سورية

جنوب دمشق إلى الواجهة الميدانية من جديد.. واحباط هجوم لداعش في «التضامن»

| موفق محمد

عادت جبهة حي التضامن في جنوب العاصمة إلى المشهد الميداني من جديد، أمس، مع شن تنظيم داعش الإرهابي هجوماً أحدث خلاله خرق وتسلل إلى عدد من الأبنية، الأمر الذي تصد له الجيش و«قوات الدفاع الوطني»، وتمكنوا من إحباط الهجوم واستعادة كل الأبنية التي تسلل إليها الإرهابيون.
ويعتبر حي التضامن بوابة دمشق الجنوبية والفاصلة بين المدينة وريفها، ويلاصقه من الغرب مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الذي يسيطر على جزء كبير منه داعش، وبلدتا ببيلا ويلدا من الشرق والجنوب على التتالي اللتان يسيطر عليهما ميليشيا «الجيش الحر»، أما من الشمال فيحده حيا الزاهرة ودف الشوك. ويسيطر داعش على عدد من الجادات في القسم الجنوبي من الحي تصل مساحتها إلى نحو أربعين بالمئة من مساحة الحي الكلية وتتصل ببلدتي يلدا وببيلا، على حين تسيطر الدولة على القسم الشمالي من الحي.
وعلمت «الوطن»، أن الهجوم نفذه مسلحو داعش صباح أمس من محيط أبنية الإسكان في القسم الجنوبي للحي، انطلاقاً من محور روضة بسمة الصباح باتجاه منازل المدنيين في الأحياء الواقعة تحت سيطرة الدولة والمحيطة بجامع الزبير.
وبحسب المعلومات المتوافرة، تمكن مسلحو التنظيم من فتح ثغرة سيطروا من خلالها على ما بين 10 إلى 12 منزلاً للمدنيين، على حين زعمت وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم، أن مسلحوه «سيطروا على عدة نقاط لقوات النظام»، وتحدثت عن سقوط «قتلى وجرحى» من «قوات الدفاع الوطني» الأسد خلال المواجهات.
وتحدثت مصادر إعلامية عن قيام مسلحو التنظيم بـ«إعدامات ميدانية بطرق شنيعة بحق المدنيين في الموقع المخترق ومعلومات عن 5 شهداء كحصيلة أولية».
وأوضح شهود عيان لـ«الوطن»، أن «قوات الدفاع الوطني» في الحي تصدت للهجوم ودارت اشتباكات عنيفة سمع دويها في الجادات المجاورة وتخللها قصف متبادل للقذائف الصاروخية والهاون، وصلت خلالها تعزيزات من الجيش العربي السوري إلى المنطقة انضمت إلى «قوات الدفاع الوطني».
ووفق مصادر في الحي تحدث لـ«الوطن»، وما نقلته مصادر إعلامية، فإن الجيش و«قوات الدفاع الوطني» تمكنوا عصراً من استعادة جميع الأبنية التي تسلل إليها مسلحو التنظيم وإرغامه على التراجع إلى أماكن تحصنه السابقة.
واللافت، أن حركة المارة والسيارات في القسم الشمالي من الحي كانت طبيعية رغم الاشتباكات التي طالت حتى عصر أمس، على حين لوحظ حالة استنفار لـ«قوات الدفاع الوطني» على مدخل حي التضامن الشمالي.
وشكل حي التضامن منذ عقود ماضية ساحة تعج بالتنوع والمحبة والنشاط، إلى أن لفحته رياح «الثورجية» وقلبت حياة سكانه رأساً على عقب وحولتها إلى جحيم.
وكانت أعداد قاطني الحي قبل بداية الأحداث في البلاد منتصف آذار2011 تقدر بـ200 ألف يشكلون نسيجاً اجتماعياً متنوعاً، فسكانه ينحدرون من أغلب محافظات البلاد، وأغلبيتهم منخرطون في مؤسسات الدولة وعلى كل المستويات، ومن ضمنهم نسبة عالية من الحاصلين على شهادات جامعية، وقد عاش الجميع في ظل تكافل اجتماعي ومحبة كبيرة لعقود من الزمن. وفي بداية الأحداث ظل الحي بمنأى عنها، باستثناء انخراط عدد قليل من الأشخاص بتظاهرات كانت تخرج في مدينة الحجر الأسود في ريف دمشق الجنوبي وحي سليخة التابع لبلدة يلدا المجاور للتضامن من الجهة الشرقية. ومع تطور الأحداث أصبح عشرات المتمردين من الحجر الأسود وسليخة يقدمون بمرافقة قلة قليلة من شبان الحي منخرطة معهم ويخرجون في تظاهرات ويحرضون الأهالي على المشاركة فيها، لكن الأهالي كانوا وعلى الدوام يرفضون ذلك لا بل في كثير من الأحيان كانوا يدخلون في سجال معهم وأحياناً يتطور إلى عراك مع هؤلاء لرفضهم ما يقومون به.
وبعد تسلح المتمردين في مناطق مجاورة للحي وخصوصاً في حي سليخة راح هؤلاء يقومون بين الفينة والأخرى بالتسلل إلى التضامن والاعتداء على الأهالي وممتلكاتهم ليقوم الجيش العربي السوري ولمرتين على التوالي في تلك الفترة بتخليص حي التضامن منهم. لكن التضامن في تشرين الثاني 2012 كان على موعد مع غزوة كبرى من المئات من المسلحين المنضوين في ميليشيات ما يسمى «الجيش الحر» والقادمين من مناطق وبلدات الحجر الأسود وببيلا ويلدا والقدم والعسالي وسليخة المجاور لتجتاح التضامن من الجهة الجنوبية وتسيطر على القسم الجنوبي من الحي وتنكل بسكانه وممتلكاتهم، وليشهد ذلك القسم حركة نزوح كبيرة للأهالي إلى الأحياء المجاورة.
البعض من الأهالي لم يرق له حينها ترك منزله والدخول في دهاليز التشرد والنزوح فأصر على البقاء فيه، لكن المسلحين وانتقاماً من الأهالي لعدم استجابتهم لدعواتهم السابقة من أجل الانخراط في التظاهرات وأعمال التخريب عمدوا إلى طردهم من منازلهم بقوة السلاح.
ومع تطور الأحداث في تلك المنطقة وبروز تنظيمات إرهابية وجماعات إسلامية مسلحة إلى جانب ميليشيات «الحر»، سيطر داعش على القسم الذي كانت ميليشيا «الحر» تسيطر عليه، بعد أن كان التنظيم سيطر على الحجر الأسود وقسم كبير من مخيم اليرموك، على حين انكفأت ميليشيات «الحر» إلى بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، وذلك بعد أن نهبت ممتلكات الأهالي وعاثت فساداً في منازلهم.
ويعيش حالياً في الحي الواقع تحت سيطرة ميليشيا «لواء العز بن عبد السلام» المبايعة لداعش أهالي الدواعش الغرباء عن المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن