من دفتر الوطن

استقالة تقلب الطاولة؟

| زياد حيدر 

هذا مقال رياضي، عساه يكون الأخير في هذا الموضوع، خصوصا أنني يائس كما كثيرون، من أي تغيير.
بعد تكريم منتخبنا لكرة القدم، في دمشق، ظننا أن باستطاعتنا النسيان، فالهزيمة في التصفيات، كانت قاسية ومرة، وصعبة الهضم. لكن مباراتنا الودية مع العراق سهلت علينا قبول تلك النتيجة، وأعادتنا لمستوى أحلامنا المنطقي، وحيث يجب أن يكون.
كان الأداء متواضعاً على أقل تقدير، مشتتاً، غير منظم ،ويفتقر إلى عمل جماعي حقيقي، وذلك تبعا ليس لمشاهدتي فقط، وإنما لتعليقات الأغلبية الساحقة ممن شاهدوا المباراة.
لا أتحدث كما هو واضح عن النتيجة، فكل الفرق معرضة لنتائج مخيبة سواء كانت تتناسب مع أدائها أم بسبب الظروف والحظ.
ولكن واقعيا منتخب بهذا المستوى لا يستحق نتائج كبيرة، فهو يلعب من دون خطة، ومن دون تنظيم، ويعتمد الأسلوب «التاريخي» ذاته في تشتيت الكرات نحو الأمام، من دون بناء هجمات من الوسط أو الخلف، ومن دون القدرة على امتصاص هجمات الخصم، ومن دون خط وسط يذكر، ومن دون استحواذ تكتيكي، وبدفاع فردي قتالي، يقود أحيانا لنتائج عكسية.
أتحدث هنا من قلب مجروح، وربما من قناعة لا أجد مخرجاً منها، فهذا المستوى يبدو كأنه الذي لا ترغب الإدارة الرياضية في تجاوزه، أو التفوق عليه!
بعد مباراتنا مع أستراليا، قال كابتن الفريق فراس الخطيب مباشرة إن الخطأ القاتل كان في تعادلنا على أرضنا (ماليزيا) ومن ثم النتيجة كانت متوقعة. عمر السومة قال حين وصل الرياض ملتحقا بناديه، إنها «مشيئة الله» ولكن كان معترفا «بالنقص على المستوى التكتيكي».
التصريحان، هما مدخل المشكلة. فوفق معرفتنا، أغلبية اللاعبين محترفون في نواد عربية وأجنبية. والاحتراف، ما يعني صقل التجربة والاحتكاك والخبرة الكبيرة، والراحة المادية والاجتماعية أيضا.
كثر من لاعبينا يعرفون معنى الاستعداد التكتيكي، ورسم الخطط، ولا سيما في الأندية الصينية والخليجية، التي تنفق ملايين الدولارات على هذه الرياضة الشعبية والتجارية.
أي إن لاعبنا مثل الكيميائي الذي يخوض تجارب كبيرة في مخابر العالم ومعاهده، ومن ثم يعود ليعمل تحت إدارة موجه كيمياء في إحدى المدارس الحكومية.
كيف يمكن لنجوم، يتنافسون على لقب أفضل لاعبين في آسيا والعالم (عمر خريبين)، أوعلى آلقاب هدافيها (السومة) أو من حصلوا على ألقاب بمستوى هدافين تاريخيين (الخطيب)، وغيرهم، أن يقتنعوا بإدارة لم تخضع لاحتكاك مشابه، لم تخض مسابقات كبرى، لا تتمتع برؤية تكتيكية يمكن تطبيقها، أو يمكن تمييزها، أو رؤية بعيدة يمكن التقاطها، وعاجزة عن تحديد هوية الفريق الفنية؟
مراقبة المباريات، ومنها الأخيرة، ليس على البقعة الخضراء فقط، وإنما خارجها تقول كل هذا. لاحظوا كيف يحتفل الفريق الفني لدينا بهدف على مستوى ودية باهتة، وكيف تحتفل الفرق المحترفة، والمعتادة على التسجيل؟
كيف يحتفي اللاعبون داخل الملعب، بمن سجل، بالمقارنة باحتفائهم في نواديهم، وفي مبارياتهم للمنتخب؟ كل هذا واقع يجب تحليله، ويخفي ويعني ما يعنيه. والمشكلة ليست مشكلة مدرب، سواء كان وطنيا أم أجنبيا.
رغم هذا، فإن استقالة المدرب الجسور أيمن الحكيم، قد تكون مدخلا لقلب الطاولة على هذا الواقع. نحييه على شجاعة الاستقالة، الشجاعة ذاتها التي جذب بها نسور المنتخب إلى سماء سورية، ووحدت صيحة السوريين «غوول لسورية». الآن ننتظر شجاعة باقي القائمين على هذا الكنز المعنوي والمادي!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن