قضايا وآراء

عودة العلاقات المصرية السورية

| أشرف البيومي

يسعدني أن أعبر عن إعجابي بصحيفة «المصري اليوم» لعرضها «الوجه الآخر» لسورية يوم الجمعة في 22 الشهر الماضي وهو ما قد طال انتظاره في الصحافة المصرية، وفي هذا الملف الخاص عرضت الصحيفة كيف أن هناك رواجاً في أسواق دمشق وأن أبواب المسجد الأموي مفتوحة وأن الأمن يتعافى وأن هناك فائضاً في إنتاج الموالح والزيتون رغم كوارث الحرب، وكيف أن «عبد الناصر يحتل مكانة متميزة في قلوب السوريين»، كما عرض الملف نشاط المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة «أكساد» الذي عقد اجتماعه في دمشق «تأكيدا على أمن سورية»، وفشكرا لمعد الملف الصادق الأستاذ متولي سالم.
أرى أن الفرصة سانحة ومهيأة لتدعيم العلاقات المصرية السورية التي قطعت في حقبة الرئيس المصري محمد مرسي والإخوان المسلمين، ورغم إدراكي أن هناك قوى تعرقل عودة العلاقات، فإن مما لاشك فيه أن هناك خطوات متواضعة يمكن اتخاذها فورا مثل عودة رحلات مصر للطيران إلى دمشق، وربما لمدن أخرى مثل اللاذقية، وهناك فوائد جمة ستعود على مصر جراء ذلك فقد بدأت سورية مرحلة البناء والتعمير ولاشك أن هناك من الشركات المصرية ورجال الأعمال من يرغب في المشاركة في هذا النشاط، وصحيح أن السفر إلى هناك مفتوح عبر بيروت ولكن الطيران المباشر يوفر الوقت ويغني عن ضرورة الذهاب لبيروت ثم الانتقال إلى دمشق عبر الطريق البري.
شاركت مؤخراً في ندوتين سياسيتين بدمشق حول مستقبل سورية وهي على مشارف اكتمال الانتصار، الندوة الأولى كانت بمناسبة مرور مئة عام على وعد بلفور نظمتها مجموعة «وثيقة وطن»، والندوة الثانية نظمتها مجموعة «تجمع سورية الأم»، وفي كلا اللقاءين كان هناك نقاش حر حول مسار المستقبل وركائز النهضة التي من بينها التمسك بالاستقلال والانتماء الوطني وإرساء لقواعد العدالة الاجتماعية واتباع منهج الاعتماد على الذات والتنمية المستقلة وتوظيف العلم بشكل أساسي في التنمية والتصنيع المحلي المعتمد على التكنولوجيات المتقدمة، وتوسيع دوائر الحوار وضمان حرية النقد.
تحدثت في اللقاء الثاني حول مخاطر الارتباط باقتصاد العولمة والالتزام بآلية السوق التي تؤدي إلى اتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء وتتسبب في مشاكل اجتماعية جمة على رأسها الإرهاب والعنف، وكان هناك في المناسبة الأولى لقاء الرئيس بشار الأسد مع مجموعة صغيرة من المشاركين اتسم بالحيوية والتلقائية والجدية.
مما لاشك فيه أن هناك زخماً ثقافياً وطنياً تولد نتيجة الصمود والانتصار ضد الإرهابيين والمتآمرين على الدولة والشعب في سورية، وكمواطن عربي من الإقليم الجنوبي، مصر العزيزة، كانت تغمرني سعادة كبيرة، فالانتصار السوري هو انتصار لكل الوطن العربي.
لقد أدركت من الوهلة الأولى لبدء الأزمة، والتي تطورت وأصبحت حرباً وعدواناً بالوكالة باستخدام جحافل الإرهابيين، أن هذا الاستهداف كان نتيجة مباشرة لرفضها الإملاءات الأميركية التي عرضها وزير الخارجية الأميركي كولن باول بعد احتلال العراق، فكان العدوان الذي قادته الإدارة الأميركية مع القوى العدوانية الأخرى، وكانت ثقتي كبيرة بالانتصار القادم رغم شراسة الإرهاب حتى قبل الدعم الروسي الذي جاء بعد خمس سنوات من المواجهة.
وكمواطن مصري أؤمن تماما بالعلاقة الإستراتيجية بين مصر وسورية كما أدركت ملكة مصر العظيمة منذ فجر التاريخ حتشبسوت، كما أؤمن أن الإقليم الشمالي على مشارف انتصار عظيم وهو الآن يتأهب لمعركة كبيرة أخرى هي معركة البناء والإعمار فهل يشارك المصريون فيها؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن