قضايا وآراء

ميزان القوة وتحولاته

تحسين الحلبي : 

يلاحظ الكثيرون أن حملات التضليل وحجب الحقائق في وسائل إعلام الدول المساندة للإرهاب تتزايد كلما حققت سورية بجيشها وقيادتها وشعبها الصامد مكاسب وانتصارات في ميدان مجابهة المجموعات الإرهابية وأهدافها. وغالباً ما تبدأ هذه الحملات بمحاولات زرع الشكوك بحلفاء سورية على المستوى الدولي مثل روسيا والصين حين تنشر صحف أميركية وبريطانية تحليلات تريد من ورائها إيهام القراء بأن سورية «قد تتحول إلى عبء على روسيا» على سبيل المثال وتحجب هذه التحليلات حقائق ساطعة فرضها واقع الصمود والمجابهة السورية ضد جميع أدوات العدوان الغربي- الصهيوني على سورية بدءاً من (داعش) إلى أمثالها ووصولاً إلى مختلف أسماء المجموعات الإرهابية المسلحة التي تستهدف سورية منذ آذار (2011). فالملاحظ أن متانة وحدة الشعب السوري والجيش والقيادة ما تزال تفرض نفسها في الساحة السورية على حين أن التمزق والتشرذم والنزاع المسلح يسود بين مختلف ما يسمى قوى المعارضة «المعتدلة» وداخل المجموعات الإرهابية الأخرى وبشكل علني على مستوى الميدان والإعلام… فهذه الصورة الحقيقية للوضع وما تبشر به من المزيد من المكاسب والانتصارات ضد الإرهاب ليست من مصلحة دول كثيرة ووسائل إعلام متنوعة…
فاستهداف سورية من خلال التشكيك بقدرة حلفائها الإقليميين والدوليين على استمرار مساندتها في الحرب على الإرهاب لن ينفع ولن يغيّر شيئاً على أي مستوى لأن هذا التحالف يثبت أنه يسير في خط متصاعد يؤكده سجل المشاركة اليومية والإستراتيجية لحزب الله في مجابهة الإرهابيين على المستوى الميداني وسجل الدعم الإيراني الذي لم يتوقف بكل أشكاله لسورية وشعبها وجيشها وقيادتها على المستوى الإقليمي، أما على المستوى الدولي فلا تزال روسيا تعقد صفقات السلاح مع سورية ولا تتوقف عن إرسالها إضافة إلى الاتفاقات الاقتصادية والصناعية وفي استخراج النفط والغاز السوري. وعلى الساحة العربية تراجعت دول كثيرة عربية عن مواقفها السابقة التي فرضتها عليها مصالح سعودية وقطرية وأميركية فالتعاطف والتأييد التونسي لسورية جعل تونس تتحول من مؤيد احتياطي للمؤامرة على سورية إلى مؤيد مباشر لسورية وحربها على الإرهاب كما تحولت العراق شعباً وجيشاً وحكومة إلى الدولة التي تشارك سورية في معارك الحرب على الإرهاب ويتفق معظم المحللين السياسيين في الغرب أن العراق لن يعود إلى وضعه السابق المؤيد للسياسة الأميركية التي فرضت عليه الهيمنة بعد احتلالها لأراضيه، وهذا ما تعترف به مجلة (بيزينس انيسايدر) قبل يومين حين كشفت أن واشنطن لم يعد في مقدورها إرغام العراق على السير وراء السياسة الأميركية لأن حرب الجيش العراقي والشعب العراقي بمختلف فئاته على الإرهاب سيفرض وقائع جديدة على عراق جديد سيختلف كثيراً عن عراق (صدام) وعن عراق (ما بعد الاحتلال الأميركي) وستفرض الاتفاقية السداسية مع طهران على إيران تمتين علاقاتها مع العراق وتمتين علاقات العراق مع سورية لأن إيران لن تتنازل عن استقلالية قرارها السياسي وتحالفاتها المتينة مع الدولتين السورية والعراقية، وإضافة إلى هذا الاستنتاج الغربي يلاحظ الجميع أن ميزان القوى داخل كل دولة من الدول الثلاث سورية والعراق وإيران وفي مجموع قوى الدول الثلاث يميل إلى مصلحة سياسة هذه الدول في رفضها للهيمنة الأميركية وستبقى دول مثل السعودية غارقة لسنوات كثيرة في الحرب الظالمة على اليمن مثلما سيكون من الصعب على أي دولة عربية أو إسلامية في المنطقة التخلص من الإرهابيين التكفيريين إذا بقيت تعتمد في مجابهتها لهم على الولايات المتحدة التي ثبت للعراق الذي يعد دولة صديقة لواشنطن بأن الإدارة الأميركية لا تجد من مصلحتها التخلص الحاسم والجاد من هؤلاء الإرهابيين وهذا ما اكتشفته الجزائر منذ وقوفها إلى جانب سورية وما سوف تكتشفه مصر وليبيا التي تحاول واشنطن ضمهما إلى التحالف معها.
فالزمن يعمل لمصلحة كل المناهضين للهيمنة الأميركية وسياستها وخصوصاً بعد أن تشكلت قاعدة الدعم لهذه المناهضة من سورية والعراق وإيران واليمن وتونس والجزائر والمقاومة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن