من دفتر الوطن

تهويد نباتاتنا وعولمتها!

| حسن م. يوسف 

شعرت بشيء من الفخر، قبل نحو ربع قرن، عندما اشتريت الإصدار الإلكتروني الأول من موسوعة (العلم) بالإنجليزية، وهي موسوعة مبسطة للفتيان، إذ اكتشفت أن أسماء العلماء العرب والمسلمين تحتل مكانة بارزة في صدارتها بسبب الترتيب الأبجدي، الرّازي، الخوارزمي، الكندي، إضافة لابن سينا – يكتب اسمه Avicenna- وابن رشد – يكتب اسمه Averroes – وابن رشد لم يكن فيلسوفاً عظيماً وحسب، بل كان عالم رياضات، كما كان أهم طبيب في عصره.
إلا أن الجهات الوصائية على العلم في الغرب انتبهت لما جعلني أشعر بشيء من الفخر، فلم يرقها ذلك، وعندما نزل الإصدار الثاني من الموسوعة لم تكن الأسماء العربية والإسلامية قد استبعدت من صدارتها وحسب بل حذفت نهائياً!
قبل أكثر من ربع قرن أيضاً، رأيت بأم عيني كيف سرق الصهاينة قمباز أبي وكوفيته وعقاله، وعرضوها باسم دولتهم المسخ في متحف الأزياء الشعبية والدمى في نيودلهي! ولا يكاد يمر يوم لا نسمع فيه نبأ قيام الصهاينة بسرقة جديدة، لا في مجال الأزياء وحسب، بل في مجال الطعام والموسيقا ومختلف الفنون الشعبية، حتى الفلافل والمسبحة والتبولة سرقوها! فالصهاينة يحاولون الاستيلاء على هوية بلادنا وذاكرتها كي يوهموا العالم أن لهم جذوراً عميقة في أرضنا.
قبل أيام قرأت على صفحة «نادي حمص الثقافي الاجتماعي» في الفيس بوك بحثاً أقلقني بقلم المهندس بشار هورس بعنوان «نباتات بلاد الشام بين التهويد والعولمة». يرى الباحث هورس أن «نباتات هذه المنطقة تروي تاريخ هذه الجغرافيا والشعوب التي سكنتها، ومع غياب اسم أي نبات يحمل دلالة لوجود إسرائيل أو شعبها في المنطقة عبر التاريخ كان لابد لهم من التزوير والتدليس ليضفوا شرعية على وجودهم هنا».
ويشير الباحث إلى أن «نباتات بلاد الشام التي تحمل أسماء مناطق من هذه البلاد وشعوبها عبر التاريخ كـ فلسطين والدمشقي وغيرها الكثير، وتدل على جذور وأصول هذه النباتات وارتباطها بتاريخ هذه المنطقة وشعوبها، فكان لا بد لهم من تهويدها أو عولمتها».
يقول الباحث هورس إنه «يوجد في سورية 3500 نوع نباتي يحملُ أسماءً علميَّةً تدلُّ على أصول هذه النباتات السورية، وعلى انتمائها لهذه المنطقة». ثم يطلق صرخته فيقول:
«وتعمل بعض الأطراف الدولية على تهميش هذا الاسم أو إلغائه واستبداله، أو تهويده بمحاولة لطمس الأصول الوراثية السورية لتلك النباتات» ويبرهن الباحث هورس على فكرته إذ يذكر سبع عشرة نبتة تم تغيير أسمائها بهدف تغيير هويتها؛ الأشنان السوري واسمه العلمي (Anabasis syriaca) استُبدِلَ وهوِّدَ ليصبح ((Anabasis zohary)).
والقيصوم المنجلي واسمه العلمي (Achillea damascene) استبدِل ليصبح اسمه العلمي الجديد ((Achillea falcate)… الخ.
نرجو من الجهات المعنية بهذا الأمر أن تهتم لصرخة المهندس بشار هورس، فهي بمنزلة جرس إنذار جديد يقرعه مواطن سوري مخلص، نأمل ألا تتبدد جهوده أدراج الرياح.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن