ثقافة وفن

وزارة الثقافة تحتفي بذكرى تأسيسها باحتفالية «الثقافة.. لوعي الحياة» … خميس: الوسط الثقافي الوطني بقي ينبض بالإبداع والعطاء وسراجاً يهتدي به السوريون .. الأحمد: تواصل سورية الاحتفاء بالفعل الثقافي وكل ما يمجد الحق والخير

| وائل العدس – تصوير طارق السعدوني

برعاية وحضور المهندس عماد خميس رئيـس مجلس الوزراء، أقامت وزارة الثقافة بذكرى يوم تأسيسها، احتفالية كبيرة عبرت عن وعي الحياة وتجلياتها وفهم التفصيلات التي تتكون منها كلمة الثقافة، تحت شعار «الثقافة.. لوعي الحياة» في دار الأسد للثقافة والفنون.
وحضر افتتاح الاحتفالية، عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي- رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام القطري مهدي دخل الله، ووزير التربية هزوان الوز، ووزير السياحة بشر يازجي ووزير الإعلام محمد رامز ترجمان، ونائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد، ونائب رئيس مجلس الشعب نجدة إسماعيل أنزور، ومحافظ ريف دمشق علاء منير إبراهيم.
وتستمر الاحتفالية لغاية الثلاثين من شهر تشرين الثاني الجاري ويرافقها مجموعة فعاليات في كل المحافظات.

مشروع ثقافي حضاري
وبيّن خميس في كلمته خلال الافتتاح أن الحكومة حريصة على تبني مشروع ثقافي حضاري ينتج عنه جيل عربي سوري واع لقضاياه ومؤمن بمبادئه السامية وبعروبته الأصيلة وإسلامه المعتدل القادر على استيعاب مفرزات الحضارة الإنسانية والتفاعل معها من منطلق الفاعل لا المنفعل والمؤثر لا المتأثر فحسب.
وأكد أن الحكومة ستعمل جاهدة على تجاوز العقبات التي فرضتها الحرب، وتجاوز ثقافة الأزمة إلى ثقافة السلام والمحبة، وتجاوز أزمة الثقافة إلى الثقافة التنموية بأبعادها الأخلاقية والعلمية والتربوية والدينية والاقتصادية والاجتماعية، فحتى تنجح الثقافة كمشروع وطني لا بد أن تكون حالة مجتمعية متأصلة بين كل شرائح المجتمع.
وقال: أنقل إليكم محبة السيد الرئيس بشار الأسد وأمنياته لكم ولكل العاملين في الوسط الثقافي ولمبدعينا ومفكرينا ومثقفينا الكبار بكل التوفيق والنجاح.. واسمحوا لي أيضاً أن أتوجه باسمكم جميعاً وباسم كل مواطن سوري بأسمى آيات التحية والتقدير لبواسل جيشنا العظيم الصامدين في وجه أعتى حرب إرهابية تشهدها دولة على مر العصور.. والرحمة والمجد لشهدائنا الأبرار والشفاء العاجل لجرحانا الأبطال.
وأضاف: تولي الحكومة اهتماماً خاصاً للنهوض بالشأن الثقافي وتطوير عمل مؤسساته وهيئاته، ولن تدخر جهداً لتحقيق ذلك منطلقة من المقولة الخالدة للقائد المؤسس حافظ الأسد «الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية»، وكذلك الرعاية الكبيرة التي أحاط بها الرئيس بشار الأسد المثقفين والمفكرين والمبدعين وتكريمه المستمر لهم وسؤاله الدائم عن أوضاعهم وأحوالهم حتى في أدق التفاصيل.
وأشار إلى أن ما تتعرض له سورية منذ نحو سبع سنوات لم يكن فقط إرهاباً هدفه القتل والتدمير والنيل من مؤسسات الدولة، وإنما كان في جانب كبير منه إرهاباً فكرياً وثقافياً وأخلاقياً هدفه تعميم ثقافة التطرف على حساب ثقافة التسامح وإشاعة التخلف والجهل على حساب الإبداع والعلم، وبث روح الهزيمة والتخاذل على حساب روح الصمود والمقاومة، ومسح تاريخ حضاري طويل لمصلحة إرث عدواني وعنصري بغيض.
ورأى خميس أن ما تعرضت له اليوم المؤسسات الثقافية والمواقع الأثرية والرموز الثقافية والفكرية من استهداف ممنهج واعتداءات مباشرة يؤكد أن الحرب التي نشهد اليوم آخر فصولها كانت حرب هوية وفكر وانتماء، وقد انتصر فيها الشعب السوري بمثقفيه وإرثه وتاريخه، مشيراً إلى أن الوسط الثقافي الوطني بقي طوال السنوات السبع الماضية ينبض بالإبداع والعطاء وسراجاً يهتدي به السوريون.
ولفت إلى أن عودة انعقاد معرض مكتبة الأسد للكتاب بما تضمنه من زخم وغنى من المؤلفات والكتب المعروضة تؤكد أن نبض الحياة ما كان ليتوقف رغم كل تداعيات الحرب وآثارها المدمرة، وهو ما شكل سداً منيعاً في مواجهة الفكر التكفيري والتخريبي.
وشدد رئيس مجلس الوزراء على أن هزيمة الإرهاب عسكرياً وأمنياً التي تحققت بتضحيات جيشنا البطل وحلفائنا الأوفياء تتطلب أيضاً هزيمته فكرياً وثقافياً عبر استئصال ما حاول زرعه في عقول الناس وأفكارهم وسلوكهم، وإعادة الاعتبار لكل القيم والمبادئ التي آمنت بها سورية وعملت عليها طوال عقود من الزمن، لافتاً إلى ما يتطلبه الأمر من جهود كبيرة من المؤسسات الثقافية العامة والخاصة ومن مثقفينا ومبدعينا.
وأكد أنه كما نجحت سورية في هزيمة الإرهاب عسكرياً ستهزمه فكرياً، وذلك بفضل وعي شعبنا ومثقفيه ومبدعيه ومفكريه، الذي سيغلق سبع سنوات من الإرهاب وسيبني ما خربته الحرب وسيصون النصر الذي زرعه شهداؤنا في كل بقعة من سورية كي تعود أيقونة الحياة ووعيها.

الاحتفاء بالفعل الثقافي
بدوره وزير الثقافة محمد الأحمد تحدث قائلاً: للسنة السابعة على التوالي تستمر هذه الحرب الكونية الشرسة على سورية، وللسنة السابعة تواصل سورية إبداعها الفني والفكري، وتواصل الاحتفاء بالفعل الثقافي وكل ما يمجد الحق والخير والجمال.
وأضاف: ينبغي ألا ننسى أن أي عمل فني أو فكري رفيع إنما هو يعكس عصره ومجتمعه والناس الذين عاش بينهم مبدع هذا العمل. العمل الذي لا يتفاعل مع محيطه ويؤثر ويتأثر به، هو عمل سيظل على هامش الحياة والإبداع والتاريخ.
وتابع: لهذا نحن في وزارة الثقافة نصر على أن تكون إنتاجاتنا الإبداعية متفاعلة مع سورية وناسها، واقفة في صف أبنائها المخلصين الذين يواجهون هذه الجائحة من الفكر الظلامي التكفيري بأقلامهم وعقولهم، وفي صف جيشها الباسل الذي يبذل جنوده دمهم من أجل الذود عن شعب سورية وحضارة سورية وازدهار سورية.
وعن الاحتفالية أوضح: سنشاهد في هذه الاحتفالية لوحات وأفلاماً وصوراً ومسرحيات ونسمع موسيقا ونقرأ كتباً تؤكد كلها للعالم بأسره أن الشعب العربي السوري، رغم ما يمر به من محنة وألم، مصر على أن يتشارك مع بقية شعوب الأرض الحلم الكبير الذي يوحدنا، كوكب يتسع للجميع ويحضن كل البشر، من دون حروب ونزاعات وسفك دماء، وعالم نظيف من كل ما يلوث سماءنا وهواءنا وضمائرنا. لكن اليوم لا خيار آخر لسورية. جيشها الباسل البطل سيظل يقاتل الإرهابيين المسلحين، ومثقفوها العقلانيون الوطنيون سيظلون يقاتلون كل أشكال الفكر الرجعي الظلامي. إلى جنودنا الأبطال تحية وسلاماً، وعهداً للشهداء منا على ألا تذهب دماؤهم هدراً.
وختم: لا يسعني إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل للأستاذ المهندس عماد خميس رئيس مجلس الوزراء على رعايته الكريمة لهذه الاحتفالية، وتشريفه لنا بحضوره الغالي، وأن أتقدم أولاً وقبل كل شيء بأسمى آيات الامتنان والعرفان للسيد الرئيس بشار الأسد على العناية الغامرة التي يحيط بها كل نواحي العمل الثقافي في بلدنا، ويوفر كل الدعم اللازم لإعلاء شأن الثقافة في وطننا العزيز.

القيم الأخلاقية
بدوره بيّن وزير الإعلام في تصريح للصحفيين أن الفكر الظلامي التكفيري الوهابي يهدف إلى طمس هويتنا وتشويه إرثنا الثقافي الحضاري، ولا بد من مواجهته بفكر تنويري حضاري وتحصين ذاكرتنا الوطنية الممتلئة بالمحبة والتسامح والحوار والتلاقي بين أفراد المجتمع، وتكريس مجموعة من القيم الأخلاقية المعروفة لدى الشعب السوري وتأكيد هويتنا وعروبتنا وثقافتنا، منوهاً بعمل وزارة الثقافة الدؤوب من خلال ما تقيمه من نشاطات ثقافية، الذي لا بد أن ينعكس على سورية مستقبلاً ويأخذها إلى بر الأمان.

مكرمون
وكرم رئيس مجلس الوزراء ووزير الثقافة مجموعة من القامات الثقافية الكبيرة تقديراً لما قدموه للثقافة والمجتمع وهم: مدير فرقة الرقة للفنون الشعبية إسماعيل العجيلي، الموسيقار أمين الخياط، عميد المعهد العالي للفنون المسرحية جيانا عيد، الإعلامي والباحث ديب علي حسن، الفنان زيناتي قدسية، الشاعر صقر عليشي، الآثاري علي أبو عساف، الفنان التشكيلي علي السرميني، المخرج غسان جبري، الفنانة التشكيلية لجينة الأصيل، الأديبة لينا كيلاني، الكاتب محمود عبد الواحد.
واختتمت هذه الفقرة بتكريم الشاعر اللبناني الغنائي الكبير نزار فرنسيس الذي ألقى قصيدة باللهجة المحكية تغزل فيها بسورية وبرفعتها ومجدها ورجولة أبنائها.

بيارق نصر
وتضمن عرض الافتتاح أيضاً حفلاً فنياً بعنوان «بيارق نصر» أخرجه نبال بشير، بمشاركة فرقة آرام للمسرح الراقص وتمثيل كفاح الخوص وعلاء القاسم وروبين عيسى، وبمشاركة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو نزيه أسعد، وغناء نيرمين خير بك وفواز خواجه وكارمن توكمجي وثناء بركات.
وتميز العرض بمستوى تقني بصري جديد ولافت لجهة دمج الرقص مع التقنيات البصرية والضوئية بشكل محترف حيث ضم العرض ما يقارب 180 فناناً بين راقصين وموسيقيين وكورال.
وتحدث العرض عن تاريخ سورية القديم مروراً بالعصور المتعاقبة عليها، وصولاً إلى مرحلة النهضة العمرانية التي كانت وستستمر بعد الحرب الإرهابية مع إدخال العنصر السينمائي عبر لوحة «من هون مروا» وأغنية «احكيلي» وفقرة خدعة ضوئية ووصلة غنائية تراثية ولوحة راقصة ومشهد صور لتدمير الآثار ولوحة الألوان وأغنية سورية المنتصرة مع رقصة للأطفال ولوحة النهاية.

إلى بواسل جيشنا
وتحدث محمود عبد الواحد عن التكريم قائلاً: هذا التكريم بالنسبة لي مصدر فخر كبير وسعادة لا توصف، وخاصة أنه يتم في زمن هذه الحرب الكونية على سورية وليس في زمن الرخاء، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن سورية قوية وجبارة، وقادرة على ألا تنسى أبناءها العاملين في الحقل الثقافي رغم شدة المعارك وكثرة التضحيات. وهذا ليس غريباً على بلد ضاعف إنتاجه الثقافي في زمن الحرب، رغم الصعوبات والعقوبات والحصار والشح المادي، لأن سورية الموغلة في الحضارة والتاريخ لن يقعدها شيء عن إنتاج كل ما هو رائع وجميل، ولن يمنعها من الاستمتاع بعزف الموسيقا وعروض المسرح والسينما وتأمل اللوحات وقراءة الشعر والروايات.
وأضاف: الاستسلام للقنوط والسوداوية ليس من شيم شعب مر عليه آلاف الغزاة ثم رحلوا واندثروا وبقي هو شامخاً منيعاً، وأهدي هذا التكريم إلى أرواح الشهداء من جنودنا البواسل الذين ضحوا بدمائهم وأرواحهم من أجل أن يواصل بلدهم رسالته الحضارية، ومن أجل أن ينعم أطفاله بحياة كريمة، وأن يستمر أدباؤه وفنانوه في رسم لوحاتهم وعزف أنغامهم وتحقيق مسرحياتهم وأفلامهم وكتابة نصوصهم. شكرا لبلدي، شكرا لشعبي.
أما جيانا عيد فأكدت فيها أن سورية أصبحت هي الثقافة بحد ذاتها ومرجعية ثقافية لكل أمم الأرض، مهدية التكريم لمن كانوا سبباً في استمرار الحياة رجال الجيش العربي السوري وشهدائه الأبرار.
وبدوره لفت قائد الفرقة الموسيقية نزيه أسعد إلى التنوع الفني والموسيقي والدرامي الذي تميز به حفل الافتتاح، إضافة إلى إدخال العنصر السينمائي فيه، مؤكداً حرص فريق العمل على الوصول إلى حالة عالية من التجانس بين مفاصل العمل من موسيقا، والعرض المسرحي الراقص الذي ستؤديه فرقة آرام للمسرح الراقص.

فعاليات ثقافية
وضمت الاحتفالية رسماً مباشراً لمجموعة من الفنانين في بهو دار الأوبرا، مع عرض لمجموعة من أعمالهم المنجزة سابقاً، ورافقه معرض لوحات تعبر عن فترة الأزمة والحرب في سورية، بصالة المعارض في دار الأوبرا، من تنظيم لمديرية الفنون الجميلة.
وشاركت الهيئة العامة السورية للكتاب في معرض للكتاب، حيث عرضت فيه مطبوعاتِها من سنة 2009 حتى تشرين الثَّاني2017، ونماذج من أرشيف وزارة الثقافة ومطبوعات الدراسات الفكرية والسياسية والتاريخية والعلمية والاقتصادية والأدبية والاجتماعية والفلسفية.
بدورها المديرية العامة للآثار قدمت معرضاً تضمن مجموعة من المكتشفات الأثرية التي عثرت عليها بعثات التنقيب الوطنية في محافظة ريف دمشق خلال السنوات الأخيرة من العمل والبحث الأثري، تعرض لأول مرة للجمهور، من بينها قطع تعود إلى العصر البرونزي الوسيط، إضافة للكثير من القطع الأخرى التي تعود إلى العصور الكلاسيكية، ولاسيما العصرين الروماني والبيزنطي.
وكان هناك أيضاً معرض لبوسترات العروض المسرحية التي أنتجتها مديرية المسارح والموسيقا عام 2017، وشاركت المؤسسة العامة للسينما بمعرض بوسترات لإنتاجاتها عام 2017، إضافة إلى معرض للصور الضوئية قدم عرضاً بصرياً سريعاً لمختلف فعاليات ونشاطات وزارة الثقافة من معارض كتب وحفلات موسيقية ومهرجانات غنائية ومسرحية وسينمائية وراقصة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن