ثقافة وفن

ابتعدنا عن منطق صناعة الدراما في كثير من الأماكن وعلينا العودة…ميريانا معلولي لـ«الوطن»: الممثل أسير للمنتج والنص

 عامر فؤاد عامر : 

بدأت تجربتها في الوسط الفني عام 2007 وهي من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحيّة في دمشق، وأثبتت حضورها في مسلسلات مهمّة على مستوى الدراما مثل «ليس سراباً»، و«رياح الخماسين»، و«ما ملكت أيمانكم»، و«لعنة الطين»، و«تخت شرقي»، وغيرها، ولديها مشاركاتها المستمرة بين المسرح الذي تقول بأنها لن تتمكن من الابتعاد عنه، وبين السينما السوريّة التي تفخر بوجودها، واليوم تتحدث إلينا الفنانة «ميريانا معلولي» عن آخر أعمالها ومشاركاتها الفنيّة، وعن الظرف الاستثنائي الذي يواجهه الفنان في سورية اليوم.

تحديات

يواجه الفنان السوري كثيراً من التحديات بدايتها كانت قبيل الأزمة لتزداد وتتماهى وضوحاً خلال السنوات الأربع الماضية، ويقع عبء المواجهة على الجيل الشاب الذي قرر البقاء ضمن ظروف الوطن الصعبة، وعن مهام الفنّان ضمن هذه المرحلة تجيب الفنانة «ميريانا»: «تتجلى هذه المهام بأن يكون الفنان أداة من أدوات استمرار الحياة على هذه الأرض، فقد أُفرغت رسالة الفنّ من جوهرها الحقيقي، فلو كان الفنّ مؤثراً في صميم المجتمع لكان أثر وغيّر فيه بقوة ولم يصبنا ما حدث، وسيكون هذه الأداة الفاعلة من خلال الثبات في مكانه، هذا هو الحال اليوم؛ أمّا مستقبلاً فأتمنى أن يرتقي مستوى الفكر الدرامي الذي بدأ يتزعزع نتيجة التأثيرات التي يتعرض لها الفكر الفنّي، وبذلك يمكن أن يرتقي بالمجتمع للأمام. وأودّ الإشارة إلى أن الوسط الفني السوري لديه المقدرة في تجاوز الاستسهال المصاب به، فهو من أبسط الأدوات استطاع تقديم لوحة فنيّة دراميّة استقطبت المشاهد العربي من كلّ مكان، والمطلوب اليوم أن نؤمن ببعضنا أكثر، وأنّ نتعامل بمحبّة، وبذلك يمكن تجاوز كلّ المشاكل. وهذا ليس حديثاً مثالياً وما يقودني للحديث بهذه اللغة هو أنّنا ابتعدنا عن المنطق في كثيرٍ من الأماكن».

عُرضت ولم تُعرض
عن جديدها وما شاركت فيه من أعمال لهذا الموسم تقول «ميريانا»: «شاركت في هذا الموسم بمسلسل «الغربال» الجزء الثاني، من تأليف «سيف رضا حامد» وإخراج «مروان بركات»، في شخصيّة حملت اسم «زهريّة» رسول الأخبار بين طرفي الخير والشرّ، وهي شخصية مركبة إلى حدٍّ ما، وقدّمت دوراً في مسلسل «حارة المشرقة» والعمل من تأليف «أيمن الدقر» وإخراج «ناجي طعمة»، والشخصيّة بسيطة تعمل في مهنة الخياطة وحلمها أن تكون مصممة أزياء. ولدي مشاركة في مسلسل «صدر الباز» والنصّ لـ«مروان قاووق» ومن إخراج «تامر إسحق» وهي ضيفة شرف أحبّت المؤذن وعشقته من خلال صوت الأذان، وسيعرض المسلسل في الفترة القادمة طبعاً فعمليات التصوير لم تنته إلا منذ فترة بسيطة. وهناك مسلسل «جوري» وهو من إنتاج العام الفائت ولم يشاهده الناس حتى اليوم، وهو من تأليف «نجيب نصير»، والإخراج لـ«مروان بركات»، جسدّت فيه شخصيّة «إيمان» التي تقع ضحية حبيب صديقتها بعد دخولها لإصلاح العلاقة بينهما. ولدي حالياً مسلسل تاريخي سأشارك فيه قريباً.

أسير بينهم
بين النصّ، والمخرج، والمنتج، إلى أي حدّ يمكن لـ«ميريانا» أن تؤدي شخصية مؤثرة ضمن ظروف أعطت لكل من أولئك مميزات غير محددة، وخاصّة في السنوات الأخيرة، وعن هذا السؤال كان الجواب الآتي: «اعتقد أن العمل الفني كتلة متكاملة، لكن الركيزة الأمتن في العمل الإبداعي هو النصّ، فالكلمة هي الأهمّ، فمن خلاله أرسم الصورة والملامح التي يمكن أن أقدمها، ولكن اليوم يمكن أن أحسب حساباً جديداً للمكان الذي أوجد فيه، فإمّا أن أرفض الفرصة التي تُعرض وإما أن أقبلها، وهذا متغيّر حسب طبيعة المخرج، وطبيعة الشركة المنتجة، فهناك من لا يتقبّل الاقتراح، ويودّ أن تكون هناك حدود يجب عدم تجاوزها، وهناك من يمتلك رغبة في الاشتراك مع الفنان لإنتاج شخصيّة مختلفة دون حدود، فالفنّ هو وجهة نظر، يمكن أن أقدم الاقتراحات لتقديم الأفضل. لكن في الوسط الفني لا قاعدة محددة، ولا ينطبق هذا الكلام على الوسط الفني في سورية فقط بل في كلّ البلدان أيضاً وأينما كنّا، فلا قاعدة محددة وصنّاع الدّراما متغيرون، والرؤية الفنيّة متغيرة إمّا تطوراً أو انحداراً وهكذا».

فخورة بالسينما السوريّة
لدى الفنانة ميريانا حضور في السينما السوريّة عبر مشاركات تعدّ قليلة في عددها لكنها تعدّها فرصاً مهمّة لأن السينما السوريّة نوعيّة وقليلة الإنتاج فمشاركتها الأولى كانت في فيلم «حراس الصمت» للمخرج «سمير ذكرى» عن الأديبة «غادة السمّان»، وكان دورها فيه صديقة البطلة، أمّا الفيلم الثاني فهو «ليلى والذئاب» للمخرج «محمد عبد العزيز»، وكانت الشخصيّة فتاة مصابة بالتوحد تقوم بتجربة غنائية على المسرح، وعن السينما تقول ضيفتنا: «أحببتها هذا العالم هو عبارة عن حياة مكثّفة في صور، وأحداث، وتغيّرات في مدّة زمنيّة بسيطة، وسينمانا السوريّة نوعيّة، وشرفٌ لي أن أكون حاضرة فيها». وعن الأفلام القصيرة تضيف «ميريانا»: «لدي مشاركة واحدة في الأفلام القصيرة جاءت عبر فيلم «لقاء أخير» للمخرج «عبد الرحيم الشعيّري»، بمشاركة تمثيليّة مع الفنان «أكثم حمادة»، إضافة إلى تجربة قديمة مع مجموعة من الشباب لكنها لم تر النور حتى اليوم».

المسرح
ضمن منطق دراسة المسرح والعمل في التلفزيون، وحديث المشاركات في الأعمال المسرحيّة، وما يعنيه لها المسرح، تقول الفنانة «ميريانا»: «المسرح هو والدي، وقد دخلت المعهد وأنا لا امتلك في الفنّ شيئاً إلا القواعد التي امتلكتها من أبي الذي كان عاشقاً للمسرح، فقد اهتم بهذا المجال سابقاً، وعمل في المسرح الجامعي، ومنه كانت معلوماتي الأساسية، فجاء دخولي إلى المعهد العالي للفنون المسرحيّة ليقدّم لي الصقل الحقيقي. وبعد التخرج عملت في مسرح الطفل فكانت مسرحيّة «عودة إلى الحياة» و«لالي» للمخرجة «ميادة إبراهيم»، ثم جاءت مسرحيّة «زرياب» للمخرج «عروة العربي»، ومسرحيّتا «العاجزون» و«هيروسترات» للمخرج «مضر رمضان». واليوم هناك عرض جديد قادم سنتحدث عنه لاحقاً فأنا لا أستطيع الابتعاد عن المسرح لأنه يمثّل والدي الذي لا يمكنني الابتعاد عنه، ومن جانبٍ آخر ساعدني المسرح في فهم الحياة والناس من حولي فمنه اكتسبت فكرة تشريح الشخصيّات وفهمها وطبقتها على الحياة المعيشة».

من الذاكرة إلى حلم فيروز
ينشغل اليوم الطلاب الراغبون في الدخول للمعهد بتحضيراتهم وتدريباتهم لتجاوز امتحان القبول أمام اللجنة، وبالعودة إلى ذكريات الفنانة «ميريانا» في هذا الجانب وبين فرعي السينوغرافيا والتمثيل تقول: «كنت أرغب في الدراسة في فرع السينوغرافيا ضمن المعهد العالي للفنون المسرحيّة، وقدمت أوراقي إليه، وبالمصادفة كان اللقاء بالفنان «عبد المنعم عمايري» الذي أقحمني في الدخول إلى لجنة الفحص على اعتبار أنني راغبة في الدخول لقسم التمثيل وكانت التجربة مهمّة لأنهم اقتنعوا بما لدي على الرغم من عدم تحضيري للامتحان لكنهم لم يقبلوني فأنا لم أكن نظامية في دخولي وأوراقي كانت لقسم آخر، وشجعوني للتسجيل في العام التالي، وعملت بنصيحتهم، لأكون أمام اللجنة الجديدة في العام التالي وقد تذكرني قسمٌ من اللجنة التي كانت في العام السابق، وتمّ منحي القبول للدراسة في المعهد العالي للفنون المسرحيّة لأتخرج فيه في عام 2007 ». أمّا عن الشخصيّة التي تحلم في تقديمها والحدود التي تشعر بمقدرتها في تقديمها وهي راضية فتضيف: «يرى المخرجون اليوم في شخصيتي الإنسانة اللطيفة، والخيّرة، والعاشقة، هذه هي الحدود التي قدّمت فيها شخصيّتي الفنيّة، ولكني أتمنى أن يأتي شخص ويراهن على ملكاتي الفنيّة فهناك كثير من الطاقات التي لم أقدّمها وأفجرها بسبب حدود الشخصيّة التي أتيحت لي حتى اليوم». وعن حلمها في تجسيد شخصيّة مؤثرة في حياتنا أو من التاريخ تشير «ميريانا»: «أحلم بتجسيد شخصية السيدة «فيروز» سواء في السينما أو التلفزيون».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن