ثقافة وفن

عبد العزيز آل سعود في عين وزارة الخارجية «الإسرائيلية» وجون فيلبي! … بن غوريون إلى عبد العزيز آل سعود: «يا صاحب الجلالة… يا أخي في اللـه والوطن»

| شمس الدين العجلاني

كنا تحدثنا في عدد سابق من «الوطن» عن ملك سورية فيصل الأول، كما تحدث عنه فيلم «إسرائيلي» نشرته وزارة الخارجية في الكيان الإسرائيلي، في الذكرى المئوية لوعد بلفور، وذكرنا حينها علاقة الأمير ثم الملك فيصل الأول مع الحركة الصهيونية..
والفيلم الإسرائيلي المذكور تحدث أيضاً عن عبد العزيز آل سعود، وكان حينها يطلق على نفسه لقب السلطان.
تروي صفحات التاريخ، أن هنالك العديد ممن يسمون زعماء العرب، لعبوا دوراً مهماً في تأسيس «وطن قومي لليهود» على أرضنا الطيبة فلسطين! وكانوا أيضاً على تنسيق دائم مع المستعمر الفرنسي والبريطاني من جهة والحركة الصهيونية من جهة أخرى! ومن هؤلاء «الزعماء» السلطان عبد العزيز آل سعود!
«أدبيات» الحركة الصهيونية، تشير إلى أن الملك والسلطان قاما بذلك طمعاً في استلام المناصب! وهذا فعلاً ما حصل! ففيصل الأول نصب ملكاً على سورية ومن بعدها نصب ملكاً على العراق، وعبد العزيز آل سعود رعاه المحتل البريطاني وساهم بتأسيس مملكته القائمة حتى الآن، التي أضحت منذ عقد من الزمن برعاية الولايات المتحدة الأميركية، والمتابع لتاريخ آل سعود لا يخفى عليه أن المخابرات البريطانية هي مؤسسة العرش السعودي، وذكر في العديد من المراجع والكتب أن المؤسس الأول للعرش السعودي «الحديث» الجاسوس البريطاني الشهير (جون فيلبي) الذي «أسلم»! على طريقة «الإسلام السعودي»، فسمته المخابرات الإنكليزية «الشيخ الحاج محمد عبد اللـه فيلبي»!
لعب جون فيلبي دوراً كبيراً وخطيراً في المنطقة وخاصة في شبه الجزيرة العربية، ولديه الكثير من أسرار وخفايا آل سعود، وهو على علاقة طيبة جداً مع محمد أمين التميمي، الذي كتب نسب آل سعود، وبدله من اليهودية إلى الإسلام والعرب، ولكن المتابع لكل كتابات التميمي وفيلبي، يقرأ في بواطن كتبهم إشارات واضحة لا غبار عليها من أن أصول آل سعود يهودية..

الفيلم الإسرائيلي
نشرت وزارة الخارجية «الإسرائيلية» فيلماً وثائقياً بمناسبة مرور مئة عام على وعد بلفور..
الفيلم مدته بحدود أربع دقائق موجه للعرب وناطق باللغة العربية، وورد في الفيلم أن القيادات العربية حصلت على مناصب ملكية! لتعاطفها مع فكرة الوطن القومي لليهود وذكر أن السلطان عبد العزيز آل سعود، هو ممن تعاطف مع اليهود، وذكر الفيلم أيضاً أن عبد العزيز آل سعود كتب: «أنا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن الـفيصل آل سعود أقر وأعترف، بأنه لا مانع عندي من إعطاء فلسطين لمساكين اليهود أو غيرهم، كما تراه بريطانيا»!

السعودية أولاً
القول الشهير في مذكرات الصهيوني حاييم وايزمان، الذي لم نقرأه، وإن قرأناه مررنا عليه مرور الكرام، والآن وبعد أن وقع «الفاس على الراس» أدركنا خطورة ما ذكره وايزمان نقلاً عن ونستون تشرشل: «إنشاء الكيان السعودي هو مشروع بريطانيا الأول… والمشروع الثاني من بعده إنشاء الكيان الصهيوني بواسطته».
وهذا فعلاً ما حصل، وما قامت به بريطانيا.. ومن المخزي أن تأسيس وطن قومي لليهود حظي بتأييد عدد من زعماء عرب! وفي طليعتهم ابن سعود..
ويقول حاييم وايزمان في مذكراته: نقلا عن تشرشل الرئيس الأسبق للحكومة البريطانية: «أريدك أن تعلم يا وايزمان أنني وضعت مشروعاً لكم ينفذ بعد نهاية الحرب (الحرب العالمية الثانية) يبدأ بأن أرى ابن سعود سيداً على الشرق الأوسط وكبير كبرائه، على شرط أن يتفق معكم أولاً، ومتى قام هذا المشروع، فعليكم أن تأخذوا منه ما أمكن وسنساعدكم في ذلك، وعليك كتمان هذا السر، ولكن أنقله إلى روزفلت، وليس هناك شيء يستحيل تحقيقه عندما أعمل لأجله أنا، وروزفلت رئيس الولايات المتحدة الأميركية)».
على حين يقول الجاسوس البريطاني جون فيلبي في كتابه «40عاماً في البرية»:
«إن قضية فلسطين لم تكن تبدو (لآل سعود) أنها تستحق تعريض العلاقات الممتازة التي تربطهم مع بريطانيا وأميركا».
وعن هزيمة الجيوش العربية في حرب 1948 التي حمل عبد القادر الحسيني مسؤولية الهزيمة إلى الجامعة العربية حين قال برسالته: « السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية – القاهرة: «إني أحملكم المسؤولية بعد أن تركتم رجالي في أوج انتصاراتهم من دون عون أو سلاح».
عن هذه الهزيمة يقول أيضاً فيلبي: «كان انتقال الجزء الغربي الذي احتفظ به من فلسطين إلى مملكة الأردن أمراً أكثر مما يستطيع عبد العزيز استساغته… لأنه كان يريد ضمه إليه أو إلى الكيان الصهيوني… ولأنها إرادة الإنجليز لم يستطع معارضتها».

فيلبي يتحدث عن أصول آل سعود
وعن جذور آل سعود يقول جون فيلبي في مذكراته: «عندما قررت الذهاب إلى الحجاز في مهمة حج لقضاء حاجة، حملني بن غوريون رسالة إلى عبد العزيز آل سعود مع مبلغ عشرين ألف جنيه إسترليني يقول في رسالته يا صاحب الجلالة… يا أخي في اللـه والوطن، إن مبلغ العشرين ألف جنيه إسترليني ما هو إلا إعانة منا لدعمك فيما تحتاج إليه في تصريف شؤون ملكك الجديد في هذه المملكة الشاسعة المباركة، وإني أحب أن أؤكد لك أنه ليس في هذا المبلغ ذرة من الحرام، فكله من تبرعات يهود بريطانيا وأوروبا الذين قد دعموك لدى الحكومة البريطانية».
ويستطرد جون فيلبي قائلاً: « وقد استفسر مني عبد العزيز عن بعض العبارات الواردة، فأفهمته أن اليهود هم حكام بريطانيا بالفعل، وأنهم الحكم والسلطة والصحافة والمخابرات ولهم النفوذ الأقوى وكانوا وراء دعمك، وكانوا وراء الاستمرار في صرف مرتبك حتى الآن عن طريق المكتب الهندي، كما كانوا في السابق وراء قطع المرتب لاختبارك هل ترفض أو لا ترفض التوقيع بإعطاء فلسطين لليهود».
وتتضح الصورة أكثر في رد عبد العزيز على رسالة إلى بن غوريون التي حملها أيضاً فيلبي وهذا نصها: «الأخ بن غوريون، إننا لن ننسى فضل أمنا وأبينا بريطانيا العظمى، كما لم ننس فضل أبناء عمنا اليهود في دعمنا وفي مقدمتهم السير برسي كوكس، وندعو اللـه أن يحقق لنا أقصى ما نريده».

آل سعود في عهدة أميركا
حسب المصادر وشهادة الشهود، إن بريطانيا أسست ورعت مملكة آل سعود، ومن ثم انتقلت الرعاية من كنف بريطانيا، إلى كنف الولايات المتحدة الأميركية عقب اتفاق كوينسي (Quincy Pact) بين الرئيس الأميركي روزفلت والسعودي عبد العزيز الذي عقد في 14 شباط 1945، حين اجتمع عبد العزيز آل سعود وروزفلت سراً على متن السفينة الحربية « يو إس إس كوينسي (CA-71)» بعد الحرب العالمية الثانية في البحيرات المرة بقناة السويس.
هذا الاتفاق مدته 60 سنة، وتم تجديد محتواه للمدة نفسها أيضاً في عام 2005 من الرئيس جورج دبليو بوش.
أهم ما جاء في هذا الاتفاق هو توفير الولايات المتحدة الحماية المطلقة وغير المشروطة لعائلة آل سعود الحاكمة! مقابل ضمان السعودية لإمدادات الطاقة التي تستحقها الولايات المتحدة.
ولم تزل حتى هذه اللحظات تدور السعودية في فلك الولايات المتحدة الأميركية، ولم تزل الولايات المتحدة، ترعى المملكة والملك السعودي وتبتزه مالاً ونفطاً..
وهكذا قام المستعمر البريطاني بإنشاء مملكة آل سعود اليهودية، وقدم لها كل سبل الديمومة، ولم تزل «السعودية» تقوم بالدور المرسوم لها، ولن نفاجأ في الأيام القادمات وإن طالت، بعقد قران علني بين الإخوة وأولاد العمومة في «إسرائيل» و« السعودية» وخاصة بعد أن آلت الرعاية والدعم إلى الولايات المتحدة الأميركية..
فهل نقرأ… ولا يكفي أن نقرأ، فلا بد أن نقرأ ونعمل… أيها القلم قاوم… أيها الحبر لا تجف بين أيدينا، الوطن بحاجة إليك… ونحن قادمون… مقاومون… منتصرون.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن