سورية

مساع تركية لتعويم «النصرة» اقتصادياً … الأسواق في إدلب تدحض مزاعم الغرب: لا عوائق إدارية أو تقييد من الحكومة

| سامر ضاحي

تشهد محافظة إدلب حركة اقتصادية نشطة عبر تدفق المواد والسلع من محافظة حماة وأسعاراً منخفضة تدحض مزاعم الأمم المتحدة المستمرة التي تتحدث عن حصار خانق تخضع له «مناطق تخفيض التصعيد»، وسط مساع تركية لتوفير باقي السلع بهدف تعويم حليفتها «جبهة النصرة» الإرهابية التي تحكم المحافظة.
ويوم الأربعاء الماضي، وخلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول الأوضاع الإنسانية في سورية، أكد القائم بالأعمال بالنيابة لوفد سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الوزير المفوض منذر منذر أن الحكومة السورية رغم استمرار المجموعات الإرهابية المسلحة بالتصعيد وقصف المدن والمناطق السكنية وارتكاب الخروقات في «مناطق تخفيض التصعيد»، فإنها تقدم كل التسهيلات الممكنة لإيصال المساعدات الإنسانية.
وعبّر منذر عن أسفه لأن التقرير الشهري الخامس والأربعين لوكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارك لوكوك قبل ذلك بيومين تحدث عن «وجود عوائق إدارية وقيود متعمدة» يدعون أنها «تقيد» إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق غير المستقرة، وشدد منذر على أن تلك المناطق تخضع لاتفاق «تخفيض التصعيد».
وفي ضوء الخروقات المستمرة لاتفاق «تخفيض التصعيد» من ميليشيات الغوطة الشرقية والرد عليها من الجيش العربي السوري التي من شأنها التأثير في حركة السلع والبضائع من وإلى الغوطة، توجهت «الوطن» لرصد الأوضاع الاقتصادية في محافظة إدلب التي تشهد اتفاقاً مماثلاً.
وبعد اتفاق الدول الضامنة لمسار أستانا، روسيا وإيران وتركيا خلال اجتماعات «أستانا 6» منتصف أيلول الماضي على إقامة «منطقة تخفيض تصعيد» في إدلب، أعلنت تركيا في 7 تشرين الأول الماضي إطلاق عملية عسكرية في المحافظة بالتعاون بين ميليشيات المسلحين والجيش التركي، هدفت بحسب ما أعلن الأتراك إلى اقتلاع مسلحي «جبهة النصرة» وحلفائها في «هيئة تحرير الشام» والقضاء عليهم، بموجب الاتفاق مع الدول الضامنة، لكن الذي حصل لاحقاً أن الجيش التركي دخل في 13 من الشهر ذاته برفقة مسلحين وآليات من «النصرة».
مصادر أهلية تعمل في القطاع التجاري داخل المحافظة تحدثت لـ«الوطن» عن حركة اقتصادية لافتة تشهدها المحافظة، وخاصة بعد افتتاح سوق في سراقب وآخرى في كفر نبل جنوبي إدلب أواخر أب الماضي تضاف إليهما سوقا حاس ومعرة النعمان وتعتبر هذه الأسواق بمجملها «القلب الاقتصادي للمحافظة حالياً» على حد وصف المصادر، التي لفتت إلى أن الخضر والفواكه والمواد الأخرى تنساب بسهولة من وإلى مناطق سيطرة الجيش العربي السوري وذلك من محورين الأول عبر مدينة السقيلبية ومنها إلى قلعة المضيق في ريف حماة ثم إلى الأسواق الأربعة، والمحور الثاني من صوران إلى مورك في ريف حماة الشمالي مروراً بخان شيخون ومنها إلى تلك الأسواق.
وفي 13 الشهر الماضي افتتح طريق صوران مورك لأول مرة منذ عام 2014 أمام حركة المرور.
وبينت المصادر، أن السلع التي تدخل لا تشمل مناطق إدلب فحسب بل تصل إلى ريف حلب أيضاً بشقيه الشمالي والشرقي وإدلب وريفها، مبيناً أن انسياب البضائع يتم بشكل سلس داخل المناطق الخاضعة لسيطرة «النصرة» إلا على حاجز سرمدا حيث يتم التدقيق جداً باعتبار أن الحاجز يهدف إلى ضبط الحركة باتجاه معبر باب الهوى.
وتحاول «النصرة» الابتعاد عن واجهة السيطرة على هذه الأسواق إذ أوضحت المصادر أن ما يسمى «المجلس المحلي» في كل منطقة هو من يدير السوق، ففي كفر نبل مثلاً يدير السوق القائد العام لما يسمى «جيش إدلب الحر» المنخرط بتحالف مع «النصرة» في ما يسمى «هيئة تحرير الشام» واسمه فارس بيوش حيث يحصل على مبلغ 1500 دولار أميركي لقاء تأجير محل داخل السوق المكونة من 57 محلاً تجارياً وفق المصادر التي بينت أن السوق ما زالت حديثة لكن العمل جار لبناء ملحقين بها الأول مخصص للبرادات والثاني للتخزين، ولفتت المصادر إلى أن المبالغ يتم تحويلها إلى «المجلس المحلي».
وعن الأسعار في المحافظة، لفتت المصادر إلى أنها لا تختلف كثيراً عن باقي المحافظات التي تتبع للحكومة فمثلاً سعر كيلو البرتقال يتراوح بين 100 و150 ليرة سورية أما البطاطا مثلاً فهي بين 80 إلى 90 ليرة سورية حتى أن سعر الدخان لا يرتفع كثيراً فمثلاً علبة الحمراء الطويلة لا تباع بأكثر من 225 ليرة سورية بالمفرق» على حد قول المصادر.
لكن في المقابل هناك سلع لا تتوافر في هذه المناطق من قبيل السكر والمواد البترولية إذ بينت المصادر أن النظام التركي هو من يقوم عبر «النصرة» بتوفيرها في المحافظة.
وأوضحت المصادر أن لتر المازوت الواحد يباع بـ230 ليرة سورية، والبنزين بـ400 ليرة سورية، أما السكر فسعر الكيلو غرام الواحد 300 ليرة، وربطت المصادر بين هذه الأسعار وأسعار الدولار، مبينة أن قائمة الأسعار الواردة من تركيا داخل إدلب مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بسعر الدولار، حتى أن الأهالي في حال انخفاض الدولار وعدم التزام التجار بتخفيض الأسعار يقومون بتكسير المحال على أصحابها.
ولفتت المصادر إلى أن بضائع كالمحروقات والسكر والزيوت تدخل أيضاً عبر المساعدات التي تدخل المحافظة من معبر باب الهوى أو عبر التهريب على اعتبار أنها سلع إستراتيجية تسعى «النصرة» إلى احتكارها.
وعن هدف قيام تركيا بإدخال المواد من باب الهوى رجحت المصادر أن الخطوة التركية تهدف إلى تعويم «النصرة» وإظهارها كطرف مدني مسيطر على الأوضاع سياسياً واقتصادياً وعسكرياً داخل إدلب وتطبيع الوضع داخل إدلب لمصلحة «النصرة» بهدف عدم خروج الناس في تظاهرات كما حدث في وقت سابق من صيف العام الحالي ببعض القرى والبلدات في ريف المحافظة عندما خرجت تظاهرات على «النصرة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن