سورية

«الإندبيندانت»: بريطانيا تنافق في تعاملها مع قضايا المنطقة

| ترجمة – إبراهيم خلف

ندد الصحفي توم ديل المختص بالشؤون السياسية في المملكة المتحدة والشرق الأوسط، بطريقة تعامل حكومة بلاده مع قضايا المنطقة، ووصف بلاده بأنها دولة «منافقة»، لافتاً إلى أن وزير الخارجية بوريس جونسون، يشجب بغضب شديد الحصار الذي يقوم بها أعداؤنا، في إشارة إلى «الحكومة السورية»، ولكن عندما يتعلق الأمر بممارسات السعودية، فإنه لا يعبر سوى عن «قلقه العميق»، مؤكداً أنه من خلال تلك الممارسات، فإن بريطانيا ستبقى مجرد دولة منافقة وشريكة في تجويع الشعب اليمني.
وأشار ديل في مقال نشرته «صحيفة الإندبيندانت» البريطانية إلى أن الحكومة في اليمن تتمتع بشرعية محلية قليلة، ومع ذلك تزود القوى الأجنبية السعودية بالوسائل اللازمة لزيادة أعمال العنف والمجاعة بحق السكان في اليمن، وأنه في هذه الحالة، فإن جميع أطراف النزاع مشاركون في ارتكاب جرائم حرب، تحت راية مكافحة الإرهاب ومنع التدخل الأجنبي، وخاصة مع استمرار بريطانيا بتقديم الدعم العسكري والدبلوماسي للسعودية.
وقال: إن بريطانيا تستخف بشكل كبير بما يجري في اليمن وترفض الاعتراف بأن حصار وخنق شمال اليمن يتناقض مع مبادئ وحقوق الإنسان، مع وجود أعداد كبيرة من الأطفال المرضى، الذين تحوّل كثير منهم إلى هياكل عظمية، حيث لم يعد بإمكان اليمنيين الحصول على الطعام بسبب الفقر الذي سببته الحرب، فضلاً عن شح موارد المنظمات الإنسانية، وحظر واردات الأغذية والوقود التي تحتاجها المستشفيات بسبب الحظر السعودي.
وأضاف: إن بريطانيا تتآمر في تعزيز الحصار لكذبتين اثنتين: الأولى هي أن التحالف يدافع عن النظام السياسي الشرعي في اليمن، الممثل بالرئيس عبد ربه منصور هادي، والذي تم انتخابه لمدة عامين في عام 2012، وكان من المفترض أن يرأس عملية التوصل إلى تسوية سياسية جديدة وشاملة، لكنه يجلس القرفصاء الآن في قصر في الرياض، ويصدر بيانات ليس لها أي أهمية، فضلاً عن احتمالية عدم السماح له بمغادرة الرياض، وأضاف: إن بريطانيا لكونها من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، تتحمل مسؤولية التوصل إلى أي قرار في المستقبل حول اليمن.
والكذبة الثانية بحسب ديل تتمثل في أن الحصار السعودي لشمال اليمن يهدف لمنع تهريب الأسلحة الإيرانية للمتمردين الحوثيين، قائلاً: إنه صحيح أن إيران تدعم الحوثيين، ولكنهم لا يعتمدون على هذا الدعم، فضلاً عن أن مجموعة خبراء الأمم المتحدة لم «تعثر على أدلة كافية تؤكد ذلك»، وليس ثمة أي دليل على صلة إيران بالصاروخ الذي أطلقته قوات الحوثي مؤخراً على الرياض، حيث من المرجح أنه تم استيراده قبل الحرب من كوريا الشمالية.
واعتبر أن بريطانيا منافقة إزاء ما يجري في اليمن، والأسوأ أنها منافقة بدافع الجشع، فبعد ثلاثة أيام من التصعيد السعودي للحصار على اليمن في 6 تشرين الثاني، قدمت الحكومة البريطانية ضماناً بقيمة ملياري دولار لشركة النفط الوطنية السعودية، والذي يعتبر أكبر ضمان في التاريخ.
وأشار إلى أن قيمة صادرات المملكة المتحدة من الأسلحة إلى السعودية قد ارتفعت بنسبة 500 بالمئة خلال السنتين الأوليين من الحرب، أي إلى أكثر من 4.6 مليارات جنيه إسترليني، ونقل عن وزير الدفاع السابق مايكل فالون أمام مجلس العموم الشهر الماضي: إن «الانتقادات الموجهة للسعودية في البرلمان غير مفيدة» لأن الاعتبارات التجارية تؤثر في الحكومة قولاً وفعلاً، ولهذا فإن السياسة البريطانية عرضة للرشوة.
وخلص الكاتب إلى القول: إن الشجاعة مطلوبة لرفض رشاوى مبيعات الأسلحة، فضلاً عن ضرورة السماح للصحفيين وللمجتمع المدني بتوثيق ونقل ما يجري في اليمن، مؤكداً أن بريطانيا بحاجة للقيام بحملة كبيرة من أجل صدور قرار جديد في مجلس الأمن بشأن اليمن، ويجب الاعتراف أن الرئيس هادي لم يعد يحمل السلطة الشرعية ولا يحق له ولا للداعمين الأجانب بمنع الدخول إلى شمال اليمن، وأن الدعوة إلى السلام أو التوصل إلى حل سياسي ليست كافية ما دام المجتمع الدولي يوفّر ميزة سياسية، وفي الوقت ذاته يحفّز على مواصلة القتال. وقال: ما دام الحصار والقصف مستمرين على اليمن بغطاء من الدبلوماسية البريطانية، فإن بريطانيا ستبقى مجرد دولة منافقة وشريكة في تجويع الشعب اليمني.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن