سورية

العقوبات «لعبة سياسية مضرة جداً».. والاتحاد الدولي للصليب الأحمر سيوصل فكرة تأثيرها في السوريين … روكا لـ«الوطن»: تعاوننا مع دمشق سيكون أقوى في المستقبل … نحاول أن نصل إلى 5 ملايين شخص كل شهر على مستوى القطر وهذا لا يكفي

| مازن جبور – سيلفا رزوق

اعتبر رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، فرانشيسكو روكا، أن لقاءاته في سورية كانت على «غاية في الأهمية»، وأن تعاوناً أقوى سيجري في المستقبل بين الحكومة السورية والاتحاد.
ووصف العقوبات المفروضة على سورية بأنها لعبة سياسية مضرة جداً، وأوضح أن الاتحاد يعمل على إيصال فكرة تأثيرها في السوريين، مشيراً إلى أن المرحلة القادمة يجب ألا تركز على إعادة الإعمار بمفهومها المادي فقط، بل يجب العمل على بناء الروح والإنسان أيضاً.
وفي لقاء خاص أجرته «الوطن» على هامش اجتماع الهيئة العامة لمنظمة الهلال الأحمر العربي السوري أمس في فندق الشيراتون في دمشق، أوضح روكا في رده على سؤال عن الإجراءات التي يمكن اتخاذها لتعزيز التعاون بين الحكومة السورية والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، أن لقاءاته في دمشق اتسمت «بأهمية بالغة، وسيجري تعاون قوي بين الجمهورية العربية السورية واللجنة الدولية».
وقال روكا فيما يتعلق والخطوات التي يمكن للاتحاد اتخاذها أو المساهمة فيها لرفع الحصار عن الشعب السوري وخصوصاً أن الدعم الإغاثي لم يعد كافياً: إن العقوبات هي «لعبة سياسية ومضرة جداً، والمنظمة لا تتدخل في الأمر، لكنها ستستمر في الدعم غير المحدود للعمل الإنساني وخاصة في إعادة البناء والإعمار، وإعادة الإعمار هنا ليست بمفهومها المادي وإنما المساهمة في إعادة بناء الروح وإعادة بناء الإنسان».
وأكد، أن مهام المنظمة تتركز على حياة المدنيين، وتأمين احتياجاتهم، وأشار إلى أن العقوبات هي «جزء من الحوار السري بين كل الأطراف المعنية وبين الدول، وخلال هذا الحوار تحاول اللجنة الدولية للصليب والهلال الأحمر إيصال فكرة أن العقوبات الاقتصادية تؤثر في المدنيين وحياتهم».
ورداً على سؤال بخصوص عدم تمكن المنظمة من الوصول إلى كل المناطق، ما سمح بنشاط بعض المنظمات ذات الارتباطات المعروفة بالمجموعات الإرهابية كمجموعة «الخوذ البيضاء» على سبيل المثال، وما هو موقفهم منها؟، قال روكا: «نحن نحاول الحضور في أي مكان نستطيع الحضور فيه، لكن هذا يعتمد على سلامة متطوعينا، وخاصة أن هناك مبدأ أساسياً في عملنا هو احترام الشعار الذي يستخدمه أي متطوع، والحفاظ على كوادرنا، وهناك مبدأ آخر هو احترام شارة الصليب والهلال الأحمر في الأماكن التي نحن فيها، وهذا مبدأ أساسي في عملنا الإنساني، لأن عملنا غير منحاز ونخدم كل من هو بحاجة، ونحن لنا فروع في المناطق صعبة الوصول إليها، وأريد أن أقول إن هذا الأمر من الأمور التي ناقشناها مع الحكومة السورية، وبالنهاية يجب طرح هذا التساؤل على باقي أطراف النزاع وليس علينا نحن».
وعما لمسه من استعداد الحكومة السورية للتعاون وتسهيل وصول المنظمات الإنسانية لجميع المناطق وإيصال المساعدات الإنسانية لها، أشار روكا إلى وجود صعوبة في الوصول إلى بعض المناطق لأسباب معينة، وأنه تحدث إلى الحكومة السورية بخصوص هذه المناطق التي يقال إن هناك وضعاً أمنياً فيها يمنع الوصول بسهولة إليها.
وأضاف: نحن والحكومة علينا أن نطور من قدرتنا على الوصول إلى هذه المناطق، وهذا واجبنا ونحن لا نتدخل في السياسة، لكن هذا واجبنا أن نساعد كل من يحتاج المساعدة.
وختم روكا بالقول: «تعرفون أن منطقة الغوطة الشرقية لدينا صعوبة بالوصول إليها، ونحن نحاول أن نصلح هذا الوضع لأن هناك أناساً بحاجة إلينا، وأنا متفائل جداً بهذا الالتزام من الحكومة السورية، التي تحاول قدر الإمكان تسهيل وصولنا إلى تلك المنطقة، وسنستمر في مناقشة هذا التعاون وتطويره».
وخلال مؤتمر صحفي عقده أمس، قال روكا في رده عن سؤال لـ«الوطن» حول تفسيره منع التنظيمات المسلحة لمنظمات الهلال الأحمر العربي السوري والصليب الأحمر الدوليّ من الدخول إلى مناطق في شمال البلاد، على حين كانت تلك التنظيمات تسمح للهلال والصليب الأحمر التركي بالدخول، وقانونية ذلك؟، قال: «نحن بالنسبة لنا هناك جمعية وطنية واحدة في كل بلد وشريكنا الأساسي هنا هو الهلال الأحمر العربي السوري والصليب الأحمر الدولي، وإضافة للحوار السري الدائم مع الحكومة السورية بشأن الوصول للمناطق التي يصعب الوصول إليها أؤكد أن هذا من أهم أولوياتنا، فنحن نحترم القوانين الدولية التي نعمل من خلالها وهي المبادئ السبعة التي لا تميز بين شخص محتاج وآخر مهما كانت انتماءاته والتي أساسها عدم التحيز وعدم التمييز. نحن نعترف بجمعية واحدة فقط هي الهلال الأحمر العربي السوري ونتحقق بشكل دائم من عملها ومن عمل أي جمعية أخرى».
واعتبر روكا خلال المؤتمر، أن زيارته إلى سورية تأتي إيفاءً لوعد قطعه بأن أول زيارة له ستكون إلى سورية، وذلك بعد انتخابه في شهر تشرين الثاني الفائت كرئيس للاتحاد الدولي للصليب والهلال الأحمر.
وأضاف: «خلال الزيارة قمت بزيارة ميدانية ووجدت أن الأمور في تحسن ولا يكفي أن نقول تحسناً بمعنى أن الأمور على ما يرام، وسنستمر في دعم الهلال الأحمر العربي السوري».
وعبر عن افتخاره بشجاعة المتطوعين في الهلال الأحمر العربي السوري، وأشار إلى أن «هناك إعجاباً على صعيد عالمي من جمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر بمتطوعي الهلال الأحمر العربي السوري الذين يؤدون عملهم بشكل جيد جداً».
ولفت إلى أنه «سيكون على المتطوعين في الهلال الأحمر أن يعملوا باتجاه السلام ونشر المحبة والمصالحة، وأن المبدأ الرئيسي في عملهم هو الإنسانية أولاً وهذا دورنا منذ إنشاء الاتحاد الدولي للصليب الأحمر منذ مئة عام».
وتابع: «نحن نحاول أن نصل إلى 5 ملايين شخص كل شهر على مستوى القطر بأنشطتنا لكن هذا لا يكفي، ولا يزال هناك مناطق من الصعب الوصول إليها وهناك أناس محتاجون للمساعدة وعلينا أن نعمل للوصول إلى هذه المناطق».
وبيّن روكا أن الاتحاد الدولي «ليس جزءاً من أي مناقشة أو حوار سياسي وأن مهمته الوصول إلى المحتاجين قدر الإمكان»، وأضاف: «هذا ما أكدت عليه في اجتماعاتي وأكدت الدعم المطلوب للاستمرار في العمل الإنساني وعلى الرؤية المستقبلية لتعزيز هذا العمل قدر الإمكان لإعادة إعمار البلد».
وكشف روكا أن الحركة الدولية للصليب والهلال الأحمر «دائماً منخرطة في حوارات سرية مع الحكومة السورية لضمان استمرار العمل بشكل أمثل ونحن نسعى للحفاظ على هذه السرية».
وأوضح، أنه «انتهز فرصة وجوده في سورية كي يلتقي المسؤولين في الحكومة السورية ويطلب الدعم الممكن بكل استطاعتهم للوصول للأماكن التي لا يستطيع الهلال والصليب الأحمر الوصول إليها»، وعبر عن تفاؤله بالقول: «لو لم أكن متفائلا لما قبلت أن أكون متطوعاً ولما قبلت أن أكون رئيساً للاتحاد»، واستطرد «ولأنني متفائل وأؤمن بالإنسانية ومن خلال اجتماعاتي في سورية سأكون متفائلاً وسأقول إنه خلال الأيام القادمة سيكون هناك تحسن في الأوضاع الإنسانية».
وبيّن أنه عندما سيعود إلى عمله في جنيف «سيؤكد لكل الشركاء والجمعيات الدولية الأخرى التي عددها تقريباً 190 جمعية، أهمية الهلال الأحمر العربي السوري، وسيطلب استمرار تقديم الدعم له».
وبيّن روكا أنه «سيتم التركيز في السنوات القادمة على إحياء سبل العيش باعتبارها أولوية بالنسبة للاتحاد».
وحول الإجراءات التي سيقوم بها الاتحاد الدولي لضمان وصول المساعدات بشكل نزيه ومن دون فضائح، اعتبر روكا أن «انخراط متطوعين بشكل يومي مهم جداً وهو أكثر أهمية بالنسبة للفضائح لأن المجتمع الذي فيه متطوعون كثر هو ذاته لن يقبل الأذى لأي متطوع ولا لنفسه».
وأردف «سيكون من أولويات السياسات بالنسبة لي مع بداية عملي الجديد هو الوصول إلى درجة عالية من النزاهة لأنه عندما يكون هناك متطوعون ومانحون يجب أن يكون هناك متابعة ومراقبة وهذا سيكون من أولوياتي».
وبخصوص ردة فعل المجتمع الدولي بخصوص اللاجئين، قال روكا: «أنا دائماً كنت ناقداً شديداً لهذا الأمر وغير راض عن ردة فعل المجتمع الدولي فيما يخص أزمة اللاجئين وتحدثت عن هذا في مكتب الاتحاد الأوروبي ومن الضروري حماية الإنسان وكرامته فهؤلاء كانوا هاربين من حرب ومن الضروري حمايتهم».
وبيّن روكا، أن «5 ملايين شخص تلقوا مساعدات كل شهر، ومليونين تلقوا مساعدات طبية من مراكز الهلال والصليب الأحمر، و80 بالمئة من الشعب السوري استفاد من مشاريع المياه التي أقامتها اللجنة الدولية»، مؤكداً أن «هذه أرقام جيدة لكن ليست كافية وسنقنع المانحين بزيادة المنح لنتمكن من تقديم المزيد من المساعدات».
وركز المشاركون في اليوم من اجتماع الهيئة العامة لمنظمة الهلال الأحمر العربي السوري على أبرز مشاريع وبرامج المنظمة وفروعها المنفذة خلال العام الجاري.
وفي كلمة له خلال الاجتماع الذي تم بحضور رئيس مجلس الوزراء عماد خميس، قال رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر: إن «زيارته الرسمية هذه تأتي إجلالاً للتضحيات اليومية التي يقدمها المتطوعون في الهلال الأحمر العربي السوري وهي الأولى له عقب تسلمه رئاسة الاتحاد»، مؤكداً أن «الاستجابة للأزمة في سورية ستكون من أبرز أولوياته».
ونوه روكا بالعمل والخدمات التي يقدمها متطوعو الهلال الأحمر العربي السوري والتعاون الجيد والدعم المستمر الذي تقدمه الحكومة السورية للمنظمة مشيراً إلى الحاجة لزيادة وتحسين هذا التعاون بشكل دائم في سبيل تسهيل وصول المساعدات إلى جميع المحتاجين.
بدوره أوضح رئيس المنظمة خالد حبوباتي أن الاجتماع هدفه رفع مستوى التنسيق بين فروع المنظمة وشركائها، لافتاً إلى أن الظروف الراهنة والمسؤوليات التي تعنى بها المنظمة فرضت عليها مهام جديدة يومية وواجبات إنسانية أكبر.
وأكد حبوباتي أن استجابة الهلال الأحمر لم تتوقف في جميع المناطق خلال سنوات الأزمة انطلاقا من إيمان متطوعيها بأهمية العمل الإنساني لافتاً إلى استمرار المنظمة في أداء رسالتها الإنسانية.
بدوره مستشار العلاقات الخارجية في المنظمة زياد مسلاتي، أوضح أن المنظمة تتعاون بشكل جيد مع الحكومة السورية وتخضع للقانون السوري وأن أي تأخير في وصول المساعدات إلى مكان ما يكون من أجل التنسيق لضمان سلامة المتطوعين ووصول قوافل المساعدات إلى محتاجيها.
وتضمن الاجتماع عرضاً لأفلام توثيقية حول خدمات المنظمة في مجالات الإسعاف الأولي والصحة وتركيب الأطراف الصناعية والمياه والإصحاح البيئي فضلاً عن الأنشطة الترفيهية للأطفال ودورات تدريبية مهنية للسيدات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن