شؤون محلية

إنه نفاق

| بقلم: نبيل الملاح

إنني واحد من المهتمين بالقضاء وشؤونه إداركاً مني لأهميته في ترسيخ بناء الدولة وحياة المجتمع، فهو المؤسسة الأهم في الدولة، بل هو الرافعة لكل مؤسسات الدولة، وهو السلطة القادرة على فرض تطبيق القانون والنظام بما يحفظ حياة الناس وأمنهم وحقوقهم وممتلكاتهم، وكذلك الممتلكات العامة وحقوق الدولة.
وهذا لن يتحقق إلا في ظل احترام الدستور والقوانين وسيادة القانون باعتباره أساس الحكم في الدولة، وتكريس حق التقاضي وضمان حسن سير العدالة والتصدي للخلل الحاصل في القضاء.
كلنا يسمع ويرى مظاهر الخلل الحاصل في القضاء، الذي زاد وانتشر بشكل غير مسبوق وغير مقبول، ما أساء لسمعته كثيراً، وبدأ الناس يفقدون ثقتهم به ليكون ملاذاً آمناً لهم.
أقول هذا وأنا مدرك أن هناك عدداً كبيراً من القضاة الذين يتمتعون بالعلم والخبرة والنزاهة ويقومون بعملهم على أكمل وجه، وهناك قضاة لا يتمتعون بذلك ويسيئون إلى سمعة القضاء ويخلون بحسن سير العدالة، وللأسف الشديد فإن عدد هؤلاء يزداد يوماً بعد يوم… لدرجة تجعلني غير قادر على تحديد نسبة هؤلاء إلى أولئك.
أمام هذا الواقع المرير الذي لا بد أن نرصده بشفافية ومصارحة صادقة، لابد من التصدي له بحزم وجدية وإصرار، وعدم التهاون مع المسيئين وتطبيق حكم القانون عليهم كغيرهم من المواطنين، بل يجب أن تكون عقوبتهم أشد لكونهم المؤتمنين على تطبيق القانون، وفي المقابل يجب تسليط الضوء على القضاة الذين يقومون بعملهم على أكمل وجه من دون مزاجية أو تعالٍ.
والمؤسف- وهذا الذي دفعني لكتابة هذا المقال- ظهور البعض الذين يهمهم بقاء القضاء على حاله وإعاقة الجهود المبذولة لتطوير القضاء وإصلاحه، فلقد قرأت في بعض مواقع التواصل الاجتماعي تعليقاً يطلب من المكتب الصحفي في وزارة العدل إصدار توضيح حول الخبر المنشور عن اجتماع السيد وزير العدل مع قضاة ريف دمشق لأن الخبر بهذا الشكل غير مقبول على الإطلاق ويعتبر إهانة كبيرة للسادة القضاة.
وكنت قد قرأت هذا الخبر ووجدت فيه كلاماً يضع النقاط على الحروف من دون مواربة، ولم أجد فيه ما يسيء للسادة القضاة، فلقد أكد وزير العدل- وهو قاضٍ- أنه ستتم محاسبة كل من يثبت عليه التهاون في عمله والتقصير في سرعة البت بالقضايا وأشار إلى أهمية متابعة القاضي لديوانه ومعالجة شكاوى المواطنين بالسرعة الممكنة وعدم تأجيل القضايا، وإطالة الأمد بين جلسات التقاضي، ونوه بالجهود المبذولة في القضاء وفي العدليات رغم الظروف التي تمر بها سورية.
فأين الإهانة الكبيرة للسادة القضاة؟ وأنا هنا لا أدافع عن أحد، بل أدعو السيد وزير العدل القاضي هشام الشعار (الذي يترأس اجتماعات مجلس القضاء الأعلى) ومجلس القضاء الأعلى إلى التشدد في محاسبة القضاة المقصرين والمسيئين وإبعادهم عن القضاء حرصاً على صورة القضاء وسمعته التي نتمنى جميعاً أن نراها بأجمل تشكيل وأحلى صورة.
وأقول لهؤلاء المنافقين الذين أعتبرهم جزءاً لا يتجزأ من الفاسدين والمفسدين: كفى نفاقاً…. ولا أريد أن أقول أكثر من ذلك.
باحث ووزير سابق

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن