سورية

محللون: «العدالة والتنمية» أطلق «الحملة ضد الإرهاب» انتقاماً من هزيمته في الانتخابات..أنقرة تستغل فرصة استهداف داعش لتهاجم «العمال الكردستاني»

بعد تردد طال أشهراً عدة، أطلقت تركيا حملة ضد تنظيم داعش الإرهابي، ولكنها اغتنمت هذه الفرصة لتهاجم أيضاً مواقع «حزب العمال الكردستاني» ما من شأنه أن يهدد عملية السلام الهشة.
ومنذ يوم الجمعة تقصف تركيا مواقع تابعة لتنظيم داعش في سورية بعدما حملت الجهاديين مسؤولية التفجير الانتحاري الذي أسفر عن مقتل 32 شخصاً في مدينة سوروج، وأيضاً بعد ضغوط من الولايات المتحدة لاتخاذ موقف أكثر صرامة إزاء الجهاديين. لكن تركيا وسعت حملتها العسكرية عبر الحدود لتستهدف مقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، في ما يشكل أكبر حملة جوية لها منذ العام 2011 بعد هجمات دموية نسبتها إلى المقاتلين الأكراد. وصنفت أنقرة الحملتين العسكريتين ضد الجهاديين من جهة، و«العمال الكردستاني»، من جهة أخرى، في إطار واحد هو «الحرب على الإرهاب» مع أن الطرفين المستهدفين يتواجهان أصلاً في معارك شرسة.
ويقول محللون: إن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا يبحث عن زيادة عدد الناخبين بعد أدائه المخيب في الانتخابات التشريعية في 7 حزيران، وأيضاً منع الأكراد من إقامة معقل قوي في سورية.
وتصنف تركيا حزب العمال الكردستاني الذي يشن تمرداً دموياً في جنوب شرق تركيا منذ العام 1984، على أنه مجموعة إرهابية، كما تعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي، الحزب الكردي الأهم الذي يقاتل تنظيم داعش في سورية، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني.
وبحسب الباحث في مركز «كارنيغي أوروبا» مارك بيانيري، فإن «الحكومة (التركية) وازنت بين حزب العمال الكردستاني وتنظيم (داعش). ومع أنهما كيانان متباينان إلى حد كبير إلا أن هذا الأمر يخدم مصالح الحكومة».
واعتبر أستاذ سياسات الشرق الأوسط في جامعة ميزوري دايفيد رومانو أنه قد يتبين أن الحملة العسكرية التركية تركز أساساً على حزب العمال الكردستاني وليس على تنظيم داعش.
وتابع رومانو، أن تركيا وبعدما سمحت للولايات المتحدة باستخدام قاعدة أنجرليك الجوية لشن غاراتها ضد تنظيم داعش، تأمل أن تبادلها بالمثل عبر الابتعاد عن حزب الاتحاد الديمقراطي في سورية.
وتعتبر الحكومة التركية أنه من المنطقي جداً أن توازن بين تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني الذي أعلن الأسبوع الماضي قتل شرطيين تركيين أثناء نومهما.
وكتب إبراهيم كالين المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في صحيفة «الصباح» التركية «بالرغم من أنهما يتحركان بدوافع مختلفة، إلا أن الاثنين يتشاركان أساليب وأهدافاً متشابهة».
وتأتي الغارات التركية بعد انتخابات السابع من حزيران التي خسر فيها حزب العدالة والتنمية الأغلبية المطلقة للمرة الأولى منذ وصوله إلى السلطة في العام 2002 مما أدى إلى إخفاق الرئيس أردوغان في إجراء تعديل دستوري لتحويل النظام التركي إلى جمهوري.
وتجد تركيا اليوم نفسها أمام حلين: تشكيل حكومة ائتلافية هشة أو إعادة تنظيم الانتخابات حيث يأمل حزب العدالة والتنمية استعادة الأغلبية المطلقة.
وقد يساهم استهداف حزب العمال الكردستاني، الذي يكن له الكثير من الأتراك العداء، في حصول حزب العدالة والتنمية على المزيد من أصوات القوميين المتطرفين.
وبحسب بيانيري فإن من شأن هذه «الحرب على الإرهاب» أن تخفف من حدة الصعوبات السياسية الداخلية في تركيا بعد الانتخابات، وبالتالي فإن احتمال إعادة إجراء الانتخابات يبدو وارداً جداً.
يذكر أن الانتخابات الأخيرة انتهت أيضاً باختراق لحزب الشعب الديمقراطي، ذي الأغلبية الكردية، إذ حاز 80 مقعداً في البرلمان ليطيح بذلك بآمال حزب العدالة والتنمية في الحصول على الأغلبية المطلقة.
وكتب المعلق جنكيز جندار في صحيفة «راديكال» الالكترونية أن أردوغان أراد «تشويه» صورة حزب الشعب الديمقراطي عبر ربطه بحزب العمال الكردستاني. واعتبر أن «الحرب على الإرهاب مجرد حجة. الهدف هو الانتقام لما حصل في السابع من حزيران»، أي من نتيجة الانتخابات. إلا أن إحلال السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، يمكن أن يشكل إذا تم، أكبر إنجاز لحزب العدالة والتنمية.
وقد تمت فعلياً الإشادة بأردوغان لوضعه تعديلات محدودة لصالح الأكراد ولإطلاقه في 2013 عملية سلام بعد محادثات سلام سرية بين الحكومة التركية وزعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل عبد اللـه أوجلان. ويلتزم الجانبان منذ ذلك التاريخ بوقف هش لإطلاق النار يبدو اليوم مهددا بعدما أعلن حزب العمال الكردستاني أن الهدنة فقدت اليوم أي معنى حقيقي لها.
ويقول بيانيري: إن حزب العمال الكردستاني «كيان متعدد» يتألف من ثلاثة عناصر أساسية هي حزب الشعب الديمقراطي وأوجلان والقيادة العسكرية في شمال العراق، إلا أنهم لا يعملون بانسجام دائماً.
من جهته، يعتبر رومانو أن حزب العمال الكردستاني عليه ألا يقع في فخ الحكومة التركية التي تريد أن يصنف في خانة الإرهاب، كما أنه غارق في الوقت نفسه في الحرب ضد تنظيم داعش في سورية.
وتابع رومانو: «أتوقع أن يحاول حزب العمال الكردستاني التراجع، وألا يستأنف تمرده ضد أنقرة بشكل جدي».
أ ف ب

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن