شؤون محلية

أمام صمت الصحة.. جراحات الموضة تبدأ بحلم الرشاقة وتنتهي بمأساة! … حسن: الرقابة مسؤولية الصحة ولا نملك كادراً كافياً لتشكيل لجان للرقابة

| الوطن

تشوه كامل وجه فتاة نتيجة خطأ طبي في أحد مراكز التجميل نتيجة لعملية حقن بالمواد المالئة من طبيب غير مختص أدت إلى ترشح المادة المالئة إلى الأدمة، سببت تشوهاً وتندباً كبيراً في البشرة وتشوهاً في الفم (جهة أكبر من الأخرى) إحدى الحالات التي أطلعنا عليها اختصاصي الجراحة التجميلية والترميمية ونائب رئيس رابطة جراحي التجميل في سورية الدكتور «حسان البغدادي».
عملية شفط للدهون أدت إلى ثقب المعدة وموت الشابة جراء استخدام خاطئ لجهاز شفط الدهون في أحد مراكز التجميل، حالة أخرى أطلعنا عليها اختصاصي جراحة التجميل والترميم واليد أثناء زيارتنا له الدكتور «طارق حاج محمد».
قصص وحالات مشابهة تم تداولها نتيجة لجراحة خططت لها ضحاياها دفعوا ثمن انجرارهم وراء وهم إطلالة ساحرة روج لها إعلان ترويجي لمراكز أو عيادات التجميلية، فبدل تمتعهم بقوام رشيق، باتوا ضحايا إهمال أو خطأ طبي قاتل.
أسئلة كثيرة تثيرها هذه الحوادث عن دور وزارة الصحة ونقابة الأطباء وما الإجراءات الرقابية الرادعة بحق المخالفين؟ وهل جميع هذه المراكز والعيادات مرخص لها ممارسة عمليات جراحية تتطلب معايير طبية معينة؟ وعن آليات الإعلان عن عمليات التجميل في وسائل الإعلام الجماهرية؟ بالإضافة للكثير من التساؤلات نستعرضها اليوم في محاولتنا للإحاطة بواقع عيادات التجميل في سورية.

مراكز من دون ترخيص وغياب للرقابة!
نائب رئيس رابطة جراحي التجميل الدكتور حسان البغدادي أكد لـ«الوطن» أن أغلب مراكز التجميل مراكز غير مرخصة وهي مراكز تجارية، بدليل عدم وجود طبيب مقيم مختص بالجراحة التجميلية مع طاقمه لتجنب حدوث اختلاط بعد الجراحة، انطلاقاً من طبيعة عمل هذه المراكز على مدار 24 ساعة.
وأشار البغدادي إلى عدم معرفة من المسؤول عن الترخيص؟ هل هو الطبيب صاحب الرخصة الحقيقي أم أحد الأطباء غير المختصين أو من أحد أصحاب الاختصاصات الأخرى المتطفلين على المهنة الذين يقمون بالإشراف على تلك المراكز؟ لافتاً إلى مشكلة التخدير العام التي تتطلبها بعض العمليات والتي تجرى بالتخدير الموضعي المتبع في تلك المراكز نظراً لإمكانيات المركز المتواضعة مقارنة بالمشافي المجهزة لمثل هذه العمليات التي تتطلب معايير خاصة لإجرائها نظراً لدقتها.
وبالنسبة للمواد السيئة المنتشرة في تلك المراكز قال البغدادي: هناك مواد باتت قديمة ولم تعد تستخدم منذ أربع سنوات كالحقن بالسليكون وغيرها من المواد المشابه إن كانت الدائمة والمؤقتة ولم يعد أحد يستخدمها وقد استعيض عنها بمواد أخرى مثل (الفيلر، شحوم من الجسم نفسه) وهي مواد مؤقتة من 8-10 أشهر على عكس القديمة الدائمة والمهربة التي تسبب التشوهات.
واتفق مع البغدادي اختصاصي الجراحة التجميلية والترميمية وجراحة اليد الدكتور طارق حاج محمد بأن أغلب المراكز أو العيادات لا تتمتع بالشهادات الموثقة التي تؤهلهم ممارسة المهنة، مشيراً إلى عدم وجود مصداقية في ممارسة مهنة جراحة التجميل وإلى قيام أغلب المراكز والعيادات بخداع المريض، معيداً السبب إلى غياب الرقابة من وزارة الصحة ما شجع بعض الأطباء من أصحاب الاختصاصات للتعدي على المهنة متابعاً بقوله: باتت الجراحة التجميلية طريقة لكسب المال الوفير بغض النظر عن الجانب الأخلاقي والمهني لهذه الجراحة على اعتبار أنها جراحة العصر.
توجهنا لنقابة أطباء سورية للاستفسار عن آلية منح الرخص لتلك المراكز أو العيادات وعن دور النقابة الإشرافي عليها فأجابنا نقيب أطباء سورية الدكتور عبد القادر حسن: إن التراخيص مسؤولية وزارة الصحة وهي الجهة الوحيدة المخولة بمنح التراخيص أو إلغائها لتلك المراكز أو العيادات.
وعند سؤاله عن دور النقابة الرقابي على تلك المراكز والعيادات أسوة بالنقابات الأخرى فأجابنا: إنها مسؤولية من يمنح الترخيص أي وزارة الصحة، موضحاً عدم توافر كادر كاف لدى النقابة لتشكيل لجان تفتشية ورقابية على تلك المراكز والعيادات.
وقال: دورنا محصور فقط بتحريك الشكاوى المقدمة واستدعاء أي طبيب مخالف وتشكيل لجنة ثلاثية أو خماسية أو سباعية بحسب الحالة عن طريق مجلس مسلكي يرأسه قاض للتبيّن من صحة الخطأ الطبي وإثباته، وبناء عليه يعتبر حكم القاضي حكماً مبرماً»
على حين رأى أغلب أطباء التجميل الذين زرناهم أنه بأغلب الأحيان تنتهي الشكاوى بتراض وتعويض مادي يقدمه الطبيب للشخص المتضرر، مؤكدين أن إغلاق المركز وسحب الرخصة نتيجة شكوى مرضى لا يعتبر حلاً ناجعاً لمواجهة مخاطر كبيرة من الموت والتشوهات الناتجة عن أخطاء غير المختصين.
نقيب أطباء دمشق يوسف الأسعد بيّن لـ«الوطن» أن في دمشق (54) طبيباً فقط اختصاص جراحة تجميلية وترميمية مسجلين لدى النقابة.
أما عن عدد مراكز التجميل المرخصة لدى وزارة الصحة فهي (7) مراكز وفقاً لمدير عام المشافي في وزارة الصحة سليمان مشقوق.

أخطاء شائعة
قال نائب رئيس رابطة جراحي التجميل: إصلاح أخطاء تلك المراكز والعيادات باتت شغلنا الشاغل، حالات لتشوهات بالجملة ابتداءً بحروق الليزر بدرجاتها المختلفة، مروراً بتهتك غضاريف الأنف أو الاعوجاج أو تشوه في الذروة وهي أكثر الحالات الشائعة لتجميل الأنف، وفي بعض الحالات لا نجد غضاريف في الأنف ومن الصعب ترميمها ما يجبر الجراح أن يأخذ من الأضلاع السفلية لترميم بعضها ومع ذلك ينتج عنها أنف مندب لا يمكن إصلاحه لا شكلاّ ولا وظيفياّ.
مضيفاً: الندب التي تنتج عن عمليات شد الوجه حول الأذنين والذقن أو إصابة أعصاب الوجه ما يؤدي إلى شلل (لقوة) نتيجة لعملية شد الوجه الخاطئ. إضافة إلى شد الأجفان الجائر في بعض الحالات يحتاج إلى طعوم جلدية لإصلاحه، إضافة إلى التحسس والاحمرار الدائم جراء استخدام أنواع معينة من حقن البوتكس السيئة، أو الاستخدام الخاطئ لبعض المواد المالئة غير المرخصة الذي ينتج عنها انتفاخ يؤدي إلى تشوه دائم.
إضافة إلى خطورة عمليات شفط الدهون التي يجريها بعض مراكز التجميل بقصد التنحيف وبسبب فقدان المريض لكمية كبيرة من الدم وسوائل الجسم قد تصل به إلى درجة الموت.
ودعا البغدادي جميع المعنيين إلى إيجاد آليات عمل مشتركة، بين وزارة الصحة ونقابة الأطباء ورابطة جراحي التجميل في سورية، ومتابعة ما كانت الوزارة قد بدأته عندما شكلت لجنة لدراسة ظاهرة مراكز وعيادات التجميل غير المرخصة بدايات الحرب التي تمر بالبلاد، منوهاً بأن غياب الرقابة دفع إلى تفشي وانتشار المزيد من هذه المراكز والعيادات غير المرخصة، مؤكداً ضرورة التوعية لدى المريض للتأكد من شهادة الطبيب واختصاصه قبل اتخاذ أي قرار بإجراء جراحية تجميلية أو ترميمية، وعن المشافي يجب ألا تقبل ألا بجراحي التجميل حصراً وذلك بالتنسيق مع الرابطة.
أما طبيب الجراحة التجميلية الدكتور طارق حاج محمد فأشار إلى أنه طالب وزارة الصحة بإصدار قانون صريح وواضح فحواه حرمان أي طبيب وسحب ترخيص كل من لا يحمل شهادة في اختصاص التجميل والترميم حصراً عملاً بمسؤولية وزارة الصحة تجاه المواطنين.
وعند الرجوع للقوانين الناظمة لعمليات التجميل، لم نجد سوى القرار التنظيمي رقم 13 لعام 2005 متضمناً التعليمات المتعلقة بالتنحيف وإزالة الأشعار وتنظيف البشرة وعمليات التجميل، حيث نص القرار على «أن تنحصر هذه الأعمال بالأطباء الحاصلين على شهادات اختصاص ومرخصين أصولاً من وزارة الصحة»
لدينا أحدث جهاز لشفط الدهون قبل – بعد… إلخ، «وغيرها من الحملات الإعلانية الطرقية والإذاعية والتلفزيونية المنتشرة» إعلانات ذات طابع تجاري مثير، هل تتعارض مع أخلاقيات المهنة؟ هل حصل أصحابها على موافقة رسمية من وزارة الصحة قبل عرضها عبر وسائل إعلام جماهيرية؟
مدير شؤون الإعلان في المؤسسة العربية للإعلان وفيق السيد أحمد قال: لعرض أي إعلان يحتاج صاحب الطلب إلى سجل تجاري لممارسة المهنة وترخيص من الجهة صاحبة العلاقة بموضوع الإعلان المراد عرضه. كما أطلعنا مدير الاستثمار ومسؤول الإعلانات الطرقية المثنى الرحية على إحدى الحالات الحديثة لإزالة إعلان طرقي لأحد مراكز التجميل غير المرخصة من وزارة الصحة حيث قامت إحدى شركات الإعلان الطرقي الخاصة بعرض الإعلان دون الرجوع للمؤسسة وقال: كمؤسسة إعلان حملنا الشركة المعلنة المسؤولية بسحب وإزالة الإعلانات إضافة إلى الغرامات المنصوص عليها وتحمل مسؤوليتها أمام الجهة التي لها الحق في منح الترخيص.

بورصة الجمال
وبيّن لنا نقيب أطباء دمشق عن وجود قائمة بتكلفة العمليات الأساسية كالندبات والحروق أما عن أسعار العمليات الكمالية فهي في الأغلب اتفاق بين الطبيب والمريض.
وخلال زيارتنا لمراكز وعيادات التجميل لحظنا أن أسعار العمليات الكمالية في الأغلب تتم وفق اتفاق بين الطبيب والمريض وهناك تسعيرة شبه متفق عليها بين تلك المراكز والعيادات، ووصلت بورصة أسعار الجمال بشكل وسطي لأكثر العمليات المطلوبة ومنها تكلفة عملية قص المعدة نحو 350 ألف ليرة سورية، وعملية «تكبير الثدي» 500 ألف ليرة سوري ومثلها عملية شد الوجه.
على حين وصلت تكلفة عملية نحت الجسم إلى 275 ألفاً وتجميل الأنف إلى 150 ألفاً تقريباً، ضحكة «هوليوود» إلى 50 ألف ليرة، حقن مواد مالئة حسب نوع المادة والكمية وسطياً بين 25-50 ألف ليرة، «شد الأجفان» 50-75 ألف ليرة سورية، حقن شحوم ذاتية 50 ألفاً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن