سورية

في خطاب أمام ممثلي المنظمات الشعبية والنقابات المهنية وغرف الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة..الرئيس الأسد: نحن في مرحلة مصيرية لا حلول وسطاً فيها.. فلا تنازل ولا تفريط ولن نكون عبيداً…من لم ير مبادرات الدولة فلن يراها في المستقبل والتقسيم لا يحصل على أسس جغرافية وإنما عندما يقبله الشعب

 وكالات : 

رفض الرئيس بشار الأسد أي طرح سياسي لحل الأزمة في سورية لا يستند في جوهره إلى القضاء على الإرهاب باعتباره «طرحاً لا معنى له ولا فرصة له ليرى النور»، مشدداً على أن صمود الشعب السوري يشكل «تهديداً حقيقياً» للمستقبل السياسي لبعض المسؤولين في الدول الداعمة للإرهاب ضد سورية، خصوصاً بعد افتضاح زيف ادعاءاتهم أمام شعوبهم بخصوص دعمهم لـ«الثوار والديمقراطية» هناك.
ولفت الرئيس الأسد إلى حدوث تبدلات «إيجابية» على الساحة الدولية ونشوء «قراءة مختلفة» للوضع في سورية وفهم لـ«الادعاءات المزيفة» التي روجها الغرب، رافضاً التعويل على تلك «التبدلات» باعتبارها «مؤقتة» و«غير مستقرة».
وأشار الرئيس الأسد إلى وجود حالة من القلق والضياع في الغرب وأوروبا لأن «إخوتنا من العربان» وضعوا أمامهم «وصفات مبسطة لابتلاع الأوطان»، تتضمن قليلاً من الإرهاب مع قليل من إسقاط الدول وقليل من الفوضى.. وقليل من تبديل الوجوه وتبديل الحكام.
وفضح الرئيس الأسد «جوهر نفاق» الغربيين وحلفائهم بالمنطقة بالإشارة إلى أنهم «يدعون مكافحة وحش هم خلقوه ثم فقدوا السيطرة عليه» في حين «غايتهم» الحقيقية هي «ضبطه وليس القضاء عليه».
وشدد على وجود سيد واحد يدير الإرهابيين والمعارضة المرتبطة بالخارج، تارةً يطلب من الإرهابيين أن يرفعوا وتيرة الإرهاب وتارة يطلب من المعارضة الخارجية المرتبطة به أن ترفع وتيرة الصراخ من أجل تحقيق ضغط سياسي، وذلك لـ«ابتزاز» السوريين وتخييرهم بين التبعية أو الدمار، لكنه أكد أن الشعب السوري لن يتحول إلى عبد ينفذ أوامر الكبار «مهما حلموا» بذلك.
وأكد، أن المبادرات التي تقوم بها الدولة هي ليست مقالات تكتب في الصحافة، هي أفعال على الأرض وهذه الأفعال إما أن تدفع الأمور باتجاه الأمام وإما أن تسحبها باتجاه الخلف»، مؤكداً أن «الوضع الميداني هو محور اهتمام المواطنين السوريين على مدار اليوم».
وأشار إلى أن الإحباط الذي اعترى بعض المواطنين عندما تراجع الجيش في بعض المناطق، هو دليل اندفاع وثقة مستدلاً على ذلك بازدياد عدد الملتحقين بالقوات المسلحة.
ولفت إلى أن الأولوية هي للمناطق المهمة التي يؤدي التمسك بها لاستعادة المناطق الأخرى، وفقدانها يؤدي لخسارة كل المناطق، وأيضاً لحياة الجنود، لأن الأرض تسترد أما الحياة فلا يمكن أن تسترد.
وأكد الرئيس الأسد أن الحرب هي ليست حرب القوات المسلحة بل هي حرب كل الوطن، موضحاً أن القوات المسلحة السورية قادرة بالشكل المثالي على تنفيذ المهام بشكل جيد وحماية الوطن، ومؤكداً أن الالتحاق بالجيش ازداد في الأشهر القليلة الماضية.
وأوضح أن مرسوم العفو الذي صدر السبت الماضي، صدر بمبادرة من المتخلفين أنفسهم الذين أرسلوا رسائل إلى القيادة، معتقداً أنهم وإن كانوا بضع مئات لكن خلفهم بضعة آلاف.
واعتبر أن «الوطن ليس لمن يسكن فيه وليس لمن يحمل جواز سفره أو جنسيته، إنما لمن يدافع عنه ويحميه، موضحاً أن الإنسان يربح وينتصر بتعب وليس براحة فمن الطبيعي أن تتعب الدولة، ومؤكداً أن الهزيمة والانهزام غير موجودين في قواميس الجيش العربي السوري».
ورأى الرئيس الأسد أن «التقسيم لا يحصل إلا عندما يقبل الشعب به أو يسعى إليه، وهذا الواقع غير موجود في سورية»، مؤكداً أن «حصة كل سوري هي كل سورية».
وبين الرئيس الأسد، أن الخطاب تضمن ثلاثة عناوين، وأنه كتلخيص له، يمكن القول: «بالاقتصاد بكل تأكيد الأبواب مفتوحة. أما في الجانب العسكري، فقد أكد أنه يوجد أمل فلدينا الإمكانات مع بعض المبادرات من المجتمع لتعزيز هذا الجانب».
أما في الجانب السياسي فقال الرئيس الأسد: إنه «في الحقيقة لا يوجد لدي أي عنصر أقدمه لكم وأخدعكم وأقول لكم نعم هناك»، ليخلص إلى أن «محور كل هذه المحاور هو المحور العسكري الذي سيؤثر داخلياً وسيغير الموازين خارجياً».
وتوجه للمعارضة السورية الخارجية المرتبطة بالخارج بالتأكيد أن الشعب السوري منذ زمن طويل ألقى بهم في مزبلة التاريخ.
وأكد: «إننا كسوريين لن نكون قادرين على إنقاذ سورية مما يحاك لها إلا عندما يشعر كل فرد فينا أن هذه المعركة هي معركته، وعندها لن يكون هناك نازح يهجر موطنه بدلاً من أن يدافع عنه».
واعتبر أن انتصار سورية في حربها لن يعني فقط دحر الإرهاب بل يعني أن المنطقة ستستعيد استقرارها، «فمستقبل منطقتنا سوف يحدد وترسم ملامحه استناداً إلى مستقبل سورية، موضحاً أن خيارنا واضح منذ اليوم الأول وهو امتلاك الإرادة والثقة بالانتصار».
وختم الرئيس الأسد بالتأكيد، أن: «وطننا حق لنا.. وحمايته حق علينا.. واللـه مع الحق».

تساؤلاتنا اليوم كسوريين تدور حول الاحتمالات التي تواجه سورية

وفي خطاب له خلال لقائه رؤساء وأعضاء المنظمات الشعبية والنقابات المهنية وغرف الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة بثته وكالة «سانا» للأنباء، قال الرئيس الأسد: «أرحب بكم كممثلين لشرائح المجتمع في سورية مهنياً ونقابياً وشعبياً»، وأعبر عن تقديري لكم ولعملكم ولكل جهد مخلص تقدمونه كل في نقابته أو منظمته أو قطاعه، تساندون إخوتكم ورفاقكم وتساهمون من خلال عملكم في ترسيخ الروح الوطنية والثبات في وجه ما تتعرض له البلاد».
وأضاف: «نلتقي اليوم، وكثير من الأمور أصبحت واضحة وضوح الشمس. وعلى الرغم من تعقيدات الوضع في سورية، فقد زالت الغشاوة عن كثير من العقول وسقطت الأقنعة عن كثير من الوجوه وهوت بحكم الواقع مصطلحات مزيفة، وفضحت أكاذيب أرادوا للعالم أن يصدقها. وأصبح اللقاء والحديث لتفنيد حجج من اعتدى على سورية أو لتوضيح افتراءاتهم هو كالحديث عن البديهيات، فيه مضيعة للوقت وإهدار للجهد. ولأنه كذلك، فتساؤلاتنا اليوم كسوريين لم تعد تدور حول تلك البديهيات، وإنما حول الاحتمالات التي تواجه سورية في ظل التسارع الكبير للأحداث وانتقال عملية التدمير الممنهجة التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية إلى مستويات غير مسبوقة من الإرهاب». وتابع: «إن ذلك يدل على العقلية الإجرامية التي يحملها مسؤولو الدول الداعمة لهؤلاء الإرهابيين. وفي الوقت نفسه يعبر عن إخفاق كل أساليبهم السابقة لدفع الشعب السوري إلى السقوط في مستنقع الأوهام، التي قدمت له كي يصدقها وليكون تصديقها هو التمهيد لسقوط الوطن. وعندما لم يقع الشعب في فخهم رفعوا وحشية الإرهاب كوسيلة أخيرة بهدف وضع الشعب السوري أمام خيارين: إما القبول بما يملى عليه، وإما القتل والتدمير».
وقال الرئيس الأسد: «هذا التصعيد يعبر عن يأسهم أيضاً.. يعبر عن يأسهم من كسر صمود الشعب السوري في وجه حرب لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً. فهذا الصمود لم يفشل خططهم فحسب، بل أصبح يشكل التهديد الحقيقي للمستقبل السياسي لكثير من أولئك الداعمين، وخاصة بعد أن بدأت ارتدادات هذا الإرهاب تضرب الأبرياء في بلدانهم ولم تعد تجدي معها المبررات الزائفة، التي سوقوها لخداع الرأي العام لديهم والتي أرادوا استخدامها لاحقاً كغطاء لبدء العدوان على وطننا وشعبنا». ومضى موضحاً: «قالوا لهم لفترات طويلة بأنهم يدعمون الثوار والمطالبين بالحرية والديمقراطية في سورية. (في المقابل) اكتشف الشعب لديهم بأنهم يدعمون الإرهابيين ودفعوا ثمن دعم دولهم للإرهابيين في سورية».

حواضن الإرهاب في الغرب والخليج وتونس وليبيا بدأت تتفاعل فيما بينها وتصدر الإرهاب للعالم

وأضاف: «في السنوات الماضية كانت هذه المنطقة هي التي من المفترض أن تصدر الإرهاب للعالم وللغرب. أما اليوم فأصبح في الغرب حاضنة تصدر الإرهاب إلى هذه المنطقة، بالإضافة إلى الحواضن الموجودة أساساً في منطقتنا في الشرق الأوسط، وخاصة في الخليج وفي الدول التي دخلت مؤخراً على ساحة الإرهاب كتونس بعد الأحداث في عام 2010 و2011 وفي ليبيا، وبدأت تلك الحواضن بالتفاعل مع بعضها البعض وتصدير الإرهاب إلى كل المناطق». واستطرد مذكِّراً: «كثيراً ما شرحنا لهم قبل العدوان على سورية، وخلاله؛ أن الإرهاب لا يعرف حدوداً ولا تمنعه إجراءات ولا تردعه استنكارات ولا تصريحات. نبهناهم إلى أن انتشار الإرهاب لا توقفه حروب ولا تنهيه طائرات كطائرات تحالفهم اليوم؛ فالإرهاب فكر مريض وعقيدة منحرفة وممارسة شاذة نشأت وكبرت في بيئات أساسها الجهل والتخلف، أضيف إليها سلب حقوق الشعوب واستحقارها. ولا يخفى على أحد أن الاستعمار هو من أسس لكل هذه العوامل ورسخها وما زال».
وتابع متسائلاً: «فكيف يمكن لمن ينشر بذور الإرهاب أن يكافحه؟ من يريد مكافحة الإرهاب فإنما بالسياسات العاقلة المبنية على العدل واحترام إرادة الشعوب في تقرير مصيرها وإدارة شؤونها واستعادة حقوقها المبنية على نشر المعرفة ومكافحة الجهل وتحسين الاقتصاد وتوعية المجتمع وتطويره. وأما الحرب العسكرية فهي كالكي آخر الأدوية، وإذا كان لا مفر منها في حالة الدفاع عن الوطن فهي لا تحل أبداً محل السياسات والإجراءات الهادفة لتطويق عوامل نشوء الإرهاب ونموه والوصول بذلك لاقتلاعه من جذوره بدلاً من تقليم أظافره فقط، كما يفعلون الآن لأن هذه الأظافر ستعود للنمو أقسى وأشد فتكاً». وأضاف: «لكن قصر نظرهم جعلهم يعتقدون أنهم سيكونون في مأمن من شرر الإرهاب الذي يتطاير من مكان لآخر في عالمنا العربي المضطرب ويحرق بلداناً بأكملها في الشرق الأوسط غير المستقر أساساً. لم يكن في حسبانهم أنه سيضرب في قلب القارة الأوروبية وتحديداً غربها. لكن، هذا لا يعني أنهم اتعظوا فما زال تعاملهم مع هذه الظاهرة يتسم بالنفاق؛ فهو إرهاب عندما يصيبهم، وثورة وحرية وديمقراطية وحقوق إنسان عندما يصيبنا. مرتكبوه عندهم إرهابيون، وعندنا ثوار ومعارضة معتدلة. يملؤون الدنيا صراخاً عندما تلدعهم شرارة من نار، ويصيبهم صمت القبور عندما نحترق نحن بها».

العربان صمموا للغرب وصفات
مبسطة لابتلاع الأوطان

وقال الرئيس الأسد: «التبدلات الإيجابية الأخيرة على الساحة الدولية هي حقيقية. هناك قراءة مختلفة للوضع الذي يحصل في سورية وهناك فهم للأكاذيب التي استخدمت والادعاءات المزيفة تحديداً للغرب. أما التبدلات الإيجابية على الساحة الغربية فهي غير مستقرة وغير مستمرة، لأنها تنطلق من القلق من الإرهاب الذي ضرب لديهم، والقلق من أن الشرق الأوسط إذا تحول إلى ساحة إرهاب منتشر فهو الحديقة الخلفية لأوروبا تحديداً. هناك قلق وضياع لأن إخوتنا من العربان وضعوا أمامهم وصفات مبسطة. القضية بسيطة: وصفة القليل من الإرهاب المسيطر عليه، مع القليل من إسقاط الدول، والقليل من الفوضى نحتملها، والقليل من تبديل الوجوه وتبديل الحكام، وتصبح الطبخة جاهزة أو الوجبة جاهزة وتفضلوا وابتلعوا الأوطان». وأردف قائلاً: «رأوا أن الحسابات مختلفة تماماً والأمور تذهب باتجاه مختلف بشكل كلي، لذلك أنا أقول إن هذه التبدلات لا يعول عليها. هم لم يتعلموا دروساً ولم يكتسبوا أخلاقاً طالما أن اللغة المزدوجة أو المعايير المزدوجة هي السائدة لديهم. هذا يعني أن كل شيء مؤقت، وعلينا ألا نعول عليه في المستقبل ففي أي لحظة يتبدل عندما تتحسن ظروفهم الداخلية، الانتخابية، المتعلقة بالإرهاب ويعودون لنفس السياسات الاستعمارية السابقة».
ومضى بالقول: «عندما تصبح المعايير ثابتة موحدة غير مزدوجة؛ كأن يقولوا بشكل علني بأن الثوار الذين دعموهم هم عبارة عن إرهابيين، وبأن ما يسمى المعارضة ليسوا طلاب حرية وإنما مجرد عملاء صغار، عندها، يمكن أن نصدق بأن أوروبا الغربية أو الغرب بشكل عام تغير. أو ليذهبوا باتجاه آخر: ليسمحوا للمعارضة في بلدانهم أن تحمل السلاح وتقتل وتدمر ويبقوا على تسميتها معارضة أو ليسمحوا لها أن تكون عميلة، أو ليسمحوا للدول الأخرى أن تحدد ما هو نظام الحكم المناسب لهم ومن يحكم لديهم، عندها نصدق وعندها سنقبل بوصفاتهم القديمة التي كانت تستخدم دائماً من أجل تبرير أي عدوان أو تدخل في شؤون الدول تحت عناوين إنسانية كحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية وغيرها».

غاية الغرب وحلفائه ضبط وحش خلقوه لكنهم فقدوا السيطرة عليه

وتابع الرئيس الأسد: «جوهر نفاقهم أنهم يدعون مكافحة وحش هم خلقوه ثم فقدوا السيطرة عليه، وغايتهم اليوم هي ضبطه فقط وليس القضاء عليه. وكل حملاتهم العسكرية والسياسية الإعلامية ما هي إلا لذر الرماد في العيون، وما يفعلونه في الحقيقة أدى إلى نمو الإرهاب بدلاً من القضاء عليه. هذا ما يؤكده الواقع وليس التحليل الشخصي، فرقعته الجغرافية اتسعت وموارده المادية ازدادت والبشرية تضاعفت. فهل نتوقع منهم فعلاً صادقاً في مكافحة الإرهاب؟ هذه الدول تاريخها استعماري، فكيف يمكن لمستعمر لا تحمل صفحات تاريخه إلا الاحتلال والقتل والدمار واستعمل الإرهاب كورقة لحرق الشعوب واستعبادها وأنشأ ودعم المنظمات الإرهابية المتسترة بالدين كالإخوان المنافقين ثم القاعدة وتوابعها أن يحارب الإرهاب؟»، وأجاب قائلاً: «هذا الكلام مستحيل لأن مرادفات الاستعمار هي الإرهاب واللاأخلاق واللاإنسانية. ولأن هذه الصورة كانت واضحة بالنسبة لنا منذ الأيام الأولى للأزمة، لم نعتمد إلا على أنفسنا ولم نأمل الخير إلا من بعض الأصدقاء الحقيقيين للشعب السوري، الذين يحملون مبادئ وأخلاقاً ويريدون الاستقرار للمنطقة وسورية والعالم. الذين يحترمون القانون الدولي ويقدرون إرادة الشعوب وينظرون إلى العالم على أن العلاقات فيه علاقات ندية لا يوجد أسياد وعبيد».
وأضاف: إن «دول بريكس وقفت، مع غيرها من الدول، موقفاً منصفاً تجاه ما يحصل في سورية، وساهمت في توضيح حقيقة ما يجري للعالم، وقدمت إيران الدعم الاقتصادي والعسكري والسياسي فساهمت في تعزيز صمود شعبنا ومناعته، انطلاقاً من أن المعركة ليست معركة دولة أو حكومة أو رئيس، كما يحاولون التسويق، بل هي معركة محور متكامل، لا يمثل دولاً بمقدار ما يمثل منهجاً من الاستقلالية والكرامة ومصلحة الشعوب. كذلك فعلت روسيا التي شكلت مع الصين صمام الأمان، الذي منع تحويل مجلس الأمن إلى أداة تهديد للشعوب ومنصة لإطلاق العدوان على الدول وخاصة سورية. وأطلقت روسيا عدداً من المبادرات البناءة التي تهدف إلى قطع الطريق على دعوات الغرب ودفع مسار الأحداث باتجاه الحوار بين السوريين أنفسهم».

تجاوبنا مع كل المبادرات
لأن دماء السوريين فوق أي اعتبار
ووقف الحرب له الأولوية

ومضى مبيناً: «بالمقابل كان نهجنا وما زال هو التجاوب مع كل مبادرة تأتينا من دون استثناء، بغض النظر عن النوايا التي نعرف سوء بعضها في كثير من الأحيان وبشكل مسبق. ذلك أن قناعتنا الراسخة بأن أي فرصة فيها احتمال ولو ضئيل لحقن الدماء هي فرصة يجب أن تلتقط من دون تردد؛ فدماء السوريين فوق أي اعتبار ووقف الحرب له الأولوية. وبنفس الوقت كان لدينا الرغبة بقطع الطريق على المشككين والمغرر بهم الذين يعتقدون بأن الأزمة مرتبطة بموضوع الإصلاح السياسي أو بموضوع حوار أو ما شابه، وكانوا يستخدمون كلمة لو: لو فعلوا كذا لحصل كذا، لو فعلوا كذا لما حصل كذا. فقررنا أن نتجاوب مع كل المبادرات لنثبت لهؤلاء بأن القضية ليست مرتبطة بالعمل السياسي وإنما بدعم الإرهاب منذ الأيام الأولى».
وقال موضحاً: «لذلك ذهبنا إلى حوارات جنيف وموسكو، والتي هدفت إلى تحقيق أرضية سياسية مشتركة بين المشاركين، يفترض بها أن تعبر عن توافق ما بين الأطياف السورية. هذا هو الشيء المفترض هنا. بعد أن بدأت الحوارات طرح كثير من السوريين أسئلة منطقية. مجموعة أسئلة منطقية لكنها مرتبطة ببعضها. ما العلاقة بين المسار السياسي والإرهاب على الأرض؟ ما العلاقة بين الشخصيات التي تسمى معارضة خارجية؟»، وأضاف: «الحقيقة (أن) معارضة خارجية لا يعني أنها موجودة في الخارج، وإنما مرتبطة بالخارج، فجزء من هذه المعارضة الخارجية موجود داخل سورية مرتبط به سياسياً ومادياً» وتابع سرد التساؤلات: «ما العلاقة بين هذه المعارضة التي تسمى الخارجية، والإرهابيين على الأرض وخاصة أن أولئك الإرهابيين منذ الأيام الأولى أعلنوا رفضهم التعامل مع تلك المعارضة ورفضهم الاعتراف بها؟ كيف تحاورون أشخاصاً لا تأثير لهم على الإرهابيين، وليس لهم تأثير حتى على غير الإرهابيين، لا يمثلون أو بالكاد يمثلون أنفسهم والبعض لا يمثل حتى نفسه لأنه يمثل الآخرين؟».
وتابع: «مختصر أو محصل هذه الأسئلة سؤال وحيد: كيف يمكن للحوار السياسي أو الحوارات السياسية التي تقومون بها أن تؤدي إلى إيقاف الإرهاب في سورية؟ هذا هو هاجس كل مواطن موضوع الإرهاب». ومضى قائلاً: «منطقياً لا يوجد أي رابط بين الحوار والعمل السياسي وبين الإرهاب، فالعمل السياسي يهدف إلى تطوير النظام السياسي، وبالتالي الازدهار والعمران وزيادة مناعة الوطن في الداخل والخارج، وبكل تأكيد الإرهاب ليس أداة من هذه الأدوات. الإرهاب نتائجه مختلفة، قتل وتدمير وإضعاف المناعة».

سيد واحد يدير ويحرك الخيوط بين المعارضة المرتبطة بالخارج والإرهابيين

وأضاف: «هذا بشكل نظري، أما عملياً فالرابط قوي جداً جداً ومتين لأن الرابط بين تلك المعارضة المرتبطة بالخارج والإرهابيين هو أن السيد واحد. السيد هو الذي يمول ويدير وينسق ويحرك الخيوط، فتارة يطلب من الإرهابيين أن يرفعوا وتيرة الإرهاب وتارة يطلب من المعارضة الخارجية المرتبطة به أن ترفع وتيرة الصراخ من أجل تحقيق ضغط سياسي. عملياً هم أعضاء لجسد واحد كل عضو يقوم بواجبه بطريقته ولكن العقل المدير والمدبر هو عقل واحد. الهدف هو استخدام المسارين الإرهابي والسياسي من أجل ابتزاز السوريين ودفعهم إما بقبول تحويل سورية إلى تابع، والقبول بما سيملى عليهم سياسياً أو أنهم سيستمرون بدعم الإرهابيين وتدمير البلاد. فإذاً المحصلة أن الإرهاب هو الأداة الحقيقية، أما المسار السياسي فأداة احتياطية ثانوية؛ يستخدم المسار الإرهابي لتوجيه المسار السياسي فإذا تم تحقيق الإنجازات التي يريدونها أو الأهداف من خلال المحور السياسي كان بها. عدا عن ذلك فمهمة الإرهاب هي الوصول إلى الأهداف التي يريدون الوصول إليها».
وتابع: «ماذا يعني هذا الكلام طالما أن الإرهاب بيدهم، وجزء من المحاورين الذين تمثلهم المعارضة الخارجية المرتبطة بهم هم جزء من الحوار وقادرون على إفشال المسار السياسي؟ هذا يعني بأن الحديث عما يسمونه الحل السياسي ونسميه المسار السياسي هو عبارة عن كلام أجوف فارغ ليس له أي معنى. طبعاً، هذا سيستغل الآن في الإعلام الأجنبي، سيقولون إن الرئيس السوري أعلن رفضه للعمل السياسي وتمسك بالحل العسكري. تعرفون كل هذا الكلام الفارغ لا يعنينا الآن، نحن مع معرفتنا بأن القضية من الأساس هي إرهاب ودعم للإرهاب، لكن نحن مع أي حوار سياسي ولو كان له تأثير بسيط جداً في الأزمة، نحن مع العمل السياسي، طبعاً كلمة حل سياسي غير دقيقة لأن الحل هو حل للأزمة والمشكلة، ولكن الحل فيه محاور: المحور السياسي والمحور الأمني والعسكري وغير ذلك».

ما داموا يستخدمون الإرهاب للتأثير
في العمل السياسي فالأخير لن ينتج

وقال الرئيس الأسد: «نحن مع المسار السياسي ندعمه، لكن أن ندعمه شيء وأن نخدع به شيء آخر. ما داموا يستخدمون الإرهاب للتأثير في العمل السياسي فهذا يعني أن العمل السياسي لن ينتج. فإذا أردنا أن نتحدث عن حوار سوري سوري صافٍ بعيد عن الابتزاز، فلا بد أن نبعد الإرهاب ونضرب الإرهاب لكي يتحول الحوار إلى حوار حقيقي وجدي بين السوريين. والسيد الذي يدير هذا الموضوع، طبعاً سيد الإرهابيين وسيد المعارضة الخارجية، لن يقوم بذلك لأنه إذا قام فعلاً وبشكل جدي بضرب الإرهاب، فهو سيفقد القدرة على السيطرة على مسار الأمور. لذلك، لن يقوموا بضرب الإرهاب، ولكننا نعرف هذا الشيء».
ومضى موضحاً: «إذاً، من الناحية النظرية، إذا تم ضرب الإرهاب، وهذا لن يحصل، سيكون الحوار سورياً سورياً صافياً بالمعنى الصافي. ولكن أيضاً هذا الكلام نظري. لو ضربنا الإرهاب لن يكون الحوار سورياً صافياً، لأننا كنا نقول قبل قليل إن هناك معارضة مرتبطة بالخارج هي جزء من الحوار، فنحن أيضاً في الحوار أمام نوعين من المحاورين أو ثلاثة؛ الأول النوع الوطني، والثاني هو العميل للغرب، والثالث: الانتهازي مجموعة شخصيات ليس لها أي انتماء سياسي، لكنها وجدت في المسار السياسي فرصة لتحقيق مكاسب شخصية ولو كان على حساب الوطن. وكلا النوعين العميل والانتهازي قادر على ضرب أي إجماع من الممكن أن نصل إليه كدولة في حوارنا مع الشخصيات الوطنية. وهذا ما حصل في موسكو (1) و(2)، عندما قام أولئك بضرب الإجماع حول عدد من النقاط، التي توصلنا إليها في موسكو. وبعد شرح كل هذه الصورة هناك من يأتي، ليقول: الدولة السورية لا تبادر «يعني لو بادرت كانت الأمور جيدة يعني كل شيء أصبح مهيأً».

الإرهابي يريد أن يتوب.. والمشكلة أن مسؤولينا لا يبدعون حلولاً ولا مبادرات

وأضاف: «الإرهابي يريد أن يتوب والغرب يذرف الدموع على الشعب السوري، والمشكلة هي أن مسؤولينا لا يبدعون حلولاً ولا مبادرات، وهذا فيه نوع من السذاجة وفيه نوع من سوء النوايا من البعض في الخارج. يعني المسار السياسي المطلوب منه، إن لم يصل للأهداف المطلوبة، أن يصل بالحد الأدنى لتحميل الحكومة السورية مسؤولية الفشل. فهناك من يقول: الحكومة السورية لم تبادر. وأنا أقول إن كل من لم ير كل المبادرات التي قمنا بها، أولاً، المبادرة السياسية في عام 2013، عشرون ألف شخص وأكثر استفادوا من مراسيم العفو لأشخاص متورطين، كغير المرتكبين لجرائم قتل، والمصالحات والتسويات وتغيير القوانين وتغيير الدستور وغيرها، من لم ير كل هذه الأمور في الماضي، فلن يرى أي مبادرة في المستقبل، فلماذا نضيع وقتنا في مبادرات لن يراها أحد؟»
وتابع: «عملياً، نحن هدفنا من هذه المبادرات كان داخل السور (داخل سورية)، ومن يريد أن يرى هذه المبادرات «وجزء منها كان له تأثير إيجابي». وهناك من يقول: لنبادر إذا لم نربح فلن نخسر. هذا الكلام غير صحيح لأن المبادرات التي تقوم بها الدولة هي ليست مقالات تكتب في الصحافة؛ هي أفعال على الأرض وهذه الأفعال إما أن تدفع الأمور باتجاه الأمام وإما أن تسحبها باتجاه الخلف. إن لم يكن لها تأثير فهذا يعني أن هذه المبادرة ليست لها قيمة. فلماذا نقوم بمبادرات ليس لها تأثير ولا وزن ولا قيمة؟ عملياً، أي مبادرة نقوم بها إن لم تدفع الأمور باتجاه الأفضل فهي ستعقد الحل، وليس العكس. هي ليست ساحة يجب أن يوجد بها، وهي ليست سوقاً أو بورصة أن لم ندخل في هذه السوق هناك من سيأتي ويسبقنا لقطف الفرصة. هي ليست ساحة فنية إن لم يوجد الفنان من وقت لآخر بعمل فني سوف ينساه الجمهور. هي عمل حقيقي على الأرض. هذه هي السياسة. لكن أهم من ذلك أننا نعرف إذا كانت هذه المبادرة موجهة للقوى المعادية أو للخصوم ولعملائهم، فأي مبادرة لن تؤدي إلى أي نتيجة لسبب بسيط لأن المبادرة الوحيدة التي يقبلونها هي عندما نقدم لهم الوطن كاملاً ولأسيادهم، وعندما يتحول الشعب السوري إلى تابع وعبد ينفذ أوامر الكبار، كما ينفذونها هم وهذا ما لن يحصلوا عليه مهما حلموا به».
الحديث عن تقديم تنازلات من الدولة السورية يعنى أنها متهمة بـ«الراديكالية والتشدد»

وقال الرئيس الأسد: «أما الحديث عن تقديم تنازلات من الدولة السورية، فيعني أن الدولة متهمة دائماً بأنها راديكالية ومتشددة وغير مرنة وغير واقعية. هناك مبدأ بسيط حقوقي وبديهي أن الإنسان يحق له أن يتنازل عن أشياء يمتلكها، ولا يحق له أن يتنازل عما لا يمتلكه هو إلا إذا كان لديه وكالة من المالك الأصلي. ونحن في الدولة السورية لا توجد لدينا وكالة من الشعب السوري للتنازل عن حقوقه الوطنية، والشعب السوري هو الوحيد صاحب الحق في تقديم أي تنازل إذا أراد. ولو أراد هذا الشعب أن يقوم بهذا التنازل لما صمد أربع سنوات ودفع كل هذا الثمن الغالي، وما زال، من الأساس». وأضاف: «المحصلة، لنختصر كل هذا الكلام: أي طرح سياسي لا يستند في جوهره إلى القضاء على الإرهاب لا معنى له ولا فرصة له ليرى النور. لذلك، حتى يتحول الوضع السياسي ويكون هناك عمل جدي لا خيار أمامنا سوى أن نستمر في مكافحة الإرهاب، لا يوجد خيار آخر. نحن نريد كما قلت أن يكون هناك مسار سياسي لكن بالواقع أمامنا حل وحيد هو أن نكافح الإرهاب، فلا سياسة ولا اقتصاد ولا ثقافة ولا أمان ولا أخلاق حيثما يحل الإرهاب».

الأتراك تدخلوا بشكل مباشر
لدعم الإرهابيين في إدلب

وتابع: «انطلاقاً من فهم الشعب لهذه الحقائق يبقى الوضع الميداني هو محور اهتمام المواطنين السوريين على مدار اليوم وعلى مدار الساعة، ومن واجبي اليوم أن أعطي أجوبة عن الكثير من الأسئلة التي طرحت مؤخراً حول الوضع الميداني. نحن لم نسع للحرب، ولكن عندما فرضت علينا، تصدت القوات المسلحة للإرهابيين في كل مكان. ومنذ ذلك الوقت ومسيرة المعارك هي في صعود وهبوط وهذه هي طبيعة المعارك بشكل عام ولكن في الحرب نوع الحرب التي نخوضها اليوم لا يمكن للقوات المسلحة أن توجد في كل بقعة من الأرض السورية. هذا يسمح للإرهابيين بالدخول إلى مناطق يضربون الاستقرار فيها حتى يأتي الجيش السوري ويحررها وهذا شيء يحصل بشكل مستمر منذ بداية الأحداث».
وأضاف: «مؤخراً الدول الإرهابية نتيجة صمود سورية الشعب والجيش، رفعت مستوى الدعم للإرهابيين لوجستياً، عسكرياً، تسليحياً، مالياً، وبشرياً، وأحياناً تدخلت بشكل مباشر كما حصل في إدلب من الأتراك من أجل دعمهم. هذا أدى إلى أن بعض المناطق التي كانت تحت سيطرة الدولة دخلت إلى سيطرة الإرهابيين، وهذا خلق نوعاً من الإحباط لدى المواطن السوري، عززته الدعاية المضادة، التي سوقت وهم سقوط مقومات صمود الدولة السورية: الدولة تنهار.. الجيش ينهار.. الحرب تكتب الفصول الأخيرة منها لمصلحة الإرهابيين، وغيرها من الأشياء».

إيران قدمت فقط الخبرات العسكرية.. ولم تقدم أي شيء آخر في المجال العسكري

وتابع: «بنفس الوقت عندما كان بالتوازي الجيش العربي السوري يكسب معارك في مناطق أخرى كانوا يقولون: لا، من يكسب المعارك هو القوى الموجودة مع الجيش، والجيش لا يقاتل أصابه الوهن والتعب والإحباط. وذهبوا أبعد من ذلك أنهم قالوا: إن من يقاتل هو جيوش أخرى أتت من دول من خارج سورية لتساعد الجيش السوري. طبعاً، هم يقصدون في هذه الحالة إيران. ولكي أكون واضحاً حول هذه النقطة، فإن إيران الشقيقة قدمت حصراً الخبرات العسكرية، لم تقدم أي شيء آخر في المجال العسكري. وأما أخوتنا الأوفياء في المقاومة اللبنانية فقاتلوا معنا وقدموا أقصى ما يستطيعون، وصولاً للشهداء الذين امتزج دمهم مع دم إخوانهم في الجيش والقوات المسلحة. كان لهم دورهم المهم وأداؤهم الفعال والنوعي مع الجيش في تحقيق إنجازات في أكثر من مكان. هذا الكلام معروف لأنهم يمتلكون الخبرة والتمرس المفيدين لنا في هذا النوع من الحروب، ونحن ممتنون لشجاعتهم وقوتهم ومناصرتهم لنا».
وأردف قائلاً: «بنفس الوقت كلنا يعلم بأنه لا يمكن لأي قوة داعمة أن تحل محل القوة الرئيسية. وبنفس الوقت لا يمكن لأي قوة شقيق أو صديق غير سوري، أن تأتي وتدافع عن وطننا نيابةً عنا. فلماذا أحبط الناس عندما تراجع الجيش في بعض المناطق؟ الإحباط هو دليل اندفاع وثقة. عندما يثق الإنسان بقدرة شخص على إنجاز شيء معين ويفشل في إنجازه يصاب بالإحباط أو بخيبة الأمل. أما عندما يعرف مسبقاً بأنه غير قادر على القيام بهذا الشيء ولا يحققه لا يعني شيئاً بالنسبة للإنسان. فإذن هو اندفاع وثقة ليس تشكيكاً بقدرة الجيش ولا تراجعاً عن دعمه واحتضانه، والدليل أن عدد الملتحقين بالقوات المسلحة ازداد بعد تلك المرحلة. وأنا أتحدث عما بين نيسان وأيار في تلك المرحلة تحديداً».

نخوض حرباً مشتتة.. الحكم فيها لـ«أولويات القيادة والوقائع الميدانية»

ومضى الرئيس الأسد قائلاً: «في حديثي عن الوضع الميداني سأنطلق من الأسئلة المطروحة. هل نتنازل عن مناطق؟ لماذا نخسر مناطق أخرى؟ وأين الجيش في بعض المناطق لماذا لا يأتي؟». وأضاف: «بالعرف السيادي والوطني والسياسي كل شبر من سورية هو غال وثمين ولا تنازل عن السيطرة عليه وكل منطقة بقيمتها البشرية والجغرافية هي كأي منطقة أخرى في سورية لا يوجد أي تمييز بالنسبة لنا هذا بالعرف وبالمبادئ. ولكن، الحرب لها شروط ولها إستراتيجيات ولها أولويات. ربما تختلف أحياناً أو تفرض شيئاً مختلفاً عما ذكرته. المعارك والقرارات في القيادة يحكمها شيئان: أولويات القيادة والوقائع الميدانية. أولويات القيادة بنيت على الحرب التي نخوضها حرب مشتتة، عشرات الجبهات في كل الاتجاهات في كل الزوايا من دون استثناء. في سورية نواجه عدواً تقف خلفه أقوى الدول وأغنى الدول، وبنفس الوقت لديه إمداد غير محدود بشري ومادي وتسليحي».
وتابع: «إذا فكرنا بأننا سنقوم بالانتصار في كل المعارك في كل مكان بنفس الوقت فهذا الكلام بعيد تماماً عن الواقع ومستحيل وغير ممكن. وهذا الشيء ظاهر، كان منذ البداية بغض النظر عن تصاعد الأعمال القتالية. لذلك، كان لا بد من وضع أولويات. سأتحدث عن أولويتين فقط وليس كل الأولويات الأولى هي المناطق المهمة. لا بد من تحديد مناطق مهمة تتمسك بها القوات المسلحة لكي لا تسمح بانهيار باقي المناطق. هذه المناطق تحدد أهميتها بحسب عدة معايير: قد تكون مهمة من الناحية العسكرية، قد تكون مهمة من الناحية السياسية، قد تكون مهمة من الناحية الاقتصادية والخدمية».

نضطر في بعض الظروف للتخلي عن مناطق لنقل القوات إلى منطقة نريد التمسك بها

وأضاف الرئيس الأسد: «في قرارات القيادة العامة دائماً تكون هناك محاولة موازنة بين الأهمية العسكرية والمدنية لكل منطقة من المناطق. ولكن، عندما تتأزم الظروف ويميل الميزان لمصلحة الإرهابيين تصبح الأولوية العسكرية هي الأساس، لأن التمسك بهذه المنطقة أو بتلك المنطقة أو البقعة من الناحية العسكرية يؤدي لاستعادة المناطق الأخرى. أما فقدانها فيؤدي لخسارة كل المناطق. لذلك، في مثل هذه الحالة، ربما نتمسك بمنطقة لا يعرفها الناس، ربما تكون منطقة حاكمة أو تلة أو هضبة ولكن نخسر مقابلها منطقة لها صدى إعلامي وسياسي لدى المواطنين. هذه هي حال الحق. وتركيز الجهود، عندما نريد أن نركز القوات في منطقة مهمة. الذي يحصل أننا نأتي لنقوم بعملية حشد للعتاد وللمقاتلين في منطقة، ولكن هذا الشيء يكون على حساب أماكن أخرى فتضعف الأماكن الأخرى، وأحياناً نضطر في بعض الظروف لأن نتخلى عن مناطق من أجل نقل تلك القوات إلى المنطقة التي نريد أن نتمسك بها».
وتابع قائلاً: «هناك الأولوية الثانية هي حياة الجنود؛ هؤلاء الأشخاص المقاتلون الأبطال كل واحد فيهم لديه «قد يكون أبوان زوجة أخوة أخوات أبناء ينتظرون عودته سالماً» فبمقدار اندفاعهم للقتال والتضحية بمقدار ما علينا أن نكون حريصين على حياتهم لكي ينفذوا المهام ويعودوا سالمين إلى أهاليهم. لأنه بمقدار أهمية البقعة الجغرافية أو الأرض لنا، فإن حياة المواطنين والمقاتلين والعسكريين أغلى من الأرض. الأرض تسترد أما الحياة فلا يمكن أن تسترد. ونحن نقول دائماً بأننا نسعى بالقتال للانتصار وليس للشهادة. الشهادة قدر وليست هدفاً، الهدف هو الانتصار. أما عندما تأتي الشهادة كقدر فلا يمكن أن نردها».

قد يحصل خطأ بسيط في مسار الأعمال القتالية يؤدي لسلسلة من الخسائر

وأضاف الرئيس الأسد: «أما الوقائع الميدانية التي تفرض نفسها خلال الأعمال القتالية، فهي أولاً العنصر البشري. المقاتل السوري أثبت شجاعة وكفاءة ومهارة وقدرة عالية جداً باعتراف كل العالم. هذا الموضوع منذ سنوات غير قابل للنقاش لا من قبل الأعداء ولا الأصدقاء. لكن التفاوت بين الناس هو طبيعة بشرية، يعني هناك مقاتل أشجع من مقاتل. هناك قائد أذكى من قائد. هناك شخص أكثر كفاءة. هذا التفاوت بين البشر نراه تفاوتاً أحياناً في الأداء بين الوحدات والتشكيلات. وهذا الاختلاف نراه أيضاً أحياناً بين الإرهابيين الذين يقاتلون مقابلنا في أماكن مختلفة. لذلك أحياناً نرى بأنه تحصل أخطاء. طبعاً، في العمل العسكري تحصل أخطاء. وقد يكون هذا الخطأ، ولو كان بسيطاً، لكنه في مسار الأعمال القتالية مكلف جداً ويؤدي لسلسلة من الخسائر. هذه هي طبيعة أي عمل ولكن نرى نتائجه الجذرية في العمل العسكري».
ومضى قائلاً: «هناك طبيعة الأرض. القتال في الجبال غير السهول.. غير المدن الكبرى غير الصغرى.. غير الريف والمدينة والقرى، إلى آخره من التفاوتات التي تفرض نفسها. لكن، هناك عامل مهم جداً يفرض نفسه: هو طبيعة الحاضنة الاجتماعية. بشكل عام في سورية الحاضنة الاجتماعية موالية للدولة حتى في بعض مناطق الإرهابيين. لكن، طريقة تأييد الجيش والقوات المسلحة في المناطق الساخنة تختلف من مكان لآخر. في بعض المناطق التي دخل إليها الجيش كان التأييد المعنوي هو الأساس.. معنوي لفظي كلامي وهو مطلوب جيد. وفي بعض المناطق كان تأييداً مادياً، البعض يقدم الطعام، البعض يقدم المعلومات، يعني كل واحد يعبر بطريقته بحسب إمكانياته أيضاً عن دعم هذا الجيش. ولكن، في مناطق أخرى كان الدعم فعلياً من خلال حمل السلاح والقتال مع الجيش. هذه الطريقة كانت حاسمة جداً أو مهمة جداً في سرعة حسم المعارك بأسرع زمن وبأقل الخسائر».
وأضاف: «قد يقول البعض من واجبات الجيش أن يقوم بهذه الأعمال. (هذا) صحيح. ولكن هذا لا يمنع من أن يدافع كل شخص عن منزله وعن حارته أو حيه وعن قريته وعن مدينته. من غير المبرر أن يدخل الجيش إلى مناطق نكتشف بأن الشباب تركوها وهجروها، هذا الكلام غير مقبول. وهذا ينقلنا إلى السؤال الثالث: أين الجيش في بعض المناطق؟ أحياناً يأتي هذا السؤال على شكل تساؤل.. على شكل طلب على شكل عتب أو بأشكال أخرى مختلفة. لماذا لم يأت إلى هذه المنطقة وفيها إرهابيون؟ وأيضاً هذا الموضوع حساس يجب أن نتحدث فيه كما هي عادتنا بشفافية مطلقة وأيضاً سيستغلها الإعلام المعادي، ولكن لا توجد مشكلة، نحن نتحدث مع بعضنا الآن كسوريين». وتابع «في حالة السلم يكون هناك استكمال محدد للقوات المسلحة بشكل يكون كافياً لصد هجوم مباغت. ولكن عندما تريد الدولة أن تنتقل لحالة حرب فلا بد من استكمال القوات المسلحة.. ويكون الاستكمال بشكل أساسي من خلال الدعوة الاحتياطية بالإضافة للمجندين والمتطوعين».
الحرب هي حرب كل المجتمع

وتابع الرئيس الأسد: يضاف لها أن كل الإمكانات المدنية في الدولة توضع بتصرف القوات المسلحة، ويضاف لها أيضاً بحسب قانون التعبئة أنه حتى إمكانيات القطاع الخاص التي تخدم المعركة على سبيل المثال «السيارات والآليات والمنشآت» كلها تصبح بتصرف القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، ماذا يعني هذا الكلام؟.. يعني أن الحرب هي ليست حرب القوات المسلحة هي حرب كل الوطن.. هي حرب كل المجتمع هذه هي الطريقة التي يمكن أن نرفع بها الجاهزية بشكل نكون فيه قادرين على خوض أخطر وأعقد وأوسع المعارك بمعنى الجبهات.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن النقطة الثانية في حالة السلم دائماً تكون هناك نسبة من الفرار أو التخلف عن الخدمة العسكرية بالآلاف، وفي حالة الحرب تتضاعف هذه النسب عدة مرات لسبب أساسي هو عامل الخوف بالدرجة الأولى، لكن كما نعلم فالجيش هو ليس فقط سلاحاً وعتاداً، الجيش بالدرجة الأولى هو الطاقة البشرية التي ستقوم باستخدام السلاح والعتاد وعندما نتحدث عن إنجازات محددة بالناحية العسكرية، هذه الإنجازات لكل مستوى من مستويات الجيش مربوطة بما يتواجد في هذا التشكيل من كمية ونوعية عتاد وبنفس الوقت كمية أو عدد من المقاتلين أو العناصر البشرية، فعندما نقول بأن نسبة الاستكمال مئة بالمئة هناك حسابات رقمية على الورق يمكن لهذا التشكيل على سبيل المثال أن ينفذ مهمة بمدى معين يعني «عمقاً وبعرض معين» يعني جبهة، عندما تنخفض نسبة الاستكمال تنخفض إمكانية هذا التشكيل لتنفيذ هذه المهام فيصبح العمق أقل والجبهة أقل وإذا انخفضت أكثر يتحول بالكاد للدفاع، يصبح غير قادر على تنفيذ مهام كبيرة كما هو مفترض أن ينفذ، بنفس الوقت يمكن لهذا التشكيل أن ينفذ أكثر من مهمة بنفس الوقت إذا كان مستكملاً، عندما ينخفض الاستكمال يصبح بحاجة لتنفيذ المهام بالتتالي الأولى ثم الثانية ثم الثالثة وما يعنيه ذلك من زمن طويل وخسائر أكبر خاصة في القطاع المدني.

القوات المسلحة قادرة على تنفيذ مهامها والالتحاق بالجيش ازداد

وقال الرئيس الأسد: هنا نصل لسؤال بسيط وبديهي بكل هذه الصورة التي عرضناها عن الحرب، الدول الكبرى والغنية والإرهابيون وإمداد غير محدود.. هل القوات المسلحة السورية بالشكل المثالي قادرة على تنفيذ المهام بشكل جيد وحماية الوطن؟، هنا أنا لا أحب المبالغات أعطي جواباً علمياً وعملياً وحقيقياً وواقعياً، «نعم بكل تأكيد هي قادرة، نعم قادرة وبراحة، يعني هذا الكلام لا نستطيع (القول) إنها، بصعوبة، قادرة.. لا، قادرة وهي مرتاحة». وأضاف الرئيس الأسد، لكن هناك قواعد موجودة في هذا الكون يعني لا شيء مثلاً ينشأ من العدم ولا شيء يذهب إلى العدم، لا شيء يتحرك أو يتحول إلا بوجود الطاقة، فطاقة الجيش هي القوى البشرية، فإذا أردنا من الجيش أن يقدم أفضل ما لديه فعلينا أن نقدم له أكثر ما لدينا، إذا أردنا منه أن يعمل بأقصى طاقته فلا بد أن نؤمن له كل ما يحتاج من هذه الطاقة، كل شيء متوفر لكن هناك نقص بالطاقة البشرية للسبب الذي ذكرته، مع ذلك أنا لا أعطي صورة سوداوية الآن، هنا سيستغلها الإعلام المعادي ويقول الرئيس يتحدث عن أن الناس لا تلتحق بالجيش يعني هذا يؤكد انهيار الجيش والدولة، لا لا أبداً، هناك التحاق وقلت أنا قبل قليل بأنه ازداد الالتحاق في الأشهر القليلة الماضية.

القوات المسلحة كسرت المعايير المتعلقة بالتوازن خارج كل المنطق

وأضاف: «ولكن هناك فرق بين أن تكون المهام على الجبهة، يعني على الجبهة نستطيع أن نأخذ الوقت الكافي للقيام بعمل معين باعتبار الزمن مهماً ولكنه ليس العنصر الأهم، ولكن عندما يكون هناك مدنيون يعانون مثل حلب «التي يحاولون تركيعها» إما بالهجوم المباشر أو بالقذائف المجرمة أو بقطع الماء أو بقطع الكهرباء، عندما يحاصرون دير الزور لكي تستسلم عبر الجوع، عندما يحاصرون نبل والزهراء ومناطق أخرى مختلفة، يصبح الزمن ضاغطاً بالنسبة لنا كدولة وكقوات مسلحة لكي ننجز بأسرع الأوقات ما يجب أن ننجزه بزمن ربما مختلف في مناطق ليس فيها كثافة سكانية.
وتابع: «لا».. يوجد التحاق والقوات المسلحة تقوم بمهامها وأنجزت إنجازات كسرت فيها المعايير، أنا أتحدث عن معايير موجودة على الورق، القوات المسلحة العربية السورية كسرت المعايير المتعلقة بالتوازن خارج كل المنطق، أنجزت إنجازات، السبب هو الإرادة، وكنا نتمنى أن نكون قادرين على أن نرسل هذه الإرادة إلى أماكن أخرى ولكن الإرادة تتواجد حيث يتواجد المقاتل، فنحن لا بد من أن نرسل مقاتلين إلى أماكن أخرى لكي ننجز المهام، الجيش موجود في حلب، وموجود في دير الزور وصمد صموداً عظيماً خلال السنوات القليلة الماضية ولكن الصمود شيء وتحقيق الإنجازات شيء آخر.

مرسوم العفو صدر
بمبادرة من المتخلفين أنفسهم

وقال الرئيس الأسد: إن تحقيق الإنجازات يستند إلى الصمود ولكن الصمود لا يحقق إنجازات وحده، فإذاً هنا لا بد من أن نقوم بخطوات محددة لرفع نسبة الاستكمال لكي تصل لمستوى هذه المهام العاجلة، وأنا أؤكد على فكرة الزمن، لذلك أمس السبت، صدر مرسوم العفو.. «هذا التصفيق ليس لي وسأقول لكم لماذا»، صدر هذا المرسوم بهدف تشجيع المتخلفين على الالتحاق بالجيش فهذا المرسوم لم يصدر بمبادرة مني ولا من الدولة، صدر بمبادرة من المتخلفين أنفسهم الذين أرسلوا رسائل إلى القيادة قالوا فيها نحن نريد الالتحاق، البعض منهم فرار والبعض منهم تخلف، أساساً نريد أن نلتحق بالجيش، ولكن لدينا قلق من الإجراءات الحسابية والعقابية، فصدر المرسوم لكي يقوم أولئك بالالتحاق. هم بضع مئات الذين أرسلوا الرسائل وأنا أعتقد أن خلفهم بضعة آلاف فهذه بادرة جيدة، هذا يؤكد أن الناس تدعم الجيش ويؤكد أن الناس تفهم هذه النقاط لكن صدر المرسوم، هذه خطوة والباقي برسم المجتمع برسم كل محافظة كل مدينة كل قرية كل عائلة بالنسبة لهذه النقطة.

الوطن لمن يدافع عنه ويحميه والهزيمة غير موجودة في قواميس الجيش

وأضاف: أعود لنؤكد للإعلام المعادي لا يوجد انهيار ويوجد لدينا التحاق وسنصمد وسنحقق المهام، نؤكد على نقطة أخرى أيها السادة، الوطن ليس لمن يسكن فيه وليس لمن يحمل جواز سفره أو جنسيته، الوطن هو لمن يدافع عنه ويحميه، والشعب الذي لا يدافع عن وطنه لا وطن له ولا يستحق أن يكون له وطن، فإذن بالمحصلة المشاكل التي شرحتها الآن، العقبات التي تواجه الجيش والقوات المسلحة، العوامل التي تؤثر على مسار المعارك ليست مرتبطة بالتخطيط، يعني الحرب التي خضناها كافية لتعلم أقل الناس معرفة حتى غير العسكريين أن يصبحوا قادة ماهرين.
وتابع: لا توجد لدينا مشكلة بالتخطيط ولا توجد لدينا مشكلة بالتعب، البعض يتحدث عن تعب الجيش، وأنا قلت سابقاً في إحدى المقابلات إنه من الطبيعي أن يتعب الجيش فطبعاً استلموا هذه النقطة في الإعلام المعادي وأصبحت هي القضية وأن الرئيس يتحدث عن تعب الجيش يعني «إذا الواحد دخل في منافسة فكرية بالعقل فقط وربح بها فيربح بها بعد أن يتعب».. يعني العقل يتعب، إذا دخل فريق في مباراة رياضية قد ينتصر ويربح بتلك المباراة وقد يصل قبل الربح إلى مرحلة الإنهاك.
ومضى الرئيس الأسد قائلاً: الإنسان يربح وينتصر بتعب وليس براحة فمن الطبيعي أن تتعب الدولة.. الدول الكبرى والمجتمع والكل ولكن التعب شيء والهزيمة شيء آخر، الهزيمة والانهزام غير موجودة في قواميس الجيش العربي السوري، لذلك أنا توسعت في هذه العناصر الميدانية لأول مرة أتحدث بها نتيجة التساؤلات المطروحة في سورية، وكلما تفهمنا طبيعة الحرب والمعارك المرتبطة بها كنا أكثر قدرة على مواجهة الشائعات وتلافي الإحباط وبنفس الوقت تكون لدينا القدرة على تقديم الدعم الضروري والمطلوب للقوات المسلحة لكي تقوم بمهامها على أكمل وجه.

كثر تعلموا دروس الحرب وفي مقدمتها
نبذ الطائفية والانغلاق

وقال الرئيس الأسد: بالتوازي مع الحرب العسكرية كنا نخوض حرباً إعلامية نفسية، تهدف لتسويق وترسيخ فكرة سورية المقسمة إلى كيانات موزعة جغرافياً بين موالاة ومعارضة وكيانات طائفية وعرقية، وكانوا يعززون هذه الفكرة من خلال استخدام مصطلح الحرب الأهلية ومن خلال تكرار مصطلحات طائفية وعرقية والتركيز عليها في أي حديث أو تصريح أو تعليق حول ما يحصل في سورية، الهدف من كل ذلك كان تكريس هذه المفاهيم في عقولنا كسوريين ويعني أن يتكون لدينا شعور بأن هذا هو الواقع ولا مفر منه ولا أمل من عودة سورية إلى الوضع السابق وبالتالي نقبل بهذا الأمر الواقع ونقبل بالإملاءات التي تفرض علينا من الخارج.
وأضاف: في الواقع أن هذا الواقع رغم تعقيده ليس كذلك، لأن التقسيم لا يحصل على أسس جغرافية، فالمواقع تسقط وتستعاد، والسيطرة تفقد وتسترد، أما التقسيم فلا يحصل إلا عندما يقبل الشعب به أو يسعى إليه، عندما ينقسم الشعب على نفسه وعندما تنتفي إرادة العيش المشترك بين مكونات الشعب، في سورية هل هذا هو الواقع في سورية؟، دعونا نَرَ: ألا يهرب السوريون بكافة أطيافهم ومكوناتهم من مناطق الإرهابيين إلى مناطق الدولة، ألا تعيش هذه الأطياف التي خرجت من مناطق الإرهابيين مع بعضها البعض في مختلف المناطق في سورية التي هي تحت سيطرة الدولة بنفس التناغم والتجانس الذي كان موجوداً قبل الأزمة، سيقول البعض ما هذه المبالغة، المفروض أن هذه أخذتنا باتجاه طائفي، لا، الحقيقة هذا الكلام غير صحيح اللغة الطائفية شيء والشعور الطائفي شيء آخر، الحقيقة الكثير ممن لم يكن واعياً قبل الأزمة لخطورة الشعور الطائفي الآن تعلم دروس الحرب وفي مقدمتها نبذ الطائفية ونبذ الانغلاق لأن فيه تدمير وطن.

على الأرض مكونان: الإرهابيون في جانب وبقية السوريين في جانب آخر

وتابع الرئيس الأسد: لم نسمع منذ بدأت الأزمة أن هناك نزوحاً من مناطق الدولة باتجاه مناطق الإرهابيين، ولم نسمع بأن التنوع السوري الغني موجود الآن في مناطقهم ولا عن التجانس والتناغم الموجود في سورية في المجتمع السوري الذي يعيش في ظل رعايتهم لم نسمع كل هذه الأشياء، كلنا يعرف هذه الحقائق فإذا الواقع يقول شيئاً وحيداً إن المكونات الموجودة على الأرض السورية هي مكونان فقط، الإرهابيون بكافة جنسياتهم في جانب وبقية السوريين في جانب آخر، هذان المكونان الموجودان وبذلك ينتفي الكلام والضجيج عن التقسيم الطائفي أو العرقي والذي يوحي كأننا أصبحنا في مرحلة محاصصة الوطن وتقاسم أشلائه، من يرد تقييم الوضع في سورية فعليه أن يقيمه سكانياً وشعبياً قبل أن يقيمه جغرافياً وعسكرياً، وعلى من يقيم الوضع في سورية أن يقرأه ببعد نظر لا بقصر نظر.. بعمق لا بسطحية، عندما يقرأ بعمق فسوف يفهم بأن حصة كل سوري هي كل سورية، سورية الواحدة الموحدة، سورية الغنية بألوانها، الفخورة بأطيافها.
وقال الرئيس الأسد: هذا الواقع الشعبي الذي أتحدث عنه هو الذي يبقي للخطاب الوطني معنى عدا ذلك إن لم يكن هذا الواقع الشعبي بهذا الشكل فالخطاب الوطني الموحد هو مجرد كلام إنشائي ليس له معنى، في مثل هذه الحالة وفي مثل هذا الواقع الخطاب له معنى وهو الذي كان أحد أهم أسباب استمرار الدولة والوطن، كياناتهم هي مجرد وهم لسبب بسيط فلا يمكن أن يكون المجتمع منقسماً والدولة موحدة، هذا الكلام مستحيل، لا يمكن أن يكون المجتمع منهاراً مفككاً والدولة تقف على أقدامها رغم كل الطعنات لأن الدولة انعكاس للشعب وليس العكس.

علينا أن نبقى متمسكين بمفرداتنا
الوطنية الجامعة الموحدة

وقال الرئيس الأسد: في مقابل هذه الطروحات علينا كسوريين أن نبقى متمسكين بمفرداتنا الوطنية الجامعة الموحدة، بعيداً عن كياناتهم الافتراضية وهوياتهم الفرعية التي تريد استبدال سورية الوطن الواحد بسورية الأوطان، واستبدال المجتمع المتماسك المتجانس بمجتمعات منقسمة مريضة طائفية وعرقية، لذلك يجب أن نكون واعين لكل المصطلحات التي نستخدمها، البعض يظهر خاصة في الإعلام ويتحدث بنفس اللغة الطائفية والتقسيمية والتفتيتية التي يتحدثونها في الإعلام المعادي، هو يعتقد ربما عن حسن نية أنه بهذه الحالة إنسان واقعي وموضوعي، في الواقع هو مجرد إنسان سطحي لأنه لا يعلم بأن الواقع يبدأ بفكرة ويبدأ بكلمة وعندما نقبل بهذه المصطلحات أن تكون جزءاً من ثقافتنا علينا أن نتوقع أن هذا التقسيم أو التفتيت أو التخريب سيكون جزءاً من واقعنا خلال أعوام قليلة، لذلك لا يجوز أن نستخدم جملاً تتحدث بمظهرها عن وحدة الوطن ولكنها تمارس التفتيت، تتحدث بمظهرها عن البناء ولكنها تنتج التدمير، يجب أن نكون واعين بدقة للمصطلحات لأنها مهمة، كل شيء في العالم يبدأ باللغة، اللغة هي حامل الأفكار وهي التي تؤدي لاحقاً للواقع.

مؤسسات الدولة مستمرة بعملها
ولو بالحدود الدنيا في بعض الحالات

وأضاف الرئيس الأسد: «أيها السيدات والسادة».. لا شك أن الوضعين السياسي والميداني ينعكسان بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي، فبالتوازي مع الهواجس الأمنية التي نعيشها، هناك أيضاً الهاجس المعيشي الذي مس كل عائلة وفرد وخاصة ذوي الدخل المحدود، وهذا نتيجة حتمية للحرب التي نعيشها والتي أدت إلى تراجع الاقتصاد السوري وموارد الدولة الضرورية لتنشيطه بفعل تدمير الإرهاب لجزء مهم من البنية التحتية الاقتصادية والخدمية وعرقلته المخططة والمقصودة لدورة الاقتصاد الطبيعية، عبر قطع الطرق بين المدن إضافة إلى قطع شرايين الحياة عن بعض المناطق كالمياه والكهرباء والوقود، يضاف إلى كل ذلك الحرب التي تشن علينا من الخارج عبر الحصار الاقتصادي والعمل على إضعاف عملتنا الوطنية وضرب مقومات صمودنا.
وتابع الرئيس الأسد: رغم كل ما ذكرت فإن مؤسسات الدولة مستمرة بالقيام بعملها ولو بالحدود الدنيا في بعض الحالات، فنحن في حرب وفي الحروب تتوقف الحياة تماماً وتنقطع مقومات العيش، «نحن في سورية بعد أربع سنوات ونيف ورغم الاختناقات التي حصلت وربما قد تحصل لبعض الخدمات الأساسية، واليوم نعيش موضوع الكهرباء وأعتقد أن جزءاً كبيراً من المواطنين لن يتمكنوا من مشاهدة الخطاب الآن بسبب انقطاع الكهرباء، إلا أنها كثيراً ما تتوافر بغضون أيام عندما نقوم بواجبنا على أكمل وجه»، لا يوجد شيء من دون حل فهناك جنود مجهولون أنتم تمثلونهم، «عمال مهندسون أطباء حرفيون».. كثيرون غيرهم من كل القطاعات يصلون الليل بالنهار يعملون في ظروف اقتربت أحياناً من ظروف القتال التي يخوضها مقاتلونا على مختلف الجبهات ويقدمون الشهداء من أجل تأمين مستلزمات الحياة من مأكل وملبس ومسكن وطبابة وتعليم وغيرها.
وأكد الرئيس الأسد، أنه رغم كل ما سبق فذلك لا يعني أن بعض مؤسساتنا لم تكن قادرة على أن تكون في وضع أفضل حتى في ظل تلك الظروف القاهرة، ولا يعني أن أفق تحسين حالنا ما زالت بعيدة، بل على العكس، فنحن نمتلك الإرادة والمقدرة، وما تبقى هو عملية تنظيم وإبداع لننطلق للأحسن ولو تدريجياً.

عدد المصانع في المناطق الآمنة
بريف دمشق وحمص ازداد خلال الأزمة

وقال الرئيس الأسد: وذكرت سابقاً في خطاب القسم أن أهم قطاع واعد بالنسبة لنا هو قطاع الإعمار، وبعد ذلك الخطاب بعدة أشهر في خريف العام الماضي صدر القانون 66 الذي يفتح الباب واسعاً لهذا القطاع، وما تم على الواقع أنه تم إنجاز المخططات التنظيمية لأول منطقة في مدينة دمشق وهي منطقة كفرسوسة وتم الانتهاء مؤخراً من توزيع الملكيات بين المالكين وتم البدء مؤخراً بإنجاز البنية التحتية، وبالتوازي تم البدء بدراسات لوضع المخططات التنظيمية لمنطقة داريا. وفي حمص تم الانتهاء من وضع المخططات التنظيمية لمناطق بابا عمرو والسلطانية وجوبر، فإذاً نستطيع أن نقول: إن هذا المشروع انطلق ولو أنه ما زال في مراحله الأولية ولكن على أهميته ليس القطاع الوحيد، فهناك قطاعات -حتى خلال الأزمة وبهذه الظروف القاسية على الاستثمار- تطورت، فمثلاً ازداد عدد المصانع في المناطق الآمنة بريف دمشق وحمص، وأؤكد على المناطق الآمنة كي لا يعتقد البعض أني أقدم رقماً مطلقاً، لأنه في المناطق التي تحت سيطرة الإرهابيين إما دمرت المعامل أو نهبت، واستكمل بناء مصانع تم البدء بها قبل بدء الأحداث، والأهم من ذلك أن هناك من بدأ استثماره بعد بدء الأزمة وهذا دليل وطنية عالية وثقة بالوطن على الرغم من كل هذه الظروف وربما هي طريقة للتحدي بأننا سنكون أقوى من الإرهاب.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن القطاعات التي تضررت بشكل حاد كقطاع الدواجن والأعلاف والصناعات الغذائية والألبسة «نسيجية» والدوائية عانت بشكل حاد، تم ترميمها مؤخراً ببعض الإجراءات بنسب تختلف بين مقبول إلى جيد ولذلك مؤخراً منذ أسابيع قليلة في هذا الشهر أقرت الحكومة إحداث هيئات متخصصة لدعم الإنتاج المحلي عبر دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال قروض تشغيلية تساعد المنتجين بالتخفيف من آثار الأزمة على إنتاجها.
ولفت الرئيس الأسد إلى أن التجربة الناجحة كانت في مجال القروض الصغيرة -البعض يسميها متناهية الصغر- التي بادرت بها جهات من القطاع الأهلي وبدعم ومشاركة الدولة، وأوجدت من خلالها عشرات الآلاف من فرص العمل عبر مشاريع منتجة صغيرة خلال أقل من عامين وبكميات ليست كبيرة من التمويل، تم توسيع التجربة بشكل أكبر وتحديداً مع الإدارة المحلية، وعندما أقول الإدارة المحلية فنحن نفصل في بعض المشاريع الوزارة نفسها وفي بعض المشاريع البلديات أو المحافظات وفي أكثر من محافظة سواء عبر القروض الصغيرة أو عبر المنح الإنتاجية التي تقدم مجاناً للجرحى ذوي الإصابات الدائمة والتي سيتم توسيعها لاحقاً لتشمل جرحى بمستوى إصابات أقل وأيضاً لعائلات الشهداء، هذه الأشياء التي أذكرها بالنسبة للاقتصاد هي نماذج فقط كي تدل على إرادة وتصميم السوريين وتؤكد أن الأبواب مفتوحة أمامنا لتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي.

المحور العسكري سيؤثر داخليا
وسيغير الموازين خارجياً

وقال الرئيس الأسد: تحدثت في ثلاثة عناوين وأريد فقط أن ألخص، سيسأل كل مواطن ماذا نفهم من هذا الخطاب.. سمعنا الشرح.. هل هناك أمل أم لا يوجد أمل؟.. وأنا أقول: بالاقتصاد بكل تأكيد الأبواب مفتوحة، في عام 2012 وهي أسوأ سنة اقتصادية مرت علينا، كان السبب ليس فقط الظروف، وإنما الكثير من السوريين كان يعتقد بأنه يجب أن يؤجل أعماله حتى تتحسن الظروف ويعود للعمل، وعندما اكتشف بأن الأمور ستطول قرر أن يتأقلم مع الظروف وبدأنا بالإنتاج، وهذا العام كان التصدير نسبياً جيداً.. وعندما أقول نسبياً نسبة للظروف وليس نسبة لما قبل الأزمة، عندما نبدأ بالتصدير ويبدأ الإنتاج وتبدأ بعض القطاعات تتحرك فهذا يعني بأننا قادرون، الأبواب مفتوحة، علينا أن نبحث عن طرق وأساليب ووسائل، نحن كدولة ومؤسسات فيها مع القطاع الخاص، مع القطاع العام، فإذاً نستطيع أن نتفاءل في هذا القطاع، وتبقى العقبة الأساسية هي القضية الخدمية، كالكهرباء والوقود وهذا نحاول حله من وقت لآخر.
وأضاف الرئيس الأسد: أما في الجانب العسكري فكان شرحي واضحاً، نعم لدينا الإمكانات في الجانب العسكري مع بعض المبادرات من المجتمع لتعزيز هذا الجانب، يوجد أمل.
أما في الجانب السياسي ففي الحقيقة لا يوجد لدي أي عنصر أقدمه لكم وأخدعكم وأقول لكم نعم هناك، يعني بالكلام الدبلوماسي مع المسؤولين والإعلام نقول كلاماً مختلفاً، ولكن مع السوريين لا نستطيع إلا أن نقول الحقيقة، نحن لسنا العامل الوحيد المسيطر على العمل السياسي ولا أصدقاؤنا كالروس والإيرانيين والصينيين والبريكس وغيرهم.. هناك دول أخرى، فحتى هذه اللحظة لا أستطيع أن أقدم لكم أي شيء في هذا المجال كي تبنوا عليه، بكل الأحوال محور كل هذه المحاور هو المحور العسكري الذي سيؤثر داخلياً وسيغير الموازين خارجياً.

لن نكون عبيداً بل أسياد مستقلون والدول المتمسكة بحقوقها لا بد أن تنتصر

وقال الرئيس الأسد: «أيتها الأخوات أيها الأخوة» نحن في مرحلة مصيرية لا حلول وسطاً فيها يتساوى فيها التردد مع الانهزامية مع الجبن مع العمالة والخيانة، فلا تنازل عن الحقوق ولا تفريط بشبر واحد، لن نكون عبيداً، بل أسياد مستقلون، أسياد على بلادنا ومقدراتنا وحقوقنا، وها هو العالم يتغير شيئاً فشيئاً، فالدول المتمسكة بحقوقها لا بد أن تنتصر، وخير مثال على ذلك هو ما حققته الشقيقة إيران من اتفاق بعد طول صبر وعناء، لكن بثبات وعزيمة وإرادة، هذا هو نهج الدول الحرة التي لا ترضى الاستعباد ولا الانقياد، تضع مصالح شعبها أولاً وتسير.

ما يقولونه عن سورية قالوه عن إيران.. لكنها انتصرت

وتابع الرئيس الأسد: أنا هنا أريد أن أتحدث عن هذا الاتفاق ببضع جمل لا أتحدث عما يحلله الإعلام فكل العالم يحلل حول ما سبقه وما سيليه، وما يهمني السياق كيف توصلت إيران إلى هذا الانتصار سواء أحببنا إيران أم لم نحبها أعجبتنا أم لا.. اتفقنا معها أم لا، هي حققت انتصاراً كبيراً، وهذا البلد الشقيق حوصر لمدة ثلاثة عقود ونصف وأكثر بقليل، وتعرض لحرب ظالمة لمدة ثماني سنوات استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة بما فيها الأسلحة الكيميائية بموافقة الغرب وتم تدمير الجزء الأكبر من البنية التحتية في إيران، ومع ذلك خرجت قوية وحققت إنجازات علمية، وهي الأولى بالإنجازات العلمية وبالأبحاث على مستوى العالم الإسلامي و«رقمها بالعشرينات على مستوى العالم».
وأضاف الرئيس الأسد: على الرغم من كل هذا الحصار مرت بكثير من المفاصل لسنا بصدد الحديث عنها لكن وصلنا إلى عام 2009 «الانتخابات الإيرانية الرئاسية» ونذكر أول نموذج لما سمي «الربيع العربي» طبق في إيران لم يخطط للدول العربية، فإذا ضربوا إيران ينتهون من كل شيء آخر، فبدؤوا بنفس المصطلحات بنفس الأساليب وشكلت قنوات فضائية باللغة الفارسية واستخدموا مواقع التواصل الاجتماعي ونفس الأكاذيب، لدرجة أن أحد المسؤولين الأوروبيين كان في زيارة إلى سورية في نهاية تلك الأحداث وقال لي: يجب أن تبتعدوا عن إيران لأن القضية قضية أشهر، وما يقولونه عن سورية قالوه عن إيران، أشهر ويسقط النظام الإيراني وقلت له: أنت ستعود ربما إلى هذه المنطقة بعد أشهر وتكتشف أنك كنت مخطئاً، ولم أذكر اسم هذا المسؤول هو من الحمقى، من المسؤولين لكن الآن أذكر كل تصرفاته خلال فترة وجوده.
وقال الرئيس الأسد: لماذا تجاوزت إيران كل تلك المؤامرات من الحرب حتى ذلك المفصل ووصلت إلى هذا الانتصار ومفاصل أخرى بينهما، لأنها كانت موحدة. إن وحدة الشعب الإيراني هي التي أنجزت الاتفاق وأعطت إيران الحق النووي، حتى البعض من المعارضة الإيرانية الذي فر منذ أيام الشاه عندما طرح الموضوع النووي وقف مع وطنه على اعتبار أنه قضية وطنية، والبعض من إعلام المعارضة في الخارج الإيراني وقف إلى جانب الدولة في هذا الموضوع، فرقوا بين الخلافات السياسية وبين الخلافات على أساس وطني في الثوابت الوطنية، هذا فيه رسالة لأحبائنا من المعارضة الخارجية السورية المرتبطة بالخارج لأنهم بدؤوا بالنواح منذ إخفاق مشروعهم للضربة على سورية في عام 2013 وبدؤوا بتصعيد هذا النواح وخاصة بشكل جذري ودراماتيكي مؤخراً «بكاء وصراخ ولوم وزعل وعتب على أسيادهم في الغرب» لأنهم لم يقدموا لهم ما يحتاجونه لتحرير الشعب السوري.

للمعارضة السورية الخارجية المرتبطة بالخارج: أنتم في زبالة التاريخ

وتابع الرئيس الأسد: وطبعاً في إيران لم نسمع عن تلك المراحل، عن دعوات لقصف إيران وتبديل الدولة وتحرير الشعب، فالمعارضة السورية الخارجية المرتبطة بالخارج تبكي اليوم لأنهم لم يقدموا لها هذا الشيء على الرغم من أنها قدمت كل شيء، والمعارضة قدمت أكثر مما طلب منها أسيادها، لكن هم لم يقدموا لكم لأن هناك قواعد للعمل أنتم تابعون والتابع هو عبد والعبد لا يقدم له، السيد يستخدم العبد لا يقدم للعبد، هم يحتقرونكم وهذا الكلام سمعناه من كل مسؤول غربي بأنهم يحتقرون هذه المعارضة، هم يحتقرونكم أكثر من الشعب السوري.. لماذا؟ لأننا في سورية نعرف بعضاً عن عمالتكم أما أسيادكم فيعرفون كل شيء عن عمالتكم، لذلك أنتم ستستخدمون كالورقة وبعدها سيلقون بكم في سلة المهملات أما الشعب السوري فمنذ زمن طويل ألقى بكم في زبالة التاريخ.
وقال الرئيس الأسد: الثمن غال لأن المخطط كبير والحرب حرب وجود، نكون أو لا نكون، صحيح أن عامل التدخل الخارجي كان أساسياً ومؤثراً جداً في إضرام نارها، لكن معظمنا يعي اليوم أن العامل الداخلي هو الأهم في إطفاء هذه النار.
وتابع الرئيس الأسد: وعلى أهمية هذا الوعي لحقيقة ما يحصل، فإننا كسوريين لن نكون قادرين على إنقاذ سورية مما يحاك لها إلا عندما يشعر كل فرد فينا أن هذه المعركة هي معركته هو وأنه هو المعني بوطنه ومدينته وقريته ومنزله قبل الآخرين، وهو المعني بوحدة تراب بلده وبالحفاظ على العيش المشترك، وعندها لن يكون هناك نازح يهجر موطنه بدلاً من أن يدافع عنه، ولن يكون هناك متفرج يتضامن مع بلاده ولا يفعل شيئاً غير الكلام.

مستقبل منطقتنا سوف يحدد وترسم ملامحه استناداً إلى مستقبل سورية

وأضاف الرئيس الأسد: إن انتصار سورية في حربها لن يعني فقط دحر الإرهاب بل يعني أن المنطقة ستستعيد استقرارها، فمستقبل منطقتنا سوف يحدد وترسم ملامحه استناداً إلى مستقبل سورية، فالمحرقة قادمة عبر مشروع التقسيم وحروبه وإذا أردنا تجنيب أبنائنا وحمايتهم منها فلا بد أن ننتصر في معاركنا وحربنا وحينها نسلمهم إرثاً يفخرون به في المستقبل ويكونون أسياداً حقيقيين في وطنهم.
وأكد الرئيس الأسد أن خيارنا واضح منذ اليوم الأول وهو امتلاك الإرادة والثقة بالانتصار، والنصر هنا ليس لفئة من السوريين على أخرى بل نصر لكل السوريين على ما خطط لهم وهذا ما حدا بكثيرين كانوا يحملون السلاح في وجه الدولة إلى تغيير وجهة بندقيتهم ليأتوا ويقاتلوا جنباً إلى جنب مع إخوانهم في الجيش والقوات المسلحة وقدموا شهداء في مناطق مختلفة، فالدم واحد والعدو واحد والمصير واحد.

لعائلات الشهداء جميعاً:
مهما فعلنا فلن نفيكم حقكم

وقال الرئيس الأسد: أدعو كل متردد خوفاً أو شكاً أو أملاً بأحلام لن تتحقق أن يحذو حذو من سبقه ليوحدوا البندقية باتجاه العدو الحقيقي، العدو المشترك والأخطر وهو الإرهاب، أما وعود الخارج لمن ما زال يعيش عليها فستبقى مجرد أوهام طالما أن هناك أبطالاً في الجيش والقوات المسلحة يقاتلون في أحلك الظروف ويسهرون لينام السوريون ويستشهدون لتحيا سورية.
وأضاف الرئيس الأسد: لهم ولكل فصائل الدفاع الشعبي كل التحية والإكبار وكل التقدير والتكريم.
وتابع الرئيس الأسد: لتضحياتكم ننحني ولبذلكم وعطائكم نقف إجلالاً، وسيكتب التاريخ عما شهدته سورية من إرهاب وقتل، وستكتبون أنتم فصل حمايتها وتطهيرها والحفاظ على شعبها وبقائها.
وقال الرئيس الأسد: تحية لعائلاتكم ولذويكم الذين أنشؤوكم على حب الوطن والتضحية في سبيله، والتحية الأكبر والأعظم لعائلات الشهداء جميعاً، وأخص بالذكر من فقد أكثر من شهيد من عائلة واحدة، لهذه العائلات: منكم نستمد الصمود ومنكم نتعلم البذل والعطاء والوطنية فأنتم العائلات الجبارة بحق، ومهما فعلنا فلن نفيكم حقكم.
وأضاف الرئيس الأسد: أما جرحانا الأبطال.. فأنتم تاريخ سورية الحي، وأنتم الشاهد والذاكرة وأنتم المدرسة الحقة التي ستتعلم منها الأجيال القادمة كيفية التضحية بجزء من الجسد ليحيا الجسد الأكبر سورية.
وقال الرئيس الأسد: لمخطوفينا ومفقودينا وأهلهم نقول: لن نألو جهداً في تحديد مصير من فقد ومحاولة تحرير من خطف سواء عبر العمليات العسكرية أو عبر التبادل.

نشكر إيران وروسيا والصين
والمقاومة اللبنانية

وتابع الرئيس الأسد: لا ننسى أن نشكر الشقيقة إيران على ما قدمته وما زالت من دعم لسورية، والصديقة روسيا، والصين الوفية على مساعدتهما بأكثر من جانب وخاصة في المحافل الدولية، وشكراً من القلب للمقاومة اللبنانية التي بادلتنا الوفاء بالوفاء والدم بالدم.

وطننا حق لنا.. وحمايته حق علينا.. والله مع الحق

وقال الرئيس الأسد: أحيي كل سوري صمد رغم الآلام والجراح وصبر على جور العقوبات والحصار والشح في الموارد، وكل سوري تمسك بأرضه رغم كل الإغراءات بالسفر والهجرة، تحدى الإرهاب وقذائف الموت وعبر بصبره وصموده عن أعمق معاني التشبث بالأرض والجذور وأعطى الوطنية مضمونها الحقيقي وكان في بقائه بقاء للوطن.
وختم الرئيس الأسد بالقول: وطننا حق لنا.. وحمايته حق علينا.. والله مع الحق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن