اقتصاد

حكومة إعلام!

| عامر الياس شهدا

في الآونة الأخيرة كثر الضخ الإعلامي عن زيارات رئيس مجلس الوزراء وأعضاء من الحكومة للمحافظات والمشروعات. والتلفزيون السوري منذ فترة يركز على المشروعات الزراعية والحيوانية. وأكثر ما يلفت النظر أن التلفزيون جل اهتمامه متابعة ما يقول رئيس الوزراء وما ترجم من هذه الأقوال على أرض الواقع. رغم أن المواطن يترجم حركات رئيس مجلس الوزراء على أنها من صلب واجباته فليس من الضروري أن يكون للتلفزيون دور في إبراز واجبات رئيس الحكومة. ما يهم المواطن أن يكون هناك انعكاسات إيجابية على وضعه المعيشي وعلى مدى تقديم الخدمات له دون معاناة من مؤسسات الوزارات كافة على اختلاف مهامها. فما يجب أن يكون واضحاً أن المواطن لا يهمه رحلات رئيس الحكومة وبعض من فريقه والكيفية التي يمارسون بها واجباتهم.
ما يشغل بال المواطن تساؤلات: أين الحكومة من تثبيت سعر الصرف وانعكاسه على الأسعار؟ وأين هي من انخفاض استيراد النفط؟ وأين من مدى تطابق الكتلة النقدية مع حجم الإنتاج والتصدير؟ وأين هي من النهوض بالمستوى المعيشي للمواطن حيث هناك وعود باستبدال زيادة الرواتب بتخفيض الأسعار إلا أن المؤشرات الحقيقة تقول إن هناك افتقاراً للإرادة في تخفيض الأسعار فمن يرد أن يخفض الأسعار فعليه أن يخفض التكلفة فأين تخفيض التكلفة؟ ما نعرفه وبناء على معلومات من الحكومة أن استيراد النفط قد انخفض رافقه انخفاض بسعر الدولار واستمرار في التيار الكهربائي ما يعني انخفاضاً في استهلاك المشتقات النفطية فمن المفترض على الحكومة وهذه الحالة أن تعكس ذلك على تكاليف الإنتاج من خلال تخفيض أسعار المشتقات النفطية التي تلعب دوراً كبيراً في تخفيض التكلفة مما ينعكس إيجاباً على تخفيض الأسعار. قد تقول الحكومة إن وزارة التجارة خفضت الأسعار! إنه أمر لا يستحق الاهتمام فتخفيض الأسعار أتى على حساب الأوزان والنوعية لذلك فهذا التخفيض لا يتعدى كونه حملة إعلانية لا معنى لها سوى تأزيم المواطن واستفزازه فموضوع تخفيض الأسعار يبدأ بحراك حكومي نحو تخفيض أساسيات التكلفة؟ أين الحكومة من سيناريوهات مواجهة الاختناقات التي قد تحدث على مستوى الاقتصاد الكلي والجزئي؟ أين هي من وضع سياسات متناغمة مع السياسة النقدية التي من المفترض أن تنعكس على الوضع المعيشي للمواطن وأن تلعب الحكومة الدور الأساسي في رفع ثقة المواطن بهذه السياسة؟
لقد سمعنا كثيراً عن دعم الإنتاج وما نعلمه أن دورة رأس المال في الإنتاج هي أربعة أشهر ضمن هذه الظروف فأين انعكاسات دعم الإنتاج على المجتمع والأسعار؟ من المستغرب أن تعلن الحكومة دعمها للاستثمار والسعي باتجاه القيام بالمعارض فالاستثمار لا يمكن أن يحدث ببلد مواطنه غير قادر على الاستهلاك، ولم تتمكن الحكومة من تخفيض تكاليف الإنتاج، ولم تستطع ضبط ما يدخلها من منتجات دول أخرى وتعتبرها من إنتاج سورية كيف ولماذا هذا الطرح البعيد عن الواقع؟ وما الهدف منه؟ علماً بأن البلد يتعافى بمجتمعه أولاً وبمدى قدرة الحكومة على رفع قدرة دخل المواطن على الاستهلاك.. يبدو لنا وهذه الحالة أن هناك افتقاراً بالمعلومة لدى الحكومة لجهة أن المواطن لم يعد يؤمن كثيراً بالتصريحات، وأصبح قادراً على تحليل الأمور، فالمواطن اليوم يتفاعل مع شعار دعم الإنتاج وتخفيض الأسعار وتثبيت سعر الصرف، إلا أنه يشتكي من انعدام وجود تناغم في سياسات الاقتصاد والصناعة مع السياسات النقدية والمالية على اعتبار أن المعلن هو دعم الإنتاج ورفع نسبة التصدير وتخفيض الاستيراد، إلا أن ذلك لم يعط انعكاسات على المستوى المعيشي للمواطن، لذلك نقول: عندما يتوافر التناغم بين السياسات ويتم خلق المؤشرات بهذه الحالة يمكن للحكومة أن تضع رؤية جديدة لعملها تواكب متطلبات إعادة الإعمار وتساهم في تنمية البنية وتتحدث عن الاستثمار والتنمية الشاملة وترفع نسب الإنتاج ويساعدها في ذلك توافر المشتقات النفطية وانخفاض استهلاكها نتيجة استمرار التيار الكهربائي واستقرار سعر الصرف.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن