سورية

«راند» الأميركية: حزب اللـه ليس هدفاً سهلاً

| ترجمة – إبراهيم خلف

أكد الباحث البارز المختص بأبحاث الدفاع الدولية في مؤسسة «راند» الأميركية علي رضا نادر أن السعودية وإيران قد تتجهان نحو حرب كبيرة، فالصراعات التي جرت مؤخراً في الرياض، فضلاً عن إسقاط صاروخ يمني فوق العاصمة السعودية يشي بتزايد الإنذارات السعودية نحو إيران القوية في الشرق الأوسط، الأمر الذي من شأنه خلق مخاوف قاتلة من عدم الاستقرار. وأشار الكاتب في مقال له إلى أن الحرب بين القوتين الرئيسيتين يمكن أن تبدأ في أي مكان في المنطقة، بما في ذلك في الخليج العربي، لكن لبنان يمكن أن يكون خطاً من زلزال محتمل، موضحاً أنه ثمة تقارير تؤكد أن استدعاء رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى الرياض وتقديم استقالته بحجة «التدخل» الإيراني في الشؤون اللبنانية قد تمت تحت ضغط سعودي، وتفيد التقارير أن إسرائيل، التي تشعر بالقلق إزاء توسع إيران في سورية والعراق وقوة حزب اللـه العسكرية المتنامية، تساهم في تقوية الشراكة مع السعوديين من أجل ردع النفوذ الإيراني.
وأكد المقال، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تتفهم مخاوف تل أبيب والرياض من تزايد القوة الإيرانية، وهي لم تنتقد فقط الاتفاق النووي الإيراني، بل اندفعت بشكل أكثر عدوانية ضد السلطة الإقليمية لطهران.
وقال: إن السعودية التي تعاني من مشاكل محلية، فضلاً عن الحرب الطاحنة التي تخوضها في اليمن، قد تجعلها تميل نحو تبني خيار عسكري ضد إيران، ويمكن للقيادة السياسية الإسرائيلية وبعض من عناصر الحكومة الأميركية أن يشاركوها حماسها في استخدام الأسلحة، ومع ذلك، فإن الحرب ضد إيران تنطوي على مخاطر كبيرة، ومن غير المحتمل أن تؤدي إلى تآكل السلطة الإيرانية أو إضعاف إيران من الداخل، مشيراً أن إيران قامت باستغلال الإستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط لتعزيز مصالحها الخاصة، فضلاً عن إتباعها لنهج أكثر حزماً تجاه أميركا والسعودية و«إسرائيل»، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية مذهلة من خلال إغراق المنطقة في مزيد من الفوضى.
وأشار الكاتب إلى أن الغزو الأميركي للعراق في عام 2003 ساهم في نهوض إيران وأثار قلقاً سعودياً متزايداً، فمنذ ذلك الحين، برزت طهران كحليف قوي لكل من بغداد ودمشق وبيروت، وأن الاتفاق النووي الإيراني وسياسات الرئيس السابق باراك أوباما المتعلقة بإشراك إيران لأنها مفيدة للمصالح الأميركية، كان ينظر إليها السعوديون بشكوك عميقة، وقد بدأت القيادة السعودية الجديدة بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتبني سياسة أكثر عدوانية ضد إيران في المنطقة.
وأشار إلى أن السعودية قدمت دعماً كبيراً للمسلحين الذين يقاتلون الحكومة السورية، فضلاً عن تقديمها الدعم للجماعات السنية المعارضة للنفوذ الإيراني في لبنان، لكن التوجه الأقوى للرياض ضد إيران حدث في اليمن، حيث شن السعوديون حرباً جوية مدمرة ضد أهداف مدنية وعسكرية للإطاحة بحركة أنصار اللـه المؤيدة لإيران، وأن الصاروخ اليمني الذي أطلق ضد الرياض الأسبوع الماضي من المحتمل أن يكون رداً على حملة الرياض الجوية المستمرة.
وأكد أن سياسة استعراض العضلات السعودية قد فشلت في مواجهة إيران أو حلفائها، فالحكومة السورية حققت الكثير من الانتصارات بفضل حلفائها، واليمن يواجه مجاعة مع استمرار قبضة الحوثيين على السلطة، فضلاً عن التقارب الكبير بين الحكومة المركزية العراقية وإيران.
وقال «لهذا قد ترى الرياض لبنان هدفاً مغرياً لمعاقبة إيران، فالتحالف السياسي لحكومة الحريري مع حزب اللـه قد قدّم مظهراً لشرعية النفوذ الإيراني في بيروت، الأمر الذي ساهم بتعقيد الاندفاع الأميركي الإسرائيلي – السعودي ضد حزب الله، ومع استقالة الحريري، يمكن للرياض أن تمارس ضغوطاً سياسية واقتصادية على حزب اللـه في الوقت الذي تفكر فيه «إسرائيل» بالقيام بعمل عسكري ضد قدرات حزب اللـه الصاروخية المتنامية».
وأكد الكاتب، أن إستراتيجية الرياض تنطوي على مخاطر هائلة، فحزب اللـه المدجج بالسلاح والمدعوم من حلفاء إيران في سورية، لن يكون هدفاً سهلاً للحملة العسكرية الإسرائيلية، فحزب اللـه يمتلك آلاف من الصواريخ القادرة على ضرب «إسرائيل»، ناهيك أن الحزب كثيراً ما ازدهر في أوقات الحرب والأزمات.
وأشار إلى أن الصراع الإسرائيلي مع حزب اللـه والمدعوم من قبل واشنطن والرياض، قد يجر إيران وينتشر بسرعة نحو الخليج العربي، إحدى المناطق الأكثر تسليحاً في العالم، ومن المحتمل أن تؤدي الحرب بين إيران والسعودية إلى دمار اقتصادي كبير، فضلاً عن تعطيل إمدادات الطاقة وإلقاء الاقتصاد العالمي على ركود رئيسي آخر.
وأكد أن السعودية قد تكون مسلحة بقوات جوية متطورة، لكن إيران قامت ببناء أكبر مخزون للصواريخ في المنطقة وتتولى حالياً قيادة عشرات الآلاف من المجموعات الشيعية «المتشددة»، مشيراً إلى أنه حتى أولئك الإيرانيون الذين يعارضون بشدة الجمهورية الإسلامية من المرجح أن يتجمعوا حول حكومتهم لأنها تحارب السعودية وشركاءها.
وخلص الكاتب إلى القول: إنه في نهاية المطاف، يجب حل مشاكل المنطقة على طاولة المفاوضات، فلا يمكن لأي من الفاعلين الرئيسيين استخدام قواتهم العسكرية لحل المشاكل المتأصلة في الحكم الاستبدادي، والفساد الاقتصادي، والشعور بالضيق الاجتماعي، والتعصب الديني والإيديولوجي، ويجب على الولايات المتحدة تشجيع طهران والرياض على تسوية خلافاتهما بدلاً من تسهيل العمل السعودي العدواني، وإلا فإن المنطقة ستغرق في أزمة أكبر لا نهاية لها في الأفق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن