ثقافة وفن

معنى المسؤولية

| د. اسكندر لوقــا

كثيرا ما نسمع أن المنصب الذي يتولاه المرء يعبر عن مسؤولية وليس مجرد وظيفة أو شكل. وكثيرا ما نردد أن العمل شرف وأنه بمقدار ما يخلص المرء لعمله يرتفع في سلم التقدير. ولهذا الاعتبار مفيد أن نستمع إلى تصريح أول مديرة للمسرح القومي الفنانة أمانة والي وهي تعلن أنها لا تخفي قلقلها من المسؤولية التي ألقيت على عاتقها بتعيينها مديرة للمسرح المذكور.
بغض النظر عن طموحها في سياق مهمتها هذه، يستوقفني قولها إن القلق يساورها مع تمنياتها بأن تقدم شيئا جديدا ومتميزا يخدم المسرح السوري. إن شعورا بالقلق في مثل هذه النقلة من على خشبة المسرح إلى إدارة شؤونه، يبرره الشعور بشفافية المواطنة التي تتصل، بشكل مباشر أو غير مباشر، بمعادلة الرجل المناسب في المكان المناسب وفي الوقت المناسب.
إن المسرح، كما في العرف العالمي، مصدر معرفة، وكلما بدأنا بإعداد المسرح مبكرين، نكون قد ساهمنا في ضخ المعرفة في أذهان جمهورنا، وكلما توجهنا نحو الطفل، من مستوى الحضانة إلى مستويات أعلى، نكون قد أعددنا أفرادا ضالعين في المعرفة التي تجنب الوطن السير في طريق الخطأ، سواء في البيت أم المدرسة أو المكتب. ولأن المسرح يحظى– من حيث المبدأ– باهتمام المربين في العالم المتمدن، فمن البديهي أن يُختار له من تتوافر لديه الكفاءة لإدارته، وذلك على نحو ما اختار وزير الثقافة في الأسبوع الماضي، بإصداره قرار تعيين الفنانة أمانة والي مديرة للمسرح القومي وهو مسرح عريق في سورية ويستحق جهداً، مشفوعاً بشعور المسؤولية. ومن هنا أهمية هذا القرار وأهمية اختيار العنصر القادر على دعم مسيرة المسرح في بلدنا، وفي الذاكرة حتى اليوم، كما نقدر، العديد من المسرحيات التي سبق أن استقطبت الرواد المحبين له، منذ خمسينيات القرن الماضي، وكان المسرح المجال الذي كاد يكون الأهم بين مصادر المعرفة فضلا عن وسائل الإعلام المرئية والمقروءة إلى جانب الكتاب المترجم.
ومسرحنا، في سورية، إذ يفتقر إلى التعريف به جيداً ومن ثم حث الجمهور على ارتياده كما يجب، لا بد من رعايته بمثل هذه الخطوة التي اختارها وزير الثقافة للدلالة على أن المسرح له حضور في الذاكرة الرسمية إن صح التعبير، وأن جمهوره يحتاج إلى منشط ليستعيد دوره في جعل المسرح في طليعة وسائل التعريف بالإبداع الوطني وبكفاءة المواطن لرفد مصادر المعرفة بمصدر لا يقل أهمية عن سواه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن