سورية

اعتبر أن مسؤولية ذلك تقع على السوريين وكل الدول المرشحة لتصبح هدفاً لواشنطن … «مداد» يدعو لمجابهة فرص نيل الوجود العسكري الأميركي المشروعية الدولية

| الوطن

اعتبر مركز دمشق للأبحاث والدراسات – مداد، في ورقة بحثية بعنوان: «عمليات التحالف الدولي في سورية جرائم فوق سقف القانون»، أن التدخل الأميركي في سورية، سيتبعه سعيٌ حثيث لتحويل الوجود العسكري الذي فُرض بشرعية «الأمر الواقع» إلى وجود تدعمه مشروعية القانون الدولي، الأمر الذي ينبغي مجابهته لإبعاده عن فُرص نيله المشروعية الدولية، من قبل السوريين وكل الدول المرشحة لتصبح هدفاً لواشنطن.
وتهدف الورقة التي تلقت «الوطن» نسخة منها إلى الخروج بمجريات وتفاصيل التدخل العسكري الأميركي الذي تخوضه واشنطن تحت يافطة «التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش»، إلى ميادين المواجهة القانونية لنظرية أميركية بدأت تتشكل على ساحة السلوك الدولي المعاصر، ويُراد لها أن تلقى المقبولية كمبدأ جديد من مبادئ استعمال القوة المشروع في القانون الدولي، ذلك في أعقاب أحداث الحادي عشر من أيلول، مروراً بغزو العراق، وتوجيه الضربات إلى ليبيا، وانتهاءً بالتدخل العسكري الأميركي في سورية.
وبحسب «مداد»، فإن خطر التدخل الأميركي، في حال السكوت عنه، لن ينتهي عند هذا الحد، بل سيتبعه سعيٌ أميركي حثيث لتحويل الوجود العسكري الأميركي الذي فُرض على الجغرافية السورية بشرعية «الأمر الواقع» إلى وجود تدعمه مشروعية القانون الدولي، الأمر الذي ينبغي مجابهته لإبعاده عن فُرص نيله المشروعية الدولية، ليس فقط من قبل السوريين، بل من قبل كل الدول المرشحة لتصبح هدفاً للتدخل الأميركي.
ورأت الورقة، أن أفضل سُبل المواجهة تكمن في تسليط الضوء على حقيقة كون الانتهاكات التي وقعت بفعل التحالف الأميركي على الأرض السورية هي جرائم ينبغي توثيقها، وملاحقة مرتكبيها بالمساءلة والتعويض.
ولهذه الغاية، فإن ثمة ما يمكن أن تقوم به الدولة السورية من إجراءات في إطار هذه المجابهة وضمان الحقوق، منها بحسب الورقة: المثابرة على كشف انتهاكات عمليات التحالف الدولي والقوات المتعاونة معه على الأراضي السورية إعلامياً وسياسياً، مع الالتفات إلى أن طرد داعش من أغلبية الأراضي السورية لا يعني أن المشكلة قد انتهت، لأن هذا التدخل في حقيقته وخلفياته يُراد له أن يكتسي طابعاً من المشروعية تحت سقف القانون الدولي، واحتمالات تكراره بصورة، أو بأخرى كبيرة للغاية، ذلك أننا في منطقة مرشحة في أي لحظة للاشتعال بفعل التدخلات الأميركية المتكررة فيها، وهو ما يعني أن التدخل عسكرياً فيها قد يُصبح عادة، وربما عُرفاً دولياً إن لم تعمل الدول المتضررة على مجابهته قانونياً وأمنياً وعسكرياً بجميع السُبل الممكنة حفظاً لسيادتها واستقرارها.
ومن بين ما يمكن أن تقوم به الدولة السورية وفق الورقة «التعجيل في استعادة جهات الضابطة العدلية والهيئات القضائية لوظائفها الطبيعية في المناطق التي يتمكن الجيش من تأمينها بعد طرد التنظيم منها، إلى جانب تأهيل الكوادر التي يُفترض بها التعاطي مع هذه الانتهاكات التي تخلّفها عمليات التحالف الدولي في البلاد كالقضاة، وأعضاء السلك الدبلوماسي، وموظفي الضابطة العدلية في مجالات تطبيق القانون الدولي الإنساني، إضافة إلى توعية ضحايا هذه العمليات، بحقوقهم القانونية، وحثّهم على الإبلاغ عنها، مع إنشاء آليات رصد وطنية بكوادر حقوقية وفنية مؤهلة تتولى تلقي الشكاوى من ضحايا عمليات التحالف، والقوات العاملة تحت إمرته على الأراضي السورية، سواء أكان ذلك بشكل شخصي أم عبر موقع إلكتروني متخصص، وصولاً لإعداد ملفات متكاملة لكل حالة على حدة متضمنةً موقع الانتهاك على الإقليم بالاستعانة بكل ما يلزم من أساليب التوجه الجغرافي، والتقارير الطبية التي توثق طبيعة إصابات الضحايا ومحاضر، أو تسجيلات صوتية، أو مصوّرة لإفادات الضحايا من الجرحى والشهود، وحفظ هذه الملفات لاستخدامها في الوقت المناسب، مع نشر الإحصائيات والبيانات التي توثّق هذه الانتهاكات بكل الوسائل المتاحة لتصبح المرجع الرئيس في هذا الميدان.
ويضاف إلى ذلك، بحسب الورقة «تسهيل تشكل كيانات (منظمات – جمعيات) غير حكومية، تتولى تمثيل الضحايا، وذويهم، وغيرهم من المتضررين بصورة قانونية تبدو بعيدة عن تسييس لهذه الحقوق، بما يكفل إمكانية التحرك للادعاء أمام المراجع القضائية الأجنبية التي تقبل مثل هذا النوع من الدعاوى، إلى جانب عرض هذه الانتهاكات أمام الهيئات الدولية المتخصصة في قضايا العدالة الجنائية وحقوق الإنسان، وتشكيل لجان متخصصة في مختلف الجهات العامة تتولى تقييم الأضرار المادية بنتيجة عمليات التحالف الدولي، والاستعانة بمكاتب قانونية دولية توصلاً لتفعيل المطالبات القانونية بالتعويض عن تلك الأضرار أمام المحاكم الأجنبية، أو إبرام تسويات تضمن تلك التعويضات في أطر سياسية وقانونية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن