سورية

شهود على عمليات التهريب: «مستقبلنا سيكون أسوأ من مستقبل السوريين»…تقرير لأكبر أحزاب المعارضة التركية: داعش يتلقى أكبر دعم لوجستي عبر الحدود التركية-السورية

أكد حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، أن تنظيم داعش يتلقى أكبر دعم لوجستي عبر الحدود التركية السورية غير المضبوطة منذ عام 2011، وهو أمر أيدته شهادات سكان إحدى القرى الحدودية التركية.
وشدد الحزب في تقرير أعده أعضاء منه حول التفجير الإرهابي الانتحاري الذي وقع في بلدة سروج التابعة لمحافظة شانلي أورفا وأسفر عن مقتل (32) شاباً من أعضاء اتحاد جمعيات الشباب الاشتراكي اليساري وإصابة نحو (100) آخرين بجروح على ضرورة إعادة النظر في سياسات تركيا إزاء سورية وتبني مفهوم سياسي جديد محوره الأساسي تحقيق الأمن الحدودي والسلام الإقليمي.
وأوضح التقرير أن السياسات الخاطئة التي مارستها حكومة حزب العدالة والتنمية إزاء سورية تشكل العنصر الرئيسي في مقتل (52) مواطناً في تفجيرات الريحانية عام (2013)، و(13) آخرين في تفجير معبر جيلفا كوزو الحدودي في شباط من العام نفسه، ومواطنين اثنين إثر الهجوم المسلح في نيدا والمجزرة التي وقعت في سروج مؤخراً.
وطالب التقرير بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية مهمتها صياغة إستراتيجية شاملة للأمن القومي التركي بهدف تحديد نشاطات داعش والقضاء على تكوينه داخل الحدود التركية، داعياً حكومة حزب العدالة والتنمية إلى إظهار إرادة واضحة لمواجهة هذا التنظيم وإعلان موقفها الواضح إزاءه للرأي العام وتبني مفهوم جديد على المسارين الاستخباراتي والأمني بهدف منع المواطنين الأتراك من الانضمام إلى صفوفه، وإدراجه على قائمة التنظيمات الإرهابية بشكل قانوني.
ولفت التقرير إلى الضعف الأمني الواضح فيما يخص التعاطي مع تفجير سروج، موضحاً أن التحقيقات التي أجراها أعضاء الحزب كشفت عن أن جهاز المخابرات التركي الذي أصبح مسيساً لم يؤد مهمته بشكل فعال في التفجير الانتحاري الذي وقع بالبلدة حيث لم يلحظ وجود أي عنصر أمن رسمي أو مدني حول مكان الانفجار.
وأفاد التقرير استناداً إلى أقوال شهود عيان بأن أول سيارة إسعاف حضرت إلى مكان الحادث بعد (10) دقائق من وقوع الانفجار، فضلاً عن إطلاق الشرطة الغاز المسيل للدموع على المواطنين أثناء نقل المصابين إلى المستشفيات، لافتاً إلى أن كاميرات المراقبة لم ترصد مكان الحادث فضلاً عن تعطل كاميرات المراقبة الموجودة في المركز الثقافي الذي وقع فيه التفجير الانتحاري.
وفي تأكيد المعلومات الواردة في تقرير حزب الشعب الجمهوري، ذكر سكان قرية بيلرباي التركية أن الشباب، الذين كانوا عاطلين من العمل، ينشطون الآن في «تهريب البضائع أو المقاتلين»، حيث تشهد القرية الواقعة في جنوب البلاد رغم انتشار الجيش، عمليات تهريب مربحة على أنواعها مع مسلحي تنظيم داعش، الذين يسيطرون على المناطق المواجهة من الجانب السوري. ومضت على فاطمة غولو (70 عاماً) سنتان وهي تراقب باستياء حركة التهريب التي تجري بشكل متكتم إنما متواصل في المنطقة، كما أنها تعرف كلفة كل عملية. وقالت موضحةً: إنه و«لقاء خمسين إلى مئة دولار، ينقلونك إلى مطار غازي عنتاب أو كيليس (مركز المحافظة) ومقابل خمسة آلاف ليرة تركية (حوالى ألفي يورو) ينقلونك إلى (داعش) في الجانب الآخر».
وعلى بعد كيلو مترات من القرية، أطلق مسلحو تنظيم داعش النار على موقع متقدم للجيش التركي الخميس الماضي فقتلوا جندياً ما أسفر عن رد فعل تركي عنيف تجلى بغارات جوية وقصف مدفعي.
وأضافت فاطمة إن هذه المنطقة الفقيرة جداً أصبحت مركزاً لجميع أنواع التهريب من «مخدرات ومواد ضرورية وأسلحة وأشخاص».
وأكدت المرآة التي تعمل بالزراعة، أنه «انطلاقاً من قرانا، هناك على الأقل عشر طرقات للوصول إلى المعسكرات السورية (للجهاديين)». ويعبر المقاتلون الأجانب حقولها من الزيتون «كل يوم»، مشيرةً إلى أنهم من «الأتراك والشيشان والفرنسيين والبريطانيين».
اما الذين يرفضون المشاركة، فإن لعمليات التهريب تداعيات «مأسوية» مثل «التهديد والسرقة والعنف» بحسب السبعينية التي رفضت الخوض في التفاصيل. وأضافت موضحةً: إن القرية بأكملها «تصمت لأنه من الصعب التنديد بمن لا يملكون المال ولم يكن لديهم عمل بالأمس، لكنهم يكسبون قوتهم اليوم».
ولفترة من الزمن، كانت فاطمة تأمل أن يؤدي وصول قوة عسكرية إلى القرية لمراقبة الحدود إلى وقف هذا النوع من «العمل» غير القانوني أو الحد منه لكن للآسف فإن «العسكريين أيضاً يغضون الطرف عن المهربين».
لكن ضابطاً في الجيش التركي انتشر مؤخراً في المنطقة، أكد رافضاً ذكر اسمه أن «المسافة بين موقعين للجيش التركي كبيرة جداً بحيث إنه يستحيل منع تهريب الأشخاص والبضائع».
ومنذ عدة أشهر، يندد حلفاء أنقرة بانفلات الحدود مع سورية البالغ طولها 900 كلم وهي نقطة العبور الأساسية للالتحاق بداعش في هذا البلد. وتقول تركيا مدعومة بالأرقام: إنها شددت المراقبة كما أنها تبذل أقصى ما في وسعها، مؤكدةً اعتقال نحو ألف شخص منذ مطلع السنة الحالية.
وتحوم الشكوك حول مصدر الأموال لمنزل فخم شيده مختار القرية أحمد سولاق (55 عاماً) الذي لا يعير أي اهتمام لهذه الانتقادات، مؤكداً أن «الحكومة والدولة لا تمنعان عبور مئات الأشخاص أسبوعياً فلماذا أقوم بذلك بنفسي»؟ في نفي لكل ادعاءات الحكومة عن ضبط الحدود.
وأكد ذلك عدد من سكان بيلرباي. فمنذ اندلاع الأزمة في سورية عام (2011) قام آلالاف بعبور الحدود بشكل غير شرعي. وقال حلاق القرية جميل تكباش (38 عاما) باستياء: «كيف يمكن معرفة إذا ما كانوا من تنظيم (داعش) أم من الأولياء؟ فهذا ليس مكتوباً على جباههم».
أما فتاح كايا (59 عاماً)، فقال: إن «الوضع لا يمكن فهمه»، متذكراً أياماً ليست ببعيدة حيث كان «يجب الحصول على تصريح مكتوب للتوجه إلى الحقول المحاذية للحدود». وأضاف: إن «المذنب الوحيد في هذه المسألة هو الدولة بسبب عدم تشييدها مواقع متقدمة يستطيع الجيش عندها أن يقوم بكل عمليات التحقق الضرورية».
وتابع كايا: «بإمكانها الآن نشر ما تشاء من جنود على الحدود من دون جدوى، فقد فات الأوان وما حصل قد حصل»، مضيفاً: «مستقبلنا سيكون أسوأ من مستقبل السوريين».
بدورها، قالت جارته مفضلة عدم ذكر اسمها: «يوماً ما، سيدفع الجميع ثمن عمليات التهريب من مهربين وكاذبين وسارقين يجب فقط التحلي بالصبر وانتظار أن تتبدل الأوضاع».
(سانا – أ ف ب)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن