ثقافة وفن

إيقاع الحيــاة

| د. اسكندر لوقــا

الشباب في أي مجتمع كان لهم دور لا ينكر سلباً أحياناً وإيجاباً أحياناً أخرى. وفي السياق المتصل، نقرأ أن لدى مجموعة من فناني بلدنا، ثمة نزوع نحو تزيين شوارع مدينة دمشق بلوحات تضفي عليها مسحة من الجمال، ولهذا الاعتبار، ربما كان مفيداً أن يتخطي أحدنا بعض الانتقادات التي يمكن أن توجه إلى هذه الدور الذي يؤديه البعض من فناني البلد تطوعا.
في سياق النقد الذي يوجه لمثل هذه الظاهرة، ظاهرة تجميل شوارع وساحات مدينة دمشق، من خلال الإشارة إلى حاجة طلبة المدارس– على سبيل المثال– إلى رعاية تتصل بصحتهم المدرسية كتأمين المكان والمحروقات وسوى ذلك قبل العناية بتجميل مداخل المدارس من خلال هذه الإشارة، لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار، في الوقت نفسه، أن الظاهرة المشار إليها يجري تمويل متطلباتها من قبل الفنانين العاملين طوعا في نشرها وليس على حساب وزارة التربية. هذا من حيث المبدأ. ومن ناحية ثانية، لا بد من أن نشير إلى أن ذاكرات طلبتنا البصرية قد أقحمت، في الزمن الراهن، بشكل مباشر، بصور الدمار والدم كما نعلم، ومفيد أن يكون الرد على هذه الحالة تنشيط فريق «إيقاع الحيــاة» للمضي في تنفيذ مشروع كهذا هدفه ترميم ما علق بأذهان الناس، صغارا وكبارا، من صور الحرب الوحشية التي تتعرض لها المدن السورية وأريافها في أرجاء سورية، وعلى مدى ما يقرب من سبع سنوات حتى اليوم.
إنها ظاهرة تستحق الدراسة، ومدى علاقتها بمعطيات علم النفس العام، وصولا إلى حالة توازن بين صور الدمار من جهة وصور الإعمار من ناحية ثانية. هذا بغض النظر عن بعض الانتقادات التي وردت على لسان البعض من عابري السبيل أو المدرسين بنحو خاص الحريصين على مستقبل أطفالنا تحديدا وهم يدخلون إلى مدارسهم وأمامهم صور من معالم العالم، كجدارية «طريق الحرير» على سور السفارة الصينية في دمشق وسواها من رسوم نفذت على جدران بعض المدارس أو الأماكن العامة، كالجدارية التي دخلت موسوعة غينيس في المزة، وجدارية الصحة العالمية في ساحة شمدين وثمة جداريات أخرى نفذت أو هي قيد التنفيذ في سياق الأعمال التطوعية أولا وأخيرا.
إنها ظاهرة تستحق الدراسة، كما أسلفت، لأنها لا بد أن تترك أثرا في نفس عابر السبيل أو الطالب، وخصوصا في المرحلة الإعدادية، ومن هنا وجوب مقاربة هذه الظاهرة بالدراسة والعلم لا بالرأي الذي يتخطى الجوهر ويتمسك بالقشرة. إنها ظاهرة لا بد من أنها تعني شيئا له دلالاته في زمن قذائف الهاون والصواريخ والقنص والاعتداء حتى على عقول الكبار قبل عقول الصغار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن