سورية

رأى أن عودة مؤسسات الدولة إلى مناطق «خفض التصعيد» وإشراك الناس في إدارتها هي المضمون الفعلي للحل السياسي … جودة لـ«الوطن»: 2254 أصبح ضيقاً جداً لا يناسب الوقائع الجديدة

| سامر ضاحي

اعتبر رئيس «حركة البناء الوطني»، أنس جودة، أن عملية جنيف بحاجة لمراجعة وأن القرار الأممي 2254 «أصبح ضيقاً جداً ولا يناسب الوقائع العسكرية والسياسية الجديدة، ورأى أن عودة مؤسسات الدولة إلى «مناطق خفض التصعيد» وإشراك الناس في إدارتها هي المضمون الفعلي للحل السياسي».
ورأى جودة أن روسيا لا يمكن لها أن تغامر بسحب كبير لقواتها من سورية في ظل وجود «جبهة النصرة» الإرهابية التابعة لتركيا في إدلب خصوصاً مع معرفتها بعدم إمكانية الثقة بأنقرة.
وفي تصريح لـ«الوطن»، قال جودة: إن «هذه المرحلة كسابقاتها لن تقدم تطوراً جديداً فرغم نجاح المعارضة على القدوم بوفد واحد إلا أن الأجندات المختلفة للمنصات تشكل عائقاً جدياً أمام قدرتها على العمل وهذا ما ظهر في بيان الرياض(2)»، وأضاف: الأهم من ذلك هو أن عملية جنيف كلها بحاجة لمراجعة فقميص 2254 أصبح ضيقاً جداً ولا يناسب الوقائع العسكرية والسياسية الجديدة وأن معادلته القائمة على ثنائية تفاوضية فقط أصبحت بحاجة للتغيير لمصلحة إدخال قوى جديدة لتوسيع التمثيل وهذا ما تحاول روسيا العمل عليه عبر التلويح بطرح فكرة مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، ورأى أن «الفكرة جيدة وهامة وضرورية ولكن الخوف أن يكون هذا المسار مكملاً لسياق حميميم السابق وبالتالي لا يجد من يقتنع به داخلياً أو خارجياً».
وتجري حالياً في جنيف المرحلة الثانية من الجولة الثامنة للحوار السوري السوري حيث وصل وفد الجمهورية العربية السورية أول من أمس إلى المدينة السويسرية، والتقى أمس دي ميستورا بعد تريث الوفد في الوصول لعدة أيام بسبب بيان مؤتمر «الرياض 2» الاستفزازي، وشروط المعارضة المسبقة.
ورداً على سؤال حول استبعاد المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا المجتمع المدني من محادثات جنيف رغم أن القرار 2254 يركز على مشاركة جميع القوى، اختار جودة رداً دبلوماسياً متجنباً توجيه اتهام مباشر للمبعوث الأممي، وقال «نظريا لم يستبعد دي ميستورا المجتمع المدني وحتى أنه نسبيا قد تكون هذه الجولة من الجولات الأوسع تمثيلا بين الداخل والخارج والخلفيات السياسية المختلفة، ولكن عملياً وكما ذكرنا سابقا فالمجتمع المدني في صيغة جنيف هو عبارة عن ديكور لإكمال المشهد».
واعتبر، أنه من الضرورة توسيع مشاركة المجتمع المدني في كل اللقاءات والجولات التفاوضية في جنيف أو غيرها بأن يكون للمجتمع المدني دور واضح في وضع أجندة النقاش والرقابة على أداء الأطراف المتفاوضة، وتوسيع مشاركته لتشمل النقابات والغرف والشخصيات المناطقية المؤثرة وعدم الاكتفاء بالناشطين المدنيين، وثالثا توسيع عمل مشاورات المجتمع المدني والانتقال بها إلى المستويات المحلية وعدم حصرها بمجموعة صغيرة تسافر إلى جنيف.
وحول تأثير سحب القوات الروسية على عملية مكافحة الإرهاب وخاصة مع دخول الجيش إلى إدلب، أعرب جودة عن اعتقاده بأن سحب القوات الروسية هو فقط في سياق تخفيف الوجود العسكري المكلف مادياً وسياسياً وليس سحبا شاملاً لها، معتبراً أن روسيا لا يمكن أن تغامر بسحب كبير للقوات في ظل وجود النصرة التابعة للتركي في إدلب خصوصاً مع معرفتها بعدم إمكانية الثقة بهذا الشريك، كما أن عينها الأخرى تبقى على قوات التحالف الأميركية على الضفة الأخرى من الفرات والحاجة لبقاء توازن عسكري إستراتيجي.
ورجح جودة، أن تكون خطوة الإعلان الروسي بسحب القوات تكتيكية أكثر منها إستراتيجية، «فهي أولاً تأتي في سياق إعلان الانتصار قبل الانتخابات الروسية القادمة وإعادة التأكيد على أن الوجود العسكري الروسي مؤقت وليس دائماً، وثانيا، لا ننسى أن روسيا أعلنت سابقا أنها في طور تخفيف وجودها العسكري ولكنها عادت وعدلت عن ذلك بعد التوافق مع الأميركان على محاربة داعش بعد أن اقتنع الأميركي أنه لا بديل عن التعاون مع الروس لتحقيق ذلك.
وتابع: ربما يكون هذا الإعلان الجديد في سياق الإعلان السابق نفسه ولكن باتجاه النصرة هذه المرة، وثالثاً، لا يمكن استبعاد قراءة هذا الإعلان في ظل التصعيد الأميركي والإسرائيلي الكبير باتجاه الوجود الإيراني في سورية وما التموضع الروسي في المرحلة المقبلة!.
وحول مستقبل مناطق «خفض التصعيد» مع اقتراب مدتها الزمنية المحددة بستة أشهر من نهايتها واقتراب انعقاد الجولة المقبلة من محادثات أستانا، رأى جودة أنه «لا يمكن لمناطق خفض التصعيد أن تصمد من دون وجود مضمون سياسي اجتماعي لها، فالاتفاقات حتى الآن هي اتفاقات وقف إطلاق نار مع بعض البنود المتعلقة بدخول المساعدات وهذه الصيغة يمكن تمديدها لمرة أو اثنتين ولكنها لا يمكن أن تكون مستدامة من دون البحث في مستقبل هذه المناطق وإدارتها وكيفية عودة مؤسسات الدولة وإشراك الناس في إدارة المناطق».
وأضاف: أجزم أن هذا هو المضمون الفعلي للحل السياسي، ففي حين تشكل المبادئ الدستورية الإطار العام فإن المضمون هو الإدارة المحلية والتنمية وتوسيع المشاركة المحلية ضمن صيغة موسعة من اللامركزية الإدارية وتعديل قانون الانتخاب».
واعتبر جودة أن هذا المضمون من المفترض أن يتم نقاشه في المؤتمر الوطني (في سوتشي) ولكن الخوف كما قلت سابقا أن يتعامل سوتشي مع هذه العناوين بسطحية ونفقد بالتالي مدخلاً أساسيا في بناء التوافق الوطني ونفقد الاستقرار الذي صنعته أستانا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن