومه مثل أمسه فهو في نقصان قوة العمل المؤطرة بمعايير الجودة العالمية ومن خلال الولاء التام للمبادئ، والقيم والمثل والولاء توصلنا للنهوض والنجاح.
فلا توجد مؤسسة خاسرة بل توجد إدارة للعمل فاشلة، اليابان بعد 8 سنوات من الدمار الشامل في الحرب العالمية الثانية أصبحت تملك أكبر ناتج قومي بالعالم GDP. من خلال الالتزام بالمعايير الواردة أعلاه المؤطرة بالجودة وأنظمتها، من خلال وضع رؤى وتحديد مهام ورسالة وأهداف ذكية قابلة للتطبيق ومحددة زمنياً وواضحة وواقعية وطموح.
إن التنمية الإدارية والاقتصادية تتحقق من خلال جهد منظم لتحسين كفاءة وفعالية الجهاز الإداري والمؤسساتي وتعزيز قدرته على التجديد والابتكار ابتداء من مستوى الفرد ووصولاً إلى الهيكل التنظيمي، والإصلاح المؤسسي الذي يهدف إلى ترشيد عملية صنع القرار وتحديد الأهداف بوضوح والنظر إلى الوقائع بموضوعية وحياد، وبنظرة علمية جادة، بحيث تتوافر لدى متخذي القرار، المعلومات والبيانات الصحيحة بالوقت المناسب، ولكن هل سيتحقق الإصلاح المؤسساتي في ظل العقلية نفسها التي أوصلتنا وأوصلت وطننا إلى ما نحن عليه في ظل تراكم الفردية بإدارة المؤسسات والفساد الذي أضحى من فوق الأدراج؟
لقد وضعت الجمعية العلمية السورية للجودة رؤاها للإصلاح الإداري الذي يجب أن يكون حقيقياً ومدخلاً للإصلاح الاقتصادي من خلال عملية إعادة بناء الوطن وفق التالي:
1- إن نجاح الإصلاح الإداري الحقيقي المؤطر وفق برامج محددة هو مدخل للإصلاح المؤسساتي الاقتصادي والاجتماعي، ومن هنا يتأتى دور الإدارة الرشيدة لعملية التطوير والإصلاح والتغيير من خلال برامج التنمية الشاملة.
2- تكاملية الحلول ضمن المؤسسة الواحدة وضمن الوزارة ومؤسساتها وبين مختلف الوزارات ذات العلاقة، وإن الشرط الأساسي لنجاح أي عمل هو إيمان القيادة الإدارية العليا به.
3- تحليل الفجوة (GAP analyses) ودراسة الوضع الحالي بعد انتهاء الأزمة في قطرنا، ومقارنته مع المعايير المنوي تطبيقها كهدف منشود، أي كيف نحن وكيف سنكون (AS is to be) وردم هذه الفجوة.
4- إعادة النظر بالتشريعات والأنظمة لتتواكب مع مرحلة إعادة البناء وذلك وفق توجيه السيد الرئيس بخطاب القسم عام 2001 حيث قال «اعملوا وفق الأنظمة والتشريعات، وإن كانت غير متوافقة مع التقدم والتطوير والتحديث فعدلوها، وإن كانت غير قابلة للتعديل فأبدلوها».
5- الانتقال من مفهوم الحكومة إلى مفهوم الحوكمة الرشيدة Governance التي تشمل الكفاءة والفعالية والاستجابة والشفافية والمشاركة والمساءلة وسيادة القانون ومكافحة الفساد.
6- العمل وفق أنموذج التميز المؤسساتي CAF إطار التقييم الشامل (Common Assessment Framework) وهو أداة إدارة الجودة الشاملة (T.Q.M) والمستوحى من نموذج التميز الأوروبي (EFQM) وهو مصمم للمؤسسات العامة مع مراعاة خصائصها.
والغاية منه: تعريف الإدارات العامة بمبادئ إدارة الجودة الشاملة ويهدف إلى إجراء عملية التقييم الذاتي للمؤسسة العامة للتوصل إلى إجراءات التحسن.
7- إطلاق مشروع المتسوق السري، وهو مجموعة من المتعاملين السريين المدربين المؤتمنين تقوم بتنفيذ معاملة ما تتمكن من خلالها اختبار حسن الأداء والأمانة وتقييم الجهات وفق معايير وعوامل محددة قابلة للقياس.
8- وضع وثيقة السياسة الوطنية للجودة في الجمهورية العربية السورية الصادرة عام 2011 عن رئاسة مجلس الوزراء (التي تضمنت الأسس الرئيسية اللازمة لإعادة هيكلة البيئة التشريعية والتنظيمية التي تحكم عمل المؤسسات والفعاليات الرئيسية بمجالات الجودة بما يهيئ لتوفير بنية تحتية للجودة متوافقة مع المتطلبات الدولية، بما يدعم الاقتصاد السوري) موضع التنفيذ الفعلي.
9- إعطاء منظمات المجتمع الأهلي التنموية دورها الكامل لتساهم بعملية الإصلاح الإداري والتنمية الشاملة واستكمال جمع هذه الجمعيات ضمن إطار اتحاد يؤطر عمله لتتكامل جهوده تحت إشراف حكومي يعطيها الدور الأكبر بقيادة عملية البناء والتحديث ولتكون عين المواطن وعين الدولة كما هو معمول به في كل دول العالم المتقدم.
رئيس الجمعية العلمية السورية للجودة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن