سورية

شدد على أن المعالجة التي تريدها الدولة في أي ملف مصالحة هي معالجة كلية للوجود المسلح … حيدر لـ«الوطن»: 2018 سيكون عام محاولات إنجاز تحرير القدر الأكبر من المخطوفين

| سيلفا رزوق

شدد وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية علي حيدر على أن المعالجة التي تريدها الدولة في أي ملف مصالحة هي «معالجة كلية» للوجود المسلح، وليس معالجة ملف تنظيمات إرهابية وميليشيات مسلحة وبقاء أخرى.
واعتبر حيدر، أن عام 2018 سيكون لمحاولات إنجاز تحرير القدر الأكبر من المخطوفين، وأعلن أن الدولة ربطت كل الاستحقاقات السياسية القادمة بهذا الملف.
وفي مقابلة مع «الوطن»، اعتبر حيدر، أن الهجوم الإرهابي الأخير الذي جرى في حرستا كان للهروب من الاستعصاء الحاصل بين التنظيمات الإرهابية في تلك المنطقة.
وأوضح، أن ما يجري من عمليات عسكرية في حرستا هو لفك الحصار عن إدارة المركبات، وتوسيع نطاق سيطرة الجيش، حتى لا يتكرر هذا الهجوم وبالتالي العمليات العسكرية هي صاحبة الكلمة الأولى.
وأضاف: «ومع ذلك وكما هي باقي التجارب التي جرت في القابون وبرزة ووادي بردى، نترك الباب مفتوحاً للمصالحة، لأن غايتنا الأساسية هي تنظيف المنطقة من السلاح والإرهاب، وفي أي لحظة يقبل المسلحون بتسوية أوضاعهم تبقى الدولة صاحبة القرار في هذا الموضوع ولذلك لن نغلق الباب، وتركناه موارباً، مع بقاء العمل العسكري، ولن تتوقف العمليات العسكرية على أمل أن نقوم بجهود التسوية». وذكر حيدر، أنه لا توجد حالياً أي مبادرات للمصالحة، وهناك حديث ضعيف ومتواتر وبعيد، ولا يملك من القوة ما يمكن الاستناد عليه للقول إنه مبادرة حقيقية.
جنوب العاصمة
واعتبر، أن «منطقة جنوب دمشق هي أعقد من غيرها من المناطق، لأن المعالجة التي تريدها الدولة هي معالجة للملف بالكامل»، لافتاً إلى أن أطرافاً إقليمية، كانت تسعى لإدخال جنوب دمشق ضمن مناطق «خفض التصعيد»، والسبب ليس حفاظاً على الأهالي، وإنما الحفاظ على وجود المسلحين والمجموعات المسلحة لتبقى شوكة في خاصرة الدولة، وفي أقرب منطقة وهي العاصمة دمشق، لكن الدولة لم تقبل بدخول المنطقة بمناطق «خفض التصعيد»، بسبب وجود داعش و«جبهة النصرة» والتنظيمان الإرهابيان غير مشمولين باتفاق «خفض التصعيد».
وكشف حيدر أن المسلحين والدول الداعمة لهم أرادوا أن يلعبوا لعبة ضد الدولة، وذلك بالقول إن مجموعة من مسلحي داعش و«النصرة» تود الخروج من المنطقة، وتبقى المنطقة من دون داعش و«النصرة» ويبقى المسلحون الباقون في تلك المنطقة من «المعتدلين» فتدخل المنطقة ضمن اتفاق «خفض التصعيد»، لكننا اكتشفنا أن الذين سيخرجون من المنطقة هم عدد قليل من المسلحين، إما لأنهم مصابون أو لرغبة قسم منهم في مساندة المجموعة التابع لها في إدلب، في ظل الانقسام الحاصل بين أطراف «هيئة تحرير الشام» التي تعتبر الواجهة الحالية لـ«النصرة»، ولذلك رغب بعض المقاتلين الخروج لتقديم الدعم لبعضهم البعض وهي حسابات داخلية.
واعتبر حيدر، أن «الإشكالية ليست إلى أين يخرج داعش أو «النصرة»، إنما المشكلة هي في آلية مشروع المصالحة، الذي يقضي بخروج جميع المسلحين أو تسوية أوضاع من يرغب بالبقاء ولن يبقى هناك حامل للسلاح في تلك المناطق تحت أي مسمى من المسميات، أو تحت مسمى مناطق «خفض التصعيد»، ولذلك هذه المنطقة أعقد من غيرها من المناطق لأن المعالجة التي تريدها الدولة هي معالجة كلية، وللملف بالكامل. للوجود المسلح بالكامل، وليس معالجة ملف داعش و«النصرة» وإبقاء باقي الميليشيات المسلحة أياً تكن».
وقال: «اليوم هناك محاولات قائمة لتحريك هذا الملف، لكن لا يمكن وضع أجندة زمنية معينة لإنهاء هذا الملف، والجهد كبير والمحاولات الحثيثة قائمة، والمعالجة قائمة بالتعاون مع أكثر من طرف وبأكثر من وسيلة، لكن لا نستطيع أن نعد أحد بزمن محدد قد يحصل خرق معين بأي لحظة، ولكن قد يحصل تعطيل بسبب الإيحاءات الخارجية لأن الخارج يسعى لأن تبقى هذه الشوكة الإرهابية في جنوب دمشق، ولا تريد أن تخرج المسلحين ولا تريد أن تسمح بخروج المسلحين حتى لو كان لحمايتهم أو الاستفادة منهم في مكان آخر لأنهم يستفيدون منهم بوجودهم جنوب العاصمة أكثر من فائدتهم في مناطق بعيدة كإدلب وغيرها».

القنيطرة
وأشار حيدر إلى الأنباء التي تحدثت عن مصالحات قائمة اليوم في بعض مناطق محافظة القنيطرة، ولفت إلى أن العملية العسكرية الناجحة في بيت جن، فتحت الباب أمام معالجة ملف جباتا الخشب وطرنجة، لأن هاتين البلدتين تحملان عاملاً خطيراً، وتتواجد فيهما «النصرة» المتعاونة بشكل كامل مع «إسرائيل»، وبالتالي قبل العملية العسكرية كان من الصعب جداً الدخول في ملف تسوية أو مصالحة في تلك المنطقة.
واعتبر، أن الانتصارات العسكرية ستفتح الباب من جديد أمام الانسداد، ويمكن أن تعطينا فرصة لتحريك ملف المصالحة فيها، كاشفا عن وجود مبادرات أهلية وشعبية بالتعاون مع مرجعيات موجودة في المنطقة، تحاول الوزارة عبرهم فتح ثغرة في هذا الجدار.
وقال: «حتى الآن من المبكر أن نتكلم عن نتائج ولحساسية هذا الملف دعونا لا نتطرق له في الإعلام كثيراً لأن هناك من قد يعطل الملف بعوامل خارجية».
ورداً على سؤال حول دعوات أهالي بعض القرى في إدلب للتصالح مع الدولة على غرار ما جرى في ريف إدلب الجنوبي الشرقي خلال تقدم الجيش، رأى حيدر، أن ما نسمعه اليوم هو نيات لكن لا فعل حقيقياً على الأرض، ونحن ندعو أهالي مناطق إدلب أن تحذو حذو القرى التي تعاونت مع الجيش، «ونحن نتحدث عن سراقب وخان شيخون، وطرد المسلحين منها، وحتى الآن لا حراك حقيقياً باتجاه المصالحة، أو حتى تعاون أهلي بين هذه المدن وبين الدولة».

النازحون
وبالنسبة لملف النازحين في لبنان، اعتبر حيدر، أن هناك الكثير من المعلومات المغلوطة بهذا الشأن، وما يجري على أرض الواقع، جاء نتيجة موقف الحكومة اللبنانية غير المتعاون مع الدولة السورية في هذا الملف، حيث نعمل مع بعض الأحزاب الصديقة التي لها وجود من خلال البلديات على الأرض ومسؤولة عن ملف النازحين محليا، على الوصول إلى أكبر عدد من النازحين السوريين، وتقديم الصورة الحقيقية لعودتهم، لأن هناك إعلاماً مغرضاً يبث السم في صفوف النازحين ليس في لبنان فقط وإنما في باقي البلدان كالأردن وغيرها، ونحاول توضيح الصورة لهؤلاء النازحين، وخصوصاً أن هناك مافيات تستفيد من بقاء هؤلاء النازحين وتبث هذه الشائعات، ونحن نحاول التوضيح من خلال هذه البلديات وهذه الأحزاب الصديقة التي زودتنا بالكثير من الأسماء الراغبة بالعودة، ونحن بدورنا درسنا هذه الأسماء وسوي وضعها، وعاد قسم كبير ولم يكن هناك أي سبب يمنعه من العودة وعاد دون أي مشاكل.
واعتبر حيدر، أن من واجب الدولة توضيح الصورة الحقيقية للواقع في سورية، وأن عليهم عدم الخوف من العودة، مشيراً إلى أن المساعدات التي تقدم لهم يسرق معظمها ولا يصل للنازحين إلا القلة القليلة، وأن هناك مصلحة للمنظمات القائمة على المخيمات ببقاء النازحين للاستفادة من تواجدهم، و«نحن نرسل كل ما يطمئن النازحين ونحاول تأمين روابط اتصال معهم ونسعى حتى لتأمين احتياجات الراغبين بالعودة».

المخطوفون
وفيما يتعلق بملف المخطوفين والمفقودين والقوائم المنشورة على الـ«فيسبوك»، أوضح حيدر أن تلك القوائم «تأتي بمبادرات أهلية لكن الوزارة لا يمكن أن تتبنى هذه القوائم بجدية إلا إذا وردت معلومات مؤكدة موثقة عن وجود هؤلاء الأشخاص بيد الميليشيات المسلحة».
وأضاف: أن هناك عاملاً ايجابياً أو عامل اختبار، وهو ما ستقوم به الدول الضامنة، والتي تبنت حل هذا الملف، وتعمل عليه جدياً وكان في آخر جولة حديث عن تشكيل لجان والدولة ملفها جاهز.
وكشف حيدر، أن هناك بحثاً في أكثر من محاولة تبادل حالياً، لكن الأمر الذي يدعو إلى التفاؤل أكثر هو ما يجري طرحه بأستانا، وهو «إن تمكنت الدول الضامنة التي تبنت هذا الأمر وإن كان هناك إصرار على إنجاز هذا الملف سيكون هناك إنجاز كبير في عام 2018»، علما أن اللجنة التي انبثقت عن أستانا بخصوص المخطوفين لم تباشر عملها، ومن المحتمل تفعيلها عقب الجولة القادمة، وسيكون ملف المخطوفين متواجداً في كل جولة من الجولات السياسية وفي كل استحقاق من الاستحقاقات.
وقال: «عام 2017 قلنا عنه إنه عام المصالحات، وعام 2018 عام محاولات إنجاز تحرير القدر الأكبر من المخطوفين، وخصوصاً أننا ربطنا كل الاستحقاقات السياسية القادمة بهذا الملف».

سوتشي
وبخصوص مؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده في مدينة سوتشي أواخر الشهر الجاري رأى حيدر، أن الأهم من انعقاد أي مؤتمر هو مقومات نجاحه، ولا فائدة أن يعقد من دون التأكد من حصول نتائج، والدولة السورية متفائلة لأنها تمتلك ملفاتها، وتعلم أن هذه المباحثات ستطرح تحت أي صيغة والتفاؤل بأي استحقاق، هو البدء بفكفكة السلال التي يجري الحديث عنها، والتساؤل المطروح، هل هذه الدول ذاهبة لحل الأزمة السورية أو مداورة الأزمة السورية، «هناك فرق أيضاً بين إدارة الأزمة وحل الأزمة، في جنيف وأستانا جرى إدارة الأزمة، الآن في سوتشي نحاول أن نغير المعطيات وتأمين مقومات حل الأزمة، وبالتالي حتى لا نتفاءل كثيراً ونطلب من سوتشي أكثر مما يستطيع وسوتشي لا يستطيع أن يقدم أكثر من بعض العناوين إذا جرى تحقيقها نقول نجح سوتشي أما إذا تصورنا أن سوتشي سيحل الأزمة السورية وفي اليوم التالي لسوتشي سيكون كل شيء على ما يرام فسنصاب بخيبة أمل».
وأضاف: «مجرد إطلاق المسار يعتبر نجاحاً. مجرد تثبيت قناديل طريق ودلالات إشارة لتحديد الطريق الذي يجب أن يسير به العاملون لحل الأزمة السورية فإذا ما ثبتنا هذا المسار وخرجنا من المسارات الأخرى، نكون قد أنجزنا أمراً مهماً وبالتالي تفاؤلنا بهذا المجال أن يكون توازن القوى بين الدول الضامنة وموقف الدول الأخرى يسمح بالوصول إلى نتائج».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن