اقتصادالأخبار البارزة

الإصلاح الإداري.. سنة أولى حضانة … من مؤتمر مقومات النجاح ما بعد الحرب.. خميس: صمودنا المواطن.. الجيش.. الرئيس … الأخرس: من ركائز التنمية الإدارية تقويم الأداء.. الإصلاح يبدأ من الذات

| محمد ركان مصطفى – محمد منار حميجو

دائماً ما تكون التوقعات عالية من المؤتمرات والأنشطة التي تقيمها الجمعية البريطانية السورية، ونتائجها وتوصياتها.. وهذا يعود لأهمية المواضيع التي يتم طرحها للنقاش، وعلاقتها الحيوية بواقع ما يجري في البلد، والمطلوب لمستقبل أفضل، وعرضها بأسلوب يمتاز بالشفافية والصراحة والمكاشفة والدقة والخصوصية السورية، وأسلوب التنظيم الدقيق وإدارة الحوار القائمة على احترام الرأي والرأي الآخر.. إضافة إلى ما تمتاز به تلك الفعاليات لجهة الحضور المتنوع والمميز والكبير، والمشاركة التفاعلية المباشرة.
بنفس الروح التي اعتدناها في فعاليات الجمعية، أقيم أمس مؤتمر (المشروع الوطني للإصلاح الإداري: مقومات النجاح في سورية ما بعد الحرب) للوصول إلى تصورات ومقترحات وتوصيات حول مقومات النجاح في سورية ما بعد الحرب، وكان هذا الخيار موفقاً لجهة ارتباطه بشكل حيوي بالسياسة العامة للدولة خلال المرحلة المقبلة.

رئيس مجلس الوزراء عماد خميس وخلال ترؤسه جلسة الحوار الأولى للمؤتمر بيّن أن تحقيق مؤشرات تنمية نوعية خلال الأعوام بين 2000 و2010 نتج عنها استقلالية كاملة للقرار، وهو ما يعتبر أحد الأسباب الرئيسة للحرب على سورية، علماً أنه رغم النجاح في بعض القضايا، فقد حدث تعثر في بعض المواضيع، إلا أن التحدي الأكبر اليوم، يتمثل بمرحلة الانتصار وما بعد الحرب، أي مرحلة البناء والإعمار، من هنا تأتي أهمية مشروع الإصلاح الذي أطلقه السيد رئيس الجمهورية بشار الأسد، وحملته الحكومية لتنفيذه بشكل متكامل، وإعادة هيكلة المؤسسات وبنائها.
وأضاف خميس: لدينا ثلاث ركائز حققت صمود سورية وهي المواطن السوري الشريف والجيش والقيادة الحكيمة للرئيس بشار الأسد.. ولو كنا دولة فاشلة أو مترهلة ما كنا صمدنا».
من جهته أكد رئيس الجمعية السورية البريطانية فواز الأخرس خلال افتتاحه الجلسة الأولى بالتشارك مع رئيس الحكومة أن هناك العديد من الأسس لإنجاح التنمية الإدارية بعضها ذو أهمية خاصة منها التخطيط والإشراف الإداري وبناء فرق العمل.
موضحاً أن من مقومات التنمية الإدارية التطوير والإبداع الإداري ومهارات السكرتارية وإدارة المكاتب وشؤون الأفراد وإعداد التقارير، إضافة إلى التجهيز والقياس وتقويم الأداء والحوكمة الشفافة والنزيهة.
ورأى أن من أهم أسباب الفشل هو الفساد الإداري والذي يشمل الفرد والمؤسسة على حد سواء وما ينجم عنه بالضرر على المصلحة العامة، مؤكداً أن هذا الفساد يؤدي إلى الفساد المالي والاقتصادي والقضائي والأخلاقي والتربوي.. موضحاً أن الإصلاح يبدأ بالذات ومن الداخل. مشيراً إلى أنه منذ أن طرح رئيس الجمهورية مشروع الإصلاح الإداري على الحكومة عمدت الجمعية السورية البريطانية لإقامة هذا المؤتمر ضمن نشاطاتها المعهودة في دمشق ولندن.
وأوضح أن برنامج المؤتمر تم وضعه على خلفية بحثية اعتمدت على المراجع والأبحاث في هذا الشأن التي تعكس خبرة العديد من الدول. منوهاً بأن الحرب على سورية ما زالت مستعرة وآلة التضليل الإعلامي بأوج نشاطها تحاول جاهدة أن تغطي على انتصارات الجيش للقضاء على الإرهاب، مبيناً أنه مع استمرار هذه الانتصارات تبرز الشؤون الخدمية للجهات الحكومية ما يشكل حاجة ملحة لإجراء إصلاحات على البنية الإدارية في المؤسسات الحكومية.
وأشار الأخرس إلى أن مشروع الإصلاح الإداري يأتي من خلال مقاربة تنظيمية ومنهجية إدارية للأداء الحكومي لكونها خارطة طريق وآلية تنفيذ الإصلاح وتطوير الهيكل المؤسساتي. مؤكداً أن الإدراك المبكر للمشكلة والقدرة على تحليلها واتخاذ القرار السليم وفق منهجية علمية يعتبر من أهم مهارات القاعدة الإدارية.
منوهاً بأن مشروع الإصلاح الإداري مبني على إحداث تغيير كبير للهيكليات والأنظمة الإدارية وصولاً إلى طريق التفكير، معتبراً أن هذا التغيير بحد ذاته يحتاج إلى إدارة تسمح بالتحكم الكامل بمعايير التغير يمكن لإدارة التعديلات وإجرائها بالوقت المناسب للوصول للهدف لتحقيقه وتحسين الأداء وتطويره تحقيقه وبصفة مستمرة. مشيراً إلى أن كل ما سبق يحتاج إلى عمل وفن وأدوات إدارية، وأن فن التعامل والقدرة على التواصل والبناء ومهارة التفاوض من أهم المهارات التي تؤدي إلى النجاح. معرباً عن أمله بأن يكون المؤتمر فرصة للحاضرين والمشاركين في معالجة منظومة الفساد التي أثرت على المجتمع والمؤسسات.

خريطة المشروع

قدمت وزيرة التنمية الإدارية سلام سفاف عرضاً للمشروع الوطني للإصلاح الإداري وأهدافه، مبينةً أن غاية المشروع هي إعادة صياغة العلاقة بين الجهاز الحكومي والمواطن والشفافية وخفض معدل الفساد، موضحة أن المشروع بمنظومته المؤتمتة يربط بين المواطن والجهة العامة ولا يقتصر على إيصال الجواب فقط.
وكشفت سفاف عن الخطة التنفيذية للمشروع في العام الحالي وأنه تم الانتهاء من المرحلة التأسيسية في نهاية الشهر العاشر من العام الماضي (2017) عبر إقرار النصوص التشريعية الأساسية.
وأضافت سفاف: نحن حالياً في مرحلة الحضانة والتي سيتم عبرها إطلاق منبر صلة وصل الأسبوع القادم إضافة إلى أن منظومة عمل المؤشرات أصبحت جاهزة بالكامل بما يتيح للجهات العامة دخول قياس الأداء الإداري، مؤكدة أنه تم إعداد الخطط النموذجية للتنمية الإدارية لإرسالها للجهات العامة وهي مؤتمتة.
وأكدت سفاف أنه في انتهاء مرحلة الحضانة في بداية الشهر الخامس من العام الحالي سيتم إطلاق البرنامج التجريبي للجهات العامة بما يتيح إصدار تقرير معدل الاستجابة من الجهات العامة.
وأوضحت أن المرحلة الثالثة للمشروع وهي التمكين تبدأ من بداية الشهر الخامس حتى نهاية الشهر الحادي عشر والتي سيكون فيها إصدار النسخة الأولى من الترتيب الأول للجهات العامة مع تقارير أداء العام بالإضافة إلى تقارير معدلات الفساد إلى جانب تقرير خاص للجهة العامة يتضمن نصائح لها وإرشادات لتدخل ضمن خطتها القادمة.
وأكدت سفاف أن المشروع يهدف إلى تطوير عمل الجهات العامة ودعم الشفافية المؤسساتية عبر الاستجابة لتطلعات المواطن ومكافحة الفساد الإداري، وهذه الغاية على المدى البعيد.
وأشارت إلى أن المشروع يهدف إلى وضع مؤشرات قياس الأداء الإداري وفق شرائح نقاط الاحتساب إضافة إلى تحليل نتائج ترتيب الجهات العامة وفق معيار الجودة والتميز، موضحة أنه سيجري العمل على تحديدها عبر الإرشادات والتوصيات التي ستصدر بعد إعلان النتائج للحظها في خطة التنمية الإدارية والبشرية، كما يهدف المشروع إلى وضع الهيكل التنظيمي الإداري للتنمية والإشراف على جودته وتقديم الدراسات الواقعية للحل.
موضحةً أنه تم الاعتماد على خمسة مؤشرات في المشروع فالمؤشران الأولان هما جودة التنظيم المؤسساتي وتبسيط الإجراءات وتطبيق أحد أنظمة إدارة المؤسسات، مؤكدةً أنها مؤشرات ثابتة لها علاقة بعمل المؤسسة وبنيتها التنظيمية. في حين المؤشرات الثلاثة الأخيرة فهي التي تتعلق بالمواطن والموظف وفي الحقيقة هي تقيم مخرج الجهات العامة.
وأشارت سفاف إلى أنه يتم العمل على ثلاثة مراكز أساسية في برنامج الدعم والقياس الإداري هي المنبر ومنظومة الدعم ومركز الدعم وقياس الأداء الإداري، مؤكدة أن هناك ثلاث جهات تتفاعل مع مركز الدعم ومنظومة التطوير الإداري.
وأوضحت سفاف أن الجهة الأولى المواطن الذي يدخل على المنبر وهي واجهة الكترونية تتيح للمواطنين التفاعل عبر استبيان ينظم كل الشكاوي المتعلقة بالخلل والفساد الإداري أو بسوء تطبيق الأنظمة ومن ثم استبيان رضا المواطن على خدمات التي يقوم بطلبها من الجهات العامة.
وأضافت سفاف: الجهة الثانية الموظف واستبيان رضاه عن التوصيف الوظيفي والتدريب والتأهيل وعن مدى استغلال طاقاته وإمكانياته في حين الجهة الثالثة هي الجهة العامة.

بين أخطاء الماضي وأمل المستقبل

قدمت الدكتورة ديالا الحاج عارف (وزيرة سابقة للشؤون الاجتماعية والعمل) مشاركة تحت عنوان (كيف تدار الأمور قبل البدء بالمشروع؟ مدى إدراكنا لأخطاء الماضي وما آمالنا للمستقبل؟) بينت خلالها أن فعالية الإصلاح الإداري تحتاج إلى البعد عن الفهم الجزئي للإصلاح الإداري، ولتأصيل منهج معرفي خاص بسورية لمفهوم الإصلاح الإداري، يبتعد عن النقل العشوائي والتلقائي للتجارب الأخرى، وإشراك جميع المؤسسات لإثراء الإصلاح الإداري، لكونه ليس جهداً تنظيمياً، وحسب، بل سياسي وإدراي أيضاً.
منوهة بأن إدارة الدولة وعت منذ عام 2000 وجود فجوة بين ما تنشده من آمال وطموحات وبين ماهو محقق، وأن جسر الفجوة ومحاولة ردمها بحاجة إلى إصلاح إداري سريع وعاجل وشامل يتكامل مع الجهود الإصلاحية في باقي المجالات. مشيرةً إلى أن الجهود الحكومية كانت ومازالت تتجه نحو بعض مجالات النشاط الإداري وفقاً لأولوية تأثيرها على الأداء الإداري لقطاعات معينة أكثر الحاحاً وانعكاساً على تلبية الاحتياجات.
ولفتت إلى أن محاولات الإصلاح الإداري كانت تأخذ طابع رد الفعل على ظهور مجموعة من العوامل السياسية والاجتماعية والسكانية.. التي تؤثر في مسيرة الحياة المعيشية للمواطن ولم تكن استباقية مبنية على إستراتجية منهجية للإصلاح، وأن كل المحاولات السابقة لم تكن مبنية على فكر اقتصادي أو على رؤية اقتصادية. مؤكدة ضرورة معرفة شكل التوجه الاقتصادي، إضافة إلى الاعتماد بشكل رئيس على الوسائل الإدارية والتشريعية في الإصلاح وبدرجة أقل على الوسائل السياسية.
ولفتت إلى مفارقات الأجور والرواتب، وطبيعة العلاقة بين القيادات السياسية وإدارات الجهاز الإداري، وتداخل الاختصاصات وازدواجيتها.
وعن الأمل في المستقبل، لفتت عارف إلى ضرورة الاكتفاء عن تراشق التهم والإدانات، والتحول نحو تأصيل منهج خاص بالإصلاح الإداري، ودعم الدور الرقابي للمؤسسات، وتحديد المراحل الزمنية للإصلاح، والعناية باختيار كوادر الجهاز الإداري.
في مجتمع يعاني من الفساد
عضو مجلس الشعب الأستاذ في كلية الحقوق محمد خير العكام عرض لمشاركته بعنوان (في ظل الفساد القائم في المجتمع، ما متطلبات وأدوات إنجاح هذا المشروع؟) أكد خلالها أن سورية بدءاً من عام 2000 لديها إرادة قوية في مكافحة الفساد الذي يعاني منه المجتمع وبدأت بعملية إصلاح وتحديث تناقله في المجالات كافة من خلال عملية تحول تدريجية وانفتاح اقتصادي للاستفادة من الطاقات الكامنة وغير المستغلة من أفراد المجتمع لكل عوامل الإنتاج فأصدرت العديد من القوانين، إلا أنها في العقد الأول من هذا القرن واجهت العديد من المقومات الداخلية والخارجية.
وأوضح أنه من الناحية الداخلية كان هناك شريحة من المستفيدين من الوضع القائم والمتضررين من عملية الإصلاح الشاملة أعاقوا تلك العملية أحياناً أو حرفوها عن أهدافها أحياناً أخرى، كما أنه تم الإعلان عن تنفيذ الإصلاح وفقاً لمنهج اقتصاد السوق الاجتماعي، ولم تستطع الحكومات المتعاقبة من ترجمة هذا المنهج إلى واقع ملموس فأدى تنفيذ الإصلاح إلى إعادة توزيع الدخل لمصلحة الاعتبار على حساب الفقراء عامودياً واقعياً في ظل المنظومة القانونية القائمة ومنها المنظومة الاقتصادية مالياً وضريبياً، فالزيادات في مقدار الدخل القومي لم تنعكس على محدودي الدخل كما انعكس على بعض المستثمرين والمستفيدين من ثغرات تلك المنظومة القانونية القائمة، ولم يجر تعديل هذه المنظومة التي أدت إلى ذلك حتى الآن.
وبين العكام أن هذه العوامل إلى جانب العوامل الخارجية أدت إلى تراجع قدرة الدولة على السير قدماً في مشروع مكامن الفساد، على الرغم من تلك الإرادة المتوافرة لديها، فكل ذلك أدى إلى زيادة حدة الفساد وتفشي هذه الظاهرة بدل محاصرتها، وأن محاربة الفساد يتطلب الكثير من الأدوات لم تستطع توفيرها في ظل ما سبق ببيانه على المستوى المطلوب ولم تكن عملية مستمرة.
وقال: الآن وبعد أن شارفت هذه الحرب على نهايتها، لا بد لنا من تحويل المحنة التي تمر بها سورية إلى منحة وفرصة جديدة للسير في عملية الإصلاح الشاملة ومكافحة الفساد التي يجب أن تسير تلك العمليتان بشكل متواز ومتكامل، ولعل مشروع الإصلاح الإداري الذي طرحه رئيس الجمهورية منذ فترة وجيزة كان دليلاً على إصرار الدولة على السير في ذلك.
ويرى العكام أنه يجب النظر إلى عملية الإصلاح الإداري المنشود على أنها خطوة باتجاه الإصلاح الشامل وليست مستقلة عنها ولا يمكن فصل عملية الإصلاح الاقتصادي والإصلاح في المجالات كافة فلا يجب التركيز على جانب وإهمال الجوانب الأخرى في عملية الإصلاح الشاملة التي يحتاج إليها المجتمع السوري.
وأكد العكام ضرورة أن تشعر جميع شرائح الشعب السوري من الناحية السياسية والاقتصادية بأنهم غير مهمشين وأنهم يشاركون في صنع القرار، وأن يكون الجميع مستفيداً من عملية الإصلاح على المدى البعيد وأن يعي جميع هؤلاء أهمية ذلك وهذا يجب أن
يكون عملاً حكومياً دائماً.

تحسين أداء الأجهزة المالية والقضائية

رئيسة إدارة التنفتيش القضائي سلوى كضيب قدمت مشاركة بعنوان (ماهو دور المشروع في تحسين أداء الأجهزة المالية والقضائية في مكافحة الفساد؟) أكدت خلالها أن السلطة القضائية هي المخولة بحماية الحقوق والحريات ولها أن تفرض ذلك بقوة القانون، لذ لا بد من دعمها والنظر في واقع عملها، على اعتبار أن قوة السلطة القضائية تعني قوة الدولة وسيادة القانون.
وبينت أن أخطر أنواع الفساد هو فساد القضاء واستغلال الوظيفة العامة للمصلحة الخاصة وتسخير المال العام لغير ما خصص له ولمصلحة أصحاب النفوذ، لافتةً إلى أن تباطؤ المعاملات الرسمية من أهم عوامل دفع الرشوة وأن تسريع إنجاز المعاملات يحد من الفساد.
وأشارت إلى قضية ضرورة إعادة النظر في وضع القضاء وأنه لا بد من فرض هيبة القضاء لجهة المكانة والمكان، مشددة على ضرورة حسن اختيار القضاة بعيداً على الوساطات.
مؤكدة ضرورة تسهيل عملية التقاضي واللجوء إلى القضاء، مشيرة إلى قانون أصول المحاكمات المدنية الصادر عام 2016 الذي منع المواطن اللجوء إلى القضاء إلا عن طريق المحامين، مع أن بعض الدعوى كالدعوى الاتفاقية لا يحتاج صاحبها إلى محام أو إلى أي خبرة قانونية وهي تقتصر بالحكم بالمبلغ المالي للمواطن، منوهة بأن القانون جعل المحامين بوابة القضاء وأتاحت لهم مشاركة المواطنين بحقوقهم من دون جدوى.
واقترحت كضيب اختيار نائب لرئيس الجمهورية للشؤون القضائية يتولى أمور مجلس القضاء الأعلى، يتم اختياره من القضاة المتميزين، ويكون صلة وصل بين القضاة والقضاء، مشددة على ضرورة تحقيق فصل كامل بين السلطات الثلاث التنفيذية والقضائية والتشريعية.

إشكاليات

الأمين العام لمجلس الوزراء قيس خضر قدم مشاركة بعنوان (معرفة التحديات والمشاكل وتحليل أسبابها واتخاذ القرارات المناسبة لمواجهتها وحلّها)، أشار خلالها إلى العديد من الإشكاليات التي تواجه مشروع الإصلاح الإداري.
وأشار خضر إلى إشكالية تواجه مشروع الإصلاح الإداري تتمثل بأن خصائص الإدارة العامة في سورية أسيرة للمدير ومن صفات المدير أنه متسلط عليها لذلك يجب أن يعرف المشروع من يستهدف ومن أين تبدأ الموجة الأولى؟
وأضاف خضر: في أدبيات الإدارة يميزون بين الإدارة العضوية والميكانيكية والثانية تكون جامدة تتعامل بالأوراق الرسمية على حين الأولى وهي العضوية تكون نابضة بالحياة تعمل بروح الفريق وهي للأسف تكاد تخلو منها منظومتنا الإدارية ولذلك على الإصلاح الإداري أن يعلم خصوصية الإدارة والمدير السوري لنضع برنامج قابلاً لأن يتناول هذه الإشكالية.
وأشار خضر إلى إشكالية أخرى تواجه برنامج الإصلاح تكمن في الإصلاح الإداري أو الوظيفي وهناك فرق شاسع بين الاثنين، وتساءل خضر: من قال إن الإصلاح الإداري كفيل بإنتاج منظومة وظيفية منتجة حقاً باعتبار أن الإدارة العامة الناجحة شرط لازم لإنتاج وظيفية هائلة ومنتجة وبالتالي على المشروع أن يعرف أين الهدف والوسيلة؟
ورأى خضر أن هناك إشكالية تواجه الإصلاح الإداري وهي بين الفساد والفساد الإداري، موضحاً أن الفساد هو مشكلة إدارية واقتصادية واجتماعية وأخلاقية ولكن عندما يتحدث رجل دولة فعليه أن يتحدث عن الفساد المؤسساتي ليتمكن رجل الدولة من مكافحة الفساد بمؤسسته.
وأشار إلى أن طرح مشروع الإصلاح الإداري جاء من هرم الدولة وهذا يدل على وجود قيادة حية نابضة لأن البيئة الإدارية الحالية لا تقوى على أن تأتي بمثل هذا المشروع.

العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص

رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة محمد أكرم القش قدم مشاركة بعنوان (هل سيكون للمشروع الوطني للإصلاح الإداري أثر في تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص؟) شدد خلالها على ضرورة تطوير الأنظمة التشريعية الخاصة بالجمعيات الأهلية خلال الفترة القادمة، مؤكداً أن هناك صعوبات وعراقيل إضافة إلى تدخل في مهام هذه الجمعيات.
وطالب القش بوضع رؤية تنموية وطنية شاملة وإحياء وتعزيز الإرادة الوطنية، مشيراً إلى العمل على إصلاحات التشريعية بما يخص العمل الاجتماعي، مؤكداً أنه لا بد من وضع أسس تنظيم المجتمع والعلاقات الاجتماعية على مختلف المستويات سواء كانت الفردية أم الأسرية أم المؤسساتية إضافة إلى إعادة هيكلية وبناء القدرات والخبرات الوطنية.
وشدد على ضرورة تأسيس أو خلق بنى مؤسساتية حديثة كعوض عن مؤسسات المجتمع التقليدي، لافتاً إلى ضرورة رعاية المبادرات الفردية والجماعية وإزالة العراقيل الإدارية والقانونية واللوجستية.
وأكد أنه لا بد من تطوير سبل العيش والعمل على تخفيض البطالة، مشيراً إلى أن البطالة قبل الأزمة كانت مرتفعة وصلت بحدودها الدنيا إلى 8 بالمئة وأحياناً إلى 16 بالمئة وفي بعض السنوات وصلت إلى 25 بالمئة، مؤكداً أنه خلال الأزمة أصبح هناك خلل في العدالة الاجتماعية باعتبار أن الحرب زادت من المشكلات.

حديث إداري- معلوماتي

تحدث عميد كلية الهندسة المعلوماتية بجامعة دمشق محمد زهير صندوق عن متطلبات المشروع من موارد وخبرات وكيفية الوصول إليها، مشيراً إلى أن السبيل المتاح حالياً للحصول على المعطيات هو عبر المؤسسات البحثية في الجامعات ومراكز الدراسات، وهو ما يسمى بالمعطيات التحليلية، التي لا تمتاز بدقة عالية في دعم القرار، لكونها تقوم على الرأي والتحليل، إلا أنها الحل المتاح في ظل الواقع، نظراً لكلفة وصعوبات الحصول على المعطيات ومعالجتها وفق نظم المعلومات، أو اعتماد نظام العينات.
بدوره تحدث رئيس هيئة تخطيط الدولة عماد صابوني عن دور التقانة المعلوماتية في المشروع، ومعايير النجاح وطرق تحققه، مبيناً أن دور المعلوماتية في المشروع يكمن في كونها وسيلة لتقديم الخدمات ووسيلة للتفاعل والتشارك، وهو ما يرتبط مباشرة بمركز الدعم وقياس الأداء الإداريين وموقع صلة وصل.
كما تحدث رئيس مجلس إدارة جمعية الموارد البشرية منير عباس عن مدى تأهيلنا وجاهزيتنا لتطبيق نظام عصري في إدارة الموارد البشرية في سورية. كما تحدث رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال جمال القادري عن معايير التوظيف العادلة في ظل المشروع الوطني للإصلاح الإداري والأولويات المؤهلين للتوظيف أمام المحسوبيات.
بدوره بيّن رئيس مجلس الدولة الأسبق محمد الحسين أن الحصول على موظفين إكفاء يتم عن طريق الإدارة الجاذبة للكفاءات من خلال إصلاح النظام المالي الوظيفي من رواتب وأجور وتعويضات، وعن طريق التوصيف الوظيفي والعودة إلى نظام المراكز الوظيفية ونظام الترقيات. وتطرق الحسين إلى نظام المسابقات النمطي واصفاً إياه بالمتخلف، مؤكداً أن نتيجة الامتحان التحريري لا تعد أساساً لتقدير الكفاءة والجدارة، مشيراً إلى تعقيد الإجراءات التي تحتاجها الدوائر الرسمية للإعلان عن المسابقة وإلى عدم معقولية الإعلان عن حاجة دائرة لموظف واحد على جميع المحافظات، لافتاً إلى خطأ جديد تم عبر تطبيق إجراءات المسابقات على نظام العقود الذي يستخدم عادة لاستقدام موظفين بنظام التعاقد للحاجة والأمر الذي يحتاج إلى السرعة في التعاقد.
وأكد الحسين ضرورة التأهيل والبدء بالتأهيل في المرحلة الجامعية وفي المعاهد للوصول إلى خريجين جاهزين للعمل منوهاً بضرورة التأهيل المستمر.

أحاديث الفساد والرواتب

على مدار ساعة ونصف الساعة من المداخلات، التي اتسمت بطابع عرض الأفكار أكثر من توجيه الأسئلة للمحاضرين. وكانت مسألة ضعف الرواتب وضرورة زيادتها الأكثر حضوراً، إلى جانب موضوعات الفساد وتحويل المشروع إلى شماعة، ما استدعى رئيس الحكومة للتدخل مصوباً بضرورة الحديث عن أسباب الفساد ومستوياته، دون طرحه بشكل عام.
وتحدثت بعض المداخلات عن ضرورة نقل تبعية أجهزة الرقابة المتمثلة بجهاز الرقابة المالية والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش من الحكومة إلى السلطة التشريعية أو مؤسسة الرئاسة، لأن من غير المقبول أن تمارس هذه الأجهزة دورها الرقابي على الحكومة التي تتبع لها، ما اقتضى توضيحاً من رئيس الحكومة أكد خلاله أن الحكومة لم تتصل هاتفياً بهيئة الرقابة والتفتيش أكثر من 3 مرات، وباقي التواصل يتم عبر إرسال التقارير فقط. ليتابع محمد خير العكام مطالباً بضرورة دمج هذين الجهازين الرقابيين، أو الفصل في اختصاصاتهما المتداخلة.
كما طالب بعض المداخلين ضرورة تحديد النظرية الاقتصادية التي سوف يعمل بموجبها الاقتصاد السوري مع برنامج الإصلاح الإداري، فرد خميس أن الأولوية هي لمشروع الإصلاح الإداري. وأوضح العكام أن مسألة تحديد هوية الاقتصاد إن كانت اشتراكية أم اقتصاد سوق مسألة تجاوزها التاريخ، وليست ذات أولوية.
كما تحدث البعض عن ضرورة وجود معايير واضحة لاختيار القيادات الإدارية، وصولاً إلى التمثيل المهني، بدلاً من وجود بعض المعايير، خاصة الحزبية، وغيرها من المعايير، وهو ما يعطي دفعة قوية لمشروع الإصلاح الإداري، بالتحرر من المعايير القديمة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن