ثقافة وفن

الخادمة التي ترى الوجوه من دون أقنعة…«دنيا2».. إسقاطات لواقع الأزمة السورية بقالب كوميدي بعيد عن الابتذال

 وائل العدس : 

بعد خمسة عشر عاماً على إنتاج الأول، بثت أمل عرفة الروح بشخصية «دنيا» مجدداً بمشاركة الكاتب سعيد حناوي وإخراج زهير قنوع وإنتاج شركة غولدن لاين، وبطولة مشتركة مع شكران مرتجى، واستطاع العمل منذ حلقاته الأولى أن يجذب شريحة كبيرة من المشاهدين، وشكّلت بطلتاه ثنائياً متجانساً وجذاباً.
ولعل أهم ما دفعها إلى القيام بجزء ثان، هي الشعبية الكبيرة التي حققتها في الجزء الأول، واعتبار «دنيا»، شخصية حقيقية من لحم ودم يشتاق إليها الجمهور ويصدقها ويضحك معها.
وغالباً ما يكون الدخول في جزء جديد والاعتماد على نجاح جزء قديم نوعاً من المغامرة، قد تحتاج في طياتها إلى الجرأة.

كما أن الكوميديا لديها مهمة أصعب من باقي الأعمال الدرامية ولا تحتمل إلا خياراً واحداً وهو الإضحاك وأي عمل حتى يوصف بأنه عمل كوميدي فيجب أن يمتلك المقومات التي تعتمد على المبالغة إما بالشكل وإما بالحركة وإما باللغة وإما باجتماع هذه العناصر جميعها وهذه المبالغة الغرض منها تحقيق الغاية، وهو ما تحقق من خلال تصرفات «دنيا» و«طرفة» المثيرة للجدل.
وبالنسبة لموضوع اللهجة فهو من الأعباء التي حملها العمل والتي كانت «ربما» ستعوق عرضه على بعض الشاشات، ولكن كانت هنالك رغبة شديدة في التوجه بالمسلسل نحو المشاهد السوري، لذا عرض على ثلاث قنوات محلية هي «سما» و«تلاقي» و«سورية دراما».

مشكلات لا تنتهي
إذاً، عادت من جديد الخادمة الفضولية التي تتسبب دائماً في مشكلات لا تنتهي، والتي غالباً ما يسببها فضولها وثرثرتها الزائدة، وكذلك بسبب طيبتها وحبها للخير، فدائماً تنصر الضعيف، وتحاول مساعدة المحتاج، ولا ينقصها السذاجة والطرافة التي تصنع بشكل غير مفبرك مواقف مضحكة لا تنتهي.
ونقلت المشاهد معها من قصة إلى قصة مع صديقتها الصدوق «طرفة» دائماً معاً في رحلتهما، فكلتاهما تسعى لمجرد العيش الكريم، فتطرد غالباً، وتهرب أحياناً، لتبدأ رحلة البحث عن مكان جديد للعمل.
وجالت الكاميرا مع الخادمة في التفاصيل الدقيقة والسريّة داخل البيوت، لتكون «دنيا» الشاهد الذي يرى الوجوه من دون أقنعة والعلاقات بلا تزييف، من خلال طبعها الفضولي والمثير للضحك.

واقع حالي
أكثر ما جعل «دنيا» و«طرفة» قريبتين من المشاهد، محافظتهما على «الكاركتير» وكأنّ السّنين لم تمر، والوقت لم يتغيّر، إن كان من ناحية الشّعر، أو الابتسامة، أو الملامح، وحتى الملابس والكلام، والجملة الشهيرة «لا بشوف ولا بحكي ولا بسمع».
ويبدو الجزء الجديد مقتبساً من الواقع الحالي بإسقاطات عديدة لواقع الأزمة السّوريّة وآثارها الاقتصاديّة والاجتماعية على المواطن بقالب كوميدي بعيد عن الابتذال، منها ما عرض عن السّفر والهجرة، وتوزيع المعونات.
وتناول المسلسل موضوعات معيشية بسيطة وقصصاً جذابة لا تخلو من الوجع وسط الضحك، والواقعية، كوميديا قريبة من قلب المشاهد العربي لأنها تأتي على لسان شخصيات العمل (البسطاء).
محروس مجدداً

كانت شخصية «محروس» الذي جسدها أيمن رضا غير موفقة في تاريخه الكوميدي الزاخر.
فالممثل الذي أبدع في حياكة شخصية «أبو ليلى» وتفنن بصناعة العديد من الكركترات الكوميدية في «بقعة ضوء» على مدار السنوات، قدم دوراً لا يشبهه، فبدا كأنه مكمل للعمل بشخصية لا معنى لوجودها سوى القيام ببعض التمتمات غير المفهومة والضحك بلا سبب، ولم تنسجم مع روح العمل ومع بطلتيه الرئيستين.
«محروس» هو زوج «طرفة» وابن ذات الضيعة التي تنتمي إليها «دنيا» لكنه يتحدث بلهجة مختلفة تحتاج إلى الجهد لفهمها.

ضوضاء
لم تكن الموسيقا التصويرية متماشية مع سير أحداث المسلسل، بل شكلت ضوضاء وعبئاً إضافياً على الضجيج الموجود أصلاً في كثير من المشاهد، وبدت مزعجة ومنفرة أغلب الأحيان.
وحبذا لو اعتمدت الشركة المنتجة الشارة ذاتها المعمول بها في الجزء الأول، لكانت وفرت جهدها وحافظت على الذاكرة السمعية للملتقي.

وأخيراً الأسماء
بالانتقال إلى الأسماء، فإضافة إلى عرفة ومرتجى، حافظ العمل على عدد من شخصيات الجزء الأول منهم (عبد المنعم عمايري، وعبد الفتاح مزين، وأنطوانيت نجيب، ووفاء موصللي، وأمانة والي، وحسام الشاه، وأحمد خليفة، وإيمان عبد العزيز)، إلى جانب أبطال جدد هم نزار أبو حجر، وغادة بشور، وتولين البكري، ومعتصم النهار، وجيانا عنيد، وولاء عزام، وإيهاب شعبان.
واكتسب العمل تنوعاً كبيراً في الشخصيات، وشهد على مشاركة فنانين كثر كضيوف على بعض الحلقات منهم (صباح الجزائري، وزهير رمضان، ومرح جبر، وسليم صبري، وفايز قزق، وسحر فوزي، ونادين خوري، وديمة قندلفت، وآندريه سكاف، وندين تحسين بيك، وندين سلامة، وجيني إسبر، ولينا حوارنة، ومحمد قنوع، ورنا جمول، وآمال سعد الدين، ويحيى بيازي، ومحمود نصر، وجمال العلي، وخالد القيش، وعلاء قاسم، وليليا الأطرش، وأدهم مرشد، ورنا العضم، ورواد عليو، ويزن السيد، ومهند قطيش، وريم عبد العزيز، وعلا بدر، ولوريس قزق، وإسماعيل مداح، وطلال مارديني، وعلي سكر، وندين قدور).

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن