ثقافة وفن

عودة أخرى لباب الحارة … أشق عصا الطاعة على «باب الحارة» وكل من يناصره.. أيمن رضا: المسلسل دراما «داعشية»

| شمس الدين العجلاني

منذ فترة ليست بطويلة نشر هنا على صفحات «الوطن» لقاء مع أحد كتاب «باب الحارة» وعنوان بالخط العريض كتب عن باب الحارة على لسان الكاتب: «لم يشوه تاريخ دمشق… الدراما ليس لها تأثير في المجتمع وليست بواعظ ولا مرشد».
وأقول «لأ سيدي» شوّه تاريخ دمشق وأساء لها ولكل القيم والعادات الدمشقية، إلا إذا كان المقصود تاريخ مدينة دمشق الموجودة في أميركا، فأنا والله لا أعرف شيئاً عنها إلا أنني قرأت أن هنالك مدينة اسمها دمشق تقع في أميركا..
أرجو أن يتقبل كل صاحب شأن رأيي، بروح رياضية، لأنني منذ عدة سنوات أكتب وأقول إننا نتعرض لغزو ثقافي، ونحن على حد قول أشقائنا في مصر «نايمين على اودانا»! وأعيد وأكرر أن هنالك العديد من أعمال الدراما السورية يقع في خانة الغزو الثقافي، وكلنا يعلم أن وراءها أموالاً وشركات وفضائيات خليجية! وهذا يكفيها لوضع «بلوك» عليها، ونحن نغرق في العسل ونصرخ: «درامانا بخير» وهذا رأيي.

يقولون وأقول
يقولون: «ليست انتقادات بقدر ما هي عدم فهم وحب للمشروع».
وأقول بالصوت العالي: هي انتقادات وأغلبها انتقادات موضوعية ومحقة، لأن العمل هو عبارة عن تمجيد للتخلف، يسيء إلى دمشق وبيئتها وتراثها ونسائها.. وأصغر الإساءات أنه «لم- تفلت– امرأة واحدة من نساء باب الحارة من الضرب من زوجها أو شقيقها، ضرباً مدمياً، وأن وظيفتها الأساسية هي الإنجاب وتحضير الطعام- لابن عمها».
وليس كل من انتقد لا يفهم، وأنتم وحدكم من تفهمون!
هناك أعمال كثيرة لم يحبها المشاهد، لكنها لم تلق هذا الكم الهائل من النقد، فعملياً باب الحارة هو حالة استثنائية من السفاهة.
يقولون: «في كل عام أتعرض للانتقادات نفسها التي تندرج تحت عنوان واحد هو- يجب إيقاف العمل».
وأقول: طبعاً يجب إيقافه، لأنه في الوقت الذي نخوض فيه أعتى معركة على الإرهاب بشتى أشكاله وأنواعه، وعلى التخلف لكل المفاهيم السيئة، يقوم المسلسل بتمجيد وتلميع هذه المفاهيم، حتى إنه يسعى لتطبيع نمط الحياة «الداعشية» في العقلية الجمعية لمجتمعات لا تقرأ ولا تمارس الفكر النقدي. والمثال الصارخ في الجزء الثامن «الحوار الذي دار بين فكري وسمعو والمصلين في الجامع عندما تمسخر على الزعيم الوطني عبد الرحمن الشهبندر واتهمه مع عدد من رجالات الشام بأنهم يحملون أفكاراً خبيثة».
يقولون: «وخاصة موضوع تعدد أجزائه والأرباح المالية التي يجنيها».
وأقول: هناك أعمال فنية حققت أرباحاً عالية وشهرة واسعة، ولم يتم مهاجمتها. هناك أعمال كوميدية، أبرزها مرايا، لديها عشرات الأجزاء ومتابعة من أعدادٍ كبيرة من المشاهدين في سورية وخارجها، ولم تتعرض للهجوم، على العكس تماماً كانت سفيرة لسورية.
يقولون: «الجزء الثامن كان عميقاً جداً تحدثنا فيه عن التشدد الديني من خلال شخصية «الشيخ فكري» التي تمسكت بالدين واستثمرته لمصالحها الشخصية».
أقول: إذا كان الجزء الثامن «عميقاً جداً» فصناع باب الحارة يحتاجون لدورة محو أميّة!
يقولون: «لم يشوه تاريخ دمشق مطلقاً، لأنه لا يندرج أساساً ضمن النمط التاريخي، وإنما عمل افتراضي شامي!».
أقول: إنهم يخترعون مصطلحات من عندهم! ما معنى عمل «افتراضي». إذا كان عمل فنتازيا، فلماذا يحاكي بيئة دمشق في تلك الفترة من ناحية الديكور، ومن ناحية الملابس، ومن ناحية بعض الأحداث التاريخية المسلسل يحاول اختراع صورة لدمشق غير موجودة!
وأحتج بشدة للقول إنه لم يشوه تاريخ دمشق، وأشق عصا الطاعة.
يقولون: «لم نرتكب أخطاء تاريخية وإنما وقعنا في عدم الدقة في بعض أحداث الجزء السادس، فكان العمل حينها بحاجة إلى تدقيق أكثر».
أقول: حيرتونا ساعة بتقولوا «لم يشوه تاريخ دمشق مطلقاً» وبعدين بتقولوا «لم نرتكب أخطاء تاريخية! فهل عملكم فنتازيا، أم إنه من الخيال، أو تاريخي، أو افتراضي، أو ماذا؟».
يقولون: «أنا مطلع على البيئة الشامية… وكان الأستاذ عباس النوري يقدم لي بعض التفاصيل التي تضيف لهذه البيئة».
أقول: شو هل الحكي! يلي ذكرني بالفنانة الراحلة هالة شوكت في إحدى مسرحياتها وعند سؤالها، شو آخر مطالعاتك، فقالت، طالعت الثياب الصيفية…
يقولون: «الدراما ليس لها تأثير في المجتمع وليست بواعظ ولا مرشد».
أقول: كاتب العمل يخالف جميع نظريات الإعلام، وعلم النفس، وعلم الاجتماع منذ 1920 وحتى الآن. أنصح بقراءة كتب نعوم تشومسكي، وإدوارد برني، للاطلاع على كيف سيطر الوحش النازي، وتحديداً عبر وزارة البروباغاندا، على عقول الشعب!
يقولون: «إن باب الحارة المسلسل الشامي!».
وأقول: إن المسلسل خلق لأهل الخليج وللمجتمع الذكري المتخلف. ويلاقي التصفيق والتهليل منهم.. فهو خليجي بامتياز، وليس له علاقة من قريب أو بعيد بالشام كما يدعون.
يقولون: «يتعرض باب الحارة للكثير من الانتقادات ومع ذلك صمدتَ على مدار 4 أجزاء، فما السر الذي يجعلك مستمراً بكتابته؟».
أقول: رغم كل المشاكل لهذا الباب، القضائية منها وغير القضائية، ومزاجية عرابه، الذي أمات وأحيا وبدّل ممثلين. فمن لم يغيبه الموت، غيبه عراب المسلسل بتمويته إثر خلافات أو اختلافات تطفو على السطح، بعد كل استبعاد لممثل من العمل.. فعراب المسلسل حسب رأي الفنان أيمن رضا: «بسام الملا الذي لقبه «بالدحداح» وهو لقب كناية عن مقبرة شهيرة في دمشق «مقبرة الدحداح» لأن بسام يحيي ويميت شخصيات العمل على هواه– موقع سيدتي نت».
أقول: سيستمر «باب الحارة» لأنهم يريدون الاستمرار له! وأقول مع الفنان أيمن رضا: «المسلسل هو مطلب جماهيري ولكن ليس للسوريين وإنما للمشاهدين في الخارج، ربما لمشاهدة العادات الشامية القديمة، بينما في الحقيقة العمل أساء للمرأة السورية وأظهرها خلافاً لما كانت عليه فهي طبيبة ومهندسة… العمل يعكس صورة مسيئة عن البيئة الشامية ويظهرها خلافاً لما كانت عليه في الحقيقة ولواقع القرن الماضي «وحسب موقع سيدتي نت»: فقد اعتبر أيمن أن مسلسل «باب الحارة» دراما «داعشية». فهل عرفتم لماذا سيستمر؟
ويسألون: أتعتقد أن «باب الحارة» عمل مستهدف؟ فيكون الجواب: «لا ليس مستهدفاً بقدر ما يثير استفزاز الآخرين، وخاصة موضوع تعدد أجزائه والأرباح المالية التي يجنيها».
ولسان حالي يقول: «الحمد لله أنني لست ممن يستفزون من تعدد أجزائه والأرباح المالية التي يجنيها» لذا أقول بالفم الملآن، كفى إساءة لأم الدنيا والحضارات والمقاومة، كفى إساءة لمن تتوضأ بماء العروبة خمس مرات يومياً وعلى أبوابها تكسر ويتكسر الغزاة من العربان والغربان ولصوص الليل والنهار.

رأي فني وآخر صحفي
انتقد أيمن رضا «في لقاء نشر في عام 2009م بجريدة الاتحاد» الأعمال الشامية التلفزيونية بشكل عام وباب الحارة بشكل خاص، وقال: «إنها تشوه تاريخ دمشق الحقيقي، وهي عجزت عن إظهار البيئة الشامية من جميع النواحي، فأغفلت أهم ما في دمشق، واهتمت كثيراً بإظهار (الشوارب) لدى رجال الحي، وحكايات الزواج والطلاق والولادة! وتجاهلت الأحداث الثقافية والسياسية والتاريخية التي مرّت بها دمشق». وأضاف: «إننا نلاحظ سطحية القصة والفكرة في الأعمال الشامية، فهي خالية من المعاني الثقافية… لا نرى بعد ذلك غير ثرثرات النساء وزواج فلان، وطلاق فلانة، وهناك تجاهل للظواهر الثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي عاشتها دمشق، وهناك إغفال لمخططات المقاومة والمجاهدين الذين حققوا استقلال سورية وحريتها، فأهل هذه الحارات والأرياف والجبال السورية هم الذين حققوا مجد سورية، لذلك فأنا أعتبر بشكل خاص أن أعمال بسام الملا مسيئة لتاريخ دمشق الحقيقي».
يقول الإعلامي أحمد يوسف: «أنا لم أفهم كيف تم تبني الجزء الثامن من باب الحارة وإدراجه ضمن مسلسلات العرض في شهر رمضان على قناة دراما بعد كل ما يحدث في بلادنا».
فهذا المسلسل من أحط ما أنتجته الدراما السورية والعربية من النواحي الفكرية والاجتماعية والدينية ومدلولاته السياسية بغض النظر عن الجماهيرية التي حققها هذا المسلسل لأن الجماهيرية ليست المؤشر الوحيد على جودة أي عمل، وأكثر من ذلك أقول إن الجماهيرية قد تكون أحيانا المؤشر على انحطاط العمل كما هو باب الحارة. فليس سراً أن هذا المسلسل يروج للفكر المنغلق والمتعصب ولثقافة القتل ويسيء لسمعة وتاريخ درة المدن (الشام) ولفكر وثقافة مجتمعها الواعي والمنفتح والمختلف كل الاختلاف عن البيئة التي يقدمها باب الحارة الذي يمثل شريحة الرعاع في المجتمع الشامي وهم قلة في هذا المجتمع ويرفعهم إلى مستوى ممثلي المجتمع الشامي، وهذه الرسالة السلبية للمسلسل هي نفس فكرة وأهداف حلف العدوان على سورية… وأعتقد أيضاً أن اتخاذ قرار شجاع بوقف عرض هذا المسلسل الداعشي السخيف سيكون قراراً شجاعاً».

وبعد
«باب الحارة» كما سبق أن كتبت خطياً لجهة إعلامية مسؤولة: «رسالة صناع باب الحارة واضحة، وهي توصيل فكرة أن مجتمع- باب الحارة- الذي يماثل في فكره ومظاهر الحياة فيه، المجتمع الوهابي، والجولاني، والبغدادي، هو المجتمع الدمشقي المغلق الذي تتكون حياته على مرتكزات محددة، نشملها بالزواج، والطلاق، وتعدد الزوجات، وضربهن، والاكتفاء بتعليم الأولاد مهنة الآباء وعدم إرسالهم إلى المدارس…» وتمنيت في نهاية قولي لتلك الجهة الإعلامية: «على أمل ألا يعرض هذا المسلسل على شاشتنا الوطنية، فدول الخليج العربي سوف تتهافت على عرضه على فضائياتها». وكفى المؤمنين شر القتال.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن