ثقافة وفن

تكريم مستحق

| د. اسكندر لوقا

وصولاً إلى الغاية المنشودة من اهتمام الجهات المعنية برعاية الإبداع، نقرأ بين وقت وآخر نبأ حول احتفاء هذه الجهة أو تلك بتكريم شريحة من أبناء وطننا المبدعين في حقل من حقول المعرفة كالتأليف والرسم والغناء والتمثيل وسوى ذلك من عطاء يستحق التكريم.
في هذا السياق جرى مؤخراً تكريم أسرة مسلسل «شوق» في دار الأوبرا، بمبادرة من جمعية سورية المدنية بالتعاون مع الأمانة العامة للتنمية، ولهذه المبادرة كما لسواها من المبادرات التي سبقت لتكريم المبدعين معناها الوطني من حيث المبدأ وخصوصاً في زمن الحرب المشنّة على سورية لجرها إلى الوراء وجعلها أعجز من أن تنهض في مواجهة الوضع الحالي، الوضع الذي يعاني منه شعبنا بأطيافه كافة، وحملها، وبالتالي، على الاستسلام لتبعات الأمر الواقع والقبول به.
إن مسلسل «شوق» الذي لامس حياة السوريين من دون استثناء، مثل للعطاء المنشود دائماً ليكون المواطن المعني برصد الحالة التي يعيشها كما يعيشها سواه على قدر من قراءة التآمر الذي هدف ويهدف إلى فصله عن قضاياه الوطنية بجعله يلهث وراء الرغيف قبل الكرامة ولقمة العيش قبل الموقف الذي يتطلب الالتزام بما هو مطلوب منه للدفاع عن حاضر الوطن ومستقبله.
من هنا يكون التكريم المستحق قد جاء في وقته، وكما يجب أن يأتي مستقبلاً حيال الأعمال الفنية التي تجسد معاني المواطنة في بلد استطاع أن يصمد ما يقرب من سبع سنوات متحدياً كل ما يمكن أن يندرج تحت عنوان عاصفة التدمير التي هبت تجاهه من كل أصقاع الكرة الأرضية، بغية النيل من صمود أبنائه مدنيين وعسكريين على حد سواء، وها هي ذي اليوم بدأت خيوط المؤامرة على بلدنا تزداد وضوحاً ساعة بعد ساعة.
إن تكريم أبطال مسلسل «شوق» لا يعني تكريم الشخص كما العمل بحد ذاته، كما الفكرة بحد ذاتها، لأن الأشخاص يذهبون وتبقى بصماتهم من بعدهم، تشير إليهم وتغدو معالم على أرض الوطن الذي ينتمون إليه إلى زمن غير محدود، وهناك أمثلة عديدة عن أعمال فنية بقيت صامدة في الذاكرة حتى اليوم وستبقى كذلك دوماً وإن كان صناعها قد رحلوا.
على هذا النحو، يكون التكريم المستحق قد جاء في زمانه، بأمل أن يكون مثل هذا التكريم من نصيب كل عطاء يتميز بصدق الانتماء إلى قضايانا الوطنية أو الإنسانية بكل أطيافها على الأرض.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن