شؤون محلية

الفلاح والتدخل الإيجابي

محمود الصالح: 

تشكل الزراعة المورد الاقتصادي الأهم في سورية نظراً لعدد المشتغلين فيها والمستفيدين من إنتاجها تصنيعاً واستهلاكاً وعلى الرغم من التاريخ العريق للزراعة السورية والنتائج التي حققتها في وحدة المساحة والنوعية إلا أننا ما زلنا لم نصل إلى مرحلة في التخطيط الزراعي تمكننا من المحافظة على منتجاتنا الوطنية الزراعية من التدهور في مواسمها وندرتها في غير المواسم ويبدو أن السبب في ذلك عدم التنسيق بين الجهات المنتجة والوسيطة والمستهلكة بالمفهوم العام حيث نجد أن أسعار البندورة خلال الموسم تنخفض إلى مستوى لا يحقق الريعية الاقتصادية للفلاح ويتعرض لخسائر كبيرة وخصوصاً خلال هذه الفترة نتيجة ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج والنقل ونجد مثلاً سعر كيلو البندورة يباع الآن بحدود 25 ل.س في سوق الهال ولا يصل إلى الفلاح منها سوى 10 ليرات بسبب ارتفاع تكاليف النقل ونسب التجار وكذلك الأمر بالنسبة للمحاصيل الصيفية الأخرى وإذا كان هذا الواقع يحقق مصلحة جزئية للمستهلك المباشر فإنه يشكل خسارة نهائية للجميع لأن الفلاح الخاسر لن يعود إلى الدورة الإنتاجية في العام القادم وبالتالي سترتفع الأسعار مرة أخرى.
وهنا تكون الحلقة مفقودة في تحقيق هذا التوازن إذ إن الجهات المعنية بالتدخل الإيجابي في المسألة الزراعية يبدو أنها لم تعد تخطط لهذا الموضوع بالشكل المناسب لأسباب نجهلها والكثير من الفلاحين يطرحون تساؤلات مشروعة تتعلق بمصير إنتاجهم في كل عام ابتداء من الفواكه والحمضيات والخضار والبطاطا والكل يدعي أن الفلاح خاسر والمستهلك يشتكي من ارتفاع الأسعار في الحلقة الأخيرة من التسويق، هذا من جانب ومن جانب آخر نجد أن أسعار المنتجات المصنعة من المواد الزراعية مرتفعة جداً قياساً إلى أسعار هذه المنتجات عند موسمها مثل المربيات ورب البندورة وغيرها. والسؤال أين الدراسات والبحوث الاقتصادية الخاصة بهذه القضايا وإلى متى تبقى مؤسسات التدخل الإيجابي تقول للفلاح بشكل غير مباشر (اذهب أنت وربك…).
أليست هذه المنتجات تشكل قاعدة إستراتيجية في الأمن الغذائي الوطني؟ وهل عمليات التدخل في تحقيق التوازن فوق طاقة هذه المؤسسات؟ هذا ما نتمنى أن نعرفه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن