ثقافة وفن

«التواصل متعدّد اللغات.. الترجمة التجارية والمؤسساتية» … «الترجمة» من أكثر الوسائل التي تعزز التواصل وتقرّب وجهاته

| سوسن صيداوي

الرغبة في التواصل، معرفة ما لدى الآخر في الجانب الآخر من العالم، من حضارات وما تضمه من فكر وأبحاث، من تكنولوجيا وعلوم، من أدب ومؤلفات، من الفنون والعمران. من بينها كلّها- إضافة إلى غيرها- تأتي الضرورة والرغبة في التواصل، هذا التواصل ربما يكون بالوسائل المكتوبة أو المسموعة والمرئية، ومن التلفزيون والإنترنت والإذاعات. إذاً هذه الظاهرة أصبحت ضرورة المجتمعات لدراسة النشاطات الإنسانية بكل مظاهرها. وباعتبار الترجمة هي من أكثر الوسائل التي تعزز التواصل وتقرّب وجهاته، كان لا بد من التركيز على أهميتها وجاء هذا ضمن «المشروع الوطني للترجمة»، حيث صدر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب، كتاب (التواصل متعدد اللغات.. الترجمة التجارية والمؤسساتية)،.
تأليف: ماتيو غيدير، ترجمة: د. عادل داود، واقع في 247 صفحة من القطع الكبير.

دافع المؤلف

في مقدمة الكتاب أشار المؤلف ماتيو غيدير إلى أن الترجمة صارت نوعاً من التواصل باستعمال عدة لغات؛ والمترجم هو- إلى حد ما- وسيلة التواصل متعدد اللغات، مؤكداً نقطة مفادها بأن منح اختصاص الترجمة مزيداً من الاستقلالية، هبط بالعامل اللغوي إلى المرتبة الثانية، ليكون عاملاً أولياً بديهياً، متخلياً بذلك عن تقدمه لمصلحة الاهتمامات الثقافية والتواصلية. هذا وقد عرض المؤلف أمثلة واقعية، تبرز الإشكاليات الناجمة عن إعادة عرض رسالة تجارية أو اجتماعية- والتي من خلالها تظهر حنكة الناقل من لغة إلى أخرى- مشيراً إلى أن عدم الدقة- المقصود أو غير المقصود- يؤدي إلى أزمات حقيقية. قائلاً: عملية التواصل تظهر بكونها حقلاً تطبيقياً يمتلك شيئاً من الخصوصية، فهو يفرض على المترجم متطلباته الخاصة؛ إذ يجد هذا الأخير- الذي لا يطول التحكم بمادته- نفسه خاضعاً لقواعد تكوين هذا الحقل، ولضوابط العمل فيه، فليس من العبث تناول مقاربة ترجمية علمية خاصة بعملية التواصل. وهذا لا يعني أن يكون مسؤول التواصل خاضعاً للمترجم، بل يعني أن المعالجة التي تخضع لها الرسالة في كنف عملية التواصل بعدة لغات لها خصوصيتها، وأنها تستحق بصورة خاصة دراسة ترجمية علمية متعددة الأبعاد».

في التواصل
يقول المترجم داود في مقدمته: لا يمكن للتواصل إلا أن يكون متعدد اللغات في عصر التشابك العنكبوتي، ولا يمكن للترجمة إلا أن تكون فعلاً تواصلياً متكاملاً تحكمه ضوابط مختلفة، لا تخلو من التضليل أحياناً، متحدثاً: إن مواقف التواصل ماضية في تنوعها وتعقيدها، وقد شهدت عمليات التواصل- شأنها كشأن الوسائل التفاعلية- تطوراً مذهلاً، ابتداء من مجرد تبادل الرسائل المكتوبة ووصولا إلى المحاضرات المرئية من بعد، والتي تجمع بين عدة أشخاص. بات التواصل إلكترونياً غداة الانتشار الواسع للأداة المعلوماتية، أي أصبح شبه فوري، وتجاوز حدود الزمان والمكان. وبفعل الإنترنت، سيطرت حاجة التواصل مع الآخرين سيطرة سريعة وفعالة على المتحاورين كلهم، أيا كانت لغتهم. فكان العنصر الجديد الذي أظهرته وجهة النظر هذه هو أن الترجمة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من مجتمع المعلومة العولمة».

في الترجمة
من منطلق أهمية الترجمة أعلنت العديد من البلدان بوضوح سياسات لغوية طوعية وبرامج طموحة في الترجمة، هذا وقد أضاف المترجم دواد: «إن الترجمة ومن خلال تسهيلها الوصول للمعلومة وللمعرفة بلغات مختلفة، تسمح بإنشاء اهتمام مشترك وبتذليل صعوبات التفاعل بين المتحدثين المنحدرين من نطاقات متباينة؛ ولما كانت أحد أساليب التواصل بين الأشخاص ولغاتهم، فهي تسهم في بناء أفضل معرفة متبادلة بين ثقافات العالم لتجعلها من خلال هذه الفرصة في متناول الجميع».

في التواصل والترجمة
في الختام أشار داود إلى أن عالمنا يتسم بقدر من التواصل والترجمة لم يُشهد له نظير في السابق، وهو علاوة على ذلك في تزايد مستمر. متابعاً: «هذا ما يُظهر جيداً أننا نتوجه نحو تعميم مجتمع المعرفة؛ إذ تترافق هذه الرغبة العالمية في التواصل مع كل الناس مع متطلّب أكبر يخص احترام الهوية الثقافية لكل منهم، ويزداد التأكيد عليها مع مرور الوقت. والحاصل أن الترجمة أصبحت، مع تجدد عملية التواصل في العصر الإلكتروني، ذات صورة متمازجة ثقافياً ومتعددة الوسائط. وهنا نستحضر العبارة التي يطيب للمتواصلين استخدامها، وهي أننا (لا نستطيع الامتناع عن الترجمة)».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن