عربي ودولي

ليبيا: معركة طرابلس على الأبواب؟ وحضور متزايد لتنظيم داعش

يزداد الترقّب في ليبيا للتحرّك المتوقّع من الجيش الوطني على الأرض، باتجاه مدينتي سرت وطرابلس، بحلول السابع عشر من هذا الشهر، وهو موعد نهاية المهلة التي حدّدها قائد الجيش المشير خليفة حفتر للقوى السياسية الليبية للتوافق حول التعديلات المقترحة لاتفاق الصخيرات السياسي.
فعلى الرغم من التحرّكات المستمرة للمبعوث الأممي إلى ليبيا، والجلسات السابقة للبرلمان في طبرق لبحث هذه التعديلات، يبدو أن إمكانية تحقيق اختراق سياسي يمهّد لعقد الانتخابات التشريعية والرئاسية في موعدها المقترح في آذار المقبل، أبعد بكثير مما كان متوقّعاً.
في هذه الأثناء، يتواصل استنفار الجيش الوطني الليبي في عدّة مناطق ضد احتمالات شن تنظيم داعش أو مجموعات مسلحة موالية لحكومة الوفاق لهجوم مفاجئ على منطقة الهلال النفطي، فأعلن المنطقة الواقعة جنوب خليج السدرة وحتى منطقة الجبال السود، التي تشمل كامل الحقول النفطية، منطقة عسكرية مغلقة يمنع الدخول إليها إلا بتصريح.
وبدأ الجيش الوطني في تقوية دفاعاته في مدينة رأس لانوف، وشنت قواته مدعومة بالمروحيات عمليات استطلاع وتمشيط حول مدينتي النوفلية وبن جواد، تم توسيعها بعد ذلك لتصل إلى مسافة 50كم شرقي سرت. استهدفت المروحيات القتالية بغارتين منفصلتين موقعين لتنظيم داعش على بُعد 90 كم جنوبي مدينة هراوة الواقعة جنوبي سرت، ويتزايد النشاط الجوي في هذا النطاق بعد ورود تحذيرات جدية من نشاط للتنظيم في محيط مدينة زوارة الواقعة على الطريق بين مدينة سرت وميناء السدرة. وفي درنة وبنغازي، تستمر العمليات القتالية لقوات الجيش.
في سياق آخر، أنهت قوات الجيش أزمة وجود وكيل وزارة الداخلية في حكومة الوفاق فرج قعميم في المدينة، بعد أن قام بتسليم نفسه إلى الشرطة العسكرية بعد سلسلة من الأحداث بدأت بمحاولة اغتيال تعرّض لها بسيارة مفخّخة، مروراً بقصف تعرّض له معسكر قوة المهام الخاصة التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الوفاق، وصولاً إلى سيطرة الجيش على مقرّه شرقي بنغازي، ومحاصرة مكان إقامته في منطقة برسس.
بهذا التطوّر أكّد الجيش الوطني تنفيذ القرار الذي كان قد أصدره سابقاً قائده خليفة حفتر، بمنع التعامل مع أيّ ممثل أو مسؤول تابع لحكومة طرابلس.
انتهت خلال هذه الفترة المواجهات التي كانت قد اندلعت في وقت سابق في مدينة ورشفانة جنوب غرب العاصمة، بسيطرة قوات المنطقة العسكرية الغربية التابعة لحكومة الوفاق على معظم مناطقها ومن بينها مقر اللواء الرابع التابع للجيش الوطني، هذه السيطرة تمت بدعم من قوات كتيبة ثوار طرابلس ومجلس الزنتان العسكري، التي تستمر عملياتها في منطقة الجفارة.
إلى ذلك تعدّدت المناطق التي تم رصد نشاط لتنظيم داعش فيها، وهو نشاط يبقى محدوداً جداً لكنه قد يشكّل خطورة خاصة على مناطق الحقول النفطية، التي تعرّض أحدها وهو حقل الغاني الواقع شمالي مدينة زلة، لهجوم مسلح محدود.
وحسب التصريحات الأخيرة للمتحدّث باسم الجيش الوطني، فإن المهلة التي حدّدها قائد الجيش للمكوّنات السياسية الليبية تنتهي يوم السابع عشر من هذا الشهر، وأنه على ما يبدو من الصعب جداً إجراء أي عمليات انتخابية في مثل هذه الظروف، بالتالي تتزايد احتمالات اندلاع نزاع عسكري كبير سواء بين قوات الجيش الوطني وقوات حكومة الوفاق، أم قوات الجيش الوطني ومجلس شورى مجاهدي درنة.
وفي هذا السياق ربما نستطيع أن نضع المفاوضات الحالية بين مصر وروسيا حول الاستخدام المتبادل للأجواء والقواعد الجوية، ففي هذا التوقيت لا يمكن تفسير هذه المفاوضات إلا في خانة الاستعداد لانخراط عسكري جوّي روسي في الميدان الليبي، الذي يشهد توسّعاً واضحاً في أبعاد الدور الروسي فيه منذ استقبال المشير حفتر على متن بوارج البحرية الروسية أمام الساحل الليبي، وصولاً إلى الوساطة الروسية الحالية بين قبائل أوباري وحكومة الوفاق. ربما تنجح الجهود المصرية السياسية، والدور العسكري المُحتمَل لروسيا في معركة درنة، في إيجاد مقاربة ما للوضع السياسي المتأزّم بين برلمان طبرق وحكومة طرابلس، لكن في حال عدم نجاحها، سيتحرّك الجيش الوطني من مواقعه شرق وجنوب سرت، وجنوب وغرب العاصمة طرابلس، ليبدأ معركة ستحدّد مستقبل ليبيا خلال السنوات المقبلة.
الميادين

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن